الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
(1)
25/ 2/ 4 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كنت النبي صلى الله عليه وسلم[في سفر] (2) فبال، وتوضأ، ومسح على خفيه"(3).
مختصر الكلام عليه من وجوه خمس:
أحدها: في التعريف براويه، وقد تقدم في الباب قبله.
(1) في الأصل (الثالث).
(2)
لفظة "في سفر" لم ترد في حديث حذيفة وإنما وردت في حديث المغيرة عند مسلم، والقصة تختلف تمامًا، ولفظ مسلم في هذا الحديث:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائمًا، فتنحيت فقال: ادنه، فدنوت منه حتى قمت عند عقبه فتوضأ" زاد مسلم "فمسح خفيه" قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين: ولم يذكر البخاري في رواية هذه الزيادة، وعلى هذا فلا يحسن من المصنف عد هذا الحديث في هذا الباب من المتفق عليه. اهـ. من النكت للزركشي.
(3)
البخاري برقم (224، 225، 226، 2471)، ومسلم برقم (273)، والترمذي (13)، والمستدرك (1/ 185)، والنسائي (1/ 19، 25)، وأبو عوانة (1/ 198)، والدارمي (1/ 171)، والبيهقي (1/ 100، 270، 274)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: البول قائمًا (23)، وابن ماجه (305، 306، 540).
ثانيها: هذا الحديث لفظه في الصحيحين عنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائمًا فتنحيت فقال: ادنه، فدنوت منه حتى قمت عند عقبه فتوضأ" زاد مسلم "فمسح خفيه" قال عبد الحق: في الجمع بين الصحيحين: ولم يذكر البخاري في روايته هذه الزيادة.
وفي رواية للبيهقي "سباطة قوم بالمدينة".
قال أبو عمر: لم يقل فيه (بالمدينة) غير عيسى بن يونس وهو ثقة فاضل، إلَّا أنه خولف في ذلك عن الأعمش، وسائر الرواة عن
الأعمش لا يقولون فيه (بالمدينة).
قلت: قد تابعه محمد بن طلحة بن مصرف وأبو [الأحوص](1) فقالا فيه عن الأعمش (بالمدينة) كما ذكره الإِسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش.
ثالثها: قوله: " [فبال] (2) فتوضأ ومسح على خفيه" فيه بيان للإِضمار في الحديث قبله وقد أسلفناه هناك مبينًا في رواية أخرى.
رابعها: فيه تصريح بجواز المسح [على حدث](3) البول. وفي حديث صفوان بن عسال ما يقتضي جوازه [على](4) حدث الغائط وعن النوم أيضًا ومنعه عن الجنابة، وهو حديث صحيح، قال
(1) في ن ب (الأعوص).
(2)
في ن ب (قال).
(3)
في الأصل وفي ن ب (عن حديث)، والتصحيح من ن ج.
(4)
في الأصل وفي ن ب (عن)، والتصحيح من ن ج.
الترمذي فيه: حديث حسن صحيح (1).
[خامسها](2): ترجم البخاري على هذا الحديث: البول عند صاحبه والتستر بالحائط (3)، والبول عند سباطة قوم (4)، والبول قائمًا وقاعدًا (5)، وكأنه أخذ البول قاعدًا منه بطريق الأولى؛ لأنه إذا جاز البول قائمًا فقاعدًا أجوز.
[سادسها](6): السباطة المذكورة في الرواية التي ذكرناها: ملقى القمامة.
وبوله عليه السلام قائمًا إما للاستشفاء لوجع الصلب أو الركبة، وإما أنه لم يجد مكانًا، وإما أن يكون لبيان الجواز، وإما أن يكون لأنها حالة يؤمن معها خروج الحدث من السبيل الآخر بخلاف القعود، ومنه قول عمر رضي الله عنه:"البول قائمًا أحصن للدبر"(7).
قال المنذري: لعله كانت في السباطة نجاسات رطبة وهي رخوة يخشى أن تتطاير عليه.
(1) أحمد في المسند (4/ 239، 240)، والنسائي (1/ 32)، والترمذي (1/ 159، 160)، وابن ماجه (1/ 176)، والبيهقي (1/ 114، 118، 276، 282، 289). انظر: ت (1) ص (622).
(2)
فيه تقديم وتأخير بأرقام المسائل بين الأصل ون ب، وما أثبت من ن ب.
(3)
ترجمة رقم (61).
(4)
ترجمة رقم (62).
(5)
ترجمة رقم (60).
(6)
فيه تقديم وتأخير بأرقام المسائل بين الأصل ون ب، وما أثبت من ن ب.
(7)
السنن الكبرى (1/ 102)، الاستذكار (3/ 263).
وفي صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة أنه فعل ذلك لجرح كان بمأبضه ثم قال: رواته كلهم ثقات (1) وهو يؤيد أن ذلك كان لوجع الركبة.
قال العلماء: يكره البول قائمًا كراهة تنزيه (2). كان ابن سعد (3) لا يجيز شهادة من بال قائمًا (4).
وقال مالك (5): إن كان في مكان يتطاير إليه شيء من البول فمكروه وإلَاّ فلا بأس به.
وأما حديث عائشة: "من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدقه، أنا رأيته يبول قاعدًا" صححه أبو عوانة (6)، وابن حبان (7)،
(1) المستدرك (1/ 182) وتعقبه الذهبي بقوله: حماد ضعفه الدارقطني، والبيهقي (1/ 101) قال:"لا يثبت". وأما الحافظ فأورده في الفتح (1/ 263) من رواية الحاكم والبيهقي، وقال: ضعفه الدارقطني والبيهقي وأقرهما.
(2)
في ن ب زيادة واو.
(3)
هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قاضي المدينة توفي سنة خمس، وقيل: ست: وقيل: سبع وعشرين ومائة. تاريخ الفسوي (1/ 411، 681)، وتاريخ الإِسلام (5/ 77)، وخلاصة تهذيب الكمال (133).
(4)
شرح مسلم (3/ 166).
(5)
المدونة الكبرى (1/ 24).
(6)
مسند أبي عوانة (1/ 198).
(7)
ابن حبان رقم (1427).
والحاكم (1)، وقال الترمذي: هو أحسن شئ في الباب وأصح (2): فجعله أبو عوانة ناسخًا لحديث حذيفة (3).
وقال البيهقي: مرادها ما بال قائمًا في منزله.
وقال مجاهد (4): ما بال قائمًا إلَّا مرة واحدة في كثيب أعجبه، وهو غريب، فقد رواه حذيفة أيضًا.
وقال ابن المنذر: البول جالسًا أحب إلىّ وقائمًا مباح (5)، وكل ذلك ثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
وقال الباجي (6) للبائل أربعة أحوال: فإن كان الموضع رخوًا
(1) المستدرك (1/ 185)، وقد أخرجه النسائى وابن ماجه، وأخرجه الترمذي برقم (12)، والنسائي (1/ 26)، وابن ماجه (307)، وأحمد (6/ 136، 192).
(2)
الترمذي، حديث رقم (12).
(3)
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (1/ 330) في الجمع بين حديث حذيفة وعائشة: "والصواب أنه غير منسوخ، والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها، فيحمل على ما وقع منه في البيوت فلم تطلع هي عليه، وقد حفظ حذيفة، وهو من كبار الصحابة". انظر: ابن حبان (2/ 350). وكلام البيهقي في السنن.
(4)
انظر: الاستذكار (3/ 262).
(5)
في الأوسط (1/ 338)، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (1/ 330): لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء -أي البول قائمًا-.
(6)
المنتقى (1/ 129).
طاهرًا جاز قائمًا وقاعدًا، وإن [كان](1) صلبًاً نجسًا امتنعا، وإن كان صلبًاً طاهرًا جاز قاعدًا فقط، وإن كان رخوًا نجسًا جاز قائمًا فقط وعليه يحمل هذا الحديث، [وبوله](2) عليه السلام في سباطة القوم لأنهم كانوا يؤثرون ذلك، وإنما [لم](3) يبعد عليه السلام لأجل شغله بأمور المسلمين فلعله طال عليه المجلس حتى حصره البول ولم يمكنه التباعد كعادته وأراد السباطة لدمثها، وإنما استدناه عليه السلام عن أعين الناس ليستتر به عنهم. ولهذا قال بعضهم: السنة القرب في حق القائم، وفي حق القاعد الإِبعاد عنه (4)، حكاه القاضي عياض.
ويستفاد من الحديث أيضًا أن الإِنسان إذا احتاج إلى البول لا يؤخره وهو مضر جدًا من جهة [الطب](5).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في الأصل (وقوله)، وما أثبت من ن ب ج. انظر: شرح مسلم للنووي (3/ 166).
(3)
هذه الزيادة من ن ب.
(4)
لقوله في الحديث "تنح". وانظر: الاستذكار (3/ 264).
(5)
في ن ب (الصلب).