المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول 20/ 1/ 3 - عن أبي هريرة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمة المحقق

- ‌ترجمة موجزة للحافظ عبد الغني صاحب "العمدة

- ‌أولًا- مصادر الترجمة على حسب تواريخ وفيات مؤلفيها:

- ‌ثانيًا- ترجمته:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته:

- ‌عصر المقدسي:

- ‌أهم الأحداث التاريخية في عصره:

- ‌حالة المجتمع في عصره:

- ‌الحالة التعليمية:

- ‌مكانته العلمية:

- ‌ما قيل عنه في حفظه:

- ‌ألقابه وثناء العلماء عليه:

- ‌المحنة التي مرَّ بها الحافظ:

- ‌عقيدته:

- ‌تلاميذه والآخذون عنه:

- ‌ولداه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة المصنف "ابن الملقن

- ‌للاستزادة من الترجمة راجع:

- ‌اسمه:

- ‌لقبه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته الذاتية:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته العلمية:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌جمعه للكتب:

- ‌مصير هذه المكتبة:

- ‌عقيدته، وصوفيته:

- ‌مناصبه:

- ‌ابتلاؤه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌نذكر من مؤلفاته ما يلي:

- ‌ الإعلام بفوائد عمدة الأحكام

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌أبناؤه:

- ‌وفاته:

- ‌ الكتاب

- ‌عنوان الكتاب:

- ‌ترجيح العنوان:

- ‌وصف النسخ:

- ‌أهمية الكتاب

- ‌بيان عملي في الكتاب:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌1 - باب الطهارة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث والرابع والخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والتاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌(الحديث الثالث عشر)

- ‌2 - باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌3 - باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌4 - باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌5 - باب في المذي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول 20/ 1/ 3 - عن أبي هريرة رضي الله

‌الحديث الأول

20/ 1/ 3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"(1).

الكلام عليه من ثلاثة عشر وجهًا:

الأول: "لولا" حرف يدل على انتفاء الشيء لوجود غيره، أو امتناع الشيء لوجود غيره؛ لأنها نفت وجوب السواك لأجل المشقة، أو منعت ذلك [لذلك](2) ولا يليها إلَّا الأسماء، تقول: لولا زيد لأكرمتك [أي امتنع إكرامي](3) إيَّاك لوجود زيد، وتستعمل لولا أيضًا حرف تحضيض بمعنى هلّا، فلا يليها إلَّا الأفعال نحو لولا صلّيت،

(1) رواه البخاري برقم (887، 724)، في الجمعة، باب: السواك يوم الجمعة، ومسلم برقم (252) في الطهارة، باب: السواك، ورواه مالك في الموطأ (1/ 66)، وأبو داود برقم (46)، والترمذي برقم (22)، والدارمي (1/ 174) في الصلاة، والنسائي (1/ 12) في الطهارة. وفي الكبرى (1/ 64)(2/ 196) ابن أبي شيبة (1/ 168) من رواية زيد بن خالد

الجهني، ومن رواية عبد الله بن الزبير.

(2)

زيادة من ن ب ج.

(3)

زيادة من ن ب ج.

ص: 551

لولا تصدّقت. ومنه قوله تعالى: {لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} (1)، {لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} (2)، وأشباه ذلك من الآي وهذه لا يليها إلَّا الأفعال عكس الأولى.

الثاني: "عِند" بكسر العين على أصح اللغات وأشهرها، ويجوز ضمها وفتحها، حكاهما الجوهري (3).

ومعناها: حضور الشيء ودنوه، وهي ظرف [زمان ومكان](4) ولا يدخل عليها من حروف الجر إلَّا من.

الثالث: استدلَّ بهذا الحديث بعض الأصوليين على أن الأمر للوجوب، وهو قول الأكثرين من الفقهاء والمتكلمين، [ووجه](5) ما ذكرنا من دلالة لولا ومعناها فيدل على انتفاء الأمر لوجود المشقة [والمنتفي لأجل المشقة](6) إنما هو الوجوب لا الاستحباب؛ لأنه ثابت عند كل صلاة فاقتضى أن الأمر للوجوب، ولولا أن الأمر للوجوب لم يكن لقوله عليه الصلاة والسلام معنى؛ لأنه إذا أمر به ولم يجب كيف يشق عليهم؟ فثبت أنه للوجوب ما لم يقم دليل على خلافه، وهذا الاستدلال يحتاج [إلى](7) تمامه، إلى دليل على

(1) سورة الكهف: آية 15.

(2)

سورة المجادلة: آية 8.

(3)

انظر: مختار الصحاح (194).

(4)

بين النُّسَخ تقديم وتأخير.

(5)

في ن ب (وجهه).

(6)

في ن ب ساقطة.

(7)

في ن ب (في).

ص: 552

أن السواك كان مسنونًا حالة قوله عليه السلام ذلك.

نعم مذهب جميع العلماء استحبابه.

قال الشافعى رضي الله عنه: لو كان واجبًا لأمرهم به شق أو لم [يشق](1).

حكى الشيخ أبو حامد والماوردي عن داود الوجوب، لكن قال صاحب الحاوي (2) عنه: إن تركه لا يبطل الصلاة.

وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه واجب، وإن تركه [عمدًا أبطلها](3)، وأنكر أصحابنا المتأخرون عليهما هذا النقل عن داود، فإن [المنقول](4) عنه أنه سنة، نعم نقله عنه القاضي عياض تمسكًا بظاهر الأخبار لقوله "استاكوا": أو "عليكم بالسواك"(5)، وهذا الحديث يبين المراد بتلك الظواهر، ثم على تقدير صحته عنه لم يكن خارقًا للإِجماع على المختار الذي عليه المحققون والأكثرون، نعم ابن حزم الظاهري (6) قال: إنه سنة إلَّا يوم الجمعة فإنه فرض لازم، وأما إسحاق: فلم يصح هذا النقل عنه.

(1) زيادة في ن ب ج.

(2)

(1/ 83) في الحاوي الكبير.

(3)

في ن ب ج (عمد يبطلها).

(4)

في ن ج (المأثور).

(5)

الموطأ لمالك (1/ 65) مرسلًا، ووصله ابن ماجه في كتاب إقام الصلاة، باب: ما جاء في الزينة يوم الجمعة، وذكره ابن أبي حاتم في العلل من حديث أبي أيوب بلفظ:"عليكم بالسواك"، وأعله أبو زرعة بالإرسال.

(6)

المحلي (2/ 8، 218)(5/ 75).

ص: 553

ووقع في الانتصار لابن أبي عصرون (1) حكاية وجه: يوافق إسحاق أن السواك شرط في صحة الصلاة، وغلطه ابن أبي الدم (2) في حكايته، وفي بعض نسخ الحلية للشاشي أن أبا إسحاق قال بذلك، ولعله تصحف بإسحاق بن راهويه.

الرابع: فيه دلالة أيضًا لمسألة ثانية أصولية: وهي أن المندوب ليس مأمورًا به، وفيه خلاف لهم.

قال القرطبي (3): والتصحيح: أنه مأمورٌ به لأنه مطلوب بالاتفاق.

الخامس: فيه دلالة أيضًا لمسألة ثالثة أصولية: وهي جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يرد فيه نص من الله تعالى، وهو مذهب الفقهاء وأصحاب الأصول، وهو الصحيح المختار عندهم، وجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم جعل المشقة سببًا لعدم أمره ولو كان الحكم موقوفًا على النص لكان سبب انتفاء أمره عدم ورود النص به لا وجود

(1) هو عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المطهر ولد في ربيع الأول سنة اثنتين -وقيل: ثلاث- وتسعين وأربعمائة، توفي بدمشق في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة، ترجمته في الأعلام (4/ 268) طبقات الشافعية للسبتي (4/ 237) ابن قاضي شهبة (2/ 27).

(2)

هو إبراهيم بن عبد الله بن عند المنعم أبو إسحاق الهمذاني بإسكان الميم، الحموي، ولد بحماة في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة توفي في حماة جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وستمائة. طبقات الشافعية للسبكي (5/ 47)، ابن قاضي شهبة (2/ 99).

(3)

المفهم (2/ 595).

ص: 554

المشقة، وفي المسألة أقوال أُخر للأصوليين:

أحدها: المنع، وهو قول أبي علي الجبائي وابنه.

وثانيها: أن له أن يجتهد في الحروب والآراء دون الأحكام.

وثالثها: التوقف في هذه الثلاثة، ونقله في المحصول (1) عن أكثر المحققين، وإذا قلنا بالجواز فالمختار أنه وقع.

وقيل: لا.

وقيل: بالوقف، ومحل الخلاف على ما قاله القرافي (2) في شرح المحصول في الفتاوى، أما الأقضية فيجوز الاجتهاد فيها بالإجماع.

السادس: فيه دلالة أيضًا لمسألة رابعة أصولية: وهي أن الأمر المطلق لا يفيد التكرار وهو المختار، لأنه لو أفاده لم يكن لقوله:"عند كل صلاة" فائدة، كذا استنبطه بعضهم.

وعكس غيره فقال: فيه دلالة على أن الأمر للتكرار، لأنه لا مشقة في مرة واحدة، فلو لم يكن الأمر به للتكرار لما كانت

المشقة مانعة (3):

(1) المحصول (6/ 9).

(2)

هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي المتوفى سنة (684) واسم شرحه "نفائس الأصول في شرح المحصول" وهو مخطوط يوجد في دار الكتب المصرية برقم (472) انظر الديباج (62، 63)، طبقات الأصوليين (2/ 86).

(3)

انظر: المحصول (2/ 162، 178).

ص: 555

السابع: فيه [دلالة](1) أيضًا لمسألة خامسة أصولية: وهي جواز تعليل الحكم العدمي بالمانع، ولا يتوقف على وجود

المقتضى، ومثله قول الشاعر:

لولا المشقة ساد الناس كلهم

الجود يفقر والإِعدام قتال

كذا استنبطه ابن التلمساني (2) في شرح المعالم.

الثامن: فيه دلالة أيضًا لمسألة نحوية: وهي الرد على من قال من النحاة: إن من شرط اسم "لولا" أن يكون موجودًا حسًّا [لقول عمر في علي "لولا علي لهلك عمر"، "فعلي" موجود حسًّا](3).

ووجه الرد: أن المشقة لم تقع في الوجود ولا تقع، وإنما هي واقعة على تقدير ورود الأمر، والأمر لم يقع. فلم تقع، نبّه عليه القرافي. وقد يقال: الإِضمار المقدر في الحديث وهو خوف المشقة واقع وموجود في النفس، فلا ردّ إذن.

التاسع: فيه دلالة أيضًا على مسألة فقهية: وهو استحباب السواك عند كل صلاة سواء كانت فريضة عينًا أو كفاية أو نافلة

(1) في ن ب (مسألة)، انظر الأحكام للآمديّ (3/ 206)، وابن الحاجب في شرح المختصر (2/ 214)، والمحصول (5/ 400، 405).

(2)

هو عبد الله بن محمد بن علي شرف الدين أبو محمد الفهري المصري، توفي في صفر سنة ثمان وخمسين وستمائة، طبقات الأسنوي (112) طبقات السبكي (5/ 60) ابن قاضي شهبة (2/ 107).

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 556

[بوضوء](1)، أو تيمم، حتى في حق فاقد الطهورين، فإن ما يأتي به صلاة على الأصح.

وقيل: لا بل يشبهها، والسر في ذلك أنا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن يكون على [](2) حال

كمال ونظافة شرفًا للعبادة، وأيضًا فالعبد "إذا تسوك ثم قام يصلي قام المَلَك خلفه يسمع القرآن فلا يزال عجبه [بالقرآن يدنيه] (3) حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلَّا صار في جوف ذلك الملك" كما رواه البزار [وأبو نعيم من حديث علي مرفوعًا، قال البزار](4): وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي بأحسن من هذا الإسناد، وروي عنه موقوفًا عليه أيضًا (5).

(1) في ن ب (الوضوء).

(2)

في الأصل ون ج زيادة (كل) وساقطة من ن ب.

(3)

في ن ب زيادة (بدنيه في القرآن)، و (حتى) ساقطة من الأصل.

(4)

زيادة من ن ب ج.

(5)

مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (1/ 43) الإِسناد: حدثنا محمد بن عبد العزيز حدَّثنا مسلم بن إبراهيم حدَّثنا بحر بن كنيز عن عثمان بن ساح عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب قال: إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك. هذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين سعيد وعلي لضعف بحر راويه. ورواه البزار (2/ 214) بسند جيد لا بأس به مرفوعًا ولعل من وثقه أشبه. ورواه البيهقي في الكبرى من طريق عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفًا. السنن الكبرى للبيهقي (1/ 38)، وابن ماجه (291)، وانظر تمام تخريجه في البدر المنير (3/ 200).

ص: 557

قلت: ورجال المرفوع رجال الصحيح، فسن السواك لأن الملائكة تتأذى من الرائحة الكريهة.

العاشر: فيه دلالة أيضًا بعمومه على مسألة أخرى فقهية وهي استحبابه للصلاة الواقعة بعد الزوال، ولذا ترجم عليه النسائى فقال: السواك للصائم [بالغداة والعشي](1)، وهو قول الشافعي حكاه الترمذي في بعض نسخه عنه أنه لم [ير](2) بأسًا بالسواك أول النهار وآخره.

قال النووي في شرح (3) المهذب: وهو نقل غريب عنه وإن كان [قويًا](4) من جهة الدليل، وبه قال المزني ومالك وأكثر العلماء وهو المختار.

قلت: لا غرابة فيه فقد نص عليه الشافعي في البويطي أيضًا، فقال في كتاب الصيام، ومنه نقلت: لا بأس بالسواك للصائم في الليل والنهار، نعم نصه في المختصر على الكراهة بعد الزوال وعليه جمهور أصحابه لقوله عليه السلام (5):"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"(6). متفق عليه من حديث أبي هريرة. وأما

(1) في ن ب بياض، وفي السنن (1/ 12): الرخصة في السواك بالعشي للصائم.

(2)

زيادة من ن ب ج.

(3)

المجموع (1/ 276).

(4)

في ن ب (قليلًا).

(5)

في ن ب عليه الصلاة والسلام.

(6)

البخاري ومسلم.

ص: 558

الشيخ عز الدين فإنه مال إلى استحبابه فقال: لا يلزم من الثناء عليه أفضلية غيره بدليل ركعتي الفجر مع الوتر، قال: وثبت أن الصلاة بسواك تفضل على صلاة بغير سواك سبعين ضعفًا (1).

قلت: وهو كما قال، وإن اعترضوا على الحاكم في تصحيحه فقد ذكرته من طريق صحيحة في (تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج) وثبت أن في الخلوف أجر مقدر، فيجوز أن يقدر ما زاد على الفضل بسبب السواك أو فوقه أو دونه، فلا يترك الفضل المحقق لأمر يحتمل أن يكون أنقص منه.

قلت: ويُسئل عن الحكمة في تحريم إزالة دم الشهيد مع أن رائحته مساوية لرائحة المسك، وعدم تحريم إزالة الخلوف مع كونه

أطيب من ريح المسك.

الحادي عشر: فيه أيضًا بيان ما كان عليه الصلاة والسلام من الرفق بأمته.

(1) قال ابن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه (1/ 71): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفًا". قال ابن خزيمة: أنا استثنيت صحة هذا الخبر؛ لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم وإنما دلسه عنه. انظر: الفتح الرباني (1/ 44/ 294)، وانظر: تلخيص الحبير (1/ 67)، وضعفه ابن القيم في المنار المنيف وأطال عليه الكلام (ص 19 - 20).

وانظر: البدر المنير لابن الملقن رحمنا الله وإياه: فإنه استوعب طرق هذا الحديث بالتفصيل (3/ 149، 163).

ص: 559

الثاني عشر: فيه أيضًا دلالة على فضل السواك.

الثالث عشر: في هذا الحديث ذكر السواك "عند كل صلاة" وفي رواية للبخاري (1) تعليقًا: "عند كل وضوء" وهي في الموطأ (2) أيضًا.

وادَّعى بعضهم أنها من قول ابن شهاب وهو غريب.

ورجح بعض المالكية رواية "عند كل وضوء" على الأولى تقريرًا لقاعدتهم فإن السواك عندهم من فضائل الوضوء، وفيه عندهم قبله قالوا: لأن "عند" ظرف مبهم يصح للقبلية والبعدية [والمعية](3) في المضمضة والسواك، في جميعها صحيح [فهي رواية](4) مطلقة، بخلاف رواية "عند كل صلاة" لا يصح السواك فيها إلَّا قبلها دون المعية والبعدية فيه مقيدة مرجوحة؛ [ولأنه](5) طهارة للفم كما أن الوضوء طهارة للأعضاء بضم الشكل إلى شكله وفعله مع فعله أولى.

(1) الفتح (4/ 158).

(2)

الذي في الموطأ رواية يحيى بن يحيى (1/ 66)" مع كل وضوء"، ولم يذكر في الاستذكار (3/ 368) سوى لفظي "مع كل وضوء"، "مع كل صلاة" وهي كذلك عند ابن خزيمة (1/ 73)، إلَّا أنه قال: هذا الخبر في الموطأ عن أبي هريرة، "لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك عند كل وضوء" وعند النسائي (2/ 196، 198). انظر: تحفة المحتاج (1/ 175، 176).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في ن ب (ففي الرواية).

(5)

في الأصل (ولا)، وما أثبت من ن ب.

ص: 560

قال: وبه يقع الرد على من قال بالاستياك في المسجد، وكل هذا عجيب من هذا القائل، وكيف يرد رواية الصحيحين وهي "عند

كل صلاة" برواية معلقة للبخاري وحده، وفي رواية للنسائي (1) من طريق مالك "مع كل صلاة".

فوائد مهمة:

الأولى: يستحب أن يكون السواك باليمين كما قدمته في الحديث التاسع من كتاب الطهارة مبسوطًا، وأن ذلك ورد منصوصًا

عليه وهو من الفوائد الجليلة التي لم يعثروا عليها.

الثانية: يستحب السواك أيضًا ويتأكد في مواضع:

الأول: عند قراءة القرآن.

الثاني: عند اصفرار الأسنان.

الثالث: عند دخول الإِنسان منزله.

الرابع: عند إرادة النوم.

الخامس: عند الاستيقاظ منه.

السادس: عند الأكل.

[السابع](2): بعد الوتر.

الثامن: في السحر، ذكر هذه الثلاثة الأخير ابن عبد البر.

التاسع: عند تغير الفم.

العاشر: عند الوضوء.

(1) النسائي (2/ 196، 196)، وانظر: الاستذكار (3/ 368).

(2)

في ن ب ساقطة.

ص: 561

وفي النسائي (1) من حديث ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك. وهذا يدل على فعله عقب الصلاة، قال ابن الحاج (2) المالكي: ويستاك في الليلة ثلاثة مرات قبل النوم، وبعده عند القيام لوِرْدِه، وعند الخروج لصلاة الصبح.

قلت: وروى أبو نعيم (3) من حديث أبي أيوب أنه عليه الصلاة والسلام كان يستاك في الليلة مرارًا، ومن حديث ابن عباس: ربما استاك صلى الله عليه وسلم في الليلة أربع مرات.

الثالثة: للسواك منافع وقد ذكرتها في تخريجي لأحاديث الرافعي (4) فزادت على الثلاثين فسارع إليه فإنه يرحل إليه، وله أيضًا آداب ستأتي [وقد](5) ذكرتها أيضًا في شرحي للمنهاج الذي سميته (عجالة المحتاج)(6) وهو شرح الصغير فراجعها منه، والله الموفق.

الرابعة: أحسن ما يستاك به الأراك، لحديث ابن مسعود

(1) النسائي في الكبرى (1/ 424) مع سياق الاختلاف بين الرواة عن ابن عباس، ابن أبي شيبة (1/ 169).

(2)

انظر: ابن أبي شيبة (1/ 169).

(3)

ابن أبي شيبة (1/ 170)، ومسند أحمد (5/ 417)، والطبراني في الكبير (4/ 178)، وذكره في المجمع (2/ 99، 272) وقال: رواه أحمد والطبراني وفيه واصل بن السائب وهو ضعيف: وقد ورد من حديث ابن عباس في مسلم: "كان يستاك في الليل مرارًا".

(4)

البدر المنير لابن الملقن رحمنا الله وإياه (3/ 164، 170).

(5)

زيادة من ن ب.

(6)

انظر تحفة المحتاج لأدلة المنهاج (1/ 85)، حيث إن هذا الكتاب مخطوط.

ص: 562

[في](1)(صحيح ابن حبان) وحديث أبي خيرة الصنابحي في (تاريخ البخاري)(2)، وفيه منافع كثيرة ويقوم مقامه كل خشن إلَّا إصبعه في الأصح وبه جزمت المالكية، وعندهم أنه يكره للصائم أن يستاك بالأخضر الذي يجد له طعمًا، قالوا: وأما الجوزة المحمرة فحرام للصائم.

وعند الشافعية وجه: أنه يكره الرطب للصائم قبل الزوال، والأصح لا كاليابس.

الخامسة: ذكر الحكيم الترمذي في علله -ومنه نقلت- في كيفية الاستياك: أن تجعل الخنصر من يمينك أسفل السواك تحته

والبنصر والوسطى والسبابة فوق السواك، قال: ولا تقبض القبضة على السواك فإن ذلك يورث البواسير (3)، وقال: وابلع ريقك من أول ما تستاك فإنه ينفع الجذام والبرص وكل داء سوى الموت، ولا يبلع بعده

(1) في الأصل (فيه)، وما أثبت من ن ب. ولفظه "كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكًا من أراك" الطبراني الكبير (9/ 75)، ومجمع الزوائد (9/ 289)، قال الهيثمي: وأمثل طرقها فيه عالم بن أبي النجود وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه أحمد (1/ 420) موقوفًا على ابن مسعود، وإسناده جيد. وانظر تلخيص الحبير (1/ 72).

(2)

قال البخاري في التاريخ، كتاب الكنى (8/ 28): قال خليفة بن خياط: حدَّثنا عون بن كهمس، قال: أنا داود بن المساور، عن مقاتل بن همام عن أبي خيرة الصنابحي قال: كنت في الوفد الذين أتينا النبي صلى الله عليه وسلم من عبد القيس فزودنا الأراك نستاك به، فقلنا: يا رسول الله عندنا الجريد، ولكنا نقبل كرامتك وعيطك، قال "اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير مكرهين إن بعض الناس لم يسلموا إلَّا خزايا موتورين".

(3)

ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة، وأيضًا ما بعده.

ص: 563

شيئًا فإنه يورث الوسوسة، برواية زياد بن علاقة.

[ونقل](1) بعض المالكية عن الغزالي أنه نص على أن ما ينفصل بالسواك من الطعام المتغير المتعلق بالأسنان محرم أكله، وهو غريب. قال -أعني الترمذي [الحكيم] (2) -: ولا يمس بالسواك شيئًا فإن ذلك يورث العمى. قال: ولا تضع السواك إذا وضعته عرضًا وانصبه نصبًا، فإنه يروى عن سعيد بن جبير قال: من وضع سواكه بالأرض فجن [من ذلك](3) فلا يلومنَّ إلَّا نفسه. وهذه آداب حسنة ينبغي استعمالها فإنه لا تجلب إلَّا خيرًا.

السادسة: قال الترمذي أيضًا يروى عن كعب أنه قال: "من أحب أن يحبه الله تعالى [فليكثر] (4) من السواك والتخلل فالصلاة بهما مائة صلاة". قال: وروى خالد عن أبيه قال: "السواك شطر الوضوء، والوضوء شطر الصلاة، والصلاة شطر الإيمان"، ونقل ابن عبد البر عن الأوزاعي (5) أيضًا:"أنه شطر الوضوء".

السابعة: مذهب مالك كراهية الاستياك في المسجد خشية أن يخرج من فيه دم ونحوه مما ينزه المسجد عنه، قال صاحب المفهم (6): لم يثبت قط أنه عليه الصلاة والسلام استاك في المسجد

(1) في ن ب (قال).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في ن ب (فليوتر).

(5)

انظر: المصنف لابن أبي شيبة (1/ 170).

(6)

في المفهم شرح مسلم للقرطبي (2/ 596) قال: ولم يُرْوَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تسوك في المسجد ولا في محفل من الناس؛ لأنه منه من باب إزالة القذر ولا يليق بالمساجد ولا =

ص: 564

فلا يشرع [](1) لما فيه من زوال الأقذار فيه، والمساجد منزهة عنها وأهل الهيئات والمروءات يمنعون من زوال الأقذار في المحافل والجماعات، قال: ومعنى قوله: "عند كل صلاة": عند كل وضوء، وما قاله عجيب؛ فإن السواك يستحب كونه متوسطًا بين الليونة واليبوسة حينئذٍ فالخشية السالفة مأمونة ولئن حصلت فعدم تنزيه المسجد إنما يحصل إذا بصقه فيه، [دون ما إذا بصقه](2)[فيما](3) معه [من](4) خرقة ونحوها، ودعواه عدم الثبوت من فعله لا يلزم منه على صحته عدم فعله، بل ترغيبه فيه بقوله "عند كل صلاة" يشمله، وكان السواك من أذنه صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب كما رواه البيهقي (5) من حديث جابر، وكذا كان زيد بن خالد الجهني يفعله وكلما قام إلى الصلاة استاك كما رواه الترمذي وصححه (6). وروى الخطيب [في](7) كتاب "من روى عن مالك" عن أبي هريرة (8) أن

= محاضر الناس ولا يليق بذوي المروءات فعل ذلك في الملأ من الناس. اهـ.

(1)

في الأصل زيادة (فيه)، وما أثبت يوافق ن ب ج.

(2)

زيادة من ن ب ج.

(3)

في الأصل ون ب: (في ماءٍ)، ولا وجه له.

(4)

في ن ب (في).

(5)

السنن الكبرى (1/ 36). انظر: تخريج هذا الحديث وما بعده في البدر المنير لابن الملقن (3/ 221، 223).

(6)

سنن الترمذي (1/ 34، 35)، وابن أبي شيبة (1/ 168)، أبو داود (47)، وأحمد (4/ 116).

(7)

في ن ب (من).

(8)

من رواية عبادة بن الصامت عند ابن أبي شيبة (1/ 169).

ص: 565

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسوكتهم خلف آذانهم يستنون بها لكل صلاة.

وقوله: إنه من باب إزالة الأقذار، لا يسلّم، بل هو من باب الطيب، وفعله أيضًا من المروءة لا كما قاله؛ لأنه فيه إظهار شعار هذه السنة، وسيأتي في الحديث الرابع من هذا الباب أن بعضهم ترجم عليه: استياك الإِمام بحضرة رعيته، وترجم [ابن حبان] (1) أيضًا في صحيحه (2): الإِباحة للإِمام أن يستاك بحضرة رعيته إذا لم يكن يحتشمهم، ثم روى حديث أبي موسى الأشعري الثابت في الصحيحين قال:"أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعرين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك فكأني انظر إلى سواكه تحت شفتيه وقد قلصت".

قلت: وأما التأويل السالف -الصلاة بالوضوء- فمن الأعاجيب، بل يؤخذ من الحديث المذكور أنه لا كراهة في فعله في المسجد [لإِطلاق] (3) قوله:"عند كل صلاة".

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

ابن حبان (2/ 203)، وبوب عليه النسائي (1/ 9)، وفي الكبرى له (1/ 64) هل يستاك الإِمام بحضرة رعية؟

(3)

في ن ب (الطلاق).

ص: 566