الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْجَمِيعِ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ (إلَّا حُرًّا فَبِتَفْوِيتٍ) تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ بِأَنْ يَقْهَرَهُ عَلَى عَمَلٍ نَعَمْ إنْ قَهَرَ عَلَيْهِ مُرْتَدًّا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا، أَمَّا فَوَاتُهَا كَأَنْ يَحْبِسَ حُرًّا فَلَا يَضْمَنُهَا بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ (كَبِضْعٍ وَنَحْوِ مَسْجِدٍ) كَشَارِعٍ وَرِبَاطٍ فَتُضْمَنُ مَنْفَعَتُهَا بِالتَّفْوِيتِ بِأَنْ يَطَأَ الْبِضْعَ فَيَضْمَنُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَأَنْ يَشْغَلَ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ بِأَمْتِعَةٍ لَا بِالْفَوَاتِ كَأَنْ يَحْبِسَ امْرَأَةً أَوْ يَمْنَعَ النَّاسَ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ بِلَا اشْتِغَالٍ بِأَمْتِعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَخَرَجَ بِمَا يُؤَجَّرُ مَا لَا يُؤَجَّرُ أَيْ مَا لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَالِيٍّ كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ أَوْ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا كَآلَاتِ لَهْوٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْحُبُوبِ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ إذْ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَوْلِي وَنَحْوَ مَسْجِدٍ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
غَصَبَ رَقِيقًا وَاصْطَادَ لَهُ فَإِنَّ الصَّيْدَ لِمَالِكِ الرَّقِيقِ وَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ وَلَدَ حَلُوبٍ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا لَزِمَهُ مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَرْشُ نَقْصِ الْحَلُوبِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَغَيْرَ حَلُوبٍ وَلَوْ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ فَصَارَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ صَارَتْ خَمْسِينَ لَزِمَهُ ثَمَانُونَ وَلَا يُجْبَرُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالطَّحْنِ بِالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْخُبْزِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الطَّحْنِ غَيْرُ صِفَةِ الْخُبْزِ كَمَا لَوْ غَصَبَ ذَا صَنْعَةٍ فَنَسِيَهَا ثُمَّ عَلَّمَهُ حِرْفَةً أُخْرَى لَا تُجْبِرُ هَذِهِ تِلْكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ ثَمَانُونَ أَمَّا الْخَمْسُونَ فَلِكَوْنِهَا أَقْصَى قِيَمِهِ، وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ فَلِكَوْنِهَا نَقْصًا حَصَلَ مِنْ الْأَقْصَى وَلَا يُجْبَرُ النَّقْصُ بِعَوْدِ الْقِيمَةِ ثَانِيًا خَمْسِينَ، هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الرَّشِيدِيِّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْجَمِيعِ) وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَوَاتِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ أَمْ يَجِبُ أَعْلَاهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ م ر وَيَنْبَغِي كَمَا هُوَ مُتَّجَهٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأُجْرَةِ وَالْأَعْلَى بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَوْ أُتْلِفَ بِهِ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقْصَى الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إلَّا حُرًّا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَغْصُوبِ إلَّا أَنَّهُ بِإِكْرَاهِهِ عَلَى الْعَمَلِ أَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ.
(فَرْعٌ) مَنْ نَقَلَ حُرًّا إلَى مَكَان قَهْرًا لَزِمَهُ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. عُبَابٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهَا بِهِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَةِ لِلْغَيْرِ وَإِلَّا فَتُضْمَنُ أُجْرَتُهُ بِالتَّفْوِيتِ أَيْضًا وَصُورَتُهُ رَقِيقٌ أَجَّرَهُ سَيِّدُهُ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ تَمَامِهَا وَرَقِيقٌ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ فَأُجْرَتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا حَبَسَهُ إنْسَانٌ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ اهـ. وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِحُرٍّ أَجَّرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَحَبَسَهُ إنْسَانٌ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ وَكَانَ يَشْغَلُ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ بِأَمْتِعَةٍ) أَيْ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ وَضْعُهَا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ كَانَ مَهْجُورًا لَا يُصَلِّي فِيهِ أَحَدٌ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَكَذَا الشَّوَارِعُ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةُ وَعَرَفَةُ وَأَرْضٌ وُقِفَتْ لِدَفْنِ الْمَوْتَى كَمَا فِي التَّتِمَّةِ أَمَّا إغْلَاقُهُ مِنْ غَيْرِ وَضْعِ مَتَاعٍ بِهِ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدٌ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْبَقِيَّةِ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ بِمَا إذْ أَشْغَلَهُ بِمَتَاعٍ لَا يُعْتَادُ الْجُلُوسُ فِيهِ وَضَعَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْمَسْجِدِ فِي وَضْعِهِ فِيهِ زَمَنًا لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ بِخِلَافِ مَتَاعٍ يَحْتَاجُ نَحْوُ الْمُصَلِّي أَوْ الْمُعْتَكِفِ لِوَضْعِهِ وَفِي نَحْوِ عَرَفَةَ بِمَا إذَا شَغَلَهُ وَقْتَ احْتِيَاجِ النَّاسِ لَهُ فِي النُّسُكِ بِمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ أَلْبَتَّةَ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ وَأَضَرَّ بِهِمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَصْرِيحِ الْغَزَالِيِّ فِي غَرْسِ الشَّجَرِ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ مَنَعَ مِنْهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمَا أُبِيحَ وَضْعُهُ، وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِمَا لَمْ يُبَحْ وَضْعُهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدُ وَعَرَفَةُ وَغَيْرُهُمَا. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا بِالْفَوَاتِ) هُوَ ضَيَاعُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ كَإِغْلَاقِ الدَّارِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِلَا إشْغَالٍ بِأَمْتِعَةٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَشْغَلَهُ بِأَمْتِعَةٍ فَيَضْمَنُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَوْ شَغَلَ مَوْضِعًا مِنْهُ مَعَ مَنْعِ النَّاسِ مِنْهُ فَيَضْمَنُ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ.
(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قَزْوِينَ مَا هُوَ صَرِيحٌ كَمَا بَيَّنْته ثُمَّ أَيْضًا فِي جَوَازِ وَضْعِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ خَزَائِنَهُمْ فِيهِ الَّتِي يَحْتَاجُونَهَا لِكُتُبِهِمْ وَلِمَا يُضْطَرُّونَ لِوَضْعِهِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْإِقَامَةُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ دُونَ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا لِأَمْتِعَتِهِمْ الَّتِي يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ رَدَدْته عَلَيْهِ ثُمَّ. اهـ. حَجّ وَقَوْلُهُ وَلِمَا يُضْطَرُّونَ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهَا لِإِجَارَتِهَا وَلَوْ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَرْعٌ) وَضْعُ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ إلَّا حَالَةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِلْوَاضِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ وَضْعُهَا إذَا وَعَدَ بِوَقْفِهَا، وَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِرَحِيلِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَجَبَ إزَالَتُهَا مَا لَمْ يَنْتَفِعْ غَيْرُهُ بِهَا وَلَوْ أَغْلَقَهُ مَعَ إشْغَالِ بَعْضِهِ بِمَا يَجُوزُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ جَمِيعِهِ، وَلَوْ شَغَلَهُ بِمَتَاعٍ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي مَثَلًا كَمَا فِي أَمْتِعَةِ الطَّوَّافِينَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَحَلِّهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى وَضْعِهَا فِي غَيْرِهِ اهـ.
[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا]
(فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ)(قَوْلُهُ وَضَمَانُ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ) أَيْ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتُضْمَنُ إبْعَاضُهُ بِمَا نَقَصَ مِنْهُ فَذَاكَ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ بِسَبَبِ تَلَفِ بَعْضِهِ وَمَا هُنَا فِي نَقْصِهَا بِسَبَبِ وَصْفٍ آخَرَ كَرُخْصِ السِّعْرِ، وَقَوْلُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا فَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصٌ قِيمَةً فَلَا شَيْءَ، وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الثَّانِي قَوْلُهُ
فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (يَحْلِفُ غَاصِبٌ) فَيُصَدَّقُ (فِي تَلَفِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَيَعْجَزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَتُخُلِّدَ الْحَبْسُ عَلَيْهِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ حَلْفِهِ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ (وَ) فِي (قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ أَوْ بَعْدَ حَلْفِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ (وَ) فِي (ثِيَابِ رَقِيقٍ) مَغْصُوبٍ كَأَنْ قَالَ هِيَ لِي وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ هِيَ لِي (وَ) فِي (عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) بِهِ كَأَنْ قَالَ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ خِلْقَةً وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ حَدَثَ عِنْدَك، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ وَعَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الثَّالِثَةِ وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْخِلْقِيِّ الْحَادِثُ كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ فَالْمُصَدَّقُ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ (وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصَ قِيمَةٍ) لِرُخْصٍ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ
(وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَصَارَتْ بِرُخْصٍ دِرْهَمًا ثُمَّ بِلُبْسٍ) مَثَلًا (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ دِرْهَمٍ (رَدَّهُ) وَأُجْرَتَهُ (مَعَ خَمْسَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَلَوْ جَنَى مَغْصُوبٌ إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ رُدَّ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ سَمْنٌ إلَى قَوْلِهِ لَا تُعْلَمُ أُخْرَى. (قَوْلُهُ يَحْلِفُ غَاصِبٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا وَلَمْ يُعْرَفْ حُبِسَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ كَالْمُودِعِ فَإِنْ عُرِفَ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ وَفِي قِيمَتِهِ) أَيْ وَفِي أَقْصَى قِيَمِهِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَفِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) صُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَغْصُوبِ لَكِنَّ الْغَاصِبَ يَدَّعِي كَوْنَهُ خِلْقِيًّا، وَالْمَالِكُ يَدَّعِي حُدُوثَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَمْثِيلِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ وُلِدَ فَاقِدَ الرِّجْلِ أَوْ أَعْمَى، وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَ سَلِيمًا وَإِنَّمَا حَدَثَ عِنْدَك انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا غَرَضُ الْغَاصِبِ بِدَعْوَاهُ خُصُوصَ كَوْنِهِ خِلْقِيًّا مَعَ أَنَّ غَرَضَهُ وَهُوَ تَنْقِيصُ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَكْفِي فِيهِ ادِّعَاءُ أَنَّهُ كَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْغَصْبِ سَوَاءٌ كَانَ خِلْقِيًّا أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخِلْقِيِّ الْحَادِثُ إلَخْ صُورَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْحَادِثِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَدَّعِي وُجُودَهُ بِالْمَغْصُوبِ وَالْمَالِكَ يُنْكِرُ أَصْلَ وُجُودِهِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَغْصُوبِ كَصُورَةِ الْخِلْقِيِّ، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الِاخْتِلَافِ بَعْدَ التَّلَفِ لَا بَعْدَ الرَّدِّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَفِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ التَّلَفِ أَوْ قَبْلَهُ رَدَّهُ أَوَّلًا خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِبُعْدِ التَّلَفِ وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ قَيَّدَ بِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ فِي نُسْخَتِهِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَّأَتْهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى) وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقَدْرٍ سُمِعَتْ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ سُمِعَتْ أَيْضًا، وَيَبْطُلُ مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَزِيدَ إلَى قَدْرٍ تَقُولُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَاتِ فَلَوْ اعْتَرَفَ بِهَا الْغَاصِبُ فَلِلْمَالِكِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ إلَى حَدٍّ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثَةِ) إنَّمَا قَدَّمَ الثَّالِثَةَ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَرَقَ حُرًّا أَوْ غَصَبَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِهِ وَحَلْفِهِ اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ كَانَ قَالَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الرَّدِّ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَمَتَى بَقِيَ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ سَوَاءٌ رَدَّهُ الْغَاصِبُ أَوْ لَا لَكِنْ فِي كَلَامِ م ر مَا يُوَافِقُ الشَّارِحَ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ بِقَيْدٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَيْدًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ، وَكَانَ شَيْخُنَا ز ي يَقُولُ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ مَعِيبًا، وَقَالَ غَصَبْته هَكَذَا وَادَّعَى الْمَالِكُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ إذْ لَوْ تَلِفَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ رُدَّ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ قَدْ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَجّ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رَدِّهِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) .
(فَرْعٌ) نَقَلَ ابْنُ شُهْبَةَ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً فَوُطِئَتْ عِنْدَهُ بِشُبْهَةٍ وَحَمَلَتْ بِحُرٍّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا مَعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ بَيْعِهَا بِحَمْلِهَا بِالْحُرِّ، وَانْظُرْ هَلْ يَسْتَرِدُّ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ) أَيْ وَالْفَائِتُ إنَّمَا هِيَ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَلْبَسُ نِصْفَهُ) لَوْ صَارَتْ قِيمَتُهُ بِالرُّخْصِ خَمْسَةً ثُمَّ لَبِسَهُ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ رَدَّهُ مَعَ خَمْسَةٍ) وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّلَفِ كَالْعَدَمِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ الْغُلُوَّ بَعْدَ التَّلَفِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ وَلَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَإِنْ طَهَّرَهُ بِلَا إذْنٍ غَرِمَ نَقْصَهُ بِالطَّهَارَةِ أَيْضًا أَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا فَإِنْ رَدَّهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ تَطْهِيرِهِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَحُمَّ فَمَاتَ بِالْحُمَّى لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، وَقَالَ لِلْمَالِكِ هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك فَقَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ غَيْرُ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ وَجُعِلَ
وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ وَهُوَ الْعَشَرَة، (أَوْ تَلِفَ) بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافِ (أَحَدِ خُفَّيْنِ) أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ (مَغْصُوبًا) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْبَاقِي (وَقِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ) خَمْسَةٌ قِيمَةُ التَّالِفِ وَثَلَاثَةٌ أَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلِ بِذَلِكَ، (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا (بِيَدِ مَالِكِهِ) وَالْقِيمَةُ لَهُمَا وَلِلْبَاقِي مَا ذَكَرَ فَيَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ
(وَلَوْ حَدَثَ) بِالْمَغْصُوبِ (نَقْصٌ يَسْرِي لِتَلَفٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الثَّوْبُ كَالتَّالِفِ وَلَزِمَ الْغَاصِبَ خَمْسَةٌ وَلَوْ جَاءَ بِعَبْدٍ وَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك فَقَالَ بَلْ غَصَبْت مِنِّي جَارِيَةً صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهَا، وَسَقَطَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ تَتَحَقَّقْ مُخَالَفَةُ عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ وَاحِدٌ وَدَعْوَى الْمَالِكِ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّاقِصَ بِاللُّبْسِ نِصْفُ الثَّوْبِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ ذَلِكَ النِّصْفِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خَمْسَةٌ وَالنُّقْصَانُ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ سَبَبُهُ الرُّخْصُ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى بِلُبْسِ الثَّوْبِ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهُ دِرْهَمٌ، وَصَارَ بِالِاسْتِعْمَالِ يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ صَارَ مُتْلِفًا لِنِصْفِ الْمَغْصُوبِ فَيَضْمَنُ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ بَاقٍ فِي ضِمْنِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَالْمَغْصُوبُ مَا دَامَ بَاقِيًا يُرَدُّ بِحَالِهِ وَلَا نَظَرَ لِمَا نَقَصَ بِرُخْصِ السِّعْرِ، وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ التِّسْعَةَ النَّاقِصَةَ مُوَزَّعَةٌ عَلَى نِصْفَيْ الْمَغْصُوبِ هَذَا إيضَاحُ الْمَقَامِ. (وَقَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ أَحَدُ خُفَّيْنِ إلَخْ) وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ فَرْدَيْنِ لَا يَصْلُحُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَزَوْجَيْ النَّعْلِ وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ وَأَجْرَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ إذَا كَانَ يُسَاوِي مَعَ زَوْجِهِ أَكْثَرَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَإِنْ ضَمَّنَاهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ نِصَابًا فِي الْحِرْزِ حَالَ الِاتِّصَالِ وَنَقَصَ بِالتَّفْرِيقِ حَالَ الْإِخْرَاجِ فَضَمِنَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ الْأَقْصَى مَعَ وَضْعِ الْيَدِ وَلَمْ نَقْطَعْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِخْرَاجِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ) كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخُفَّ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْفَرْدَتَيْنِ وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ بَابِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَعُدُولُهُ عَنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْغَنِيمَةِ نَظِيرَ مَا هُنَا فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَوْ أَتْلَفَهُمَا اثْنَانِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا خَمْسَةٌ أَوْ مُرَتَّبًا لَزِمَ الْأَوَّلَ ثَمَانِيَةٌ وَالثَّانِيَ اثْنَانِ اهـ. حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ مَا لَوْ مَشَى شَخْصٌ عَلَى فَرْدَةِ نَعْلِ غَيْرِهِ فَجَذَبَهَا صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَتْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ تُقَوَّمُ النَّعْلُ سَلِيمَةً هِيَ وَرَفِيقَتُهَا ثُمَّ يُقَوَّمَانِ مَعَ الْعَيْبِ وَمَا نَقَصَ يُقْسَمُ عَلَى الْمَاشِي وَصَاحِبِ النَّعْلِ فَمَا يَخُصُّ صَاحِبَ النَّعْلِ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ فِعْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هَدَرٌ، وَمَا يَخُصُّ الْآخَرَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِيَدِ مَالِكِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا قِيمَتُهُ وَحْدَهُ اهـ. شَرْحُ شَيْخِنَا، وَأَقُولُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ غَصَبَهُمَا وَأَتْلَفَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ أَتْلَفَ شَخْصٌ الْبَاقِيَ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ غَصَبَهُمَا ثُمَّ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَبْلَ تَلَفِ الْآخَرِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمَالِكِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي لِتَلَفٍ) هَذَا يُخْرِجُ نَحْوَ جَعْلِ عَسَلِ الْقَصَبِ سُكَّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ اهـ. م ر سم عَلَى حَجّ أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَعَلَ اللَّحْمَ قَدِيدًا أَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ فَصَيَّرَهُ لَحْمًا اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ يَسْرِي لِتَلَفٍ) مِنْهُ خَلَطَ دَرَاهِمَ غَصَبَهَا وَلَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ زَيْتًا غَصَبَهُ كَذَلِكَ بِزَيْتِهِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِيهِمَا فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالزَّيْتِ لِمَالِكِهِمَا، وَخَرَجَ بِخَلْطِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ كُتِبَ فِي الْوَرَقِ الْبَيَاضِ فَيَمْلِكُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ، وَأَمَّا مَحْوُ الْكِتَابَةِ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا فَيُغْرَمُ أَرْشُ النَّقْصِ فَإِنْ تَلِفَ بِالْمَحْوِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَعَلَى كُلٍّ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْكِتَابَةِ وَمِنْهُ مَا لَوْ بَذَرَ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ فَيَمْلِكُهُ وَيَلْزَمُهُ لِلْأَوَّلِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ الْبَذْرُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ الثَّانِي أَوْ نَبَاتُهُ، وَكَانَ هُوَ الْمُتَعَدِّي وَجَبَ قَلْعُهُ وَدَفْعُهُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُقْلَعْ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَالْكُلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْأَوَّلُ بِالْبَذْرِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعُهُ بِلَا أَرْشِ نَقْصِهِ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَقْلَعْهُ وَبَذَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ فَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ، وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَتَأَمَّلْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَرْعٌ) لَوْ حُمَّ الْعَبْدُ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ مَحْمُومًا
كَائِنٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) أَوْ الدَّقِيقَ عَصِيدَةً (فَكَتَالِفٍ) لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ أَوْ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ وَجْهَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا حُمَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ كَذَلِكَ فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا نَقَصَ فَقَطْ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا التَّغْلِيظُ عَلَى الْغَاصِبِ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُمْ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِمَا قَبْلَ وَقْتِ التَّلَفِ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى مَا بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(فَرْعٌ) لَوْ غَصَبَ وَرَقًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ كَالصَّبْغِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَأَنْ جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) خَرَجَ بِالْجَعْلِ مَا لَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ مَعَ الْأَرْشِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ بِوَاسِطَةِ وُقُوعِهِ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ فِيهِ مَاءٌ لِلْمَالِكِ فَهَلْ يُشَارِكُ الْمَالِكَ بِنِسْبَةِ مَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ الْقِيَاسُ الْمُشَارَكَةُ (قَوْلُهُ كَأَنْ جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) مَثَّلُوا بِالْمِثْلِيِّ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ فَإِذَا جُرِحَ الْعَبْدُ بِحَيْثُ يَسْرِي إلَى مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي رَدَّ بَدَلَهُ وَخَرَجَ بِالْجَعْلِ مَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ لِمَا ذُكِرَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَتَالِفٍ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ، وَمِثْلُهُ إذَا حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ يَشُقُّ عِلَاجُهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ اهـ. ح ل، وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ الشَّاةَ وَذَبَحَهَا وَطَبَخَ لَحْمَهَا لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا فَيَرُدُّهُ لَهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ بَيْنَ قِيمَةِ الشَّاةِ وَقِيمَةِ اللَّحْمِ اهـ. (قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) أَيْ فَلَيْسَ تَالِفًا حَقِيقَةً فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ مِلْكًا مُرَاعًى فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ حَتَّى يَرُدَّ بَدَلَهُ وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا م ر وَغَيْرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ مِنْ الْكَوَارِعِ الْمَطْبُوخَةِ وَإِنْ جَهِلْت أَعْيَانَ مُلَّاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ فَهِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ أَكْلِ الظَّلَمَةِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِنَحْوِ طَبْخِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ مَلَكَهُ كَطَبْخِ الْحِنْطَةِ وَخُبْزِ الدَّقِيقِ أَنْكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَشَدَّ إنْكَارٍ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنْكَارُهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ كَتَالِفٍ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ قَدْ خَلَطَهُ بِمَالِهِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ صُنْعٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صُنْعٌ كَأَنْ صَارَ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَوْ ابْتَلَّتْ الْحِنْطَةُ بِنَفْسِهَا وَتَعَفَّنَتْ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالتَّالِفِ بَلْ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ كَأَنْ غَصَبَ حَبًّا مِنْ وَاحِدٍ وَدُهْنًا مِنْ آخَرَ وَصَنَعَهُمَا هَرِيسَةً فَهُوَ كَالتَّالِفِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْدُثْ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بَلْ حَدَثَ بِمُجَرَّدِ خَلْطٍ وَعَدَمِ تَمْيِيزٍ كَأَنْ خَلَطَ زَيْتًا بِزَيْتٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ الْغَاصِبِ صَارَ أَيْضًا كَالتَّالِفِ، وَإِلَّا بِأَنْ غَصَبَ زَيْتَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَلَطَهُمَا لَمْ يَكُنْ كَالتَّالِفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي قَالَهُ م ر بَعْدَ أَنْ كَانَ قَرَّرَ خِلَافَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ.
(فَرْعٌ) غَصَبَ وَرَقًا أَبْيَضَ وَكَتَبَ فِيهِ فَكَالتَّالِفِ لِحَقَارَةِ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (فَرْعٌ) غَصَبَ وَثِيقَةً لَزِمَهُ إذَا تَلِفَتْ قِيمَةُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثَوْبًا مُطَرَّزًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ مُطَرَّزًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَعِيبُ الْوَرَقَ وَتُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ قِيمَةَ الْوَثِيقَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ لَأَجْحَفْنَا بِالْمَالِكِ وَلَا كَذَلِكَ الطَّرَّازُ؛ لِأَنَّهُ يُزِيدُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ. م ر.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَوْ غَصَبَ وَثِيقَةً أَوْ سِجِلًّا وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغَدِ وَإِنْ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَوْ مَحَاهُ فَقَطْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ الْكَاغَدِ فَيَغْرَمُ نَقْصَهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ آخِرَ الْوَدِيعَةِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلْسِ حَيْثُ جُعِلَ مُشْتَرَكًا بِأَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ قَبْلَ أَدَاءِ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) أَيْ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْغَاصِبِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ لَكِنْ مِلْكُ الْغَاصِبِ لَهُ مِلْكٌ مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ إلَخْ يَقْتَضِي
رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ جَعْلِهِ كَالتَّالِفِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارٍ أَيْ شَأْنُهُ السِّرَايَةُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَاقِفٍ (وَلَوْ جَنَى) رَقِيقٌ (مَغْصُوبٌ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ
ــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ الْمَغْصُوبَ إذَا تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ يَنْتَقِلُ مِلْكُهُ لَهُ قُبَيْلَ التَّلَفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ عَلَى الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَبْقَى لِلْمَالِكِ إلَخْ أَيْ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الْبَدَلَ فَيَأْخُذُ الْعَيْنَ وَبَدَلَهَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَحِينَئِذٍ يُغَايِرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ اهـ. شَيْخُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِهِ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ، وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَكَالتَّالِفِ فَيَغْرَمُ بَدَلَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ قِيَاسًا عَلَى التَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ يَبْقَى لِلْمَالِكِ يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَبْقِيَتِهِ لِلْمَالِكِ إلَّا أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ بِحَالِهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ وَمَعَ الْأَرْشِ إنْ نَقَصَ، وَهَذَا عَيْنُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ أَيْ مَعَ أَخْذِهِ لِلْبَدَلِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ.
وَعِبَارَةِ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً وَالسَّمْنَ وَالدَّقِيقَ عَصِيدَةً فَكَالتَّالِفِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي رَابِعٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَتْ فَتَلَخَّصَ مِنْ مَجْمُوعِ عِبَارَتِهِ.
وَعِبَارَةِ م ر أَنَّ فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ قَبْلَ التَّلَفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا فَعَلَ بِهِ فِعْلٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ هَلْ يَكُونُ كَالتَّالِفِ بِالْفِعْلِ فَيُطَالِبُ بِالْبَدَلِ أَوْ لَا يَكُونُ كَالتَّالِفِ فَلَا يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ حِينَئِذٍ بَلْ يَتَخَيَّرُ إلَخْ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ هَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ أَيْ هَلْ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ إتْمَامًا إلَخْ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَا يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْغَاصِبِ لِمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الْمَغْصُوبِ نَعَمْ لَمَّا زَالَ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ التَّالِفِ قَدَّرْنَا دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ طَرِيقًا لِوُجُوبِ الْبَدَلِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَمِنْ فَوَائِدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْبَدَلَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَزَادَ ثَمَنُ الْمَغْصُوبِ فَازَ بِهِ الْغَاصِبُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ صَنْعَةَ الْغَاصِبِ هَدْرٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ) مُعْتَمَدٌ وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُهُ مِلْكَ مُرَاعَاةٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ حَتَّى يُعْطِيَ الْبَدَلَ اهـ. ح ل لَكِنْ فِي س ل أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ إنْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ قِيمَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْمَالِكِ، فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي احْتَمَلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِحَضْرَةِ الْغَاصِبِ أَوْ الْغَاصِبُ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ قَدْرَ الْقِيمَةِ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَالزِّيَادَةُ، إنَّمَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ وَبِهَذَا يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَثَرًا مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فَإِنْ فُقِدَ الْمَالِكُ تَوَلَّى الْغَاصِبُ بَيْعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِحُضُورِ الْمَالِكِ وَبَقِيَ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ الطَّعَامِ الْمُسَمَّى بِالْوَحْشَةِ وَمِنْ الْوَلَائِمِ الَّتِي تُفْعَلُ بِمِصْرِنَا مِنْ مَالِ الْأَيْتَامِ الْقَاصِرِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَهَلْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ يَصِيرُ كَالتَّالِفِ وَإِنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَوْ لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ إلَّا بِالْمَضْغِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَلْعُهُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ فَإِنْ قِيلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُ فَهَلْ يَلْفِظُهُ مِنْ فِيهِ، أَوْ يَبْلَعُهُ وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَلْفِظُهُ وَيَرُدُّهُ لِصَاحِبِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَلْعُ قَبْلَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ فَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مِنْ فِيهِ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ جَنَى مَغْصُوبٌ) أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَطْ فَلَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَبَعْدَهُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَتَيْنِ وَاسْتَغْرَقَا قِيمَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ فَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ لِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ فَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِ أَرْشَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَرْشَهُ مِنْ الْمَالِكِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْعَفْوِ اهـ. شَرْحُ م ر
فَدَاهُ الْغَاصِبُ) وُجُوبًا بِالْحُصُولِ لِلْجِنَايَةِ فِي يَدِهِ (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ) الَّذِي وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ (فَإِنْ تَلِفَ) الْجَانِي (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (غَرِمَهُ الْمَالِكُ) أَقْصَى قِيَمِهِ (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَخْذُ حَقِّهِ مِمَّا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ (ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ) بِمَا أَخَذَ مِنْهُ (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِجِنَايَةٍ فِي يَدِهِ، وَأَفَادَ التَّرْتِيبُ بِثُمَّ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمَالِكُ الْأَرْشَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ نَعَمْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَدَاءِ كَمَا يُطَالِبُ بِهِ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَخْذَ حَقِّهِ مِنْ الْغَاصِبِ (كَمَا لَوْ رَدَّ) الْجَانِي لِمَالِكِهِ (فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) فَيَرْجِعُ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِمَا مَرَّ
(وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَنَقَلَ تُرَابَهَا) بِكَشْطِهِ عَنْ وَجْهِهَا أَوْ حَفَرَهَا (رَدَّهُ) إنْ بَقِيَ (أَوْ مِثْلَهُ) إنْ تَلِفَ (كَمَا كَانَ) قَبْلَ النَّقْلِ مِنْ انْبِسَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِطَلَبٍ) مِنْ مَالِكِهَا (أَوْ لِغَرَضِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الرَّدِّ كَأَنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ أَوْ نَقَلَ التُّرَابَ إلَى مَكَان، وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ وَلَا غَرَضٌ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا غَرَضَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ سِوَى دَفْعِ الضَّمَانِ بِتَعَثُّرٍ بِالْحَفِيرَةِ أَوْ بِنَقْصِ الْأَرْضِ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ فِيهِمَا، وَأَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّمُّ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ وَلَوْ رَدَّ التُّرَابَ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ بَسْطِهِ لَمْ يَبْسُطْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ التُّرَابَ إلَى مَكَانِهِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ الْأَرْضَ نَقْصٌ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهُ إلَى مَوَاتٍ وَنَحْوِهِ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ، فَإِنْ تَيَسَّرَ قَالَ الْإِمَامُ لَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ (وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مُدَّةِ رَدٍّ) لِلتُّرَابِ إلَى مَكَانِهِ، وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ كَمَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَهُ (مَعَ أَرْشِ نَقْصٍ) فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الرَّدِّ إنْ كَانَ
(وَلَوْ غَصَبَ دُهْنًا) كَزَيْتٍ (وَأَغْلَاهُ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ فَدَاهُ الْغَاصِبُ بِالْأَقَلِّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ أَوْ الْمَالَ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا أَرْشُ مَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَهُوَ كَوْنُهُ جَانِيًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَيْعِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا أَكْثَرَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ غَرِمَهُ الْمَالِكُ أَقْصَى قِيَمِهِ) وَلَهُ أَخَذَ بَدَلَ الْقِيمَةِ وَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَوْ كَانَ أَمَةً حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ مِمَّا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) وَقَدْ يَكُونُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَ الْأَرْشُ قَدْرَهَا فَمِنْ ابْتِدَائِيَّةٌ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمَالِكُ الْأَرْشَ) الْمُرَادُ بِالْأَرْشِ مَا يَغْرَمُهُ الْغَاصِبُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ فَمِنْهُ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ إذْ الْقِيمَةُ هِيَ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا أَوَّلًا بِالْأَرْشِ وَكَأَنَّ تَسْمِيَتَهُ بِالْقِيمَةِ تَفَنُّنٌ اهـ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُبْرِئُ الْغَاصِبَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ خَصْلَةً أُخْرَى اهـ. شَيْخُنَا، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَدَاءِ إلَخْ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ بِجِنَايَةٍ فِي يَدِهِ
(قَوْلُهُ رَدَّهُ إنْ بَقِيَ) أَيْ وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنْ لَا قِيمَةَ لَهُ أَصْلًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ لِكَوْنِهِ نَجَسًا كَزِبْلٍ سُمِّدَتْ بِهِ الْأَرْضُ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ أَيْ إنْ كَانَ طَاهِرًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ النَّجَسَ هُنَا لَا يُضْمَنُ عِنْدَ التَّلَفِ. (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ تَلِفَ) وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمِثْلِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَبْضِ الْمَالِكِ لَهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا كَانَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَجْبُرُهُ الْمَالِكُ عَلَى إعَادَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ مِنْ ارْتِفَاعٍ وَضِدِّهِ لِإِمْكَانِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِإِعَادَةِ تُرَابٍ آخَرَ لَزِمَهُ ذَلِكَ إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ غَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِتُرَابِهَا وَقِيمَتِهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الرَّدِّ) مَحَلُّ هَذَا التَّعْمِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ مُجَرَّدَ دَفْعِ الضَّمَانِ بِتَعَثُّرِ الْمَارَّةِ بِالْحَفِيرَةِ، وَمَا لَمْ يُبَرِّئْهُ الْمَالِكُ مِنْ النَّقْصِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغَرَضُ دَفْعَ النَّقْصِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ هَذَا التَّعْمِيمُ بَلْ مَتَى مَنَعَهُ الْمَالِكُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّمُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْأَرْشَ يَزُولُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا وَنَجَّسَهُ ثُمَّ أَزَالَ النَّجَاسَةَ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ الْأَرْشُ بَيْنَ كَوْنِهِ طَاهِرًا وَمُتَنَجِّسًا اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ نَقَلَ التُّرَابَ إلَى مَكَان إلَخْ) الْمَعْنَى أَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْأَرْضَ نَقْصٌ أَصْلًا بَلْ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ مَكَان إلَخْ، وَهَذَا هُوَ مَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ التُّرَابَ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا غَرَضَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرُدُّ مَا إذَا كَانَ الرَّدُّ لِغَرَضٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنَّهُ لِغَرَضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ فِيهِمَا وَأَبْرَأَهُ إلَخْ) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِبْرَاءِ كَفَاهُ، وَيَبْرَأُ فِي الْأُولَى بِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ فِيهِمَا) لَيْسَ قَيْدًا فِي قَوْلِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّمُّ بَلْ يَكْفِي فِي الِامْتِنَاعِ الْإِبْرَاءُ مِنْ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَلَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا إنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ.
(قَوْلُهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ) وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ ضَمَانِ التَّعَثُّرِ قَبْلَ حُصُولِهِ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ تَعَدِّيهِ قَدْ انْقَطَعَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ الْإِعَارَةِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ تَعَثُّرٍ بِالْحَفِيرَةِ وَكَذَا الْمَالِكُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفِرْ. (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَقَلَ التُّرَابَ مِنْ مَكَان إلَخْ (قَوْلُهُ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مَتَى كَانَ نَحْوَ الْمَوَاتِ أَقْرَبَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ. (قَوْلُهُ لَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ) فَلَوْ رَدَّهُ بِدُونِ الْإِذْنِ فَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ نَقْلَهُ مِنْهَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ كَمَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَهُ) أَيْ أُجْرَةُ
فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ) دُونَ قِيمَتِهِ (رَدَّهُ وَغَرِمَ الذَّاهِبَ) بِأَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ وَلَا يَنْجَبِرُ نَقْصُهُ بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ مِقْدَارًا وَهُوَ الْمِثْلُ فَأَوْجَبْنَاهُ كَمَا لَوْ خَصَى عَبْدًا فَزَادَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (أَوْ) نَقَصَتْ (قِيمَتُهُ) دُونَ عَيْنِهِ (لَزِمَهُ أَرْشٌ أَوْ هُمَا) أَيْ أَوْ نَقَصَتْ الْعَيْنُ وَالْقِيمَةُ مَعًا (غَرِمَ الذَّاهِبَ) وَرُدَّ الْبَاقِيَ (مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ كَانَ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمًا فَرَجَعَ بِإِغْلَائِهِ إلَى نِصْفِ صَاعٍ يُسَاوِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْبَاقِي فَلَا أَرْشَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ غَيْرُ الرَّدِّ وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِثْلَ الذَّاهِبِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا وَالذَّاهِبُ مِنْ الدُّهْنِ دُهْنٌ مُتَقَوِّمٌ
(وَلَا يَجْبُرُ سِمَنٌ) طَارَ (نَقْصَ هُزَالٍ) حَصَلَ قَبْلَهُ كَأَنْ غَصَبَ بَقَرَةً سَمِينَةً فَهَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ (وَيُجْبَرُ نِسْيَانُ صَنْعَةٍ) عِنْدَهُ (تَذَّكَّرَهَا) عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ عِنْدَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَجَدِّدًا عُرْفًا (لَا تَعْلَمُ) صَنْعَةً (أُخْرَى) فَلَا يُجْبَرُ نِسْيَانُ تِلْكَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ (وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ رَدَّهُ) لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ (مَعَ أَرْشٍ) لِنَقْصِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّدِّ فَإِنْ تَخَمَّرَ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ رَدَّ مِثْلَهُ مِنْ الْعَصِيرِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَرْضِ قَبْلَ الرَّدِّ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَصَى عَبْدًا إلَخْ) فَلَوْ مَسَحَهُ لَزِمَهُ قِيمَتَانِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ) أَيْ جَمِيعَ قِيمَتِهِ قَبْلَ الْخِصَاءِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ فِيهِمَا الْقِيمَةُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ مَعَ الْقِيمَةِ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ) أَيْ وَحْدَهَا فَإِنْ انْضَمَّ إلَى نَقْصِ عَيْنِهِ نَقْصُ الْقِيمَةِ ضَمِنَ الْقِيمَةَ وَمِثْلَ الذَّاهِبِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِضَمَانِ الْقِيمَةِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنُهُ وَقِيمَتُهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الذَّهَابِ وَعَدَمِهِ وَفِي مِقْدَارِ الذَّاهِبِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الَّذِي يَضْمَنُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنَهُ عَصِيرًا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَصِيرٍ خَالِصٍ مِنْ الْمَائِيَّةِ بِمِقْدَارِ الذَّاهِبِ أَوْ يُكَلَّفُ إغْلَاءُ عَصِيرٍ حَتَّى تَذْهَبَ مَائِيَّتُهُ وَيَغْرَمَ مِنْهُ بِمِقْدَارِ الذَّاهِبِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ تَكْثُرُ هَذِهِ الْمَائِيَّةُ حَتَّى تَتَقَوَّمَ قَطْعًا كَمَا لَوْ غَصَبَ أَلْفَ صَاعٍ مِنْ الْعَصِيرِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَأَغْلَاهُ فَصَارَ مِائَةَ صَاعٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالذَّاهِبُ تِسْعُمِائَةِ صَاعٍ وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً؛ لِأَنَّهُ مَائِعٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي أَغْرَاضٍ لَا تُحْصَى فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فِي مِثْلِ هَذَا ضَمَانَ نَقْصِ الْعَيْنِ لَكِنْ عَلَى هَذَا فِي ضَمَانِ النَّقْصِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ بِعَصِيرٍ خَالِصٍ فَلَيْسَ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ هُنَا مُجَرَّدُ مَائِيَّةٍ بِخِلَافِ الْعَصِيرِ الْخَالِصِ وَإِنْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ فَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مُتَقَوِّمًا اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ وَقَدْ يُوَجَّهُ وُجُوبُ رَدِّ الْقِيمَةِ بِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَ مِثْلِيًّا وَتَلِفَ ثُمَّ فُقِدَ الْمِثْلُ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الْقِيمَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَقَوِّمِ أَوْ يُقَالُ إنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ النَّارِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْكَالِ، وَالْجَوَابُ يُقَالُ فِي اللَّبَنِ إذَا صَيَّرَهُ جُبْنًا اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ سِمْنٌ طَارٍ) هُوَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَالْقِيَاسُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ صُورَةَ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ طَرَأَ مَهْمُوزًا وَعَلَى مَا فِي النُّسَخِ فَلَعَلَّهُ أَبْدَلَ مِنْ الْهَمْزَةِ يَاءً ثُمَّ أَعَلَّهُ كَقَاضٍ اهـ. ع ش وَعَوْدُ الْحُسْنِ كَعَوْدِ السَّمْنِ لَا كَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَكَذَا صَوْغُ حُلِيٍّ انْكَسَرَ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ وَالسِّمَنُ الْمُفْرِطُ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِزَوَالِهِ نَقْصٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَأْكُولٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ السِّمَنَ فِي الْخَيْلِ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَهَزَلَتْ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ هُزِلَ كَعُنِيَ هُزَالًا وَهَزَلَ كَنَصَرَ هَزْلًا وَيُضَمُّ وَأَفَادَ قَوْلُهُ كَنَصَرَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ فَهُزِلَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ اهـ. حَجّ فَتَلَخَّصَ أَنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ فَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَحَلَّ بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ إذَا ذُكِرَ الْفَاعِلُ نَحْوَ قَوْلِك هَزَلَ الدَّابَّةَ صَاحِبُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ يُقَالُ هُزِلَتْ الدَّابَّةُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَهَزَلَتْ الدَّابَّةُ أَهْزَلَهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ هَزْلًا مِثْلَ قَفَلَ أَضْعَفْتهَا بِإِسَاءَةِ الْقِيَامِ عَلَيْهَا وَالِاسْمُ الْهُزَالُ وَهُزِلَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهِيَ مَهْزُولَةٌ فَإِنْ ضُعِّفَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ الْمَالِكِ قِيلَ أَهْزَلَ الرَّجُلُ بِالْأَلِفِ أَيْ وَقَعَ فِي مَالِهِ الْهُزَالُ اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ سَمِنَتْ) فِي الْمِصْبَاحِ سَمِنَ يَسْمَنُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ إذْ أَكْثَرَ لَحْمُهُ وَشَحْمُهُ، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّمْنَ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْجِسْمِ مَحْسُومَةٌ مُغَايِرَةٌ لِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ الذَّاهِبَةِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ تَذَكَّرَهَا) خَرَجَ بِهِ تَعَلُّمُهَا بِمُعَلَّمٍ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ جُبِرَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْكَلَامُ فِي صَنْعَةٍ جَائِزَةٍ وَإِلَّا كَغِنَاءٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى جَابِرٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَمِثْلُ التَّذَكُّرِ عَوْدُ الصِّحَّةِ كَقِنٍّ مَرِضَ وَعَوْدُ شَعْرٍ سَقَطَ وَعَوْدُ سِنٍّ سَقَطَتْ وَلَوْ بَعْدَ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ صِحَّةَ الْقِنِّ وَشَعْرَهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ بِخِلَافِ سُقُوطِ صُوفِ الشَّاةِ وَوَرَقِ الشَّجَرَةِ لَا يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَقَوِّمٌ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَجَدِّدًا عُرْفًا) بِهَذَا فَارَقَ إعَادَةُ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ عِنْدَهُ بِهَيْئَتِهَا كَمَا هُوَ الْوَجْهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْحَاشِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّدِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ عَيْنُ الْخَلِّ دُونَ قِيمَتِهِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ نَقْصُ الْعَيْنِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَخَمَّرَ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ إلَخْ) وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ بَيْضًا فَتُفْرِخُ أَوْ حَبًّا فَنَبَتَ أَوْ بَذْرَ قَزٍّ فَصَارَ قَزًّا اهـ. شَرْحُ م ر