الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن والتاسع
8، 9/ 8، 9/ 1 - عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا"(2).
ولمسلم: "أولاهن بالتراب"(3).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
رواية أبي هريرة أخرجها البخاري (172)، ومسلم (279)، ومالك (1/ 34)، والشافعي في المسند (1/ 21)، والنسائي (1/ 52)، وابن ماجه (364)، وأبو عوانة (1/ 207)، وابن الجارود (50)، والبغوي في السنة (288)، والبيهقي (1/ 240)، والدارقطني (1/ 65)، وعبد الرزاق (335)، وابن خزيمة (96)، وأحمد (2/ 245، 271، 360، 398، 460، 482)، وابن حبان (1294، 1295، 1296، 1297).
(3)
مسلم (280)، والنسائي (1/ 54، 177)، وابن أبي شيبه (1/ 174)، وأبو داود (74)، وابن ماجه (365)، والدارمي (1/ 188)، والدارقطني (1/ 65)، وأبو عوانة (1/ 208)، والطحاوي في معاني الآثار (1/ 23)، والبغوي (11/ 27)، والبيهقي في السنن (1/ 241، 242)، وأحمد (4/ 86، 5/ 56)، وابن حبان (1298).
وله [من](1) حديث عبد الله بن مغفل (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ (3) الكلب في الإناء فاغسلوه سبعًا وعفّروه الثامنة بالتراب".
الكلام عليهما من أربعة وعشرين وجهًا:
الأول: في التعريف بمن رواهما:
أما أبو هريرة: فتقدم في الحديث الثاني.
وأما عبد الله: فهو ابن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة ثم فاء مشددة، ويقال: المغفل بالألف واللام، ذكره مسلم في
صحيحه (4)، ابن عبد نهم (5) بن عفيف، أبو زياد، وقيل: أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن المزني من مزينة مضر، من
(1) في النسخ (في)، وما أثبت من العمدة.
(2)
وقوله "وله من حديث عبد الله بن مغفل" صريح في انفراد مسلم بهذه الرواية، ووهم ابن الجوزي في كتاب "التحقيق"(1/ 73)، كتاب الطهارة، ح (56) انفرد بها البخاري، وهو سبق قلم. اهـ.
وقد قلده ابن عبد الهادي رحمهم الله في ذلك في كتابه "التنقيح" على التحقيق، نبه عليه الزركشي في كتابه "تصحيح العمدة".
وسيأتي للمؤلف هذا الاستدراك فتنبه في الوجه السابع عشر، وبعدها، فائدة.
(3)
في تصحيح العمدة: "إذا لغلب" ثم ساق الألفاظ، وبعدها: كذا رأيته في نشرة عليها خط المصنف، وإنما رواه البخاري بلفظ "شرب"، ورواه مسلم أيضًا وروى "ولغ" وهذا الذي يعرفه أهل اللغة.
(4)
مسلم (280) عبد الباقي.
(5)
في الإِصابة (4/ 132) ذكر: ابن عبد غنم أولًا، ثم: قيل: ابن عبد نهم. وفي التقريب (1/ 453) ابن عبيد بن نَهْم.
أصحاب الشجرة، نزل البصرة، روى [عنه الحسن](1) وجماعة، قال الحسن: كان أحد العشرة الذين بعثهم عمر إلينا يفقهون الناس، وهو أول من دخل تَسْتُر حِينَ فتحت، وهو أحد البكائين الذين نزل فيهم قوله تعالي:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ} (2) الآية.
أمه: [عبلة](3) بنت معاوية، من مزينة.
ووالده صحابي، قاله أبو عمر، مات [بطريق مكة](4) قبل أن يدخلها سنة ثمان عام الفتح قبل الفتح بقليل، قال: ومغفل هو أخو عبد الله ذي البجادين، ولعم عبد الله بن مغفل: خزاعي بن عبد نهم صحبة أيضًا.
روي لعبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وأربعون حدثًا، اتفقا منها على أربعة، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بآخر.
مات ستة ست وخمسين، قاله أبو عمر، وقال ابن حبان: سنة تسع، في ولاية عبيد الله بن زياد، قال: ويقال: سنة إحدى وستين،
وصلى عليه أبو برزة الأسلمي بوصية منه، وأن لا يصلي عليه عبيد الله بن زياد، وقيل: صلى عليه عائذ بن عمر (5)، وحكاه ابن
حبان.
(1) في ن ب ج ساقطة.
(2)
سورة التوبة: آية 91.
(3)
في ن ب (غسلت)، والتصويب من ن ج.
(4)
في ن ب (بمكة).
(5)
كذا في الطبقات لابن سعد (7/ 13). انظر أيضًا: الثقات لابن حبان (3/ 236).
فائدة: مغفل والد عبد الله بفتح الغين المعجمة كما سلف، وهو من الأفراد [يشتبه](1) بمغفل بإسكانها، وهو حبيب بن غفل (2) صحابي فرد أيضًا، [ويشتبه بمعقل بإسكان العين المهملة وبقاف، وهم عدة منهم عبد الله بن معقل (3) الذي ذكره المصنف في أسباب الفدية](4) ويشتبه (5) بمعقل بفتح القاف والعين المهملة وهو والد عبد الله في [العرب](6).
"فائدة ثانية":
يقال في الصحابي ابن الصحابي: رضي الله عنهما، قراءة وكتابة، فتنبه له، وعبد الله بن مغفل من هذا القسم وجماعة، فتنبه
لذلك.
الثاني: يقال: شرب الكلب وولغ (7)، والظاهر تغايرهما.
(1) في ن ب (شيبة).
(2)
هبيب بن مغفل الغفاري -كذا ذكره في المسند وهو يخالف ما ذكره المؤلف- كان بالحبشة وأسلم وهاجر. اهـ. من تعجيل المنفعة (429) له رواية في مسند الإمام (3/ 437)، (4/ 237) حيث ذكر في الموضع الأول هبيب بن عقل بالعين المهملة والقاف فيصحح؛ لأنه ذكر في الموضع الثاني صحيحًا مع ذكر نفس الأحاديث بأسانيدها ومتونها، ويعتبر
اسم الصحابي من الأفراد كما ذكر المؤلف.
(3)
ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (6/ 41) وليس له صحبة.
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في ن ب (شبيه).
(6)
كذا في النسخ، ولعله (القرب).
(7)
في ن ب زيادة (الكلب).
وقال صاحب المطالع: الشرب أعم من الولوغ، فكل ولوغ شرب ولا عكس.
ونقل النووي (1) عن أهل اللغة أنه يقال: ولغ الكلب في إلاناء يلغ -بفتح اللام فيهما- ولوغًا، إذا شرب بطرف لسانه.
وفي الصحاح عن أبي زيد: ولغ [الكلب](2) بشرابنا [وفي شرابنا](3) ومن شرابنا.
وقال ثعلب (4): ولغ الكلب في الإِناء يلغ، وَيُولَغُ إذا أولغه صاحبه، والولوغ من الكلاب والسباع كلها هو أنه يدخل لسانه في
الماء وغيره من كل مائع [فيحركه فيه](5)، قال المطرز: قليلًا كان التحريك أو كثيرًا.
قال مكي؛ فإن كان غير مائع قيل: لَعِقَهُ ولَحسه.
قال المطرز (6): فإن كان الإناء فارغًا يقال: لحس، فإن كان
(1) شرح مسلم (3/ 184).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
زيادة من ن ب ج، وهي مذكورة في الصحاح (4/ 329)، وفي لسان العرب (1/ 982).
(4)
انظر: التلويح شرح الفصيح (5).
(5)
زيادة من ن ب ج.
(6)
هو أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن هاشم الزاهد المطرز غلام ثعلب. توفي ستة (345). ترجمته في الوفيات (4/ 329)، وبغية الوعاة (1/ 164).
فيه شيء قيل: وَلَغ. وقال ابن دَرَستُويه (1): معنى ولغ: لَطَعَه بلسانه، شرب فيه أولم يشرب، كان فيه ماء أو لم يكن.
قال المطرز: ولا يقال: ولغ شيء من جوارحه سوى لسانه.
قلت: ولا يكون الولوغ لشيء من الطير إلَّا للذباب.
وقال ابن جني: في شرح المتنبي (2): أصل الولوغ: شرب السباع بألسنتها الماء، ثم كثر فصار الشرب مطلقًا. وذكر المطرز عن ثعلب أنه يقال: وَلِغ بكسر اللام، ولكنها لغة غير فصيحة، وسكن بعضهم اللام فقال: وَلْغ، حكاه أبو حاتم السِجِسْتاني، قال ابن جني: ومستقبله يلَغ بفتح اللام وكسرها، وفي مستقبل ولِغَ بالكسر يَلَغُ بالفتح، زاد ابن القطاع الكسر أيضًا كما في الماضي.
الثالث: قال ابن عبد البر (3): مالك يقول في هذا الحديث: "إذا شرب"، وغيره من الرواة يقولون:"إذا ولغ" وهذا الذي تعرفه أهل الغة، وكذا استغرب هذه اللفظة الحافظان: الإِسماعيلي وابن منده.
(1) هو عبد الله بن جعفر أبو محمد الفارسي النحوي له مؤلفات منها "غريب الحديث" و"شرح الفصيح و"كتاب الأزمنة" و "الاشتقاق" و"الرد على المفضل في الرد على الخليل" وغيرها. توفي سنة (347). ترجمته في سير أعلام النبلاء (15/ 531).
(2)
قد ذكر محقق كتاب الخصائص لابن جني بأنه شرح ديوان المتنبي بشرحين الكبير والصغير، والأخير هو الباقي لنا (22) من المقدمة.
(3)
الاستذكار (1/ 258)، (2/ 207). وانظر كلام المعلق عليه.
ولم ينفرد مالك بها فقد تابعه (1) عليها المغيرة (2) بن عبد الرحمن، وورقاء بن عمر (3) عن أبي الزناد، روى الأول أبو الشيخ الحافظ (4)، والثاني أبو بكر الجوزقي (5) في "كتابه".
ورواه هشام بن حسان (6) عن محمد بن سيرين (7) عن أبي هريرة وفيه أيضًا: "إذا شرب".
وقد اختلف على مالك في لفظ "الشرب" و"الولوغ".
قال الشيخ تقي الدين في [الإِمام](8): والمشهور عنه ما قال أبو عمر.
(1) انظر: تخريج هذه المتابعات في تلخيص الحبير (1/ 23)، وكذا فتح الباري (1/ 274، 275)، ونصب الراية (1/ 132).
(2)
هو ابن عبد الله بن خالد بن حزام الحزامي، المدني، لقبه قصي، ثقة، له غرائب. التقريب (2/ 269).
(3)
اليشكري الكوفي نزيل المدائن أبو بشر، صدوق. التقريب (2/ 330).
(4)
هو الإِمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ. التذكرة (3/ 945).
(5)
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني توفي رحمه الله سنة (388). التذكرة: (3/ 1013).
(6)
أبو عبد الله الأزدي القردوسي البصري، ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما، من السادسة. التقريب (2/ 318).
(7)
أبو بكر بن أبي عمرة الأنصاري ثقة ثبت عابد، مات ستة (110 هـ). التقريب (2/ 169).
(8)
في ن ج (الإِلمام)، وما أثبت من الأصل وب والبدر المنير (2/ 324)، وكذا في نصب الراية (1/ 132)(الإِمام).
قلت: والإِسماعيلي (1) نفسه رواها من طريق مالك بلفظ: "إذا ولغ" فقد رد بنفسه على نفسه.
الرابع: الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب أو شرب ظاهر في تنجيس الماء، وأقوى من هذا [في](2) الدلالة على ذلك الرواية
الثانية: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب"(3) والمصنف ذكر منها القطعة الأخيرة فإن لفظة (طهور) تُستَعمل إما عن حدثٍ أوخَبث، ولا حدث على الإِناء [بالضرورة](4) فتعين الخَبثُ، وفي هذا شيء سيعرف في التيمم إن شاء الله، ويبعد الحمل على الطهارة اللغوية؛ لأن الشرعية مقدمة عليها.
[وحمل](5) مالك رحمه الله: هذا الأمر على التعبد؛ لاعتقاده طهارة الماء والإِناء، وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد
(1) معجم الإِسماعيلي (1/ 492).
(2)
في ن ساقطة.
(3)
مسلم (279)، وأحمد (2/ 265، 427، 508)، وابن خزيمة (95)، وأبو داود (71، 72، 73)، وأبو عوانة (1/ 207، 208)، والترمذي (91)، والنسائي (1/ 177، 178).
تنبيه: وقد اختلف الرواة عن ابن سيرين في محل غسلة التثريب. فبعضها (أولاهن) كما ورد هنا، وبعضها (إحداهن)، وبعضها (السابعة). انظر: الجمع بن الروايات في فتح الباري (1/ 275). انظر تعليق (5/ 308).
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في الأصل (وحكى)، والتصحيح من ن ب ج.
المخصوص وهو السبع؛ لأنه لو كان للنجاسة لاكتفى بما دون السبع فإنه لا يكون أغلظ من نجاسة العذر وقد اكتُفي فيها بما دون السبع، والحمل على التنجيس أولى؛ لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبدًا أو معقول المعنى كان حمله على [كونه](1) معقول المعنى أولى؛ لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى، وأما كونه لا يكون أغلظ من نجاسة العذر فممنوع عند القائل بنجاسته، نعم ليس [بأقذر](2) من العذر ولكن لا يتوقف التغليظ على زيادة الاستقذار، وأيضًا إذا كان أصل المعنى معقولًا [قُلنا به](3) وإذا وقع في التفاصيل ما لا يعقل سقناه في التفصيل ولم ينقض لأجله التأصيل، نبه على ذلك الشيخ تقي الدين (4)، قال وله نظائر في الشريعة، ولو لم [يظهر](5) زيادة التغليظ في النجاسة لكنا نقتصر [في](6) التعبد على العدد ونمشي في الأصل على معقولية المعنى.
الخامس: إذا ظهر أن الأمر بالغسل للنجاسة: فقد استدل بذلك على نجاسة عين الكلب، وهو مذهب الشافعي والجمهور،
ولهم في ذلك طريقان:
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ج (بأقل).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
الأحكام (1/ 26، 27).
(5)
زيادة من ن ب ج.
(6)
في ن ب (على).
الأول: أنه إذا ثبتت نجاسة فمه من نجاسة لُعَابه فإنه جزء من فمه، وفمه أشرف ما فيه فبقية بدنه أولى.
الثانى: أن لعابه نَجِس واللُّعاب عرق الفم فعَرقُ فمه نجس فعرق كله نَجِس، فتبين بهذا الحديث إنما دل على النجاسة فيما
يتعلق بالفم وأن نجاسة بقية البدن بطريق الاستنباط.
قال الشيخ تقي الدين (1): وفيه بحث وهو أن يقال: الحديث إنما دل على نجاسة الإِناء بسبب الولوغ، وذلك قدر مشترك بين
نجاسة عين اللعاب وعين الفم (2)، وتنجيسهما باستعمال النجاسة غالبًا، والدَّالُ على المشترك لا يدل على أحد الخاصين، فلا يدل الحديث على نجاسة عين الفم أو عين اللعاب، فلا تتم الدلالةُ على نجاسة عين الكلب كله، وقد يعترض على هذا بأن يقال: لو كانت العلة تنجيس الفم أو اللعاب كما أشرتم إليه لزم أحد أمرين وهو: إما وقوع التخصيص في العموم، أو ثبوت الحكم بدون علته؛ لأنا إذا فرضنا سلامة فم الكلب من النجاسة الطارئة إما بالتطهير منها أو بأي وجه كان، فولغ في الإناء فإما أن يثبت وجوب غسله [أو لا](3) فإن لم يَثْبت وَجَبَ تخصيص العموم [وإن ثبت لزم ثبوت الحكم بدون علته، وكلاهما على خلاف الأصل](4).
(1) الأحكام (1/ 148، 149)، وأيضًا ما قبله.
(2)
في ن ب (أو).
(3)
في الأصل (أم لا)، والتصحيح من ن ب ج.
(4)
في ن ب ساقطة، وهي ثابتة في الأحكام.
والذي يمكن أن يجاب عن هذا السؤال أن يقال: الحكم منوط بالغالب، وما ذكرتموه من [الصورة](1) نادر لا يلتفت إليه، وهذا البحث إذا انتهى إلى ها هنا يقوي قول من [يرى](2) أن الغسل لأجل قذارة الكلب.
وعن مالك ثلاثة أقوال في الكلب:
أحدها: نجاسته، كمذهب الجمهور.
وثانيها: طهارته، وإليه ذهب أهل الظاهر، وقالوا: غسله تعبد، وتقدّم فساده.
وثالثها: طهارة الماء دون (3) غيره.
وحكى [الخطابي](4) عنه قولًا رابعًا: أنه إذا لم يجد ماءً غيره توضأ به، [وبه](5) قال الثوري، لكن قال: ثم يتيمم بعده، جعله كالماء المشكوك فيه.
وقال عبد الملك بن الماجشون المالكي: كلب البدوي كثير نجس وكلب الحضري نجس، والأظهر العموم؛ لأن الألف واللام
(1) في ن ب (الصور).
(2)
في ن ب (يقول).
(3)
في ن ب ج زيادة (فيه دون).
(4)
في ن ب (الحناطي). انظر: معالم السنن (1/ 77)، والاستذكار (2/ 212).
(5)
زيادة من ن ب ج.
إذا لم يقم دليل على صرفها [إلى](1) المعهود المعين فهما للعموم، ومن يرى الخصوص يصرفه عنه بقرينة أنهم نُهوا عن اتخاذ الكلاب إلَّا لوجوه مخصوصة، والأمر بالغسل مع المخالطة عقوبة تُناسبها الاختصاصُ بمن ارتكب النهي في اتخاذها، [وأما](2) من اتخذ ما أبيح له اتخاذه فإيجاب الغسل عليه مع المخالطة عسر وحرج، ولا يناسبه الاذن والإِباحة في الاتخاذ، وهذا يتوقف على أن تكون هذه القرينة موجودة عند الأمر بالغسل، ونقل الطحاوي (3) عن الأوزاعي: أن سؤر الكلب في الإناء نجس، وفي الماء المستنقع ليس بنجس.
السادس: قدمنا عن مالك رحمه الله (4) أن غسل الإناء تعبد وأن أصحابه رجحوه، وعندهم قول آخر: أنه معقول المعنى،
واختلف فيه عندهم على أقوال:
فقيل: لنجاسته [وهو قول عبد الملك وسحنون.
وقيل: بل لاستقذاره لكرة ملابسة النجاسة] (5) ولأن في اتخاذه مخالفة [دأب](6)[أهل](7) المروءات لما فيه من الترويع
للمسلمين.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في ن (فأما).
(3)
انظر: الاستذكار (2/ 211).
(4)
انظر: الاستذكار (2/ 208، 209).
(5)
في ن ساقطة.
(6)
في ن ب (ذات)، ولعلها (أدب).
(7)
في ن ساقطة.
وقيل: تشديدًا للمنع.
وقيل: نهوا فلم ينتهوا، حكاه ابن الحاجب.
وقيل: خشية أن يكون الكلب كلِبًا فيؤذي بسُمه، واحتج على ذلك بذكر السَّبع والسبُعُ، وردت كثيرًا في الشرع في أسباب العلاج والمداواة [واعترض على هذا القول بأن الكلب الكلِب لا يرد المياه](1)(2).
وأجيب عنه: بأنه إنما يمنع من ورود الماء بعد استحكام ابتداء فيه، وأما في أول الأمر فإنَّه يردها.
قالوا: فإن قلنا: العلة النجاسة، فلا يجب الغسل إلَّا على من أراد استعمال ذلك الإِناء كالوضوء للنافلة.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
ورد في تعريف الكلِبْ في لسان العرب (3/ 282): كلِب الكَلْب كلبًا فهو كَلِب: أكل لحم الإنسان فأخذه لذلك سعار وداءٌ شبه الجنون.
فائدة: قال ابن الجوزي في غريب الحديث (1/ 510) على قوله: "نهى عن السوم قبل طلوع الشمس": قال الزجاج: السوم أن يساوم بالسلعة في ذلك الوقت؛ لأنه وقت ذكر الله عز وجل لا تشتغل فيه بشيء، قال: ويجوز أن يكون من رعي الإبل لأنها إذا رعت حينئذ وهو ندٍّ أصابها منه الوباء وربما قتلها؛ لأنه يُنزِلُ في الليل على النبات داءً فلا ينحلُّ إلَّا بطلوع الشمس، وهذا أظهر الوجهين وهو اختيار الخطابي. وحكى الأزهري عن المفضِّل أنه قال: يقع داءٌ على الزرع فلا ينحل حتى تطلع عليه الشمس فيذوب فإن أكل منه بعير قبل ذلك مات، فيأتي كلب فيأكلُ من لحمه فَيَكْلَبُ، فإن عض إنسانًا؛ كُلب المعضوضُ؛ فإذا سمع نباح كلب أجابه.
وإن قلنا: علته غيرها أو هو تعبد فهل الغسل واجب أو مستحب؟
فيه قولان عندهم منشأهما الاختلاف الأصولي [في](1) أن صيغة الأمر المطلقة تحمل على الوجوب أو على الندب؟ (2) وهل يفتقر الغسل إلى نية؟ فمن قال بالتعبد اعتبرها ومن قال بالتعليل لم يعتبرها.
السابع الحديث نص في اعتبار السبع في عدد الغسلات، وهو مذهب الشافعي وأحمد [ومالك] (3) والجمهور [وهو] (4) حجة على أبي حنيفة في قوله: يُغْسلُ ثلاثًا، كما نقله عنه النووي في شرح مسلم (5) وهو خلاف ما نقل عنه في شرح المهذب (6) أنه لا يعتبر عدد، بل يغسل حتى يغلب على الظن نقاؤه من النجاسة كسائر النجاسات، وهذا مناقض [لظاهر](7) هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب اعتبار العدد، وكأنها لم تبلغه، فإن استدل بحديث الدارقطني (8) وغيره عن أبي هريرة
(1) في ن ب (واو).
(2)
انظر: المحصول (2/ 422، 425).
(3)
زيادة من ن ب ج.
(4)
في ن ب (وهي).
(5)
شرح مسلم (3/ 185).
(6)
شرح المهذب (2/ 586).
(7)
في ن ب (له ظاهر).
(8)
في السنن (1/ 65)، ثم قال بعده: تفرد به عبد الوهاب عن إسماعيل وهو متروك الحديث، وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد:(فاغسلوه سبعًا) وهو الصواب.
مرفوعًا "في الكلب يلغ في الإِناء أنه يغسل ثلاثًا أو خمسًا أو [سبعًا] (1) [فهي] (2) ضعيفة باتفاق الحفاظ، وقد بين البيهقي ضعفها واضحًا في سننه (3) وخلافياته، وعلى تقدير الصحة "فأو" تحتمل الشك والتخيير ولعلها من الراوي، فيجب التوقف عن العمل به، وإن احتج بالقياس على سائر النجاسات فلا تصح؛ لأنه قياس مع وجود النص وهو قياس شبه، وفي قبوله خلاف، وإن قبلناه فخبر الواحد مقدم على القياس المظنون، وإن كان جليًا كما صححه الأصوليون (4) وادَّعى الأمام أبو المعالي الإِجماع فيه، فإن احتج بأن راويه [أبو](5) هريرة كان يغسل ثلاثًا والعبرة بما رأى الراوي لا بما روى.
(1) في ن ب (سبعة).
(2)
في ن ب ساقطة. وضعفها الغساني في تخريج الأحاديث الضعاف في الدارقطني (13).
(3)
وقال في السنن (1/ 240): وهذا ضعيف بمرة، عبد الوهاب بن الضحاك متروك وإسماعيل بن عياش لا يحتج به خاصة إذا روى عن أهل الحجاز، وقد رواه عبد الوهاب بن نجدة عن إسماعيل عن هشام عن أبي الزناد (فاغسلوه سبع مرات) كما رواه الثقات. اهـ.
وقال عنه النووي في شرح المهذب (2/ 587): إنه حديث ضعيف، لأن راويه عبد الوهاب مجمع على ضعفه وتركه، قال الإمام العقيلي والدارقطني: هو متروك الحديث، وهذه العبارة هي أشد العبارات توهينًا وجرحًا بإجماع أهل الجرح والتعديل، وانظر بقية الكلام عليه هناك.
(4)
في ن ب زيادة (إن).
(5)
في ن ب (أبي).
فالجواب: أن الصحيح عند الأصوليين أن العبرة بما رواه، بل قال النووي في شرح المهذب (1): هذا ليس بثابت عنه بل نقل ابن المنذر عنه وجوب الغسل سبعًا (2).
ومن الغرائب ما نقله الرافعي في [الشرح](3) الصغير عن الروياني أنه اختار الاكتفاء فيه بمرة.
الثامن: هل يلحق الخنزير بالكلب أم لا؟ قولان منشأهما: هل الغسل تعبد فلا يقال على الكلب غيره، أو معلل بالإبعاد [أو](4) التنجيس فالخنزير بذلك أولى؟ والأظهر عندنا الإِلحاق وهو رواية (5) مطرف عن مالك، والمشهور من مذهب مالك عدم الإلحاق، وهو القوي من جهة الدليل وهو قول أكثر العلماء، كما عزاه النووي في شرح مسلم (6) إليهم، والخلاف جارٍ في [المتولدة](7) منهما [أو من أحدهما](8).
التاسع: هل يختص وجوب غسل الإناء بالكلب المنهي عن
(1) في شرح المهذب (2/ 586).
(2)
الأوسط لابن المنذر (1/ 305)، ورواه الدارقطني في سننة (1/ 64)، وقال بعده: صحيح موقوفًا.
(3)
في الأصل مكرر.
(4)
في ن ب (واو).
(5)
في ن ب زيادة (عن).
(6)
شرح مسلم (3/ 185).
(7)
في ن ب (المتولد).
(8)
زيادة من ن ب.
اتخاذه، أم هو عام في جميع الكلاب؟ فيه قولان لمالك منشأهما التعبد أو التعليل، فعلى التعبد هو عام وهو [على](1) المشهور عندهم، وهو مذهب جمهور العلماء، وعلى التعليل بالإبعاد يخرج منه المأذون في اتخاذه، وهو قول أحمد بن المعذل (2) منهم، وفيه نظر؛ لأنه يؤدي إلى تخصيص العموم بالمعنى المستنبط من محل النص، والأكثرون على المنع منه.
العاشر: في الحديث دليل على عموم الإِناء والأمر بغسله للنجاسة وذلك لتنجيس مافيه، فيقتضي المنع من استعماله، والمشهور من مذهب مالك أنه يغسل إناء الماء دون إناء الطعام؛ لأن الطعام مصون عنها بخلافه، فيفيد اللفظ بذلك الأمر ولأنه ورد الأمر بإراقته كما سيأتي، والطعام لا تجوز إراقته؛ لحرمته ولنهيه عليه السلام عن إضاعة المال، قال في المدونة (3): ورآه عظيمًا أن تعمد إلى رزق من رزق الله فيراق لكلب ولغ فيه، ورَوى عنه ابنُ وهب أنه يُؤكل الطعام ويغسل الإِناء، ورجح القاضي عبد الوهاب واللخمي (4)
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
هو أحمد بن المعذل بن غيلان بن حكم شيخ المالكية قال أبو إسحاق الحضرمي: كان ابن المعذل من الفقه والسكينة والأدب والحلاوة في غاية ترجمته طبقات الشعراء (368، 370)، والوافي بالوفيات (8/ 184).
(3)
في المدونة (1/ 5).
(4)
هو أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي قيرواني نزل صفاقس له التبصرة قال ابن فرحرن: وهو كتاب مفيد حسن، الديباج (2/ 104).
أن يغسل إناء الطعام والماء منه، لعموم الحديث، ويجوز أن يُبنى ذلك على الخلاف الأصولي وهو: تخصيص العموم بالعادة؛ لأن الغالب عندهم وجود الماء لا الطعام، لكن من عادتهم أنهم لا يضعون في أوانيهم التي تصل إليها الكلاب إلَّا الماء.
قال القرافي: والظاهر انعقاد الإجماع في [أنه لا يخصص](1) بالعادة الفعلية.
فرع: هل يغسل الإناء بالماء الذي ولغ فيه؟ قولان في مذهب مالك حكاهما ابن بشير، منشأهما التعليل بالنجاسة [فلا](2) يغسل به، أو التعبد فيغسل به.
الحادي عشر: في صحيح مسلم (3): الأمر بإراقة ما ولغ فيه، ولفظه:"إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع [مرار] (4) ".
قال ابن منده: هذه الزيادة وهي (فليرقه) تفرد بها علي بن مسهر (5)، ولا تعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه إلَّا من هذه الرواية.
(1) بياض في الأصل، والمثبت من ن ب ج.
(2)
في ن ب (ولا).
(3)
(3/ 182) الشرح للنووي.
(4)
في ن ب ج (مرات).
(5)
القرشي قاضي الموصل ثقة له غرائب بعدما أضر، مات سنة (189). التقريب (2/ 44).
قلت: لا يضر تفرده بها فإن علي بن مسهر إمام حافظ متفق على عدالته والاحتجاج به، ولهذا قال الدارقطني (1) بعد أن رواها: إسناده حسن [ورواتها ثقات](2)، ورواها إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في صحيحه (3) ولفظه:"فليُهْرِقْهُ" وظاهر هذه الرواية: وجوب إراقة الماء والطعام، وهو مبني على التعليل بالنجاسة، وهو مذهبنا وقول في مذهب مالك.
وفي قول آخر: لا يراقان، وبنوه على التعبد فالإراقة مندوبة، وكأنه لما اعتقد طهارة الكلب بالدليل الذي دل عليه جعله صارفًا له
من الوجوب إلى الندب، والأمر قد يصرف عن ظاهره بدليل.
وقول ثالث: أنه يراق الماء لتيسره دون الطعام لحرمته وماليته، وصوبوه.
وقول رابع: إن شرب من لبن وكان بدويًا أُكل، وإن كان حضريًا طُرح، بخلاف الماء فإنه يطرح مطلقًا، فإن عجن به طعام
تنجَّس؛ لأنه أذن للبدوي في اتخاذه دون الحضري، وهو قول عبد الملك، واستشكلوه بأن الكلب عنده نجس فكيف يبيح للبدوي
(1) السنن (1/ 64).
(2)
في ن ب الكلمة مبتورة. قال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 263) لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش، كأبي معاوية وشعبة، وقال النسائي في اللسان (1/ 53):"لا أعلم أحدًا تابع علي بن مسهر على قوله فليرقه"، وقد ذكر ابن حجر في الفتح (1/ 275) هذا وصحح ورود الأمر بالإراقة عن أبي هريرة موقوفًا عليه أخرجها عنه ابن عدي والدارقطني.
(3)
ابن خريمة (98).
أكل لبن فيه نجاسة؟ إلَّا أن يكون راعَى الخلاف في [البدوي في الطعام؛ لماليته والضرورة إليه.
وعندهم قول خامس: عزوه إلى مطرف أن] (1) البدوي والحضري سواء، إن كان الطعام كثيرًا أكل، وإن كان قليلًا طرح؛ إذ
لا ضرورة في القليل بخلاف الكثير.
الثانى عشر: إذا تعدد الولوغ من كلب واحد أو من كلاب: هل يغسل للجميع سبعًا، أو يتكرر الغسل يتكرر الولوغ فيه؟ [فيه](2) وجهان عندنا وقولان في مذهب مالك، منشأهما أن الألف واللام في الكلب جنسية أو عهدية أي الإشارة إلى كلب واحد، والمشهور عندهم الأول وهو الأصح عندنا، ويعتضد بأن الأسباب إذا اتحد موجبها تداخلت وكانت كالسبب الواحد، وعندنا وجه ثالث: أنه إن تكرر من كلب كفى سبع، أو من كلاب فلكل كلب سبع.
الثالث عشر: لو لم يرد استعمال الإناء سُنَّت إراقته على [الأصح](3) عند الشافعية، وقيل: يجب؛ لظاهر الرواية التي أسلفناها، لأن الأمر المطلق يقتضي الوجوب على المختار وهو قول أكثر الفقهاء، والأول قَاسَهُ على سائر النجاسات فإنه لا يجب إراقَتُها بلا خلاف.
وقد يجاب من ذلك: بأن المراد في الإراقة الزَّجرُ والتغليظ والمبالغة في التنفير عن الكلاب.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب ساقطة.
وقال المازِريُّ (1) المالكي: الجمهورُ على أن غسله عند إرادة الاستعمال، وذهب بعض المتأخرين إلى غسله وإن لم يُرِد استعماله، أي بناءًا على أن الأمر المطلق يقضي [الفورية](2).
الرابع عشر: لم يرو مالك رحمه الله رواية زيادة "التراب"[فلذلك](3) لم يقل بها، وقد رواها مسلم كما ذكره المصنف، وهي
[من](4) طريق ابن سيرين عن أبي هريرة، وهي زيادة من ثقة فقبلت، لا جرم قال بها الشافعي وأصحاب الحديث.
قال القرافي: والعجب من المالكية في ذلك مع ورود الأحاديث الصحيحة به.
قلت: لكن هذه الرواية هي من طريق ابن سيرين (5) كما
(1) محمد بن علي بن عمر التميمي المازري محدث. من فقهاء المالكية ولادته 453 - 536 هـ، له المعلم لفوائد مسلم، أو التلقين في الفروع، الكشف والإِنباء في الرد على الإِحياء. الأعلام (7/ 164).
(2)
في ن ب (الفور).
(3)
في ن (فكذلك). انظر: الاستذكار (2/ 207).
(4)
زيادة من ب ج.
(5)
فطريق الجمع بين هذه الروايات أن يقال:
(إحداهن) مبهمة (وأولاهن والسابعة) معينة. إلى أن قال: فيبقى النظر في الترجيح بين رواية أولاهن ورواية السابعة، ورواية أولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضًا؛ لأن ترتيب الأخيرة تقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه. وقد نص الشافعى في حرملة على أن الأُولى أَولى والله أعلم. اهـ، من الفتح بتصرف (1/ 276).
أسلفناه واختلف عنه، فرواية (1) هشام (2) وحبيب بن الشهيد (3):"أولاهنَّ بالتراب"، ورواية حمَّاد بن زيد عن أيوب عنه بدون ذكر التراب (4)، ورواية قتادة عنه:"السابعة بالتراب"(5)، ورواية خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة:"أولاهن بالتراب"(6)، قال البيهقي (7): وهو حديث غريب (8)، إن كان حفظه معاذ عن أبيه عن قتادة عن خلاس فهو حسن؛ لأن التراب باقي هذا الحديث لم يروه ثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإنما رووه عن هشام عن قتادة عن ابن سيرين. ورواه ابن أبي عروبة عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة:"أولاهن"، وفي رواية أبان وغيره عن قتادة عنه:"السابعة"، وفي رواية يزيد (9) بن إبراهيم عن ابن سيرين:"إحداهن".
(1) في الأصل (راويه).
(2)
في صحيح مسلم (1/ 183)(نووي).
(3)
ذكرها أبو داود في السنن (1/ 59).
(4)
أخرجه الدارقطني (1/ 64) وقال: صحيح موقوف، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 275): عن أبي هريرة موقوفًا وإسناده صحيح، أخرجه الدارقطني وغيره. اهـ، وفي أبي دود (1/ 59) بزيادة:(وإذا ولغ الهرُّ غُسل مرة).
(5)
في السنن لأبي داود (1/ 59)، وفي الدارقطني (1/ 64)، وقال: وهذا صحيح، وفي السنن للبيهقي (1/ 241).
(6)
في السنن للنسائي (1/ 177)، وفي السنن للدارقطني (1/ 65)، وقال: هذا صحيح.
(7)
في السنن (1/ 241).
(8)
في ن ج زيادة (حسن غريب).
(9)
في ن ب زيادة (بن هادر).
قلت: قوله "لم يروه عن أبي هريرة ثقة غير ابن سيرين" فيه نظر، فقد رواه الحسن (1) عنه مرفوعًا:"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب" رواه الدارقطني وفي سماعه من أبي هريرة خلاف، قال أبو حاتم: لا، وقال جماعات: نعم.
فرع: هل الأمر بالتراب تعبد محض لا يعقل معناه، [أو](2) معلل بالاستطهار بغير الماء ليكون فيه زيادة كلفة وتغليظ، أو معلل بالجمع بين نوعي [الطهور](3)؟ فيه معان استنبطها أصحابنا وليس فيها سوى مجرد مناسبة ليس بأمر قوي، فإذا دخلها الاحتمال رجع إلى النص.
وأيضًا فالمعنى المستنبط إذا عاد على النص بإبطال [أو تخصيص](4) مردودٌ عند جمبع الأصوليين (5)، [فإن](6) عاد بالتخصيص ففيه نظر، [كذا قاله الشيخ تقى الدين، وقال غيره: إنه
(1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 275): وعبد الرحمن والد السدي عند البزار
…
إلى أن قال: وفي رواية السدي عند البزار: (إحداهن) وكذا في رواية هشام بن عروة عن أبي الزناد وعنه. اهـ. وانظر: كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 45).
(2)
في ن ب (أم).
(3)
في الأصل (طهور)، وما أثبت من ن ب.
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
الأحكام (1/ 31).
(6)
في ن ب (وإن).
مردود أيضًا عند جميعهم] (1).
وتظهر فائدة هذه المعاني في مسائلَ محلُّ الخوض فيها كتب الفقه، وقد ذكرتها في شرح المنهاج وغيره، منها: أن الصابون والأشنان وكذا النخالة -كما قال الروياني- هل تقوم مقام التراب؟ فيه أربعة أقوال: أصحها: لا، وثانيها: نعم، وثالثها: تقوم عند عدم التراب دون وجوده. ورابعها: تقوم فيما يفسده التراب كالثياب دون الأواني [وغيرها](2).
الخامس عشر: [اختلفت](3) الروايات في غسله [بالتراب](4)، ففي مسلم:"أولاهن" كما تقدم، وفي أبي داود (5) بإسناد كل رجاله ثقات:"السابعة بالتراب"، وفي رواية للشافعي (6):"أولاهن أو أخراهن"، وفي الدارقطني (7) وغيره:"إحداهن". قال الشيخ تقي الدين (8): والمقصود عند الشافعي وأصحابه حصول التتريب في مرة من المرات، وقد يرجح كونه في الأولى فإنه إذا تربّ أولًا فعلى تقدير أن يلحق بعض المواضع الطاهرة رشاش بعض الغسلات
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في في ب ج (ونحوها).
(3)
في ب (أسفلت).
(4)
في ن ب (التراب).
(5)
السنن (1/ 59).
(6)
في المسند (من 8).
(7)
السنن (1/ 241).
(8)
الأحكام (1/ 29).
لا يحتاج إلى تتريبه، وإذ أخرت غسلة التتريب احتيج إليه، فالأُولى أرفق بالمكلف [فكانت](1) أَوْلى، وكذا قال النووي: إن [في](2) هذه الروايات دلالة على أن التقييد بالأُولى [وبغيرها](3) ليس على الاشتراط، بل المراد:[إحداهن].
وقال القرافي: [سمعت](4) قاضي القضاة [صدر](5) الدين الحنفي يقول: إن الشافعية تركوا أصلهم لغير موجب؛ لأن رواية
"إحداهن" مطلقة، ولم يحملوها على المقيد وهي "أولاهن وأخراهن".
فقلت له: هذا لا يلزم؛ لقاعدة أصولية وهي أن المطلق إذا دار بين مقيدين متضادين وتعذَّر الجمع فإن اقتضى القياس تقييده بأحدهما [قيده، وإلَّا سقط اعتبارهما معًا وبقي المطلق على إطلاقه، فكذا هنا دار الأمر المطلق بين مقيدين ولم يقتضِ القياس تقييده بأحدهما](6) فبقيت الرواية المطلقة على إطلاقها، فبقي على إطلاقه وهو أن ينزّل اللفظ على واحدة منهن بتراب مع الماء.
قلت: لكن نص الشافعى في البويطي على أنه يتعين الأولى
(1) في ب ساقطة.
(2)
ساقطة من الأصل، وما أثبت من ن ب ج.
(3)
في ب (وغيرها)، وما في الأصل يوافق ما في شرح مسلم للنووي (3/ 185).
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في ن ب (بدر).
(6)
في ن ب ساقطة.
أو الأخرى، فقال: وإذا ولغ الكلب في الإِناء غسل سبعًا أولاهن أو أخراهن بالتراب، ولا يطهره غير ذلك، وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الأم نحوه، وجزم به المرعشي في [ترتيب] الأقسام (1) ونحوه في الرونق.
وهذا نص غريب لم ينفله أحد من الأصحاب فيما علمت (2)، وعن نصه في حرملة أن الأُولى أَوْلى، ونقل ابن الرفعة (3) عن بعضهم أن الأَوْلى أن تكون في الثانية.
السادس عشر: الأصح عندنا في قدر التراب ما يعم [على](4) المحل، وقيل: ما ينطلق عليه الاسم.
السابع عشر: [رواية](5) مسلم التي فيها: "وعفروه الثامنة بالتراب" تقتضي زيادة مرة ثامنة، وبه قال الحسن البصري قال
أبو عمر (6): [و](7) لا أعلم أحدًا أفتى بذلك غيره، وتبعه الشيخ تقي الدين، فقال: قيل: لم يقل به غيره، ولعل المراد بذلك:
(1) انظر: تلخيص الحبير (1/ 24)، وما بين القوسين زيادة منه.
(2)
في ن ب (علمته).
(3)
انظر ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي (9/ 24)، وطبقات الأسنوي (1/ 601).
(4)
ساقطة فى ن ب.
(5)
في الأصل (رواه)، والتصحيح من ن ب ج.
(6)
الاستذكار (2/ 207).
(7)
في ن ب ساقطة.
[من](1) المتقدمين [أي لأنه رواية عن مالك وأحمد بن حنبل](2) والحديث قوي فيه، ومن لم يقل به احتاج إلى تأويله بوجه فيه استكراه.
قال الفاكهي: لم أدر الاستكراه الذي أراده، ولعله أراد قول من ترك استعمال التراب في غسلة من الغسلات بمنزلة غسلة
أخرى.
قلت: هو كذلك [و](3) قد صرحوا به وجمعوا بذلك بين الأخبار.
وقال العجلي (4) من متأخري أصحابنا في "شرح الوسيط": الأولى أن يغسل ثمان غسلات إحداهنَّ بالتراب لهذا الحديث، وأما البيهقي فإنه أجاب عن هذه الرواية بأن قال: أبو هريرة [أحفظ](5) من روى الحديث في دهره [فروايته](6) أَوْلى.
قلت: وقد يقال: بل رواية ابن مغفل أولى؛ لأنه زاد الغسلة
(1) في ن ب (في).
(2)
ليست في الأحكام (1/ 29).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
هو أسعد بن محمود بن خلف بن أحمد منتخب الدين أبو الفتوح العجلي الأصبهاني مصنف التعليق على الوسيط والوجيز -وهو جزءان- ولد سنة خمس عشرة وخمسمانة وتوفي في صفر سنة ستمائة. ترجمته: الأعلام (1/ 294)، والعبر (4/ 311).
(5)
في ن ب (أكثر)، وما في الأصل يوافق السنن (1/ 241).
(6)
في ن ب (وروايته)، وما في الأصل يوافق السنن (1/ 241).
الثامنة والزيادة مقبولة خصوصًا من مثله. وقد قال ابن منده لما أخرجها: إسنادها مجمع على صحته.
فائدة: هذه الرواية من أفراد مسلم كما [أسلفه](1) المصنف، ووقع في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي الحافظ أنها من أفراد البخاري [وهو](2) سبق قلم، فتنبه [له](3).
فرع: لو غسل ثامنة بالماء وحده فأصح الأوجه عندنا: أنه لا يقوم مقام التراب بالحديث المذكور وغيره.
وثانيها: يقوم، لأنه أبلغ منه، وشذ المتولي من أصحابنا فصححه.
وثالثها: يقوم عند عدم التراب لا عند وجوده.
الثامن عشر: التعفير: التمريغ ومعناه: مرغوه بالتراب. وقال صاحب المطالع: عفروه اغسلوه بالتراب، أي مع الماء يقال فيه:[عفره](4) مخفف الفاء [يعفره](5) عفرًا [وأعفره](6) تعفيرًا أي مرغه تمريغًا.
(1) في ن ب (أفرده).
(2)
في الأصل (وقد)، والتصحيح من ن ب.
(3)
في ن ب (منه). انظر: التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي (1/ 73).
(4)
في ن ب (غفر).
(5)
في ن ب (يعفروه).
(6)
في ن ب (وعفره).
فائدة: التراب معروف وهو اسم جنس لا يثنى ولا يجمع، وقال المبرد: هو جمع واحدته ترابة، وله من الأسماء نحو خمسين
اسمًا ذكرتها مفصلة في "الإشارات إلى ما وقع [في] (1) المنهاج من الأسماء والمعاني واللغات" فمن أراد راجعه منه، واقتصر النحاس منها على خمسة عشر، وتبعه النووي وغيره، فسارع إلى استفادة ذلك.
التاسع عشر: فيه دلالة على أن ذر التراب على المحل لا يكفي، بل لا بد من خلطه بالماء ثم إيصاله إلى المحل من إناء أو ثوب، ووجه الدلالة أنه جعل مرة التتريب داخلة في مسمى الغسلات، وذر التراب لا يسمى غسلًا، وفيه احتمال كما قال الشيخ تقي الدين (2) من حيث إن ذر التراب على المحل وإتباعه الماء يصح أن يقال: غسل بالتراب، ولا بد من مثل هذا [في](3) أمره عليه السلام في غسل الميت بماء وسدر عند من يرى أن المتغير بالطاهر غير طهور، وإن جرى [على](4) ظاهر الحديث في الاكتفاء [بغسلة](5) واحدة، إذ بها يحصل مسمى الغسل [وهذا جيد](6)، إلَّا أن قوله:"وعفروه" قد يشعر بالاكتفاء بالتتريب بطريق ذر التراب
(1) في الأصل (من)، والتصحيح من ن ب ج.
(2)
في الأحكام (1/ 29).
(3)
في ن ب (من).
(4)
في ن ب ساقطة، وما في الأصل يوافق ما في الأحكام.
(5)
في ن ب (في غسله).
(6)
زيادة من الأحكام.
على المحل، فإن كان خلطه بالماء لا ينافي كونه تعفيرًا لغة فلا ينافي ما قالوه (1)؛ لأن لفظ التعفير حينئذ يطلق على ذر التراب على المحل وعلى إيصاله بالماء إليه، والحديث الذي دلَّ على اعتبار مسمى الغسل دل على خلطه بالماء وإيصاله إلى المحل به، فذلك أمر زائد على مطلق التعفير على تقدير شموله للصورتين: ذر التراب وإيصاله.
العشرون: فيه دلالة على أن الماء القليل إذا حلت فيه نجاسة يفسد.
الحادي والعشرون: فيه دلالة أيضًا على تحريم بيع الكلب إذا كان نجس الذات، كما قررناه فيما سلف كغيره من النجاسات.
الثاني والعشرون: لا فرق عند الشافعية بين ولوغ الكلب وغيره من أجزائه كدمه وبوله وروثه وعرقه وشعره ولعابه وعضو من أعضائه، إذا كان رطبًا [و](2) أصحاب شيئًا طاهرًا في حال رطوبته ويبوسة أجزائه في وجوب الغسل سبعًا مع التعفير بالتراب، وحكوا وجهًا أنه يكفي غسله في غير الولوغ مرة كسائر النجاسات، ووصفه النووي في الروضة بالشذوذ، ومراده: من حيث المذهب؛ لأنه قال في شرح المهذب: إنه القوي والمتجه من حيث الدليل اقتصارًا على محل النص لخروجه عن القياس.
(1) في ن ب زيادة (فتدبر ما قالوه)، وفي الأحكام (فثبت ما قالوه)، وهو يوافق ن ج.
(2)
ن ب ج (أو).
الثالث والعشرون: الأرض الترابية إذا تنجست بلعاب الكلب ونحوه هل يحتاج في طهارتها إلى تتريب؟ فيه وجهان لأصحابنا: [أحدهما](1)[لا](2)؛ لأن استعمال التراب في التراب لا معنى له، [وظاهر](3) الحديث قد يُخرج هذه [الصور](4)؛ لذكر الإِناء فيه.
الرابع والعشرون: سؤر الهر سائر الحيوان [الطاهر](5) طاهر عندنا ولا كراهة، ورواية الغسل من ولوغها مرة موقوفة كما قاله
أبو داود، أو مدرجة من بعض الرواة كما قاله البيهقي، وأما الترمذي فصححها (6).
فروع متعلقة بالولوغ: لو وقع في الإِناء المولوغ فيه نجاسة
(1) ن ب (أصحهما).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ب (فظاهر).
(4)
في ب (الصورة).
(5)
زيادة من ج.
(6)
أخرجه أبو داود برقم (65)، وقال البيهقي في السنن (1/ 247): أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم ووهموا فيه. والصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع وفي ولوغ الهرة موقوف.
قال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 325): لا أعلم لمن كره سؤر الهر حجة أحسن من أنه لم يبلغه حديث أبي قتادة وبلغه حديث أبي هريرة. انظر: معرفة السنن والآثار (2/ 1783)، ومشكل الآثار (3/ 267)، والاستذكار (2/ 120). وانظر: كلام ابن الملقن رحمنا الله وإياه في الإجابة على الحديث (2/ 364).
أخرى كفى غسله سبعًا. ولو [ولغ](1) في ماء كثير بحيث لم ينقص بولوغه عن قلتين لم ينجسه. ولو ولغ في [ماء](2) مائع أو ماء قليل أو كثير متغير بالنجاسة فأصاب غيره؛ غسل سبعًا، أو في جامد؛ ألقى ما أصابه والباقي طاهر. ولو كانت نجاسة الكلب عينية كدمه وروثه فلم يزل إلَّا بست غسلات مثلًا فهل يحسب ذلك غسلةً أم ستًا أم لا يحسب شيئًا؟ فيه أوجه: أصحها في الروضة وغيرها أولها، وأصحها في الشرح الصغير ثانيها. وفروع الباب كثيرةٌ محلٌ الخوض فيها كتب الفروع، وقد بسطناها فيها ولله الحمد.
(1) في الأصل (وقع)، والتصحيح من ب ج.
(2)
في ن ب ساقطة.