الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يَصِحُّ كَسَائِرِ عُقُودِهِ وَفَارَقَ صِحَّةَ عِبَادَاتِهِ بِأَنَّهَا يُتَنَفَّلُ بِهَا فَتَقَعُ مِنْهُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا صَحَّ إسْلَامُ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي صِغَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي عَامِ الْخَنْدَقِ أَمَّا قَبْلَهَا فَهِيَ مَنُوطَةٌ بِالتَّمْيِيزِ وَكَانَ عَلِيٌّ مُمَيِّزًا حِينَ أَسْلَمَ (فَإِنْ كَفَرَ بَعْدَ كَمَالِهِ) بِالْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي هَاتَيْنِ التَّبَعِيَّتَيْنِ (فَمُرْتَدٌّ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَخَرَجَ بِفِيهِمَا مَا لَوْ كَمُلَ فِي تَبَعِيَّةِ الدَّارِ وَكَفَرَ فَإِنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ لَا مُرْتَدٌّ لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ تَبَيَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ، نَعَمْ إنْ تَمَحَّضَ الْمُسْلِمُونَ بِالدَّارِ لَمْ يُقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْمَجْنُونِ مُطْلَقًا مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الصَّبِيِّ فِيمَا لَوْ كَفَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِالنِّسْبَةِ لِتَبَعِيَّةِ السَّابِي مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِأَحَدِ أُصُولِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ
(اللَّقِيطُ حُرٌّ) وَإِنْ ادَّعَى رِقَّهُ لَاقِطٌ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ أَحْرَارٌ (إلَّا أَنْ تُقَامَ بِرِقِّهِ بَيِّنَةٌ مُتَعَرِّضَةٌ لِسَبَبِ الْمِلْكِ) كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ فَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَعْتَمِدَ الشَّاهِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَفَارَقَ غَيْرَهُ كَثَوْبٍ وَدَارٍ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ فَاحْتِيطَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمَالَ مَمْلُوكٌ فَلَا تُغَيِّرُ دَعْوَاهُ وَصْفَهُ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ ظَاهِرًا (أَوْ يُقِرُّ بِهِ) بَعْدَ كَمَالِهِ (وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَصَدَّقَهُ (وَلَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ) بَعْدَ كَمَالِهِ (بِحُرِّيَّةٍ) فَيُحْكَمُ بِرِقِّهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِيهَا كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ نَعَمْ إنْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَا مُسْلِمَ فِيهَا، وَلَا ذِمِّيَّ فَرَقِيقٌ كَسَائِرِ صِبْيَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ لِمُكَذِّبِهِ أَوْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ وَإِنْ عَادَ الْمُكَذِّبُ وَصَدَّقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
ثُمَّ جَزَمَ بِأَنَّ شَرَطَ تَبَعِيَّةَ السَّابِي فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ فَلَا أَثَرَ لِإِسْلَامِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ كَسَائِرِ عُقُودِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالًا عَلَى الصَّحِيحِ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِجَامِعِ انْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ وَلِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ خَبَرٌ وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَوْ إنْشَاءٌ فَهُوَ كَعُقُودِهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَرِثَ مِنْ قَرِيبِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ لِئَلَّا يَفْتِنَاهُ وَقِيلَ تَجِبُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَصْحَابِ وَانْتَصَرَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ جَمْعٌ مُسْتَدِلِّينَ لَهُ بِصِحَّةِ إسْلَامٍ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَبْلَ بُلُوغِهِ وَرَدَّهُ أَحْمَدُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ إلَى عَامِ الْخَنْدَقِ وَفَارَقَ نَحْوَ صَلَاتِهِ بِأَنْ لَا يَسْتَقِلَّ بِهَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأَحْكَامَيْنِ كَمَا فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَكَأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا أَيْ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مِنْهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا أَيْضًا مَنْ اعْتَقَدَ الْإِسْلَامَ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَكَانَ عَلِيٌّ مُمَيِّزًا حِينَ أَسْلَمَ) فَقَدْ قِيلَ كَانَ سِنُّهُ ثَمَانِ سِنِينَ وَقِيلَ تِسْعًا وَقِيلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ فَمُرْتَدٌّ لِسَبْقٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا تُنْقَضُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ اهـ. ز ي وشَرْحُ م ر وَأَحْكَامُ الْإِسْلَامِ مِثْلُ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَجَوَازُ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ اهـ. (قَوْلُهُ لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ وَلَا يَنْقَطِعُ بِرِدَّتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلُزُومُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ لَهُ لَا تَنْقَطِعُ بِالرِّدَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فِي تَبَعِيَّةِ الدَّارِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي اللَّقِيطِ إذْ هُوَ الَّذِي يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ فَيُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ وَيُنْقَضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَمَنْعِ إرْثِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَجَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَوْ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ تَجْهِيزُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ بِمَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْكُفْرِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ يُتَسَاهَلُ فِيهِ وَتُقَامُ فِيهِ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ. اهـ. زي.
(قَوْلُهُ تَبَيَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ) وَحِينَئِذٍ نُقِرُّهُ وَنَنْقُضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْإِرْثِ وَالْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُعْتَمَدٌ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ]
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ)
(قَوْلُهُ وَرِقُّهُ وَاسْتِلْحَاقُهُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُمَا فَيَتْبَعُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ إلَى قَوْلِهِ قُضِيَ مِنْهُ وَيَتْبَعُ الثَّانِيَ قَوْلُهُ، فَإِنْ عَدَّهُ أَوْ تَحَيَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ اللَّقِيطُ حُرٌّ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَلَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَمْ أَجِدْهُ حَتَّى أَسْأَلَهُ أَحُرٌّ أَمْ لَا اهـ. سم (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رِقَّهُ لَاقِطٌ) أَيْ بَلْ يَسْتَمِرُّ بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى وُجُوبِ انْتِزَاعِهِ مِنْهَا لِخُرُوجِهِ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَرُبَّمَا اسْتَرَقَّهُ بَعْدَهُ وَأَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِقَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ عَنْ يَدِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهَا مَا لَمْ يَبْرَأْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَإِرْثٍ) كَأَنْ تَقُولَ وَرِثَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ غَيْرَهُ) أَيْ حَيْثُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِيهِ لِسَبَبِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ ظَاهِرًا) أَيْ فَدَعْوَاهُ تُغَيِّرُ وَضْعَهُ فَاشْتُرِطَ التَّعَرُّضُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَصَدَّقَهُ) أَيْ لِشُمُولِهِ لِحَالَةِ السُّكُوتِ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ إذْ لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِحُرِّيَّتِهِ وَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ هُوَ ظَاهِرًا اهـ. شَرْحُ م ر لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدَ كَمَالِهِ يُعَيِّنُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ اللَّقِيطُ حُرٌّ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَرَقِيقٌ) وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لَقِيطًا، وَقَوْلُهُ كَسَائِرِ صِبْيَانِهِمْ أَيْ الْمَعْرُوفِ نَسَبُهُمْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَرَدَّهُ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ إنَّمَا تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ مَنْ ذُكِرَ بِالْأَسْرِ
بِالْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا (وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ) أَيْ بِالرِّقِّ (فِي تَصَرُّفٍ مَاضٍ مُضِرٍّ بِغَيْرِهِ) بِخِلَافِهِ فِي مُسْتَقْبَلٍ وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ وَمَاضٍ لَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ (فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَبِيَدِهِ مَالٌ قَضَى مِنْهُ) وَلَا يُجْعَلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالرِّقِّ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ اُتُّبِعَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَمَّا التَّصَرُّفُ الْمَاضِي الْمُضِرُّ بِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا وَتُسَلَّمُ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُسَافِرُ بِهَا زَوْجُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلطَّلَاقِ وَشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِلْمَوْتِ وَحَذَفْت مِنْ الْأَصْلِ هُنَا حُكْمَ مَا لَوْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ بِيَدِهِ جَهِلَ لَقْطَهُ لِذِكْرِهِ لَهُ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ نَحْوَ صَغِيرٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ (رَجُلٌ) وَلَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ لَاقِطٍ (لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ وَلِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَكِنْ لَا يُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ لِاشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَمُجَرَّدُ اللَّقْطِ لَا يَقْتَضِيهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْرًا بِأَنْ قَصَدَ أَنْ يُرَبِّيَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الرَّدُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. ح ل.
وَفِي سم وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَقْتَضِي رِقَّهُ فَإِذَا أُخِذَ عَلَى جِهَةِ الِالْتِقَاطِ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ بِهَذَا الْقَصْدِ صَارِفٌ عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي تَصَرُّفٍ مَاضٍ) أَيْ فِي حُكْمِ تَصَرُّفٍ وَالْحُكْمُ فِي الْمِثَالِ الْآتِي هُوَ عَدَمُ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ مُضِرٌّ بِغَيْرِهِ حَاصِلُ الصُّوَرِ سِتٌّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضُرَّ بِغَيْرِهِ أَوْ بِهِ أَوْ لَا بِأَحَدٍ فَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِيهِ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُهُ وَمَاضٍ إلَخْ فِيهِ ثِنْتَانِ فَقَوْلُهُ أَمَّا التَّصَرُّفُ الْمَاضِي إلَخْ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَمَاضٍ لَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ لَكِنْ أَعَادَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ فَيُقْبَلُ إلَخْ وَذِكْرُهَا فِي ضِمْنِ الْعَامِّ أَوَّلًا كَانَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْقَبُولِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا التَّصَرُّفُ الْمَاضِي إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ اللَّقِيطُ رَقِيقًا ثُمَّ يُقِرُّ بِالرِّقِّ فَهُوَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مُتَكَافِئٍ لَهُ فَلَا يُقْتَلُ فِيهِ وَبَعْدَ الْإِقْرَارِ مُكَافِئٌ لَهُ فَيُقْتَلُ فِيهِ اهـ. س ل وَمَثَّلَهُ الرَّوْضُ وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ لِنَفْسِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الرِّقَّ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ التَّفْرِيعِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ضَمَّهُ لِمِثَالِ الْمَتْنِ اهـ. شَيْخُنَا وَذَكَرَ فِيهِ سِتَّ مَسَائِلَ، الْأَرْبَعَةُ الْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَالثِّنْتَانِ الْأَخِيرَتَانِ عَلَى الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا) أَيْ لِأَنَّ انْفِسَاخَهُ يَضُرُّ بِالزَّوْجِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ فِي تَصَرُّفٍ مَاضٍ مُضِرٍّ بِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ حَيْثُ شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا، فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَزِمَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى، فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْمُسَمَّى اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَتُسَلَّمُ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) أَيْ وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الزَّوْجِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ) أَيْ لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ اهـ. ح ل أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ اهـ. زي، وَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ وَانْظُرْ لِمَاذَا كَانَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَقْبَلِ وَسَفَرُ الزَّوْجِ بِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَاضِي تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلطَّلَاقِ) أَيْ لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَا يُؤَثِّرُ إقْرَارُهَا فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَبِشَهْرَيْنِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَتَضَرَّرُ بِنُقْصَانِ الْعِدَّةِ اهـ. زي.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ مَعَ زِيَادَةِ) عِبَارَتِهِ هُنَاكَ وَلَوْ ادَّعَى رِقَّ غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ أَصَالَةً حَلَفَ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ قَبْلَ إنْكَارِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِرَارًا وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي أَصَالَةً مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْنِي أَوْ أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي مِنْك فَلَا يُصَدَّقُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ ادَّعَى رِقَّهُمَا أَيْ رِقَّ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ نَعَمْ لَوْ كَانَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَيْرُ كَفَى تَصْدِيقُهُ مَعَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي أَوْ بِيَدِهِ وَجَهِلَ لَقْطَهُمَا حَلَفَ فَيُحْكَمُ لَهُ بِرِقِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِمَا، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ عَلِمَ لَقْطَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَإِنْكَارُهُمَا أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَوْ بَعْدَ كَمَالِهِمَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِمَا فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِحُجَّةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لَحِقَهُ) وَلَا يَلْحَقُ بِزَوْجَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَاسْتَحَبُّوا لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ أَيْنَ هُوَ وَلَدُك أَمِنْ زَوْجَتِك أَوْ أَمَتِك أَوْ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا لَحِقَهُ) أَيْ وَلَا يَلْحَقُهُ فِي كُفْرِهِ أَوْ رِقِّهِ كَمَا عُلِمَ الْأَوَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَالِاثْنَانِ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلْعُبَابِ وَمَنْ أَلْحَقَهُ أَيْ الْقَائِفَ بِهِ وَكَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا لَمْ يَلْحَقْهُ نَقْصُهُ اهـ.
(فَرْعٌ)
لَوْ اسْتَلْحَقَهُ " خُنْثَى لَحِقَهُ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ النَّسَبِ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْوَلَدَ فَهَلْ يَرِثُ مِنْهُ الْخُنْثَى الثُّلُثَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَالْأُمُّ تَرِثُ الثُّلُثَ فَقَطْ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا يَرِثُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ؟ رَاجِعْهُ.
(فَرْعٌ)
لَوْ اسْتَلْحَقَ عَبْدَ الْغَيْرِ الْبَالِغَ لَحِقَهُ إنْ صَدَّقَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ وَالْعَتِيقِ كَمَا سَلَفَ فِي الْإِقْرَارِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا.
فَصْلٌ لَوْ أَقَرَّ مَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنَسَبٍ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ هَذَا ابْنِي شُرِطَ فِيهِ إمْكَانٌ بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَالشَّرْعُ بِأَنْ يَكُونَ دُونَهُ فِي السِّنِّ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ كَوْنُهُ ابْنَهُ وَبِأَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ وَتَصْدِيقُ مُسْتَلْحَقٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَهْلٌ لَهُ أَيْ لِلتَّصْدِيقِ بِأَنْ يَكُونَ حَيًّا غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ بِأَنْ كَذَّبَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ سَكَتَ
وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا مَالَ لَهُ أَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا اسْتَلْحَقَتْهُ فَلَا يَلْحَقُهَا خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ لَا إذْ يُمْكِنُهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وِلَادَتِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ قُدِّمَ بِبَيِّنَةٍ) لَا بِإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ ضِدِّهِمَا أَهْلٌ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ قُدِّمَ بِسَبْقٍ (اسْتِلْحَاقٌ) مِنْ أَحَدِهِمَا (مَعَ يَدٍ) لَهُ (مِنْ غَيْرِ لَقْطٍ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ فَالْيَدُ عَاضِدَةٌ لَا مُرَجِّحَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تُثْبِتُ النَّسَبَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ أَمَّا يَدُ اللَّقْطِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا حَتَّى لَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّاقِطُ اللَّقِيطَ، ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ أَقَامَ اثْنَانِ بَيِّنَتَيْنِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا تَرْجِيحَ، وَقَوْلِي بِسَبْقٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ قُدِّمَ (بِقَائِفٍ) وُجِدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ كِتَابِ الدَّعْوَى (فَإِنْ عُدِمَ) أَيْ الْقَائِفُ أَيْ لَمْ يُوجَدْ بِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ (أَوْ) وُجِدَ وَلَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ ثَالِثٍ بِحُكْمِ الْجِبِلَّةِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِانْتِسَابِ عِنَادًا حُبِسَ وَعَلَيْهِمَا الْمُؤْنَةُ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا
ــ
[حاشية الجمل]
لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَّفَهُ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ تَصَادَقَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَسْقُطُ وَشَرْطٌ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَيِّتٍ، وَلَوْ كَبِيرًا فَلَا يُشْتَرَطُ تَصَدُّقُهُ بَلْ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَكَذَّبَ الْمُسْتَلْحِقَ لَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَقَضِيَّةُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَرِثُهُ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مَيِّتًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ صَدَّقَهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِعْتَاقِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ وَسَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا اسْتَلْحَقَتْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَتْ حُرَّةٌ وَلَدًا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً لَحِقَهَا وَلَحِقَ زَوْجَهَا إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَقَيَّدَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ لَكِنْ لَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ اهـ.
وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ الْعَبْدُ فِي الرِّقِّ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ، فَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَتْبَعَ الْأُمَّ فِي رِقِّهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاطِئَ سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ تَقْتَضِي الْحُرِّيَّةَ وَلَا الْأَبُ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ فَقَدْ يُقَالُ يُتَصَوَّرُ الِاحْتِمَالُ فِي جَانِبِ الْكَافِرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدَ أُصُولِ الْوَلَدِ مُسْلِمٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ تَسْقُطُ فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي أَعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. اهـ. زي اهـ. ع ش (قَوْلُهُ مَعَ يَدٍ إلَخْ) فَلَا يُقَدَّمُ بِسَبْقِ بِلَا يَدٍ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ذُو الْيَدِ إلَّا وَقَدْ اسْتَلْحَقَهُ آخَرُ اسْتَوَيَا اهـ. سم (قَوْلُهُ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ) فَالتَّعْضِيدُ غَيْرُ التَّرْجِيحِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجِيحِ مَا يَكُونُ مُثْبَتًا لَوْ انْفَرَدَ بِلَا مُعَارِضٍ، وَبِالتَّعْضِيدِ مُجَرَّدَ التَّقْوِيَةِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ مَعَ الِانْفِرَادِ ل هـ مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا تَرْجِيحَ) أَيْ هُنَا إذْ الْكَلَامُ فِي النَّسَبِ أَمَّا الْمَالُ فَيُرَجَّحُ فِيهِ بِسَبْقِ التَّارِيخِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَلَا تَرْجِيحَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ انْتَهَتْ وَفِي شَرْحِ م ر وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ لِلسَّابِقَةِ تَارِيخًا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ الْخَطِيبُ إنَّ الْقَاعِدَةَ الْمَذْكُورَةَ خَاصَّةٌ بِالْأَمْوَالِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ مَعَ يَدٍ عَنْ غَيْرِ لَقْطٍ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَبِقَائِفٍ وُجِدَ) فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ إلْحَاقُهُ بِآخَرَ إذْ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَارَضَ قَائِفَانِ كَانَ الْحُكْمُ لِلسَّابِقِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ كَمَا يُقَدَّمُ هُوَ عَلَى مُجَرَّدِ الِانْتِسَابِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ أَقْوَى اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ كِتَابِ الدَّعْوَى) وَالْبَيِّنَاتِ.
عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ وَهُوَ الْمُلْحِقُ لِلنَّسَبِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ. شَرْطُ الْقَائِفِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَاتِ وَتَجْرِبَةٌ فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ، فَإِنْ أَصَابَ فِي الْمَرَّاتِ جَمِيعًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْأُمِّ مَعَ النِّسْوَةِ لَيْسَ لِلتَّقَيُّدِ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ إذْ الْأَبُ مَعَ الرِّجَالِ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ فِي رِجَالٍ كَذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ كَذَلِكَ وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَدٌ كَالْقَاضِي وَلَا كَوْنُهُ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَهُ وُقُوفًا مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا، وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَيْلٍ جِبِلِّيٍّ كَمِيلِ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ وَشَرَطَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَعْرِفَ حَالَهُمَا وَيَرَاهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَنْ تَسْتَقِيمَ طَبِيعَتُهُ وَيَتَّضِحَ ذَكَاؤُهُ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمِيلَ بِالِاجْتِهَادِ أَيْ وَهُوَ يَسْتَدْعِي تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا إلَخْ) ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ ثَبَتَ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَا لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى اللَّقِيطِ