المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السابع (1) 7/ 7/ 1 - عن أبي هريرة رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمة المحقق

- ‌ترجمة موجزة للحافظ عبد الغني صاحب "العمدة

- ‌أولًا- مصادر الترجمة على حسب تواريخ وفيات مؤلفيها:

- ‌ثانيًا- ترجمته:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته:

- ‌عصر المقدسي:

- ‌أهم الأحداث التاريخية في عصره:

- ‌حالة المجتمع في عصره:

- ‌الحالة التعليمية:

- ‌مكانته العلمية:

- ‌ما قيل عنه في حفظه:

- ‌ألقابه وثناء العلماء عليه:

- ‌المحنة التي مرَّ بها الحافظ:

- ‌عقيدته:

- ‌تلاميذه والآخذون عنه:

- ‌ولداه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة المصنف "ابن الملقن

- ‌للاستزادة من الترجمة راجع:

- ‌اسمه:

- ‌لقبه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته الذاتية:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته العلمية:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌جمعه للكتب:

- ‌مصير هذه المكتبة:

- ‌عقيدته، وصوفيته:

- ‌مناصبه:

- ‌ابتلاؤه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌نذكر من مؤلفاته ما يلي:

- ‌ الإعلام بفوائد عمدة الأحكام

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌أبناؤه:

- ‌وفاته:

- ‌ الكتاب

- ‌عنوان الكتاب:

- ‌ترجيح العنوان:

- ‌وصف النسخ:

- ‌أهمية الكتاب

- ‌بيان عملي في الكتاب:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌1 - باب الطهارة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث والرابع والخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والتاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌(الحديث الثالث عشر)

- ‌2 - باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌3 - باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌4 - باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌5 - باب في المذي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌الحديث السابع (1) 7/ 7/ 1 - عن أبي هريرة رضي

‌الحديث السابع

(1)

7/ 7/ 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه"(2).

ولمسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب"(3) الكلام عليه من خمسة عشر وجهًا:

(1) هكذا في المخطوطة: (السابع) وعدتها خمسة، ولعله عدَّ رواية عبد الله بن عمرو وعائشة وأبي هريرة ثلاثًا فيكون سبعًا.

(2)

رواه البخاري برقم (239) في الوضوء، أسباب: البول في الماء الدائم، ومسلم برقم (282) في الطهارة، باب: النهي عن البول في الماء الراكد، ورواه أيضًا أبو داود برقم (69) و (70) في الطهارة، باب: البول في الماء الراكد، والترمذي برقم (68) في الطهارة، باب: كراهة البول في الماء الراكد، وفي آخره عنده:(ثم يتوضأ منه) بدلًا من (يغتسل)، والنسائي (1/ 49) في الطهارة، أسباب: الماء الدائم، وأحمد في المسند (2/ 346، 362).

(3)

رواه مسلم برقم (283) في الطهارة، باب: النهي عن الاغتسال في الماء الراكد، ورواه أيضًا النسائى (1/ 197) في الغسل والتيمم.

ص: 267

الأول: هذا النهي حمله مالك على الكراهة؛ لاعتقاده أن الماء لا ينجس إلَّا بالتغيير (1)، وحمله غيره على التحريم تارةً، والتنزيه

أخرى، وسيأتي ذلك بعد.

الثانى: الدائم: الراكد الساكن، من دام يدوم دَوْمًا إذا سكن، وأدمته: سكنته، يقال للطائر إذا صف جناحيه وسكنها ولم يحركها:

قد دوم الطائر يديمًا، وجاء في رواية:"الماء الراكد" رواها ابن ماجه (2)، ورواها أحمد أيضًا بزيادة:"ثم يتوضأ منه"(3)، وأصله من الاستدارة، وذلك أن أصحاب الهندسة يقولون: إن الماء إذا كان في مكان فإنه يكون مستديرًا في الشكل.

قلت: والدائم أيضًا الدائر، قيل: هو من الأضداد (4)، ويقال له: دوام بالضم أي دوار وهو من دوران الرأس، قال الجوهري: وتدويم الطير: تحليقه، وهو دورانه في تحليقه (5) ليرتفع إلى السماء، وقال بعضهم: تدويم الكلب: إمعانه في الهرب.

الثالث: قوله عليه السلام: "الذي لا يجري" فيه قولان:

أحدهما: أنه تأكيد لمعنى الدوام وتفسير له، وبه جزم الشيخ

(1) انظر: الاستذكار (2/ 198).

(2)

في السنن (1/ 124).

(3)

في المسند (2/ 288، 532)، وابن حبان (1251).

(4)

انظر: ثلاثة كتب في الأضداد (129).

(5)

في الصحاح (طيرانه)(5/ 1922)، وكذا نقل عنه في لسان العرب (1/ 1037).

ص: 268

تقي (1) الدين وغيره، وفي رواية الحاكم في تاريخ نيسابور:"الماء الراكد الدائم".

الثاني: أنه للاحتراز من المياه التي تجري بعضها دون بعض كالبرك ونحوها، وأوضح من هذا أن يقال: لا يمتنع أن يطلق على البحار والأنهار الكبار التي لا ينقطع ماؤها أنها دائمة، بمعنى أنها غير منقطع ماؤها، والإجماع [على](2) أنها غير مرادة في هذا الحديث، فيكون قوله:"لا يجري" مخرج لها من حيث وإن يطلق عليها أنها دائمة بالمعنى المذكور، وهذا أولى من حمله على التأكيد [الذي](3) الأصل عدمه، ولأن حمل الكلام على فائدة [جديدة](4) أولى من التأكيد، لا سيما كلام الشارع (5)، بل

(1) إحكام الأحكام (1/ 121).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في الأصل (جيدة)، والتصحيح من ن ب ج.

(5)

قال الشيخ بكر في معجم المناهي اللفظية في لفظة الشارع (ص 194)، وفي لفظة المشرع (ص 303، 304)، نقلًا عن تاج العروس: أن الشارع في اللغة هو: العالم الرباني المعلم، وقاله ابن الأعرابي، وقال الزبيدي أيضًا في تاج العروس:(ويطلق عليه صلى الله عليه وسلم لذلك). وقيل لأنه شرع الدين أي أظهره وبينه، أما في لغة العلم الشرعي فإن هذا المعنى اللغوي لا تجد إطلاقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في حق عالم من علماء الشريعة المطهرة. فلا يقال لبشر: شارع، ولا مشرع، وفي نصوص الكتاب والسنة إسناد التشريع إلى الله تعالى، قال الله تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} . وفي الحديث أن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: =

ص: 269

[لو](1) لم يأت قوله الذي لا يجري لكان مجملًا بحكم الاشتراك بين الدائم والدائر، فلا يصح العمل على التأكيد.

الرابع: أصل الماء: موه، بدليل مُوَيْه وأمواه تصغيرًا وتكبيرًا، فحركنا الواو وانفتح ما قبلها فقلبت الفًا، فاجتمع خفتان الألف

والهاء، فقلبت الهاء همزة. والماء ممدود، وحكى ابن سيده عن (2) بعضهم (اسقني ما) مقصورًا وهو غريب.

الخامس: الألف واللام فى الماء لبيان حقيقة الجنس، ويقال فيهما أيضًا للمح الحقيقة، كما يقال ذلك فى نحو: أكلت الخبز،

وشربت الماء، وليست للجنس الشامل، إذ لا ينهى الإنسان عن البول في جميع مياه الأرض إذ النهي إنما يتعلق بالممكن دون

المستحيل، ويجوز أن تكون للعهد الذهني.

واعلم أن الألف واللام لها تسعة أقسام:

الأول: للجنس، نحو قوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3).

= "إن الله شرع لنبيكم سنن الهدى" رواه مسلم وغيره، لهذا فإن قصر إسناد ذلك إلى الله سبحانه وتعالى أخذ في كتب علماء الشريعة على اختلاف فنونهم في صفة التقعيد. فلا نرى إطلاقه على نشر حب التتبع، ولا يلزم من الجواز اللغوى الجواز الاصطلاحي.

(1)

ساقطة من الأصل.

(2)

في المخصص له (9/ 130). قال أبو علي: وحكى الفراء عن الكسائي: اسقني ما -مقصورًا- وقد دفع سيبويه أن يكون اسم على حرفين أحدهما تنوين.

(3)

سورة العصر: آية 2.

ص: 270

ثانيها: للعهد، نحو قوله تعالى:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (1). ثالثها: لبيان حقيقة الجنس وللمح الحقيقة كما قدمناه. رابعها: للحضور، نحو "يا أيها الرجل"، و"خرجت هذا الوقت". خامسها: للمح الصفة، كالفضل والحارث. سادسها: بمعنى [الذي](2)، نحو الضارب (3) والمضروب، أي الذي ضرب والذي ضُرب. سابعها: للغلبة، كالعقبة. ثامنها: للتزين، في نحو الذي والتي على الصحيح عند النحاة، لا للتعريف، وهي كذلك عند بعض الأصوليين في قولهم: دل الدليل على كذا. تاسعها: زائدة، كقولهم، أدخلوا الأول فالأول، وزيادتها على ضربين: لازمة وغير لازمة، ومحل الخوض في ذلك كتب العربية.

السادس: قوله عليه السلام: "ثم يغتسل منه". كذا أخرجه مسلم (4). وللبخاري (5)"فيه" بدل "منه" ومعناهما مختلف، يفيد كل منهما حكمًا بطريق النص وآخر بطريق الاستنباط، ولو لم يرد لاستويا لما ستعلمه على الأثر.

السابع: النهي عن الاغتسال لا يخص الغسل بل الوضوء، كذلك كما أسلفناه عن رواية الإمام أحمد، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما بلفظ: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم

(1) سورة المزمل: آية 16.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب زيادة (الذي).

(4)

في الصحيح (3/ 187)(نووي).

(5)

في الصحيح (1/ 346)(فتح).

ص: 271

يتوضأ منه أو يشرب" (1). ولو لم يرد لكان معلومًا قطعًا استواؤها في هذا [الحكم](2) لفهم المعنى المقصود وهو التنزه عن التقرب إلى الله تعالى بالمستقذرات.

الثامن: قوله: "ثم يغتسل". الرواية فيه بالرفع كما قاله النووي.

وقال القرطبي (3) أيضًا: إنه الرواية الصحيحة أي هو يغتسل فيه أي شأنه الاغتسال منه، ومعناه النهي عن البول فيه سواء أراد

الاغتسال منه أم لا.

وقال ابن مالك (4): يجوز جزمه على النهي، ونصبه على [تقدير](5)"أن"، وتكون "ثم" بمعنى [الواو للجمع] (6). كقوله:

"لا تأكل السمك وتشرب اللبن"، أي لا تجمع بينهما.

وقال النووي: الجزم ظاهر، وأما النصب فلا يجوز؛ لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما ولم يقله أحد، بل

(1) صحيح ابن خزيمة (1/ 50)، وابن حبان (1256)، شرح معاني الآثار (1/ 14)، وفي تلخيص الحبير ذكر الروايات بألفاظها (1/ 105).

(2)

في ن ب (الفعل).

(3)

المفهم (2/ 638).

(4)

هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك، ولد سنة ستمائة، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين وستمائة. اهـ. من ترجمة في شواهد الإيضاح (164).

(5)

في الأصل (التقدير)، والتصحيح من ن ب. انظر: فتح الباري (1/ 347).

(6)

في شواهد الإيضاح (164)(واو الجمع).

ص: 272

البول (1) منهي عنه سواء اراد الاغتسال فيه أو منه أو لا (2). أي والاغتسال فيه منهي عنه على انفراده وهذا التعليل الذي علل به النصب ضعيف؛ لأنه ليس فيه أكثر من كون هذا الحديث لا يتناول النهي عن البول في الماء الراكد بمفرده، وليس [بألزم](3) أن يدل على الأحكام المتعددة بلفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجميع من هذا الحديث، ويؤخذ النهي عن الإفراد

من حديث آخر، ومثل هذا الحديث على القول بجواز النصب قوله تعالي:{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} (4) على أحد الوجهين وهو النصب لا الجزم، فإن النهي في الآية أيضًا عن شيئين:

أحدهما: لبس الحق بالباطل وهو زيادتهم في التوراة ما ليس فيها.

والثاني: كتمان الحق وهو جحدهم ما فيها من نعوته عليه السلام وغير ذلك، حتى يقال في الآية أيضًا على وجه النصب: إنه

يؤخذ منها النهي عن الجمع ويؤخذ النهي عن الإِفراد من دليل آخر، وقد صرح بذلك ابن يعيش (5) في (شرح المفصل)(6)، قال: وجرت

(1) في النووي (3/ 187) زيادة (منه).

(2)

إلى هنا ينتهي كلام النووي.

(3)

في ن ب (يلزم).

(4)

سورة البقرة: آية 42.

(5)

يعيش بن علي بن يعيش وكان يعرف بابن الصائغ، ولد سنة 553 بحلب، توفي 643 هـ من كبار أئمة العربية صنف "شرح المفصل" و"شرح تصريف ابن جني". "بغية الوعاة"(2/ 351).

(6)

شرح المفصل (7/ 33).

ص: 273

هذه المسألة يومًا في مجلس قاضي القضاة بحلب، فقال أبو الحزم الموصلي: لا يجوز النصب في الآية؛ لأنه لو كان منصوبًا لكان من قبيل لا تأكل السمك وتشرب اللبن. [وكان مثله في الحكم يجوز تناول كل واحد منهما كما يجوز ذلك في: لا تأكل السمك وتشرب اللبن](1) فقلت: يجوز أن يكون منصوبًا ويكون النهي عن الجمع بينهما [و](2) كون كل واحد منهيًا عنه بدليل آخر، ونحن إنما قلنا في قولهم "لا تأكل السمك وتشرب اللبن" إنه يجوز تناول كل واحد منهما مفردًا؛ لأنه لا دليل إلَّا هذا، ولو قدرنا دليلًا آخر للنهي عن كل واحد منهما مفردًا لكان كالآية، فانقطع الكلام عند ذلك.

واعلم أن القرطبي (3) في (المفهم)(4) منع رواية النصب أيضًا في هذا الحديث فقال: لا يجوز النصب، إذ لا ينصب بإضمار "أن" بعد "ثم"، وهي الجزم الذي ادَّعى النووي ظهوره، فقال: وبعض الناس قيّده بالجزم على العطف [على](5)(يبولن)، وليس بشيء، إذ لو أراد ذلك لقال:"ثم لا يغتسلنَّ"، لأنه إذ ذاك عطف فعل [على

(1) ساقطة من ب.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

أحمد بن عمر بن إبراهيم أبو العباس الأنصاري القرطبي، فقيه مالكي من رجال الحديث كان مدرسًا بالإِسكندرية وتوفي بها، ومولده بقرطبة 578، وفاته 656. من كتبه المفهم شرح مختصر مسلم، ومختصر الصحيحين. الأعلام للزركلي (1/ 179).

(4)

المفهم (2/ 648)، والفتح (1/ 347) مع تعقب ابن حجر له.

(5)

زيادة من ن ب ج.

ص: 274

فعل] (1) لا عطف جملة على جملة، وحينئذٍ يكون الأصل مساواة الفعلين في النهي عهما، وتأكيدهما بالنون المشددة، فإن المحل الذي تواردا عليه هو شيء واحد، [و](2) هو الماء، [فعدوله](3) عن ثم [لا يغتسل](4) دليل على أنه لم [يرد](5) العطف، وإنما جاء "ثم يغتسل" على التنبيه على الحال، ومعناه: أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه، فيمتنع عليه استعماله؛ لما أوقع فيه من البول، وهذا مثل قوله عليه السلام:"لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجحها"(6) برفع يضاجعها، ولم [يروه](7) أحد [بالجزم](8) ولا تخيله [فيه](9)؛ لأن المفهوم منه إنما نهاه عن ضربها؛ لأنه يحتاج إلى مضاجعتها في ثاني [حال](10) فيمتنع عليه بما أساء من معاشرتها ويتعذر عليه المقصود لأجل الضرب، وتقدير اللفظ: ثم هو يضاجعها، وثم هو يغتسل ..

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (وعدوله).

(4)

فى الأصل (يغتسل)، والتصويب من ن ب ج.

(5)

في ن ب (لمجرد).

(6)

متفق عليه، في البخاري (9/ 302)(فتح)، وفي مسلم (17/ 188)(نووي).

(7)

في ن ج (يره).

(8)

في ن ب (بالجمع).

(9)

في ن ب ساقطة.

(10)

في ن ب (الحال).

ص: 275

فائدة أصولية (1): النهي المعلق بعدد تارةً يكون عن الجمع، أي الهيئة الاجتماعية دون المفردات على سبيل الانفراد، كالنهي عن نكاح الأختين، وتارةً يكون عن الجمع أي عن كل واحد (2)؛ كالزنى والسرقة، وهذا الحديث يحتمل أن يكون من الأول وأن يكون من الثاني كما أسلفنا.

ورواية أبي داود (3) والدارقطني (4) وابن حبان: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل [فيه] (5) من الجنابة" ظاهرة في الثاني، وهذه الرواية تقتضي عموم النهي في القليل والكثير؛ لكن في الكثير للتنزيه، وأما القليل فستعلم ما فيه، وعبَّر بعضهم عن هذه القاعدة بعبارة أخرى، فقال: النهي [عن](6) شيئين: تارةً يكون على الجمع وتارةً يكون عن الجمع، فأما الأول: فيقتضي المنع من كل واحد، وأما الثاني: فمعناه المنع من فعلهما معًا، قال: وهذا الحديث من الثاني أي لا يجمع بين البول في الماء والاغتسال منه، يؤيده الرواية المذكورة.

التاسع: هذا النهي في بعض المياه للتحريم وفي بعضها

(1) انظر: المحصول (2/ 507).

(2)

في ن ب زيادة (أبي).

(3)

في سنن أبي داود (1/ 57).

(4)

السنن (1/ 52)، وقال: إسناده صحيح، ابن حبان (1257)، والبغوي (285).

(5)

في ن ب (منه).

(6)

في ن ب ساقطة.

ص: 276

للتنزيه، ويؤخذ ذلك من حكم المسألة، فإن كان الماء كثيرًا جاريًا لم يحرم البول فيه؛ لمفهوم الحديث، ولكن الأولى اجتنابه، وإن كان قليلًا جاريًا، فقال جماعة من أصحابنا:[يكره](1)، والمختار [كما](2) نبه عليه النووي (3) أنه [يحرم](4)؛ لأنه [يقذره](5) وينجسه (6)، [و](7) إن كان قليلًا راكدًا [فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه](8)، [والصواب المختار كما نبه عليه النووي التحريم، لأنه ينجسه ويغر غيره باستعماله](9)، وإن كان كثيرًا راكدًا فقال أصحابنا يكره، ولو قيل: يحرم، لم يبعد؛ فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحققين والأكثرين من الأصوليين، فالمختار في هذه المسألة: التحريم في القليل وإن لم يتغير جاريًا كان أو راكدًا، والكراهة في الكثير البخاري إن لم يتغير، فإن تغير حرم، وفي الكثير الراكد ما أسلفته لك.

فرع: الكراهة في البول الراكد ليلًا أقوى؛ لأنه قيل: إن

(1) في ن ب (مكروه).

(2)

في ن ب (ما).

(3)

شرح مسلم (3/ 187).

(4)

في ن ب (أنه التحريم).

(5)

في ن ب ساقطة.

(6)

في ن ب زيادة (ويغرّ غيره باستعماله).

(7)

في ن ب ساقطة.

(8)

عبارة ن ب (فقال أصحابنا: يكره).

(9)

كأن في العبارة تكرار وهو كثير موجود في ن ب ج.

ص: 277

الماء بالليل للجِنِّ، فلا ينبغي أن يبال فيه ولا يغتسل خوفًا من أن يصاب من جهتهم (1).

فرع: التغوط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذا إذا بال في إناء ثم صبه فيه، خلافًا للظاهرية [فيهما](2) كما ستعلمه بعد (3).

فرع: يكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه؛ لعموم النهي عن البراز في الموارد.

فرع: انغماس المستنجي في القليل حرام لتنجسه، فإن كان كثيرًا جاريًا فلا، وكذا إن كان راكدًا فلا يكره؛ لأنه ليس في معنى

البول ولا يقاربه، ولو تركه فحسن، قاله النووي في شرح مسلم (4).

العاشر: يقتضي الحديث تحريم البول في الراكد مطلقًا كما قررناه، وبه استدلَّ أبو حنيفة على تنجيس الغدير الذي يتحرك طرفه

بتحرك الآخر [بوقوع](5) النجاسة فيه، فإن الصيغة عموم، وهو عند الشافعية وغيرهم مخصوص، والنهي محمول على ما دون القلتين وعدم تنجيس القلتين، (فما)(6) زاد إلَّا بالتغير مأخوذ من حديث القلتين وهو حديث صحيح كما شهد له بذلك الأئمة كابن معين وابن

(1) لم يورد عليها -رحمنا الله وإياه- دليلًا.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

انظر: المجموع شرح المهذب (1/ 119).

(4)

مسلم (3/ 188).

(5)

في الأصل (ووقوع)، والتصويب من ب ج.

(6)

في ن ب (وما).

ص: 278

خزيمة وابن حبان والحاكم (1) وغيرهم؛ جمعًا بين الحديثين، فحديث القلتين خاص وهذا الحديث مقتضاه العموم، والخاص مقدم على العام.

ولأحمد رحمه الله طريقة أخرى وهي الفرق بين بول الآدمي: [وما في معناه من العذرة المائعة وغير ذلك من النجاسات، فأما بول الآدمي](2) وما في معناه فينجس الماء، وإن كان أكثر من قلتين، ما لم يكثر كالمصانع التي بطريق مكة، وأما غيره من النجاسات فتعتبر فيه القلتان، وكأنه رأى أن الخبث المذكور في حديث القلتين عام بالنسبة إلى الأنجاس وهذا الحديث خاص بالنسبة إلى بول الآدمي، فيقدم الخاص على العام بالنسبة إلى النجاسات الواقعة في الماء الكثير، ويخرج بول الآدمي وما في معناه من جملة النجاسات الواقعة في القلتين؛ لخصوصية تنجيس الماء دون غيره من النجاسات، ويلحق بالبول المنصوص [عليه](3) ما يعلم أنه في معناه.

(1) أبو داود في الطهارة (63)، أسباب: ما ينجس الماء، والنسائي (1/ 46)، والمنتقى لابن الجارود (45)، والدارقطني (1/ 14، 15)، والبيهقي (1/ 260، 261)، والترمذي (67)، وابن ماجه (517)، وأحمد (2/ 3)، وصححه ابن خزيمة (92)، والحاكم (1/ 133)، وأحمد شاكر في الترمذي (991)، وتلخيص الحبير (1/ 16، 20)، ونصب الراية (1/ 104، 111).

(2)

في ن ج ساقطة.

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 279

ومالك رحمه الله حمل النهي على الكراهة للتنزيه مطلقًا؛ لاعتقاده أن الماء لا ينجس إلَّا بالتغير بالنجاسة كما هو مذهب بعض الصحابة والأوزاعي وداود، وقول لأحمد نصره بعض المتأخرين من أتباعه، واختاره الروياني من أصحابنا، [فخرج](1) الحديث عن الظاهر عند الكل بالتخصيص أو التقييد؛ للإِجماع على أن الماء الكثير المستبحر [لا تؤثر فيه النجاسة، وأنه إذا غيرته النجاسة ولو كان يسيرًا امتنع استعماله، ولأصحاب أبي حنيفة أن يقولوا: خرج عنه المسبحر الكثير](2) بالإجماع فيبقى فيما عداه على حكم النص؛ فيدخل تحته ما زاد على القلتين.

ولأصحاب الشافعي أن يقولوا يقول أبي حنيفة في خروج المستبحر بالإِجماع [ويخرج](3) القلتان فما زاد بمقتضى حديث

القلتين، فيبقى ما نقص عنهما داخلًا تحت مقتضى الحديث.

ولأصحاب أحمد أن يقولوا: خرج ما ذكرتموه، وما دون القلتين داخل تحت نص الحديث، وما زاد عليهما عام في الأنجاس فيخصص ببول الآدمي، ولمخالفهم أن يقول: معلوم جزمًا أن النهي إنما هو [لمعنى](4) النجاسة وعدم التقرب إلى الله تعالى بما خالطها؛ وهذا المعنى يتجه فيه سائر الأنجاس [فلا](5) يتجه فرق بين بول

(1) في ن ب (وخرج).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (فيخرج).

(4)

في ن ب (بمعنى).

(5)

في ن ب (ولا).

ص: 280

الآدمي وغيره في هذا المعنى، ولا يقال: إن بول الآدمي أشد استقذارًا من غيره من سائر النجاسات فيكون أوقع وأنسب في المنع، فإنه ليس كذلك بل قد يساوي غيره أو يرجح عليه غيره في الاستقذار والنفرة منه، فلا يبقى لتخصيصه معنى في المنع دون غيره، فحينئذٍ يحمل الحديث على أنه ورد من باب:[التنبيه](1) على ما يشاركه في معناه من الاستقذار، واذا وضح المعنى شمل الكل، والجمود عل خلافه، ظاهرية محضة.

وللمالكية أن يقولوا: وجب إعمال الحديث فيما يمكن إعماله فيه من كراهة التنزيه في القليل والكثير، مع وجود الإِجماع على تحريم الاغتسال بعد تغير الماء بالبول، وذلك [يلقيك] (2) إلى مسألة أصولية: وهي جواز حمل اللفظ [الواحد](3) على معنيين مختلفين، فإذا جعلنا النهي للتحريم كان استعماله في كراهة التنزيه والتحريم من باب استعمال اللفظ الواحد في حقيقته [ومجازه](4)، والأكثرون -كما نقله الشيخ تقي الدين- على منعه، والشافعي وغيره يقولون بجوازه، وقد يقال: حالة التغير مأخوذة من غير هذا اللفظ ولا يلزم استعمال اللفظ في معنيين مختلفين، وهو ظاهر، إلَّا أنه يلزم [منه](5) تخصيص الحديث بمجرده ولا بدَّ في الحديث من التخصيص كما أسلفناه.

(1) في ن ب (التشبيه).

(2)

في ن ب ج (يلتفت على).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

زيادة من ن ب ج، وفي إحكام الأحكام (1/ 130).

(5)

في ن ب ساقطة.

ص: 281

[الحادي عشر](1): ارتكبت الظاهرية الجامدة [ههنا](2) مذهبًا شنيعًا واخترعوا في الدين أمرًا فظيعًا، منهم ابن حزم القائل: إن كل ماء راكد قل أو كثر من [البرك](3) العظام وغيرها بال فيه إنسان لا يحل لذلك البائل خاصة، الوضوء منه ولا الغسل، إن لم يجد غيره، وفرضه التيمم، وجائز لغيره الوضوء منه والغسل وهو [طاهر](4)[مطهر](5) لغير الذي بال فيه، قال: ولو تغوط فيه أو بال خارجًا منه [فسال](6) البول إلى الماء الراكد، أو بال في إناء وصبه في ذلك الماء ولم يغير له صفة: فالوضوء منه والغسل جائز لذلك المتغوط فيه والذي سال بوله [ولغيره](7).

وهذا [مما](8) يعلم بطلانه قطعًا [واستشباعه](9) واستشناعه عقلًا وشرعًا لا جرم أخرجهم بعض الناس من أهلية الاجتهاد ومن اعتبار الخلاف في الإجماع، بل من العلم [مطلقلًا](10)، ووجه بطلان ما ادعوه -وهو من أجمد ما لهم- استواء الأمرين في الحصول في الماء وأن

(1) في الأصل (الخامس عشر)، والتصحيح من ن ب ج.

(2)

في الأصل (فيها)، والتصحيح من ن ب ج.

(3)

في ن ب (برك).

(4)

في الأصل (مطاهر)، والتصحيح من ن ب ج.

(5)

ساقطة من الأصل، والتصحيح من ن ب ج.

(6)

في ن ب (وسال).

(7)

في ن ب (وغيره).

(8)

في ن ب (ما).

(9)

في الأصل الكلمة مكررة.

(10)

في ن ب الكلمة مبتورة (مطقًا).

ص: 282

المقصود اجتاب ما وقعت فيه النجاسة من الماء، وليس هذا من محال الظنون، بل هو مقطوع به، وما أحسن كلام الحافظ [أبي](1) بكر [بن](2) مُفَوَّز (3) في تشنيعه على ابن حزم، حيث قال بعد حكاية كلامه:

(تأمل أكرمك الله ما جمع في هذا القول من السخف وحوى من الشناعة، ثم يزعم أنه الدين الذي شرعه الله تعالى وبعث به

رسوله [صلى الله عليه وسلم](4)، واعلم أكرمك الله أن هذا الأصل الذميم مربوط على ما أقول، ومخصوص على ما أُمثل: أن البائل على الماء الكثير ولو نقطة أو جزء من نقطة فحرام عليه الوضوء منه، وإن تغوط فيه حملًا أو جمع بوله في إناء شهرًا ثم صبه فيه فلم يغير له صفة جاز له الوضوء منه، فأجاز له الوضوء [منه](5) بعد حمل [غائط](6) أنزله به أو صب من [بول](7) صبه فيه، وحرمه عليه لنقطة بول بالها فيه، جل الله تعالى عن قوله وكرَّم دينه عن إفكه).

(1) في ن ب (أبو).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

هو الحافظ البارع المجود، أبو بكر محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد المعافري، ولد عام موت ابن عند البر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وتوفي سنة خمس وخمسمائة. ترجمته: الصلة (2/ 567)، وطبقات الحفاظ (456)، وسير أعلام النبلاء (19/ 421).

(4)

زيادة من ن ب.

(5)

في ن ب ساقطة، وموجودة في إحكام الأحكام.

(6)

في إحكام الأحكام "من الغائط".

(7)

في إحكام الأحكام بوله الذي أقول: انظر: الحاشية فإن فيها مبحث مفيد (1/ 132، 133).

ص: 283

الثاني عشر: يكره الاغتسال في الماء الراكد قليلًا كان أو كثيرًا، وكذا العين الجارية، كما نص عليه البويطي، ولفظه: أكره

للجنب أن يغتسل في البئر معينة كانت أو دائمة، وفي الماء الراكد وسواءً قليل الراكد وكثيره، أكره الاغتسال فيه. انتهى. وهذا كله على كراهة التنزيه لا [التحريم](1).

فرع: في حكم الماء الذي انغمس فيه الجنب بعد إنفصاله منع، وفيه تفصيل: فإن كان قلتين فصاعدًا لم يَصِرْ مستعملًا، سواء اغتسل فيه واحد فيكرر، أو جماعات في أوقات، وإن كان دون [قلتين](2) فإن نوى [تحته](3) ارتفعت جنابته وصار مستعملًا في حق غيره على الصحيح، وقيل: لا، حتى ينفصل (4)، وفيه إشكال للرافعي، وإن نوى قبل تمام الانغماس ارتفعت جنابة الجزء الملاقي قطعًا، ولا يصير الماء مستعملًا بل له أن يتم الانغماس ويرتفع عن الباقي على الصحيح، والمسألة مبسوطة في شرح المنهاج وغيره فليراجع.

الثالث عشر: استدل بعض الشافعية بالرواية الثانية التي ذكرها المصنف على خروج المستعمل عن التطهير به، إما لنجاسته كما

نقل عن أبي حنيفة ونقل عنه الرجوع عن ذلك، وإما لعدم طهوريته

(1) في ن ب (التحريم).

(2)

في ن ب (القلتين).

(3)

أي وهو تحت الماء.

(4)

في ن ب ج زيادة (أما في حق نفسه فحتى ينفصل).

ص: 284

وهو القول الجديد للشافعي؛ لأن النهي وارد على مجرد الغسل فدل على وقوع المفسدة بمجرده، وهي خروجه عن كونه أهلًا

للتطهير، ومع هذا فلا بدَّ من التخصيص فإن الماء [الكثير](1)، أما القلتين فما زاد على مذهب الشافعى، أو المستبحر على مذهب أبي حنيفة: لا يؤثر فيه الاستعمال.

ومالك رحمه الله لما رأى أن الماء المستعمل طهور غير أنه مكروه حمل هذا النهي على الكراهة، وقد يرجحه أن وجوه الانتفاع بالماء لا تختص بالتطهير، والحديث عام في النهي، فإذا حمل على التحريم لمفسدة خروج الماء عن طهوريته لم يناسب ذلك؛ لأن بعض مصالح الماء يبقى بعد كونه خارجًا عن الطهورية، وإذا حمل على الكراهة كانت المفسدة عامة؛ لأنَّ الماء يستقذر بعد الاغتسال فيه، وذلك ضرر بالنسبة إلى من يريد استعماله في طهارة أو شرب، فيستمر النهي بالنسبة إلى المفاسد المتوقعة، إلَّا أن فيه حمل اللفظ على المجاز، أعني حمل النهي على الكراهة، فإنه حقيقة في التحريم، [وما أسلفناه](2) عن [مالك](3) هو المشهور من مذهبه، وكرهه لأجل اختلاف العلماء [فيه](4) أو لشبهه بالماء المضاف، وإن كانت الإضافة لا تغيره إذ الأعضاء في [الأغلب](5) لا تخلو عن

(1) في ن ب (القليل)، والصواب كما في الأصل، وتوافقه ج.

(2)

في ن ب (كما اسلفناه).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

ساقطة من ن ب.

(5)

في ن ب (الغالب).

ص: 285

الأعراق والأوساخ، لا سيما أعضاء الوضوء؛ لأنها بارزة للغبار غالبًا فتخالط الماء.

وقال أصبغ: إنه غير طهور، كقول الشافعي (1) الجديد، وقيل: مشكوك فيه، فيتوضأ به ويتيمم.

وما أسلفناه عن أبي حنيفة هو إحدى الروايتين عنه، فقيل: إنه نجس نجاسة مخففة، وقيل: مغلظة، إلَّا أنه يقول على هذا أن

[ما يترشرش](2) منه على الثوب وما يعلق بالمنديل عند التنشف من بلله طاهر، وإنما يحكم بنجاسته عند استقراره متصلا إلى الأرض [و] (3) إلى الإِناء. والرواية الثانية: أنه طاهر غير مطهر، والخلاف عند أحمد أيضًا في طهارته وطهوريته فقط.

الرابع عشر: مادة الجنابة: البعد، هذا أصلها في اللغة.

وهي في عرف حملة الشرع: تطلق على إنزال الماء والتقاء الختانين أو ما يترتب على ذلك.

قال الراغب في مفرداته (4): وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (5)، أي أصابتكم الجنابة [وذلك](6) بإنزال الماء أو بالتقاء

(1) في ن ب زيادة (في).

(2)

في الأصل (ما يترشش)، وما أثبت من ن ب.

(3)

في ن ب مكررة.

(4)

من 99.

(5)

سورة المائدة آية 6.

(6)

زيادة من ن ب.

ص: 286

الختانين، قال: وسميت الجنابة بذلك [لكونها](1) سببًا [لتجنب](2) الصلاة في محكم الشرع أي والقرآن.

قلت: [ولما](3) بعد عنهما أمر بالإِبعاد عن الماء الدائم؛ لئلا يقذره [كما](4) يقذره البول، ويقال للرجل: جنب، وللمرأة وللاثنين والجمع كله بلفظ واحد، قال تعالى:{كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (5)، وسيكون لنا عودة إلى ذلك أيضًا في أسباب الجنابة.

الخامس عشر: يؤخذ من الحديث أن حكم البخاري يخالف حكم الراكد؛ لأن الشيء إذا ذكر بأخص أوصافه كان حكم ما عداه بخلافه، والمعنى فيه أن الجاري إذا خالطه النجس دفعه الجزء الثاني الذي يتلوه منه، فيغلبه فيصير في معنى المستهلك الذي لم يخالطه النجس، والماء الراكد القليل لا يدفع النجس عن نفسه إذا خالطه، لكن يداخله [فمهما](6) أراد استعمال شيء منه كان النجس فيه قائمًا والماء في حد القلة، وهذا يقوي ما أسلفناه [في](7) تحريم البول فيه.

(1) في ن ب (لأنها).

(2)

في ن ب (للتجنب).

(3)

في الأصل (ما)، والتصويب من ب ج.

(4)

في الأصل (ما)، والتصويب من ن ب ج.

(5)

سورة المائدة: آية 6.

(6)

في ن ب (ومهما).

(7)

في ن ب (من).

ص: 287