المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ذكر التشبيه ‌ ‌مدخل   والبدر في التم كالعرجون صار له … فقل لهم - خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي - جـ ١

[الحموي، ابن حجة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات:

- ‌تمهيد وتقديم:

- ‌التعريف بالكاتب:

- ‌مقدمة الكاتب:

- ‌الجناس:

- ‌ذكر الجناس المركب والمطلق:

- ‌ذكر الجناس الملفق:

- ‌الجناس المذيل واللاحق:

- ‌الجناس التام والمطرف:

- ‌الجناس المصحف والمحرف

- ‌الجناس اللفظي والمقلوب:

- ‌ذكر الجناس المعنوي:

- ‌ذكر الاستطراد:

- ‌ذكر الاستعارة:

- ‌ذكر الاستخدام:

- ‌ذكر الهزل الذي يراد به الجد:

- ‌ذكر المقابلة:

- ‌ذكر الالتفات:

- ‌ذكر الافتنان:

- ‌ذكر الاستدراك:

- ‌ذكر الطي والنشر:

- ‌ذكر الطباق:

- ‌ذكر النزاهة:

- ‌ذكر التخيير:

- ‌ذكر الإبهام:

- ‌ذكر إرسال المثل:

- ‌ذكر التهكم:

- ‌ذكر المراجعة:

- ‌ذكر التوشيح:

- ‌ذكر تشابه الأطراف:

- ‌ذكر التغاير:

- ‌ذكر التذييل:

- ‌ذكر التفويف:

- ‌ذكر المواربة:

- ‌ذكر الكلام الجامع:

- ‌ذكر المناقضة:

- ‌ذكر التصدير أو رد العجز على الصدر:

- ‌ذكر القول بالموجب أو أسلوب الحكيم:

- ‌ذكر الهجو في معرض المدح:

- ‌ذكر الاستثناء:

- ‌ذكر التشريع:

- ‌ذكر التتميم:

- ‌ذكر تجاهل العارف:

- ‌ذكر الاكتفاء:

- ‌ذكر مراعاة النظير:

- ‌ذكر التمثيل:

- ‌ذكر التوجيه:

- ‌ذكر عتاب المرء نفسه:

- ‌ذكر القسم:

- ‌ذكر حسن التخلص:

- ‌ذكر الاطراد:

- ‌ذكر العكس:

- ‌ذكر الترديد:

- ‌ذكر التكرار:

- ‌ذكر المذهب الكلامي:

- ‌ذكر المناسبة:

- ‌ذكر التوشيع:

- ‌ذكر التكميل:

- ‌ذكر التفريق:

- ‌ذكر التشطير:

- ‌ذكر التشبيه

- ‌مدخل

- ‌التشبيه بالتلميح:

- ‌ذكر تشبيه شيئين بشيئين:

- ‌ذكر الانسجام

- ‌الانسجام في النثر

- ‌الانسجام في الشعر:

- ‌ذكر التفصيل:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ ‌ذكر التشبيه ‌ ‌مدخل   والبدر في التم كالعرجون صار له … فقل لهم

‌ذكر التشبيه

‌مدخل

والبدر في التم كالعرجون صار له

فقل لهم يتركوا تشبيه بدرهم1

التشبيه: ضروب متشعبة، وهو والاستعارة يُخرجان الأغمض إلى الأوضح، ويقربان البعيد، وقال الجرجاني: التشبيه والتكميل كل منهما بالصورة والصفة، وتارة بالحالة، وهذه صفة التمثيل. والتشبيه ركن من أركان البلاغة، وأركانه أربعة، كقولك: زيد في الحسن كالقرم، فالأول المشبه وهو زيد، والثاني المشبه به وهو القمر والثالث المشبه وهو المتكلم، والرابع التشبيه وهو الإلحاق المذكور في الشبه، وأدوات التشبيه خمسة: الكاف وكأن وشبه ومثل والمصدر بتقدير الأداة، كقوله تعالى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ} 2 ومن الشعر كقول حسان:

بزجاجة رقصت بما في قعرها

رقص القلوص براكب مستعجل3

ومن الشروط اللازمة في التشبيه أن يشبه البليغ الأدون بالأعلى، إذا أراد المدح اللهم إلا إذا أراد الهجو، فالبلاغة أن يشبه الأعلى بالأدون، كقول ابن الرومي، سامحه الله، في هجو الورد:

كأنه سرم بغل حين سكرجه

عند البراز وباقي الروث في وسطه4

1 العرجون: ما يحمل التمر، وهو من النخل كالعنقود من العنب ووجه الشبه اللون الذهبي.

2 النمل: 88/ 27.

3 القلوص: من الإبل: الفتية القوية.

4 السرم: طرف المعي الغليظ المستقيم أو فتحة إخراج الفضلات من الجسم. سَكْرَج: لم نعثر على معنى لهذه اللفظة في ما بين أيدينا ونظنها من السكرجة، وهي إناء صغير مستدير: فيكون سكرج: معنى لهذه اللفظة في ما بين أيدينا ونظنها من السكرجة، وهي إناء صغير مستدير: فيكون سكرج: جعله مستديرًا كالسكرجة. البراز: إخراج الفضلات. الروث: فضلات الحيوان.

ص: 383

الظاهر أنه كان جعليًا، وإلا مثله ما يخالف الإجماع ويبالغ في مثل هذه المغايرة، ولعمري إنه في بابه من التشابيه البليغة، مع نفور الطباع عن صيغته، ومثله قول أبي العلاء السروي، في هجو النرجس وتشبيه أعلاه بدونه:

كراثة ركبت عليها

صفرة بيض على رقاقه1

وأصحاب المعاني والبيان أطلقوا أعنة الكلام في ميادين حدود التشبيه وتقاريرها، وهو عندهم الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى.

وقال الرماني التشبيه: هو العقد على أن أحد الشيئين يسد مسد الآخر في حال، وهذا هو التشبيه العام الذي يدخل تحته التشبيه البليغ وغيره والتشبيه البليغ هو إخراج الأغمض إلى الأوضح، مع حسن التأليف. ومنهم من قال: التشبيه هو الدلالة على اشتراك شيئين في وصف هو من أوصاف الشيء الواحد.

وقال ابن رشيق، في العمدة: التشبيه صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة، لأنه لو ناسبه مناسبة كلية كان إياه، ألا ترى إلى قولهم: خد كالورد إنما مرادهم احمرار أوراقه وطراوتها لا ما سوى ذلك من صفرة وسطه وخضرة كمائمه. انتهى حد ابن رشيق.

وقيل: التشبيه إلحاق أدنى الشيئين بأعلاهما في صفة اشتركا في أصلها، واختلفا في كيفيتها قوة وضعفًا. قلت: وهذا حد مفيد.

وأورد ابن أبي الأصبع في كتابه تحرير التحبير، للرماني حدًّا زاد في حسنه على الحد، وهو أن التشبيه تشبيهان: الأول منهما، تشبيه شيئين متفقين بأنفسهما، كتشبيه الجوهر بالجوهر، مثل قولك: ماء النيل كماء الفرات، وتشبيه العرض بالعرض، كقولك: حمرة الخد كحمرة الورد، وتشبيه الجسم بالجسم، كقولك: الزبرجد مثل الزمرد. والثاني، تشبيه شيئين مختلفين بالذات لجمعهما معنى واحدًا مشتركًا، كقولك: حاتم كالغمام، وعنترة كالضرغام. وتشبيه الاتفاق، وهو الأول، تشبيه حقيقي، وتشبيه الاختلاف، وهو الثاني، تشبيه مجازي، والمراد المبالغة، انتهى.

ووقوع حسن البيان والمبالغة في التشبيه على وجوه: منها، إخراج ما لا تقع عليه

1 الكراثة: واحدة الكراث وهو نبات بري طعمه شبيه بطعم الثوم. والرقاقة: واحدة الرقاق وهو الخبز المنبسط الرقيق "خبز الصباح" أو الأرض اللينة المنبسطة.

ص: 384

الحاسة، إلى ما تقع عليه الحاسة، وقد عنَّ لي أن أوضح هنا للطالب، ما وقع من النظم البديع، من تشبيه المحسوس بالمحسوس، وتشبيه المعقول بالمعقول، وتشبيه المعقول بالمحسوس وتشبيه المحسوس بالمعقول. وهذا القسم الرابع، عند أصحاب المعاني والبيان، غير جائز، ويأتي الكلام عليه في موضعه. وقد تعين تقديم ما وعدت به أولا من تشبيه المحسوس بالمحسوس، فإن الذي تقع عليه الحاسة في التشبيه أوضح مما لا تقع عليه الحاسة، والشاهد أوضح من الغائب. وقال قدامة: أفضل التشبيه ما وقع بين شيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما، حتى يدلي بهما إلى الاتحاد. انتهى.

ولم يخطر لي أن أورد هنا من التشبيهات البديعية، التي اخترتها أمثلة لهذا النوع، إلا ما خف على السمع وعذب في الذوق وارتاحت الأنفس إلى حسن صفاته، فإن التشابيه التي تقادم عهدها للعرب، رغب المولدون عنها فإنها، مع عقادة التركيب، لم تسفر عن بديع معنى، إلا ما قل وندر، فمن ذلك قول امرئ القيس:

وتعطو برخص غير شثنٍ كأنه

أساريع ظبي أو مساويك أسحل1

فغاية امرئ القيس هنا، أنه شبه أنامل محبوبته بأساريع، وهي دواب تكون في الرمل ظهورها ملس، وبمساويك أسحل والأسحل شجر له أغصان ناعمة، أين هذا من قول الراضي بالله في هذا الباب:

قالوا الرحيل فأنشبت أظفارها

في خدها وقد اعتلقن خضابا2

فكأنها بأنامل من فضة

غرست بأرض بنفسج عنابا3

ومثله قول القائل:

قبلته فبكى وأعرض نافرًا

يذري المدامع من كحيل أدعج4

فكأن سقط الدمع مع أجفانه

لما بدا في خده المتضرج5

برد تساقط فوق ورد أحمر

من نرجس فسقى رياض بنفسج

1 تعطو: تتناول الشيء، برخص: أي بكف أو بنان. رخص أي طري ناعم، الشثن: السميك الغليظ، الأساريع: واحدها أسروع، أو يسروع وهو نوع من الدود الأبيض الأبدان الأحمر الرءوس تشبه به الأصابع، الظبي: الغزال، المساويك: واحدها مسواك: وهو عود ليفي تنظف به الأسنان. الإسحل: شجر يشبه الأثل ينبت في منابت الأراك تستعمل أغصانه للاستياك.

2 أنشب أظافره: غرزها. الخضاب: الحناء والصباغ ذي اللون البني الذي يميل إلى الأحمر.

3 العناب: نوع من الثمر شبيه بثمر الزيتون، حلو الطعام لونه كلون الخضاب عند النضج.

4 الأدعج: الذي في عينيه دعج، والدعج هو شدة سواد سواد العين وشدة بياض بيضاها مع اتساعها.

5 المتضرج: المشرب حمرة.

ص: 385

انظر أيها المتأمل، إلى هذه التشابيه التي يرشفها السمع مدامًا، وتهيم الأذواق السليمة في محاسنها غرامًا، ومن ذلك قول ابن حاجب النعمان:

ثغر وخد ونهد واحمرار يد

كالطلع والورد والرمان والبلح1

ومثله قول ابن رشيق:

بفرع ووجه وقد وردف

كليل وبدر وغصن وحقف2

المراد هنا من حسن التشبيه وبليغه غير كثرة العدد في الصفات، فإن قاضي القضاة نجم الدين بن البارزي، نور الله ضريحه، وصل فيه من العدد إلى سبعة، وأوردت ذلك في باب اللف والنشر، وأوصله الناس إلى أكثر من ذلك، ولكن جل القصد هنا غير كثرة العدد فإن المراد من التشبيه، غرابة أسلوبه وسلامة اختراعه، كقول القائل:

وتحدث الماء الزلال مع الحصى

فجرى النسيم عليه يسمع ما جرى

فكأن فوق الماء وشيًا ظاهرًا

وكأن تحت الماء درًا مضمرًا3

أقول: إن تشبيه هذا الدر المضمر هنا، أغلى قيمة من الدر الظاهر في عقود الأجياد، ومثله في الغرابة وسلامة الاختراع، قول ابن المعتز:

كأنه وكأن الكأس في فمه

هلال أول شهر غاب في الشفق

ومن ذلك قوله:

على عقار صفراء تحسبها

شيبت بمسك في الدن مفتوت4

للماء فيها كتابة عجب

كمثل نقش في فص ياقوت5

ومثله قول ابن حجاج، وهو بديع:

هذي المجرة والنجوم كأنها

نهر تدفق في حديقة نرجس

ومن مخترعات ابن المعتز في تشبيه الهلال، قوله:

انظر إلى حسن هلال بدا

يهتك من أنواره الحندسا6

كمنجل قد صيغ من عسجد

يحصد من زهر الدجى نرجسا

1 النهد: الثدي. الطّلع: غلاف يشبه الكوز ينفتح عن حب منضود.

2 الردف: العجز. الحقف: الكثيب من الرمل.

3 الوشي: التطيرز. المضمر: المكنون.

4 الدن: وعاء الخمر. شيبت: خلطت ومزجت.

5 الفص: الحص، والياقوت: نوع من الأحجار الكريمة لونه أزرق رائق.

6 الحندس: الظلام.

ص: 386

ومن مخترعاته أيضًا في الهلال:

قد انقضت دولة الصيام وقد

بشر سقم الهلال بالعيد

يتلو الثريا كفاغر شره

يفتح فاه لأكل عنقود1

ومثله قوله فيه:

وجاءني في قميص الليل مستترًا

يستعجل الخطر من خوف ومن حذر

ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا

مثل القلامة قد قدت من الظفر2

هذا التشبيه، ذكروا أنه من مخترعات ابن المعتز: ولكن زاده القاضي الفاضل بهجة، ونقله من الأعلى إلى الأدنى، فإنّ رتبة الهلال وعلوها في التشبيه على قلامة الظفر ما برحت مقررة في الخواطر، إلى أن نقلها القاضي الفاضل، بطريق بديعية اقتضتها الحال، وهي قوله مبالغًا في وصف قلعة نجم بالعلو:

وأما قلعة نجم، فهي نجم في سحاب، وعقاب في عقاب، وهامة لها الغمامة عمامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل، كان الهلال لها قلامة. فخضاب الأصيل لهذه الأنملة، حسن أن يكون الهلال لها قلامة، وهذي غاية فاضلية، لا تدرك، وقد وصلوا في تشبيه الهلال إلى السبعين، ولكن ما أوردت هنا إلا أبلغ ما وقع في تشبيهه. وبيعجبني من التشابيه البليغة، في هذا الباب، قول ابن طباطبا:

أما والثريا والهلال جلتهما

لي الشمس إذ ودعت كرهًا نهارها

كأسماء إذ زارت عشاء وغادرت

دلالًا لدينا قرطها وسوارها3

ومثله في الحسن والغرابة، قول أبي نواس:

ويمين الجوزاء تبسيط باعًا

لعناق الدجى بغير بنان

وكأن النجوم أحداق روم

ركبت في محاجر السودان

ومثله قول القائل:

كأن نجوم الليل مزهرة لنا

ثغور بني حام بدت للتثاؤب

1 الفاغر: الذي يفتح فاه وهو خال من الطعام.

2 القلامة: القطعة من الظفر بعد قصه.

3 القرط: ما يعلق في الأذن من الحلي "الحلق" والسوار: ما يحيط بالمعصم من الحلي.

ص: 387

ويعجبني، من التشابيه الغريبة، قول ابن نباتة السعدي، في جواد أدهم أغير محجل:

تختال منه على أغر محجل

ماء الدياجي قطرة من مائه

وكأنما لطم الصباح جبينه

فاقتص منه فخاض في أحشائه

ومن التشابيه اللطيفة البديعية، قول القاضي التنوخي من قصيدة:

وراح من الشمس مخلوقة

بدت لك في قدح من نضار

كأن المدير لها باليمين

إذا مال للشرب أو باليسار

تدرع ثوبًا من الياسمين

له فرد كم من الجلنار1

ومثله في اللطف والغرابة قول القائل:

كم وردة تحكي بسبق الورد

طليعة تسرعت من جند

قد ضمها في الغصن قرص البرد

ضم فم لقبلة من بُعد

ودخل مجير الدين بن تميم إلى حديقة هذه الوردة، فزاد بعدها تقريبًا بقوله:

سبقت إليك من الحدائق وردة

وأتتك قبل أونها تطفيلا2

طمعت بلثمك إذ رأتك فجمعت

فمها إليك كطالب تقبيلا

وظرف من قال في الوردة:

كأنها وجنة الحبيب وقد

نقطها عاشق بدينار

ومثله، في الظرف قول أيدمر المحيوي في النرجس:

وكأن نرجسه المضاعف خائض

في الماء لف ثيابه في رأسه

ويعجبني في تشبيه النرجس، قول شهاب الدين أحمد القماح، راجح رجاح الديار المصرية، في فن الزجل في بعض أزجاله

وفي الأزاهير قم ترى شيء تذهب

وشي تصببوا قد زها وتفضض

النرجس أحداقوا الشهل نعسانه

إلا أنها من الندى ليس تغمض

وحين فتح عينو في وجهي

شبهت اصفر ولما بدا في الأبيض

1 تدرع: لبس المدرعة وهي الثوب الملاصق للبدن، الجلنار: زهر الرمان.

2 التطفيل: ما قبل النضوج. طفل النبات: لم يَطُل.

ص: 388

ما زعفران على نصافي مطبوع

وإلا فصوص كهرب في بلار يوجد

وإلا تخل شمسات لجين مبرودات

قد سمروا فيها مسامير عسجد

وتلطف ابن المعتز في تشبيه حباب الراح بقوله:

يجول حباب الماء في جنباتها

كما جال دمع فوق خد مورد1

ومثله في اللطف قول ديك الجن الحمصي:

موردة في كف ظبي كأنما

تناولها من خده فأدارها

ومن المستغرب، في وصف البنفسج، ما نسب إلى ابن المعتز وهو:

ولازوردية أوفت برزقتها

بين الرياض على زرق اليواقيت2

كأنها فوق طاقات نهضن بها

أوائل النار في أطراف كبريت

أوردوا على هذا التشبيه نقدًا، ولكن ما يحمل البنفسج هنا نقله، ومن التشابيه الغريبة، قول بعضهم: في تشبيه النار:

انظر إلى النار وهي مضرمة

وجمرها بالرماد مستور

شبه دم من فواخت ذبحت

وفوقه ريشهن منشور3

ومثله، في الغرابة والحسن، قول ابن الخلال في تشبيه الشمعة:

وصحيحة بيضاء تطلع في الدجى

صبحًا وتشفي الناظرين بدائها

شابت ذوائبها أوان شبابها

واسود مفرقها أوان فنائها

كالعين في طبقاتها ودموعها

وسوادها وبياضها وضيائها

أقول: إنها أنور من شمعة الأرجاني، وإن مشى غالب الناس على ضوئها، ومن التشابيه الغريبة المنسوبة إلى ابن المعتز، أو ابن الرومي، تشبيه أرباع الجوز الأخضر، وهو:

جاءت بجوز أخضر مكسر مقشر

كأنما أرباعه مضغة علك كندر4

1 حباب الماء: الفقاقيع التي تعلو سطحه.

2 لازوردية: لونها لون اللازورد وهو معدن يتولد في جبال أرمينية وفارس وأجوده الصافي الشفاف الأزرق الضارب إلى حمرة وخضرة.

3 فواخت: مفردها، فاخته: نوع من الحمام المطوق.

4 الكندر: نوع من الصمغ يستخرج من شجر شائك ورقه كالآس.

ص: 389

ومن التشابيه العقم التي لم يسبق صاحبها إليها، قول القائل في أحدب:

قصرت أخادعه وغاب قذاله

فكأنه مترقب أن يصفعا

وكأنه قد ذاق أول صفعة

وأحس ثانية لها فتجمعا1

ومما ينسب إلى إمام هذه الصناعة، القاضي الفاضل، قوله في نفسه، وهو في غاية الظرف:

ما كان يكمل حر ذا

الإيوان حتى ازداد قبه2

فكأنني فيه خرو

ف شوى ومن فوقي مكبه3

ويعجبني من التشابيه البليغة قول القائل:

أأميم لو شاهدت يوم نزالنا

والخيل تحت النقع كالأشباح4

تطفو وترسب في الدماء كأنها

صور الفوارس في كئوس الراح

ومثله في الحسن قول الناشئ:

في كأسها صور تظن لحسنها

عربًا برزن من الحجال وغيدا

وإذا المزاج أثارها فتقسمت

ذهبًا ودرًا توأمًا وفريدا

فكأنهن لبسن ذاك مجاسدًا

وجعلن ذا لنحورهن عقودا5

هذا المعنى ولده الناشئ، من قول أبي نواس في التصوير:

بنينا على كسرى سماء مدامة

مكللة حافاتها بنجوم

فلو رد في كسرى بن ساسان روحه

إذًا لاصطفاني دون كل نديم

1 الأخادع: هما الأخدعان: عرقان في صفحتي العنق. القذال: ما بين الأذنين من مؤخر الرأس.

ويروى البيت: بـ"غار قذاله" بدل "غاب قذاله" وغار أصح لأن غار يحتمل الوجود مع الخفاء بينما غاب لا يحتمل الوجود في مكانه ويروى الثاني: وكأنما صفعت قفاه مرة. وهذان البيتان لابن الرومي.

2 الإيوان: عرش الملك. ومنه إيوان كسرى.

3 المكبة: واحدة الكبة. وهي نوع من الطعام يصنع بواسطة اللحم المدقوق والبرغل. أو واحد الكباب، وهي عبارة عن كتلة اللحم المفروم "كفتة".

4 أميم: ترخيم أميمة. النزال: الحرب والمبارزة. النقع: الغبار الكثيف.

5 المجاسد: مفردها مجسد وهو من الثياب ما لامس الجسد.

ص: 390

وألم به ابن قلاقس، فيما بعد، وسبكه في قالب حسن بقوله:

دارت زجاجتها وفي جنباتها

كسرى أنو شروان في إيوانه

فخلعت عن عطفيه حلة قهوة

وشربتها فغدوة في سلطانه1

وألم به الشيخ صلاح الدين الصفدي وأجاد إلى الغاية، مع حسن التضمين، بقوله:

ومشمولة قد هام كسرى بكأسها

فأضحى ينادي وهو فيها مصور

وقفت لشوقي من وراء زجاجة

إلى الدار من فرط الصبابة أنظر2

وألم به بعده الصاحب فخر الدين بن مكانس، رحمه الله تعالى، بقوله:

إذا ما أديرت في حشا عسجدية

بها كل ذي تاج وقصر تصوّرا3

فحسبك نبلًا في السيادة أن ترى

نديميك في الكاسات كسرى وقيصرا

لم أورد هذه الأبيات التي ولدها المتأخرون في معنى التصوير، خالية من التشبيه وأداته إلا لفائدة عنَّ لي إيرادها هنا، وهي معرفة الموجب لنقش الصورة على ظاهر الكاسات.

ذكر الفقيه أبو مروان الكاتب ابن بدرون، في شرحه لقصيدة الوزير عبد المجيد بن عبدون، أن سابور بن هرمز الملقب بذي الأكتاف، لما رجع من قتال بني تميم قصد الروم والدخول إلى القسطنطينية متنكرًا، واستشار قومه قبل ذلك فحذروه فلم يقبل قولهم وصار إليها فصادف وليمة لقيصر قد اجتمع فيها الخاص والعام فدخل في جمتلهم وجلس على بعض موائدهم، وكان قيصر قد أحكم تصوير سابور على آنية شرابه فانتهت الكأس في المجلس إلى يد بعض ندماء الملك وكان ذكيًّا حاذقًا، ومن الاتفاق العجيب جلوس سابور في مقابلته فصار النديم ينظر إلى الصورة وإلى سابور ويتعجب من تقارب الشبهين، فلم يسعه غير القيام إلى الملك والإسرار إليه بما شاهده، فقبض في الحال على سابور، ولما مثل بين يدي قيصر سأله عن خبره فقال: أنا من أساورة سابور هربت منه لأمر خفته. فلم يقبل ذلك منه وقدم إلى السيف فأقر بنفسه وجعل في جلد بقرة. وتمام أمره إلى أن خلص وعاد إلى مكله يطول شرحه هنا، ومن أراد أن ينظر من "سلوان المطاع" في السلوانة الثانية فإنها مشتملة على أنواع من الحكمة.

1 القهوة: الخمر.

2 الصبابة: الوجد وشدة الشوق.

3 إذا ما أديرت الراح في كأس ذهبية.

ص: 391

رجع إلى فتح باب ما كنا فيه، من تشبيه المحسوس بالمحسوس، فمن التشابيه الملوكية التي لا يقع مثلها للسوقة، تشبيه سيف الدولة بن حمدان في قوس قزح وهو:

وساق صبيح للصبوح دعوته

فقام وفي أجفانه سنة الغمض

يطوف بكاسات العقار كأنجم

فمن بين منفض لدينا ومنقض

وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفًا

على الجود كنا والحواشي على الأرض1

يطرزها قوس السحاب بأصفر

على أحمر في أخضر أثر مبيض

كأذيال خود أقبلت في غلائل

مصبغة والبعض أقصر من بعض2

ومن تشابيه سيف الدولة الغريبة أيضًا قوله:

أقبله على جزع

كشرب الطائر الفزع

ومن التشابيه اللطيفة ما نسب إلى إبليس، فإن القاضي شمس الدين بن خلكان ذكر في تاريخه، عند ترجمة ابن دريد، أنه قال: سهرت ذات ليلة، فلما كان آخر الليل، غمضت عيني فرأيت رجلًا طويلًا أصفر اللون كوسجًا3 دخل عليَّ وأخذ بعضادتي4 الباب، فقال: أنشدني أحسن ما قلت في الخمر. فقلت: ما ترك أبو نواس لأحد دخولًا في هذا الباب. فقال: أنا أشعر منه. فقلت: ومن أنت؟ قال: أنا أبو ناجية5 من أهل الشام، وأنشدني:

وحمراء قبل المزج صفراء بعده

أتت بين ثوبي نرجس وشقائق

حكت وجنة المعشوق صرفًا فسلطوا

عليها مزاجًا فاكتست لون عاشق

ومن بليغ التشبيهات وبديعها، قول أبي محمد عبد الله بن قاضي ميلة، في قصيدته الفائية التي امتدح بها ثقة الدولة القضاعي، صاحب صقلية الروم، وسارت له به الركبان، وأثبتها القاضي شمس الدين بن خلكان بكمالها في تاريخه، وقد تقدم ذكر مطلعها في حسن الابتداء، والتشبيه الموعود بإيراده هنا قوله من القصيدة المذكورة:

1 الجنوب: الريح الجنوبية. مطارف: جمع مطرف وهو الثوب من خز. الدكن: التي يميل لونها إلى الدُّكنة والعتمة في أولها.

2 الخود: الحسناء. الغلائل: واحدتها غلالة وهي الثوب.

3 الكوسج: الذي نبتت لحيته على ذقنه فقط ولم تنبت على العارضين. أو الناقص الأسنان.

4 عضادتي الباب: هما الخشبتان المثبتتان في الحائط على جانبيه.

5 أبو ناجية: من ألقاب إبليس.

ص: 392

وجؤجؤ مزن الرعد يستل ودقه

ترى برقه كالحية الصل يطرف1

ذكرت بها ريا وما كنت ناسيًا

فأذكر لكن لوعة تتضعف

كأني إذا ما لاح والرعد معول

وجفن السحاب الجون بالماء يذرف2

سليم وصوت الرعد راق وودقه

كنفث الرقى من عظم ما أتلهف

ومن لطائف التشبيهات البليغة قول القاضي الفاضل، من قصيدة:

كأن ضلوعي والزفير وأدمعي

طلول وريح عاصف وسيول3

ومثله في اللطف قوله:

لو لم يعطل خاطري من سلوة

وما كان خدي بالمدامع حالي4

أودعته قلبي فخان وديعتي

فسواده في خده كالخال

ومن التشابيه الغريبة البديعة، قوله أيضًا، من قصيدة أخرى:

وقد تهادت سيوف الهند إذ خضبت

كالشرب حين تهادى بالزجاجات5

ويعجبني، من لطائف التشبيه، قول محي الدين بن قرناص الحموي:

من لقلبي من جور ظبي هواه

لي شغل عن حاجر والقويق6

خصره تحت أحمر البند يحكي

خنصرًا فيه خاتم من عقيق

ومن التشابيه البديعة قول مجير الدين بن تميم:

ونهر إذا ما الشمس حان غروبها

ولاحت عليه في غلائلها الصفر

رأينا الذي أبقت به من شعاعها

كأنا أرقنا فيه كأسًا من الخمر

ومثله قوله:

وناعورة قد ألبست لحيائها

من الشمس ثوبًا فوق أثوابها الخضر

كطاووس بستان تدور وتنجلي

وتنفض عن أرياشها بلل القطر

1 الجؤجؤ؛ صدر السفينة، ومجتمع رءوس عظامه. وجؤجؤ المزن: مجتمعه. المزن: جمع مزنة وهي الغيمة الممطرة. الودق: المطر. الحية الصل: أخبث الحيات. ويطرف: يدمع أو ينزل.

2 السحاب الجون: السحاب الأسود، وهو من أكثر السحاب مطرًا.

3 الطلول: جمع مفرده طلل وهو الأثر المتبقي من الشيء بعد زواله.

4 حالي: أي مُحلى من الحلى.

5 تهادى: تمايل في مشيته، الشرب: جماعة الشاربين.

6 حاجر والقويق: اسمي مكان.

ص: 393

ومن التشابيه البليغة الرافلة في حلل التورية، قوله أيضًا:

أبدى السنان جراحة في خده

تحت العذار فعال قلب قاسي

وتطلبوا الآسي فما ظفروا به

معهم وعز وجوده في الناس

شبهت سوسنة أبانت وردة

تحت البنفسج ما لها من آس

ومثله قوله:

لو كنت حين علوت ظهر مطية

لم يعتلقها للمطي عيون

وتوسطت بحر السراب حسبتني

من فوقها ألفًا وتحتي نون

ومثله قوله:

شبهت خدك يا حبيبي عندما

أبدى الجمال به عذارًا أشقرا

تفاحة حمراء قد كتبوا بها

خطًّا رقيقًا بالنضار مشعرا1

ويعجبني قوله، مع التشبيه البليغ وحسن التضمين الذي ما تضمن مثله ديوان:

غدير دار نرجسه عليه

ورق نسيمه وصفا وراقا

تراه إذا حللت به لورد

كأن عليه من حدق نطاقا2

ويعجبني، من لطائف التشبيه، تخيل محي الدين بن قرناص الحموي بقوله:

لقد عقد الربيع نطاق زهر

يضم لغصنه خصرًا نحيلًا

ودب مع العشي عذار طل

على نهر حكى خدًّا أسيلا3

تشبيه النهر هنا بالخد الأسيل ليس له في الحسن مثيل. ومثله قوله:

لما تبدى النهر عند عشية

والروض يخضع للصبا والشمأل4

عاينته مثل الحسام وظله

يحكي الصدا والريح مثل الصيقل5

ومن التشابيه البليغة، التي جمعت بحسن التورية بين الصورة والمعنى وشبب

1 النضار: الذهب الخالص. مشعرا: مكتوبًا شعرًا.

2 النطاق: الحزام.

3 الأسيل: الأملس المستطيل، وهو أجمل الخدود.

4 الصبا والشمأل: رياح تهب على الصحراء، الأولى من الجنوب والثانية من الشمال.

5 الحسام: السيف. الصيقل: الذي يصقل السيوف أي يشحذها.

ص: 394

بمحاسنها الرواة في كل معنى، قول الشيخ جمال الدين بن نباتة، في وصف قوس البندق بعد تغزله في الرامي:

قد حمد القوم به عقبى السفر

عند اقتران القوس منه بالقمر

لولا حذار القوس من يديه

لغنت الورق على عطفيه1

في كفه محنية الأوصال

قاطعة الأعمار كالهلال2

ثم قال منها، وهي الطردية الموسومة بنظم السلوك في مصائد الملوك، ولم يخرج عن تشبيه القوس مع اشتراك التورية:

كأنها حول المياه نون

أو حاجب بما نشا مقرون

ويعجبني منها قوله، في وصف التم مع خمس التضمين:

تخاله من تحت عنق قد سجا

طرة صبح تحت أذيال الدجا3

ومنها يشبه الطيور الواقعة على قسي الرماة:

كأنها وهي لدينا وقع

لدى محاريب القسي ركع4

ومن التشابيه الغريبة التي لم يسبق الشيخ جمال الدين بن نباتة إليها قوله:

أشكو السقام وتشكو مثله امرأتي

فنحن في الفرش والأعضاء ترتج5

نفسان والعظم في نطع يجمعنا

كأنما نحن في التمثيل شطرنج6

ومثله في الغرابة، قوله من قصيدته اللامية التي عارض بها كعب بن زهير، في مديح النبي صلى الله عليه وسلم مع التضمين الفائق:

ما يمسك الهدب دمعي حين أذكركم

إلا كما يمسك الماء الغرابيل

ومن لطائف التشبيهات، قول بدر الدين بن حسن الزغاري، في وصف زهر الزنبق:

وزهرة من زنبق

أنوارها وهاجه

صفراء في مبيضة

كالراح في الزجاجة

1 الورق: الحمائم.

2 محنية الأوصال: القوس.

3 سجا: سكن وهدأ. الطرة: الغرة وهي أول الشيء.

4 محاريب: جمع محراب: وهو مكان العبادة.

5 ترتج: تهتز وترتجف.

6 النطع: الجلد.

ص: 395

ويعجبني من التشبيه البديع، قول الشيخ عز الدين الموصلي مع حسن التضمين:

وسامري أعار البدر منه سنا

سموه نجمًا وهذا النجم عرار1

تهتز قامته من تحت عمته

كأنه علم في رأسه نار

وأما التشبيه الذي ولده الشيخ برهان الدين القيراطي، فإنه من غايات هذا الباب، وهو قوله من قصيدة:

والبدر يستر بالغيوم وينجلي

كتنفس الحسناء في مرآتها

وقال أبو حفص برد:

والبدر كالمرآة غير صقلها

عبث الغواني فيه بالأنفاس

والمضمن الربع الأخير من البيت، وهو من شعر أبي بكر محمد بن هاشم.

ومن لطيف التشبيه قول علاء الدين، علي بن أيبك الدمشقي:

منمنم العارض غنى لنا

أشياء في السمع حلا ذوقها2

كأنما في فيه قمرية

تشدو ومن عارضه طوقها3

ومن التشابيه البديعية التي لم تدرك في هذا الباب، تشابيه الصاحب فخر الدين بن مكانس، في قصيدته المشهورة المشتملة على وصف شجر السرح:

مالت على النهر إذ جاش الخرير به

كأنها أذن مالت لإصغاء

كأن صمغتها الحمرا بقشرتها الدكـ

ـناء قرص على أعكان سمراء4

ومنها في وصف سواد السفينة على بحر النيل:

تسعى إليها على جرداء جارية

من آلة كهلال الأفق حدباء

سوداء تحكي على الماء المصندل شا

مة على شفة كالشهد لعساء5

وتظرف الشيخ عز الدين الموصلي بقوله، في هذا النوع وإن لم يأت ببليغ التشبيه:

1 سامري: نسبة إلى السامرة. العراب: نبات طيب الرائحة.

2 المنمنم: اللطيف الأعضاء.

3 قمرية: نوع من الحمام حسن الصوت.

4 أعكان: جمع عُكن وهو ما انطوى وتثنى من لحم البطن سِمَنًا.

5 المصندل: المطلي بماء الصندل وهو شجر هندي طيب الرائحة. لعساء: التي في شفتيها سواد.

ص: 396

قيل صف هذا الذي همت به

قلت في وصفي مع حسن المسالك

هو كالغصن وكالظبي وكالشمـ

ـس وكالبدر وما أشبه ذلك

لطف التشبيه في قوله: وما أشبه ذلك.

ومن التشابيه التي لم أسبق إليها قولي من قصيدة:

حين قابلت خده بدموع

أثرت خلت ثوب خز مختم

ومثله قولي من قصيدة:

والغصن يحكي النون في ميلانه

وخياله في الماء كالتنوين

ومثله قولي من المدائح المؤيدية:

يا حامي الحرمين والأقصى ومن

لولاه لم يسمر بمكة سامر

والله إن الله نحوك ناظر

هذا وما في العالمين مناظر1

فرج على الملحون نظم عسكرا

وأطاعه في النظم بحر وافر

فأنبتّ منه زحافه في وقفه

يا من بأحوال الوقائع شاعر2

وجميع هاتيك البغاة بأسرهم

دارت عليهم من سطاك دوائر

وعلى ظهور الخيل ماتوا خيفة

فكأن هاتيك السروج مقابر

تالله لقد وقع هذا التشبيه من مولانا السلطان، خلد الله ملكه بموقع، وأعجبه غاية الإعجاب، واستعاده منه مرارًا3.

ومن التشابيه العقم قولي في وصف حمائم البطائق4، من الرسالة التي عارضت بها الفاضل: كم زاحمت النجوم بالمناكب حتى ظفرت بكف خضيب، وانحدرت كأنها دمعة سقطت على خد الشفيق لأمر مريب، وكم لمع في أصيل الشمس خصاب كفها الوضاح، فصارت بسموها وفرط البهجة كمشكاة فيها مصباح. انتهى ما أوردته، نظمًا ونثرًا، من بليغ التشبيه في باب المحسوس بالمحسوس.

1 مناظر: مشابه.

2 انبتّ: انقطع.

3 قوله: واستعاده منه مرارًا أي في المنشد وفي ذلك إشارة إلى أن المنشد غير الكاتب، والكاتب في بداية الكلام لنفسه بقوله: ومثله قولي في المدائح المؤيدية، ترى أيكون ابن حجة قد أغار على شعر شاعر مغمور ونسب لنفسه ما ليس لها؟ أم يكون هذا الذي حصل نوعًا من التحريف؟

4 حمام البطائق: الحمام الزاجل الذي كان يستعمل في نقل الرسائل.

ص: 397

وقد تعين أن أورد هنا ما وقع، في النظم، من التشبيه الذي هو غير بليغ، لينفتح هن الطالب وتصفو مرآة ذوقه، فقد عاب الأصمعي بين يدي الرشيد قول النابعة:

نظرت إليك بحاجة لم تقضها

نظر المريض إلى وجوه العوّد

فقال: يكره تشبيه المحبوب بالمريض، ومثله قول أبي محجن الثقفي في وصف قينة:

ترجع العود أحيانًا وتخفضه

كما يطير ذباب الروضة الغرد

قد تقدم القول، وتقرر أن المولدين ومن تبعهم رغبوا عن تشابيه العرب، لأنها مع عقادة التركيب لم تسفر عن كبير أمر. وقال ابن رشيق، في العمدة: إن طريق العرب خولفت في كثير من الشعر إلى ما هو أليق بالوقت وأمس بأهله، فإن القينة الجميلة لم ترض أن تشبه نفسها بالذباب، كما قال أبو محجن. ومثل ذلك قول ابن عون الكاتب:

يلاعبها كف المزاج محبة

لها وليجري الآن بينهما الأنس

فتزبد من تيه عليه كأنها

عزيزة خدر قد تخبطها المس1

بشاعة هذا التشبيه تمجها الأذواق الصحيحة، وتنفر منها الطباع السليمة، فإن أهل الذوق ما يطيب لهم أن يشربوا شيئًا يشبه زبد المصروع.

ومن التشابيه الغريبة، التي جمعت بين عدم البلاغة وعقادة التركيب، قول الشاعر:

فأصبحت بعد خط بهجتها

كأن قفرًا رسومها قلما

التقدير فأصبحت بعد بهجتها قفرًا كان قلما خط رسومها.

وعدوا من التشابيه التي هي غير بليغة، قول الشاعر في وصف الروض:

كأن شقائق النعمان فيه

ثياب قد روين من الدماء

فهذا وإن كان تشبيهًا مضيئًا فإن فيه بشاعة كثرة الدماء، التي تعاف الأنفس اللطيفة رؤيتها، وثبوت هذا النقد اتصل بالمتأخرين، ونقدوه على الحاجري في قوله:

وما اخضر ذاك الخد نبتًا وإنما

لكثرة ما شقت عليه المرائر2

1 تزبد: تغضب حتى يخرج الزبد من فيها. التيه: الكبر والفخر. الخدر: خباء المرأة. المس: الجنون.

2 المرائر: جمع مرارة وهي غدة تفرز الصفراء لتساعد على هضم المواد الدهنية وتكون لاصقة بالكبد.

ص: 398

وقالوا ما زاد الحاجري على أن جعل خد محبوبه مسلخًا. فالتشبيه أيضًا، وإن كان مضيئًا، فإن فيه بشاعة شق المرائر على خد المحبوب. وبعضهم ما اكتفى بشق المرائر على خد محبوبه حتى سفك عليه الدماء بقوله:

وما أحمر ذاك الخد واخضر فوقه

عذارك إلا من دم ومرائر

ومثل ذلك ما عابوه على ابن قلاقس في قوله:

ما ترى الصبح يخفى في دجنته

كأنما هو سقط بين أحشائي

لا شك أن بهجة الصبح في أواخر الليل أبهج من السقط بين الأحشاء، والمشبه أعلى وأغلى من المشبه به، وعلى كل تقدير فالسقط بين الأحشاء، وسفك الدماء، وشق المرائر على خدود الأحباب تنفر منها الأمزجة اللطيفة، اللهم إلا أن يكون ذلك ليس له تعلق بشيء من أوصاف المحبوب، بل يكون تعلقه بحكاية حال واقعة، كقول الشاعر:

نزلنا بنعمان الأراك وللندى

سقيط به ابتلت علينا المطارف1

وقفت بها والدمع أكثره دم

كأني من جفني بنعمان راعف2

هذه الحالة لا ينكر لها جريان الدمع دمًا فإنها حالة لائقة بجريانه على هذه الصفة، لأن هذا الشاعر لما أن نزل بنعمان التي هي منازل أحبابه ووجدها مقفرة منه، لاق بحاله أن يجري الدمع لشدة الأسف دمًا.

ومثله قول ابن قاضي ميلة، من قصيدته التي تقدم ذكرها:

ولما التقينا محرمين وسيرنا

بلبيك ربًا والركائب تعسف3

نظرت إليها والمطي كأنما

غواربها منها معاطس رعف4

هذا التشبيه غاية في هذا الباب، وجريان الدماء من غوارب المطي لائق بحكاية حاله، فإن هذه الحالة فيها لطف الكنايات عن التعسف في شدة السرى.

قلت: وإن سبكت هذه الحالة في قوالب الهجو، ورضعها الشاعر في صفات من هجاه، كانت أحسن موقعًا وأبلغ موضعًا، كقول مولانا المقر الشرف القاضوي الناصري

1 المطارف: جمع مطرف وهو الثوب الفضفاض الموشى.

2 الراعف: الذي ينزل الدم من أنفه. والرعف: نزول الدم.

3 تعسف: تسير على غير هدى.

4 معاطس: أنوف، الغوارب: جمع غارب وهو ما بين سام البعير وعنقه. أو هو الكاهل.

ص: 399

البارزي، صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية، عظم الله تعالى شأنه، في هجو من لا يمكن ذكره هنا من قصيدة:

وقد علت أسنانه صفرة

تكدر العيش المريء المريع1

ولحمها من ورم فاسد

كالرئة المحبوس فيها نجيع2

هذا التشبيه لم أجد له شبيهًا في هذا الباب، إلا تشبيه ابن الرومي في هجو الورد، وقد تقدم ذكره فلو جمع المتأمل بين المشبه المهجو وبين المشبه به، وشاهد هذا التخييل الغريب عيانًا صدق صحة دعواي في ذلك.

ومن التشابيه التي هي غير بليغة قول ابن وزير، في تشبيه الماء على الرخام:

لله يوم بحمام نعمت به

والماء من حوضه ما بيننا جاري

كأنه فوق شقات الرخام ضحى

ماء يسيل على أثواب قصار3

وتلطف ابن الدوري في هجاء هذا الشاعر حيث قال:

وشاعر أوقد الطبع الذكاء له

فكاد يحرقه من فرط إذكاء4

أقام يجهد أيامًا قريحته

وشبه الماء بعد الجهد بالماء

ذكرت هنا، من التشابيه التي هي غير بليغة، قول الشيخ صلاح الدين الصفدي في تشبيه القمر في خلال الأغصان لما انثنت:

كأنما الأغصان لما انثنت

أمام بدر التم في غيهبه5

بنت مليك خلف شباكها

تفرجت منه على موكبه

وقد أورد عليه علامة عصرنا القاضي بدر الدين الدماميني، فسح الله تعالى في أجله، في كتابه المسمى "بنزول الغيث" الذي انسجم في شرح لامية العجم، نقدًا كشف به القناع عن عدم بلاغة هذا التبشيه. فإن الشيخ بدر الدين المشار إليه قال وقوله صحيح: إن ظاهر عبارة الشيخ صلاح الدين، تشبيه الأغصان في حالة انثنائها أمام البدر

1 المريء: السهل. المريع: الكثير الخيرات.

2 النجيع: دم الجوف وقوله: لحمها: الضمير يعود على الأسنان أي لثتها.

3 القصار: الذي يدق الثياب وبيضها.

4 إذكاء النار: إضرامها.

5 الغيهب: الظلمة الشديدة.

ص: 400

في الدجى، ببنت مليك تطل من شباكها للنظر في موكب أبيها. وذلك عن مظان التشبيه بمعزل. ومقصوده أن البدر في حالة ظهوره من خلال الأغصان المتثنية على الصفة المذكورة، يشبه بنت مليك على تلك الحالة، تمثيلًا للهيئة الاجتماعية، لكن اللفظ لا يساعده على ذلك المطلوب، فإنه جعل الأغصان مبتدأ وأخبر عنه بقوله بنت مليك فلم يتم له المراد. على أن مقطوع الشيخ صلاح الدين، مع ما فيه من عدم بلاغة التشبيه، مأخوذ من قول محي الدين بن قرناص الحموي:

وحديقة غناء ينتظم الندى

بفروعها كالدر في الأسلاك

والبدر يشرق من خلال غصونها

مثل المليح يطل من شباك

قلت ليس لأهل النقد مدخل في هذا الشباك، انتهى ما أوردته هنا من التشبيه الذي هو غير بليغ في باب المحسوس بالمحسوس، وقد تقدم القول على موجب تقديمه في باب التشبيه، وتقرر أن مدركات السمع والبصر والذوق والشم واللمس التي هي الحواس الخمس، أوضح في الجملة مما لا تقع عليه الحواس. انتهى.

القسم الثاني وهو تشبيه المعقول بالمعقول: أقول إن هذا النوع في هذا الباب ليس له مواقع المحسوسات، وقد تكرر قولي في ذلك. وأحسن ما وجدت فيه، أعني تشبيه المعقول بالمعقول، قول أبي الطيب المتنبي:

كأن الهم مشغوف بقلبي

فساعة هجرها يجد الوصالا

وظريف هنا قول القائل، من أبيات، مع بديع الاستطراد:

لقظ طويل تحت معنى قاصر

كالعقل في عبد اللطيف الناظر

القسم الثالث تشبيه المعقول بالمحسوس: وهو إخراج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه الحاسة، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} 1 فتشبيه أعمال الكفار بالسراب، من أبلغ التشابيه وأبدعها. ومثله قوله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} 2.

ومن النظم قول أبي علي ابن سينا:

إنما النفس كالزجاجة والعلـ

ـم سراج وحكمة الله زيت

1 النور: 24/ 39.

2 إبراهيم 14/ 18.

ص: 401

ويعجبني في هذا الباب أعني تشبيه المعقول بالمحسوس، قول ابن منير الطرابلسي:

زعم كمنبلج الصباح وراءه

عزم كحد السيف صادق مقتلا

القسم الرابع تشبيه المحسوس بالمعقول: قد تقدم أن هذا القسم عند أهل المعاني والبيان غير جائز، وما ذاك إلا أن العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية إليها، ولذلك قيل من فقد حسًا فقد علمًا. ووجه الصواب في تشبيه المحسوس بالمعقول، أن يقدر البليع المعقول محسوسًا ويجعل أصل المحسوس على طريق المبالغة فرعًا، فيصبح التشبيه حينئذ، كقول الشاعر:

وكأن النجوم بين دجاها

سنن لاح بينهن ابتداع

فإنه لما شاع وصف السنة بالبياض والإشراف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أتيتكم بالحنيفية البيضاء، ليها كنهارها" واشتهرت البدعة، وكل ما ليس بحق بالظلمة والسواد، كقولهم: ليل الشرك، أقام هذا الشاعر السنن مقام الأجناس التي لها إشراق وبياض، والبدع مقام أجناس السواد والظلمة، فصار ذلك عنده كتشبيه محسوس بمحسوس، فجاز له التشبيه على هذا التقدير، كقول أبي طالب الرقي:

ولقد ذكرتك والظلام كأنه

يوم النوى وفؤاد من لم يعشق

فإنه لما كانت الأوقات التي تحدث فيها المكاره توصف بالسواد، كقول من يغتاله مكروه: اسودت الدنيا في عيني، جعل هذا الشاعر يوم النوى أشهر بالسواد من الظلام، فشبهه وعرف به ثم عطف عليه بفؤاد من لم يشعق تظرفًا، لأن ظرف العشاق يدعي قسوة قلب من لم يعشق، والقلب القاسي يوصف بشدة السواد، فصار هذا القلب عنده أصلًا في السواد على هذا التقدير، فقس على ذلك.

ومثله قول القائل:

أسفر ضوء الصبح من وجهه

فقام خال الخد فيه بلال1

كأنما الخال على خده

ساعة هجر في ليالي الوصال

سواد ساعة وبياض زمان الوصل قد فهم على ما تقرر وتكرر.

1 بلال: هو الحبشي مؤذن النبي.

ص: 402

ومن ذلك قول الشاعر:

كأن انتضاء البدر من تحت غيمه

نجاة من البأساء بعد وقوع1

ومن البديع الغريب، في هذا الباب، قول القاضي التنوخي:

أما ترى البرد قد وافت عساكره

وعسكر الحر كيف انساب منطلقا

فانهض بنار إلى فحم كأنهما

في العين وإنصاف قد اتفقا

جاءت ونحن كقلب الصب حين سلا

بردًا فصرنا كقلب الصب إذ عشقا2

ويعجبني هنا قول الصاحب بن عباد، وقد أهدى إلى القاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني عطرًا:

أديت عطرًا مثل طيب ثنائه

فكأنما أهدى له أخلاقه

ومن التشابيه البليغة، في هذا الباب، قول الشهاب محمود في تشبيه بعض الحصون، والمبالغة في علوه:

كأنه وكأن الجو يكنفه

وهم تكنفه في طيرها الفكر3

وغاية الغايات في هذا الباب، أعني تشبيه المحسوس بالمعقول، قول أبي نواس رحمه الله:

معتقة صاغ المزاج رأسها

أكاليل دار ما لناظمها سلك

جرت حركات الدهر فوق سكونها

فذابت كذوب التبر أخلصه السبك4

وأدرك منها الفائزون بقية

من الروح في جسم أضر به النهك5

وقد خفيت من لطفها فكأنها

بقايا يقين كاد يذهبه الشك

ومثله قوله وأجاد فيه إلى الغاية:

وندمان سقيت الراح صرفًا

وستر الليل منسدل السجوف6

صفت وصفت زجاجتها عليها

كمعنى دق في ذهن لطيف

1 الانتضاء: الانسلال، أو الخروج السريع.

2 الصب: الرقيق القلب السريع الاشتياق.

3 يكنف: يحيط به كالكنيف وهو السرور العالي.

4 التبر: خلاصة الذهب.

5 النهك: الإعياء.

6 السجوف: جمع سجف وهو الستر.

ص: 403

والذي سارت له به الركبان في هذا الباب قوله:

فتمشت في مفاصلهم

كتمشي البرء في السقم

انتهى ما أوردته من تشبيه المحسوس بالمعقول، وتقرير صوابه وإيراد بديعه وغريبه.

وقد تقرر وتكرر أن تشبيه، وعلى أسّه شيد أصحاب البديعيات بيوتهم. ولكن بيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته، غير صالح للتجرد، فإنه متعلق بالبيت المشتمل على ائتلاف اللفظ مع المعنى، فتعين إيراد البيتين هنا لتظهر نتيجة التشبيه. فبيت ائتلاف اللفظ مع المعنى، في بديعيته، قوله:

كأنما حلق السعدي منتثرًا

على الثرى بين منقض ومنفصم

وأتبعه بقوله في التشبيه:

حروف خط على طرس مقطعة

جاءت بها يد غمر غير مفتهم1

قلت، الكمال لله، كل من البيتين فيه نقص، لافتقاره إلى الآخر، ولو تجرد أحدهما عن أخيه ما حسن السكوت عليه، ولا تمت به فائدة، وكيف يصح التشبيه في بيت واحد، وجل القصد به أن يكون بمجرده مثالًا للنوع المذكور، والمشبه في البيت الأول والمشبه به في البيت الثاني والذي أقوله إنني لم أر في البيت الأول، المشتمل على ائتلاف اللفظ مع المعنى، معنى، ولا على بيت التشبيه، الذي بعده، للبلاغة بهجة، لافتقاره إلى الأول، والله أعلم.

ومن غرائب ما ينقل هنا أن العميان ما نظموا نوع التشبيه في بديعيتهم، ونظموا رد العجز على الصدر، وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته، قوله في مديح النبي صلى الله عليه وسلم:

وقيل للبدر تشبيه إليه نعم

نجم الثريا له كالنعل في القدم

بيت الشيخ عز الدين هنا صالح للتجريد، بخلاف بيت الشيخ صفي الدين، إذ المراد به أن يكون بمجرده شاهدًا على نوع التشبيه، ولكن معناه مأخوذ من بيت الفاضل، في قصيدته الطائية المشهورة، والبيت المأخوذ منه هذا المعنى قوله منها:

أما الثريا فنعل تحت أخمصه

وكل قافية قالت لذلك طا

1 الغمر: الذي لا يفهم.

ص: 404

من أين لعقادة الشيخ عز الدين، أو لغيره، أن يقول في الشطر الأول من بيت قافيته طائية.

أما الثريا فنعل تحت أخمصه. ويقول في الشطر الثاني: وكل قافية قالت لذلك طا. انتهى.

وبيت بديعيتي جمعت فيه بين شرف المديح النبوي، وشرف تشبيه القرآن إذ هو المقدم في هذا الباب على كل تشبيه، فإنني قلت في البيت المشتمل على نوع التفريق البديعي:

قالوا هو البدر والتفريق يظهر لي

في ذاك نقص وهذا كامل الشيم

ولم أزل أظهر في أفق البلاغة كماله، صلى الله عليه وسلم إلى أن قلت في التشبيه:

والبدر في التم كالعرجون صار له

فقل لهم يتركوا تشبيه بدرهم

ص: 405