الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي عشر
(1)
11/ 11/ 1 - عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال: "شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا بتور (2) من ماء، فتوضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فأكفأ (3) على يديه من التور، فغسل يديه ثلاثًا، ثم أدخل يده فى التور فمضمض واستنشق
(1) هكذا في المخطوطة، وفي إحكام الأحكام (الثامن)، وفي المتن (9)، فليتنبه لزيادة العدد عند آخر الحديث.
(2)
قال الزركشي رحمنا الله وإياه: ليست هذه اللفظة في شيء من رواية البخاري، وإنما هي من أفراد مسلم. اهـ، قال الصنعاني: مرادهم بهذه اللفظة أنها من أفراد مسلم دون البخاري في كلامه، وقد تبين له أنها من أفراد البخاري دون مسلم، وقال: لعله سبق قلم من الناسخ أو الزركشي. اهـ بتصرف، حاشية إحكام الأحكام (1/ 194).
(3)
هكذا بهمزتين وسكون الكاف في هذه الرواية، وفي رواية سليمان بن حرب: فكفأ، بفتح الكاف وبدون همزة، وهما لغتان بمعنى، يقال: كفأ الإناء وأكفأه: إذا أماله، وقال الكسائي: كفأت الإناء: كببته، وأكفأته: أملته، والمراد في الموضعين: إفراغ الماء من الإِناء كما صرح به في رواية مالك (185)، والبخاري، فتح البارى (1/ 291). انظر: حاشية الصنعاني (1/ 195).
واستنثر ثلاثًا بثلاث غرفات، ثم أدخل [يده (1) في الوضوء](2) فغسل وجهه (3) ويديه فغسلهما إلى المرفقين مرتين (4)، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة ثم غسل رجليه (5) ".
وفي رواية: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه".
وفي رواية: "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماءً [من] (6) تور من صفر".
(1) قال الصنعاني في الحاشية (1/ 195): قال الحافظ: "يده" مقدمة لأنها لأكثر الرواة الحفاظ. قال: "ثم أدخل يده" كذا بالإِفراد في رواية مسلم وأكثر ألفاظ البخاري وفي بعضها "يديه" بالتثنية. اهـ.
(2)
زيادة من ن ب، وفي إحكام الأحكام ساقطة.
(3)
يلاحظ فيه سقط "ثم أدخل يده في التور"، (ويديه) تكون زائدة.
(4)
قال في الحاشية (1/ 195) للصنعاني: "إلى المرفقين مرتين" كذا في نسخة العمدة لفظ مرتين، ولفظ البخاري في كذا الحديث "مرتين مرتين". قال الحافظ: كذا بتكرار مرتين. قلت: وكذا هو في مسلم مكرر ولم ينبه الزركشي على هذا. اهـ.
(5)
رواه البخاري برقم (185)، وفي مواضع مختلفة من كتابه (186، 191، 192، 197، 199)، ومسلم برقم (235)، وأبو داود برقم (118، 119، 120)، والترمذى برقم (35، 47)، والنسائي (1/ 71/ 72)، ومالك في الموطأ (1/ 18) لكن فيه زيادة "وهو جد عمرو بن يحيى المازني"، قال ابن عبد البر: هكذا في الموطأ عند جميع رواته وانفرد به مالك ولم يتابعه عليه أحد
…
إلخ. انظر: تنوير الحوالك (1/ 31).
(6)
في ن ب (في).
التور: شبه الطست.
الكلام عليه من ثلاثين وجهًا:
الأول: في التعريف برواته، وهم أنصاريون مازنيون.
أما عمرو بن يحيى: فثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو ابن بنت عبد الله بن زيد بن عاصم، روى عن أبيه وعباد بن تميم وغيرهما، وعنه: يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن أبي كثير -وهما من أقرانه- وخلق، مات سنة أربعين ومائة، وأمه أم النعمان بنت أبي [حية](1).
وأما والده: يحيى، فهو ابن عمارة بن أبي حسن واسمه تميم بن عبد عمرو بن قيس [بن محارب](2) بن الحارث بن ثعلبة مازن بن النجار، وقيل: اسمه كنيته، مازني أنصاري مدني تابعي، روى عن أبي سعيد الخدري وغيره، وعنه الزهري وغيره، أخرج له الستة، ووثقه النسائي وابن خراش، وعمارة بن أبي حسن جد عمرو صحابي عقبي بدري، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، يعني ابن منده، وفيه نظر، وقال [أبو] (3) عمر: له صحبة
(1)(حنَّه) كما في طبقات ابن سعد القسم المتمم، ت: د. زياد منصور (292)، وقد ذكر في التعليق حيه، وكذا في الفتح (1/ 290). وانظر: الاختلاف في اسمها والرد على من قال إنها بنت عبد الله بن زيد: تنوير الحوالك (1/ 31).
(2)
في ن ب (مَحُرِّث)، كما في طبقات ابن سعد. القسم المتمم، ت: د. زياد منصور (291).
(3)
في ن ب ج (ابوا).
ورواية، ووقع في كلام ابن العطار شارح هذا الكتاب: أنه لا تعرف له رواية، قال أبو عمر: وأبوه أبو [حسن](1)، كان عقبيًا بدريًا.
وأما عمرو بن أبي حسن: فذكره أبو موسى المديني في الصحابة، فقال عمرو بن أبي حسن الأنصاري: ثم أسند [من](2)
حديث عمرو بن يحيى بن عمارة عن [عمه](3)[(4)] عمرو بن أبي حسن قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض واستنشق مرة واحدة. وقال الشيخ شرف الدين الدمياطي: عمرو بن أبي حسن تميم بن عبد عمرو، ثم ساق نسبه كما تقدم، قال: وأبو حسن له صحبة ومشاهدة وليس بجد [لعمرو](5) بن يحيى بن عمارة ابن أبي حسن، وإنما هو [عمرو](6)[عن](7) أبيه يحيى بن عمارة، وقد جاء مبينًا في باب الوضوء من التور من صحيح البخاري (8) عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال: كان [عمي](9) يكثر من الوضوء، قال
(1) في ن ب (الحسن).
(2)
في ن ب (في).
(3)
في الأصل (عمره)، والتصحيح من ب ج.
(4)
في الأصل (عن)، وفي ن ب ج محذوفة. ولا يستقيم الكلام إلَّا بحذفها؛ لأنه بوجودها يكون في الإِسناد زيادة راوي.
(5)
في ن ب (لعمر).
(6)
زيادة من ن ب.
(7)
في الأصل (عم)، ولعله تصحيف، وما أثبت من ب.
(8)
في الصحيح برقم (199) الفتح.
(9)
في الأصل (عمرو)، والتصحيح من ب ج.
لعبد الله بن زيد: "أخبرني كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ" الحديث، وعمارة وعمرو وعمر أولاد أبي حسن، وفي البخاري (1): في باب مسح الرأس كله عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رجلًا قال لعبد الله بن زيد -وهو جد عمرو بن يحيى (2) -: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فذكر الحديث، ورواه في أسباب غسل الرجلين (3) إلى الكعبين، وفي أسباب مسح الرأس مرة (4) كما رواه المصنف، ورواه في باب من [مضمض](5) واستنشق من غرفة واحدة (6)،
(1) برقم (185).
(2)
قال السيوطي -رحمنا الله وإياه- في تنوير الحوالك (1/ 31): هذا وهم قبيح من يحيى بن يحيى أو من غيره، قال: وأعجب منه أنه سئل عنه ابن وضاح وكان من الأئمة في الحديث والفقه، فقال: هو جده لأمه، ورحم الله من انتهى إلى ما سمع ووقف دون ما لم يعلم، وكيف جاز هذا على ابن وضاح والصواب في المدونة التي كان يقرؤها ويرويها عن سحنون وهي بين يديه ينظر فيها كل حين، قال: وصواب الحديث "مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أن رجلًا قال لعبد الله بن زيد -وهذا الرجل هو عمارة بن أبي حسن المازني وهو جد عمرو بن يحيى المازني-. اهـ قال الشيخ ولي الدين العراقي في شرح أبي داود: وهو حسن.
(3)
برقم (186) الفتح.
(4)
برقم (192) الفتح.
(5)
في ن ج (توضأ)، وفي تبويب البخاري كما في الأصل.
(6)
برقم (191) الفتح.
بإسقاط عمرو بن أبي حسن، رواه عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد، والرجل المذكور في الرواية الأولى الظاهر أنه عمرو بن أبي حسن، وأسقطه [من](1) الرواية الأخيرة؛ لأن والد عمرو بن يحيى شهد ذلك من عبد الله بن زيد.
تنبيه: قوله "قال شهدت عمرو بن أبي حسن" كأنه قال: شهدت أبا عمرو، (2) نسبه إلى جده الصحابي تشريفًا له، [ولم ينسبه إلى نفسه أدبًا، كذا](3) قاله ابن العطار في شرحه، وقد علمت أنه عمه لا جده؛ لأن أباه عمارة.
وأما عبد الله بن زيد: فهو ابن عاصم الأنصاري المازني المدني، أمه: أم عمارة، [عم](4) عباد بن تميم، له ولأبويه صحبة ولأخيه [خبيب](5) بن زيد الذي قطّعه مسيلمه عضوًا عضوًا فقضى أن عبد الله هو الذي قتل مسيلمة، شارك وحشيًا في قتله، وروي من وجه غريب عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: أنا قتلت مسيلمة، فيحتمل أنه شاركه فيه، وقد شهد عبد الله أُحدًا هو وأمه: أم عمارة نسيبة بفتح النون وكسر السين بنت كعب
(1) في ن ب (فيه).
(2)
في الأصل (أو)، وما أثبت من ن ب.
(3)
في ن ج ساقطة.
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في ن ج (جبير).
[التي قتلها](1) مسيلمة الكذاب، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال له يومئذ:"رحمة الله عليكم أهل البيت"(2) وعبد الله هذا راوي حديث [صلاة](3) الاستسقاء الآتي في بابه، والحديث الآتي في باب المذي (4) وباب الزكاة أيضًا.
وقد وهم ابن عيينة (5) فزعم أنه الذي أُري الأذان، فإن الذي رآه عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج (6) أبو محمد الأنصاري الخزرجي، شهد بدرًا والعقبة، وكانت رؤياه الأذان في السنة الأولى من الهجرة بعد بناء [رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده](7)، وقال عليه السلام:"هذه [رؤيا] (8) حق"(9)، ومات بالمدينة سنة اثنين وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة، وصلى عليه
(1) هكذا العبارة في الأصل وباقي النسخ، ولعلها: التي قطعت يدها يوم مسيلمة أي في حرب الردة؛ لأنه موجود في الإصابة: وقطعت يدها (8/ 198)، وفي الطبقات (8/ 416) لابن سعد.
(2)
في الطبقات لابن سعد (8/ 415).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
في ن ب زيادة (في)، وستأتي هذه الأحاديث في هذا الكتاب في أبوابها الثلاثة.
(5)
قال النسائي (3/ 155): هذا غلط من ابن عيينة، وعبد الله بن زيد الذي أُري النداء هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وهذا عبد الله بن زيد بن عاصم. اهـ.
(6)
انظر: نسبه في مستدرك الحاكم (3/ 325).
(7)
في ن ب تقديم وتأخير.
(8)
زيادة من ن ب.
(9)
الترمذي (1/ 359).
عثمان بن عفان (1). قال البخاري: فيما نقله الترمذي لا يعرف له غير حديث الأذان.
قلت: بل له حديث ثان وثالث، وقد ذكرتهما في تخريجي لأحاديث الرافعي فاستفدهما منه فإن ذلك يساوي رحلة (2)، وعبد الله هذا لم يُخرج له [الشيخان](3) شيئًا، وقد نص على ذلك الحافظ أبو الحسن بن المفضل المقدسي.
وأما راوي حديث الوضوء فأخرج له الستة، وجملة أحاديثه ثمانية وأربعون حديثًا، اتفقا على ثمانية منها.
روى عنه ابن أخيه عباد، وسعيد بن المسيب ويحيى بن عمارة زوج ابنته، وغيرهم.
قتل بالحرة في ذي الحجة عن سبعين سنة، وكانت الحرة في آخر سنة ثلاث وستين، وقد ذكرت سبب تسميتها بالحرة فيما أفردته في معرفة رجال هذا الكتاب فراجعه منه فإنهما متفقان في الاسم
(1) في ن ب زيادة واو.
(2)
قال ابن حجر في الإِصابة (4/ 72) بعد كلام الترمذي هذا ونقل كلام ابن عدي: ولا نعرف له شيئًا يصح غيره، وأطلق غير واحد أنه ليس له غيره وهو خطأ. فقد جاءت عنه عدة أحاديث، ستة أو سبعة جمعتها في جزء، ثم نقل أن له في السنن للنسائي حديثًا، وهو في المستدرك للحاكم (3/ 336)، وذكر حديثًا آخر في التاريخ الكبير للبخاري وهو في الطبقات لابن سعد وفي المسند (4/ 42). انظر: البدر المنير لابن الملقن رحمة الله علينا وعليه (3/ 425).
(3)
في ن ب (البخاري).
واسم الأب والقبيلة، ويفترقان في الجد والبطن من القبيلة فالأول مازني، والثاني حارثي، وكلاهما أنصاريان خزرجيان فيدخلان في نوع المتفق (1) والمفترق من علوم الحديث، ووهم أبو القاسم البغوي فجعلهم ثلاثة، فإنه ذكر عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب حديث الأذان، ثم ذكر بعده عبد الله بن زيد بن عمرو المازني وذكر له حديثًا في الأذان، وقال: ليس له غيره، وعقد لعبد الله بن زيد بن عاصم ترجمة ثالثة، وذكر [من](2) حديثه، وحكى وفاته.
الوجه الثاني: "المازني" بالزاي والنون نسبة إلى مازن قبائل وبطون أحدها مازن الأنصار، منهم عبد الله بن زيد هذا وأخوه تميم بن زيد وابن أخيه عباد بن تميم وجماعة من الصحابة والتابعين، وعمرو بن يحيى وأبوه وجده منهم، ثم اعلم أن هذه النسبة تشتبه بالمأربي بالهمزة والراء والباء الموحدة، نسبة إلى مأرب: ناحية باليمن، وهي التي [استقطع](3) أبيض بن حمال النبي صلى الله عليه وسلم ملحها، وقد يقال في النسبة إليها مآربي بالمد على الجمع، وإليه ينسب جماعة، وذكر الأمير مع هاتين النسبتين المازني وقال هو محمد بن [الحسين](4) النيسابوري.
الثالث: الوضوء هنا بضم الواو كما أسلفته لك في الحديث قبله واضحًا.
(1) في ن ب (عليه).
(2)
في ن ج (في).
(3)
في ن ب (استطع).
(4)
في ن ب (الحسن).
الرابع: معنى أكفأ: أمال وصب وهو مهموز، قال الجوهري: كفأت الإِناء: قلبته وكفيته فهو مكفوء.
واختلف هل يستعمل رباعيًا وثلاثيًا بمعنى واحد، أو كفأت ثلاثيًا بمعنى قلبت، وأكفأت رباعيًا بمعنى أملت، وهو مذهب الكسائي وغيره.
ومعنى دعا بتور: طلبه.
الخامس (1): التور: بالتاء المثناة فوق [معرب فارسي](2)، قاله أبو عبيد كما حكاه صاحب "المعرب"، وقال صاحب المحكم: هو عربي، وقيل: دخيل (3)، قال: وهو مذكر، وحكى الزمخشري في أساس (4) البلاغة: تأنيثه، [وقد] (5) فسره المصنف بأنه شبه الطست. [وعبارة] (6) الجوهري (7): هو إناء يشرب فيه، زاد المطرزي (8): صغير.
(1) قال في حاشية ن ج: ينبغي تقديم الخامس على الرابع جزمًا على عادتنا في شرح الحديث متواليًا، قاله مؤلفه.
(2)
هذه الجملة فيها تقديم وتأخير عن ن ب. انظر: المعرب (86)، وشرح أحمد شاكر.
(3)
انظر: الجمهرة لابن دريد (2/ 14)، واللسان (4/ 96)، والمغرب (1/ 109).
(4)
(ص 85).
(5)
في ن ب ساقطة.
(6)
في ن ب (وقال).
(7)
مختار الصحاح (40).
(8)
في ن ب ساقطة.
وعبارة العسكري في تلخيصه (1): يجعل فيه المحرضة، والجمع: أتوار. وعبارة أبي موسى في المغيث (2): هو إناء شبه إجانة من صفر أو حجارة، [يتوضأ فيه ويؤكل. وعبارة صاحب المطالع: هو مثل قدح من حجارة، وعبارة ابن الأثير: إناء من صفر أو حجارة] (3). وعبارة الشيخ تقي الدين (4): إنه الطست. وعبارة غيرهم: [إنه](5) مثل الإِجانة يشبه القدر ويكون من حجارة ومن نحاس، وهي متقاربة. والتور: لفظ مئترك يطلق على [ما ذكرناه](6) وعلى الرسول بين القوم.
والطست: في كلام المصنف بفتح الطاء وكسرها وبحذف التاء والطسة أيضًا لغات.
السادس: قوله: "من ماء" الظاهر أنه من باب تسمية الشيء بما يجاوره كالراوية، "ومن" هنا لبيان الجنس ليس إلَّا، وعبارة الشيخ
تقي الدين (7) في هذه الرواية مجاز أي من إناء ماء [أي](8) على حذف مضاف.
(1) التلخيص (1/ 298).
(2)
المجموع المغيث (1/ 246).
(3)
في ن ب ساقطة. انظر: النهاية (1/ 199).
(4)
إحكام الأحكام مع الحاشية (1/ 196).
(5)
في ن ب ساقطة.
(6)
في ن ب (ذكرنا). انظر: الجمهرة (2/ 14)، وتهذيب اللغة (14/ 310)، والمعرب (86).
(7)
إحكام الأحكام مع الحاشية (1/ 208).
(8)
في ن ساقطة.
واستعمل الحقيقة في الرواية الثانية في قوله: "في تور من صفر" والصفر -بضم الصاد وكسرها والضم أفصح- وأشهر، [وانفرد أبو عبيدة بالكسر، وهو النحاس](1)، وزعم ابن درستويه أنه سمي صفرًا لصفرته وهو الذي يصبغ بالنوشادر، وقال القزاز: هو
النحاس الجيد، وفي المحكم: إنه ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صُفر فيه واحدته صفرة، وسمي النحاس شبهًا بفتح الشين والباء وبكسر الشين وإسكان الباء؛ لأنه يشبه الذهب.
السابع: قوله: "فتوضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم". تقديره: وضوءًا نحو وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فحذف المصدر وصفته وهو المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وهذا من باب المبالغة في التشبيه، كقولهم: زيدٌ أسد.
الثامن: قوله: "فأكفأ على يديه من التور فغسل يديه: ثلاثًا"، فيه استحباب غسل اليدين في ابتداء الوضوء لغير المستيقظ.
التاسع: قوله: "ثم أدخل يده في التور فمضمض
…
" إلى آخره، فيه جواز الوضوء من آنية الصفر، وكره الغزالي في الإِحياء التوضي من إناء صفر، ورواه عن ابن عمر وأبي هريرة، ونقله القاضي عن عمر ونحا به ناحية الذهب؛ لأنه صفر، أصفر، وروى ابن أبي شيبة (2) عن معاوية: "نهيت أن
(1) في ن ب (وهو النحاس وانفرد أبو عبيد بالكسر).
(2)
في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 38)، وفي ن ب (لنهيه أن يتوضأ في النحاس). قال في مجمع الزوائد: وفيه عبيدة بن حسان، وهو منكر =
أتوضا [في](1) النحاس" رواه عن يحيى بن سليم عن ابن جريج عنه، وهذا الحديث يرد عليهم، لكن من قال بالكراهة خصها
بوجدان غيره وليس في الحديث وجدان غيره ولا عدمه.
وفي كتاب "الطهور"(2) لأبي عبيد القاسم بن سلام عن ابن سيرين: "كانت الخلفاء تتوضأ في الطست" وعن الحسن: "رأيت عثمان يُصب عليه من إبريق"(3) يعني نحاسًا.
قال أبو عبيد: وعلى هذا أمر الناس في الرخصة والتوسعة في الوضوء في آنية النحاس وأشباهه من الجواهر [لا استثناء](4) يروى عن ابن عمر في الكراهة (5).
وقال ابن المنذر (6): رخص كثير من أهل العلم في ذلك، وبه قال الثوري وابن المبارك والشافعي وأبو ثور، وما علمت أني رأيت أحدًا كره الوضوء في آنية الصفر والنحاس والرصاص وشبهه، والأشياء على الإِباحة، وليس يحرم ما هو
= الحديث (1/ 215/ 4/ 292). وانظر: المعجم الكبير للطبراني (19/ 349).
(1)
ابن أبي شيبة (1/ 38)، وفي الأصل (من) وما أثبت من المصنف.
(2)
(ص 43).
(3)
ابن أبي شيبة (1/ 37)، والأوسط لابن المنذر (1/ 315).
(4)
في ن ب (إلَّا يروى).
(5)
انظر: سبب كراهة ابن عمر له من أجل ريحه. عبد الرزاق (1/ 59)، وابن أبي شيبة (1/ 37)، وحكاه ابن حجر في الفتح (1/ 303).
(6)
الأوسط (1/ 316).
مباح [بموقوف](1) ابن عمر. قال ابن (2) بطال: وقد وجدت عن ابن عمر أنه توضأ فيه، وهذه [الرواية](3) أشبه بالصواب،
وكان الشافعي [وأبو ثور، وإسحاق](4) يكرهون الوضوء في آنية الذهب والفضة وبه نقول، ولو توضأ فيه مُتَوَضيء أجزأه وقد
أساء، وعن أبي حنيفة (5): أنه كان يكره الأكل والشرب في آنية الفضة، ولا يرى بأسًا بالمفضض، وكان لا يرى بالوضوء فيه بأسًا. وفي سنن أبي داود (6) بإسناد ضعيف عن عائشة:"كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تور من شبه"، وفي مسند أحمد بسند صحيح عن زينب بنت جحش أنه عليه السلام "كان يتوضأ [من](7)
(1) في الأصل (موقوف)، وما أثبت من ن ب. وفي الأوسط لابن المنذر (بوقوف).
(2)
قال عبد الرزاق: "كان ابن عمر يغسل قدميه في طست من نُحاس" ولما سئل عن الوضوء في النحاس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه في سطل من نحاس".
(3)
في ن ب ساقطة.
أقول: ذكر هذه الرواية ابن المنذر في الأوسط (1/ 317).
(4)
في في ن ب تقديم وتأخير.
أقول: ذكر هذا ابن المنذر في الأوسط (1/ 318).
(5)
انظر: مختصر الطحاوي (436، 437)، والأوسط لابن المنذر (1/ 318).
(6)
أخرجه أبو دارد برقم (98، 99) من طريقين إحداهما منقطعة وفيها مجهول، والثانية متصلة وفيها مجهول.
(7)
في ن ب (في).
مخضب [من](1) صفر" (2).
العاشر: تقدم الكلام على المضمضة والاستنشاق والاستنثار في الحديث السادس والعاشر وذكر الخلاف في أحكامها، والكلام [هنا](3) في كيفيتها فصلًا وجمعًا، وفي المسألة خمسة أوجه عندنا مبسوطة في (شرحَي المنهاج والتنبيه) وغيرهما، وصحح الرافعي أن الفصل بغرفتين أفضل (4)، وصححه النووي (5) أن الجمع بثلاث غرفات أفضل وهو ظاهر الحديث، [وإن كان يحتمل من حيث اللفظ غير ذلك، وهو أن تفاوت العدد بين المضمضة والاستنثاق مع اعتبار ثلاث غرفات، إلَّا أنه لا يعلم قائلًا بأفضليته، مثاله: أن يغرف غرفة فيتمضمض منها مرة مثلًا ثم أخرى فيتمضمض منها مرتين ثم أخرى فيستنشق ثلاثًا وغير ذلك من الصور التي تعطي هذا المعنى، فيصدق على هذا أنه تمضمض واستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات](6).
(1) في ن ب (في).
(2)
المسند (6/ 324)، وابن ماجه (472)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 315).
(3)
في ن ب ج (ها هنا).
(4)
انظر: البدر المنير لابن الملقن رحمنا الله وإياه (3/ 275)، حيث ذكر المسألة مفصلة بأدلتها.
(5)
المجموع (1/ 362، 363).
(6)
في ن ب ساقطة.
ومذهب مالك أن الفصل أفضل لحديث في سنن أبي داود (1)(2)، قال المازري (3): هذا هو المختار؛ لأنهما عضوان
متعددان فيتعدد الماء لهما كبقية الأعضاء.
قال: وقيل: يغسلان ثلاث مرات من غرفة واحدة؛ لأنهما كعضو واحد.
وقيل: يجمعان في كل غرفة؛ لأنهما كالعضو الواحد فيتكرر فيه أخذ الماء.
الحادي عشر: فيه دلالة على المغايرة بين الاستنشاق والاستنثار كما نبهنا عليه في الحديث السادس وغيره.
الثاني عشر: [قوله: "غرفات"](4) يجوز لك في قراءته فتح الغين والراء، وضمهما، وضم الغين مع إسكان الراء وفتحها، وهي
لغات، نبّه على ذلك النووي في شرح المهذب (5).
الثالث عشر: قوله: "ثم أدخل يده فغسل وجهه" كذا في
(1) أي حديث الفصل بين المضمضة والاستنشاق، في السنن كتاب الطهارة، باب: الوضوء مرة مرة (1/ 96). وانظر تفصيل المسألة بأدلتها في البدر المنير لابن الملقن رحمنا الله وإياه (3/ 275).
(2)
في ن ب زيادة واو.
(3)
المازري: تقدمت ترجمته (من 308).
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
المجموع (1/ 355).
صحيح مسلم (1)(يده) بالإفراد وكذا في أكثر روايات البخاري، وفي بعضها (يديه)، وفي بعضها "يده وضم إليها الأخرى"، وهي دالة على جواز الأمور الثلاثة وأن الجميع سنة، [ويجمع](2) بين الأحاديث فإنه عليه السلام فعل ذلك في مرات، وهي ثلاثة أوجه عندنا: أصحها: -وهو منصوص البويطي والمزني- (3) أن المستحب أخذ الماء للوجه باليدين جميعًا؛ لكنه [أشرف](4)، ولأنه أقرب إلى الاستيعاب، وهذا الخلاف محكي عند المالكية أيضًا في أخذ الماء للرأس فقيل: باليمنى، وقيل: بهما، وقيل: مخير.
الرابع عشر: قوله: "ثم غسل وجهه" تقدم الكلام على غسل الوجه وحدّه في الحديث قبله.
الخامس عشر: قوله: "ويديه إلى المرفقين مرتين" كذا في شرح الشيخ تقي الدين (5)، [وفي](6) الفاكهي وغيره "ثم أدخل يديه مرتين إلى المرفقين" وفيه حذف أي فغسلهما مرتين، فالعامل في مرتين "أدخل" و"إلى" متعلقة بالمحذوف.
السادس عشر: قوله: "مرتين" فيه دلالة على جواز التكرار ثلاثًا في بعض الأعضاء واثنين في بعضها وهو إجماع.
(1) انظر: أول الحديث.
(2)
في الأصل (وجمع)، والصحيح من ن ب ج.
(3)
مختصر المزني (من 2).
(4)
في ن ب (أشرفه).
(5)
إحكام الأحكام مع الحاشية (1/ 199).
(6)
في ن ب (في).
السابع عشر: قوله: "ثم أدخل يده" يعني في التور، فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة: فيه دلالة لمن قال بعدم التكرار
في المسح، وقد تقدم ما فيه في الحديث قبله.
الثامن عشر: اختلف [الفقهاء](1) في الإقبال والإدبار هل هو بالنسبة إلى الرأس، أو بالنسبة إلى الشعر، أو بالنسبة إلى الناصية إلى الوجه ثم إلى [مؤخر](2) الرأس ثم إلى ما بدأ منه؟ على ثلاثة مذاهب، وهذا الحديث مطلق في الإِقبال والإِدبار من غير تحديد ابتداء غاية وانتهائها في الرأس، لكنه ذكر في الرواية الثانية في قوله "بدأ بمقدم الرأس حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه" فهذه الرواية ظاهرة في الأول وهو مذهب الشافعى ومالك رحمهما الله، فقالا: يبدأ بمقدم الرأس الذي يلي الوجه [ويذهب](3) إلى القفاء ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر من حد الوجه.
ولو لم ترد رواية التحديد بالابتداء والانتهاء لكان الإِطلاق في الرواية [الأولى](4) جوابًا من حيث إنهم قالوا: الإِقبال لا يكون ابتداؤه إلَّا من مؤخر الرأس، والإِدبار لا يكون ابتداؤه إلَّا من مقدم الرأس، لو سلم، مع أنهم استدلّوا عليه برواية حسنة وردت في حديث الربيع -بضم الراء- بنت معوذ رضي الله
(1) في ن ب (العلماء).
(2)
في الأصل (موضع)، والتصحيح من ن ج.
(3)
في ن ب (فيذهب).
(4)
في ن ب (أولى).
[عنهما](1) رواها أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنها (2)، وقال: حديث عبد الله بن زيد أصح منها وأجود إسنادًا [وهي](3) أنه بدأ بمؤخر رأسه ويمر إلى جهة الوجه ثم [رجع](4) من مقدمه إلى المؤخر، وبه قال الحسن ابن حيي كما نقله [أبو](5) عمر، وهي محمولة على الجواز لا على الأفضل أو على حالة أو وقت، [فلا](6)
(1) في ن ب (عنها).
(2)
الترمذي (33)، وابن ماجه (1/ 86)، وأبو داود مطولًا (1/ 48) عن مسند عن بشر، وأحمد (6/ 358، 359) بأسانيد وألفاظ مختلفة. وروى الحاكم منه مسح الأذنين فقط (1/ 152)، قال العلامة أحمد شاكر في الترمذي (1/ 48): حديث الربيع حديث صحيح، وإنما اقتصر الترمذي على تحسينه ذهابًا منه إلى أنه يعارض حديث عبد الله بن زيد، ولكنهما عن حادثتين مختلفتين فلا تعارض بينهما حتى يحتاج إلى الترجيح، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بمقدم الرأس وكان يبدأ بمؤخره وكل جائز.
وأما الشارح المباركفوري رحمه الله: فإنه فهم أن الترمذي حسنه للخلاف في عبد الله بن محمد بن عقيل، وليس كذلك؛ لأن ابن عقيل ثقة وقد سبق الكلام عليه في حديث رقم (3)، وآية ذلك أن الترمذي في الباب الآتي صحح حديث الربيع من طريق ابن عقيل وهو نفس هذا الحديث برواية أخرى. اهـ، وانظر البدر المنير (3/ 423). قال في التمهيد (20/ 125): وأصح حديث في هذا حديث عبد الله بن زيد.
(3)
في ن ب (وهو).
(4)
في السنن "ذهب"، ويتضح أن المصنف ساقه بالمعنى. انظر: البدر المنير (3/ 423).
(5)
في الأصل (ابن)، والتصحيح من ن ب ج. انظر: الاستذكار (2/ 28)، والتمهيد (20/ 125).
(6)
في ن ب (ولا).
يعارض ذلك الرواية المفسرة عن عبد الله بن زيد.
والجواب عن رواية الإِطلاق في الإِقبال والإِدبار: أن "الواو" لا تدل على الترتيب [ففيه](1) تقديم وتأخير، والتقدير: أدبر وأقبل، وقد جاء كذلك مصرحًا به في حديث عبد الله بن زيد المذكور في صحيح البخاري ولفظه" [فمسح برأسه فأدبر به] (2) وأقبل"(3) وابتدأ بالإِقبال في هذه الرواية [في الكتاب](4) تفاؤلًا، وعكس هذا قوله تعالى:{ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)} (5)، والمراد على ما قيل: ثم أقبل يسعى، كما نقول: أقبل فلان يفعل كذا [بمعنى](6) أنشأ يفعل، فوضع أدبر موضع أقبل [لئلا](7) يوصف بالإِقبال، قاله الزمخشري (8). ويصح أيضًا جعل الإِقبال من جهة الشعر من نباته من جهة القفا، والإِدبار إليه على معنى الفرق بين الذهاب إليه والوصول، وهو بعيد؛ للبدآة بالرأس لا بالشعر في رواية الكتاب.
قال الشيخ تقي الدين: وعندي فيه جواب آخر وهو أن الإِقبال
(1) في ن ب (فيه).
(2)
في ب (ومسح رأسه فأدبره بيده).
(3)
هذه رواية البخاري برقم (199).
(4)
زيادة من ج.
(5)
سورة النازعات: آية 22.
(6)
في ن ب ساقطة.
(7)
في ن ب (فلا).
(8)
في الكشاف (4/ 182).
والإِدبار من الأمور الاضافية [أعني](1) أنه ينسب إلى ما تقبل [إليه](2) وتدبر [عنه](3)، والمؤخر [محل](4) يمكن أن ينسب الإِقبال إليه والإِدبار عنه، قال:[ويحتمل](5) أن يريد بالإِقبال: الإِقبال على الفعل لا [غيره](6) ويضعفه قوله: "وأدبر".
وصاحب المذهب الثالث: [قصر](7) المحافظة على قوله: "بدأ بمقدم رأسه" فإن الناصية مقدم الرأس، ويصدق عليه أنه أقبل أيضًا فإنه ذهب إلى ناحية الوجه وهو القبل، إلَّا أن الرواية الثانية المفسرة قد تعارض هذا فإنه جعله بادئًا بالمقدم إلى غاية الذهاب إلى قفاه، وهذه الصفة التي لهذا القائل تقتضي أنه ذهب بمقدم رأسه غير ذاهب إلى قفاه بل إلى ناحية وجهه، وهي مقدم الرأس.
قال الشيخ تقي الدين: ويمكن أن يقول هذا القائل: إن البداءة بمقدم الرأس تمتد إلى غاية الذهاب إلى المؤخر وابتداء الذهاب من حيث الرجوع من منابت الشعر من ناحية الوجه إلى القفا، والحديث إنما جعل البدأة بمقدم الرأس يمتد إلى غاية الذهاب إلى القفا [لا](8)
(1) في ن ب (غير)، وما أثبت يوافق الأحكام مع الحاشية (1/ 204).
(2)
في ن ب (ما يقبل عليه ويدبر)، هكذا في الأحكام.
(3)
في ن ب ساقطة، وهي موجودة في الأحكام.
(4)
في ب ج ساقطة، وهي موجودة في الأحكام.
(5)
في ن ب (فيحتمل)، وما أثبت يوافق الأحكام.
(6)
في ن ب (غير)، وما أثبت يوافق الأحكام.
(7)
في ن ب (قصد)، وما أثبت يوافق الأحكام.
(8)
في ن ب ساقط.
إلى غاية الوصول إلى القفا [وفرق بين الذهاب إلى القفا](1) وبين الوصول إليه، وقد أسلفت هذا.
وقال ابن بزيزة المالكي: حكي عن جدنا الفقيه العابد الولي المشهور محرز بن خلف: أن "أقبل" هنا مأخوذ من القبل في العين
وهو ميل الناظر، وكثيرًا ما يكون في الخيل يقال: فرس أقبل، فمعنى أقبل بهما: أمالهما.
فتحصلنا على خمسة أجوبة:
أحدها: أن الواو لا تدل على الترتيب.
ثانيها: أن الإِقبال من جهة الشعر من جهة القفا والإِدبار إليه.
ثالثها: أنها من الأمور الإِضافية.
رابعها: أنه يحمل الإِقبال على الإِقبال بالفعل [لا غيره](2).
خامسها: المعنى: أمالهما.
التاسع عشر: الحكمة في الإِقبال والإِدبار مسح وجهي الشعر متلاقى في رد يديه [ملاقاة](3) في إقبالهما، وعبارة بعضهم: لتقييم النائم وتنييم القائم لا جرم كان الذهاب والإياب مرة على الأصح، ثم إنما يستحب الرد لمن له شعر مسترسل، أما من لا شعر له أو حلق رأسه وطلع منه يسير فلا يستحب له الرد؛ لأنه لا فائدة فيه،
(1) في الأصل ساقطة.
(2)
في ن ب (لا غير).
(3)
في ن ب (ما لاقاه).
وكذا لا يستحب الرد لمن له شعر كثير مضفور، ويكون الحديث خرج مخرج الغالب، فلو فعل في هذه الحالة لا يستحب له مرة ثانية، لأن الماء صار مستعملًا بالنسبة إلى ما سوى تلك المسحة، نقله الرافعي عن البغوي وجزم به النووي في الروضة (1) وشرح مسلم (2).
العشرون: قوله: "ثم غسل رجليه" قد تقدم الكلام عليه في الحديث قبله فأغنى عن إعادته.
الحادي والعشرون: قول المصنف: وفي [رواية](3): "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماءًا في تور من صفر" وهي رواية عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد قال: "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماءًا في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه مرتين مرتين ومسح رأسه فأقبل بهما وأدبر وغسل رجليه". كذا أخرجه البخاري في صحيحه (4)، ولم أر هذا الإِسناد ولا المتن هكذا في مسلم، فكان ينبغي للمصنف إذن أن
يقول: وفي رواية للبخاري، فتنبه لذلك.
الثاني والعشرون: لا دلالة في الحديث على وجوب استيعاب الرأس بالمسح؛ لأن الحديث وارد [إلى](5) إكمال الوضوء لا في ما لا بد منه.
(1) الروضة (1/ 60).
(2)
شرح مسلم (3/ 124).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
البخاري برقم (197).
(5)
في ج (في).
الثالث والعشرون: فيه دلالة على استئناف أخذ الماء لمسح الرأس، وجاء في صحيح مسلم (1)"فمسح بماء غير فضل يديه"
وكلا الحديثين حجة على الحسن والأوزاعي وابن الماجشون حيث قالوا فيما حكاه القاضي عنهم: يجوز مسح الرأس بفضل ذراعيه، نعم إذا حملوا أفعاله [صلى الله عليه وسلم](2) التي ليست بيانًا للمجمل على الندب فلا يتم الاستدلال عليهم.
الرابع والعشرون: لم يذكر المصنف في روايته حد الغسل في الرجلين، وفي البخاري في هذا الحديث في بعض طرقه:"ثم غسل رجليه إلى الكعبين"(3) وكذا هو في صحيح مسلم، والأصح أنهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، وقيل معقد الشراك، واختلف قول مالك في إدخالهما في الغسل كما اختلف قوله في دخول المرفقين.
الخامس والعشرون: لم يجىء في هذا الحديث مسح الأذنين، ولا خلاف أن طهارتهما مشروعة وأن من اقتصر على مسحهما دون مسح رأسه لا يجزئه، والأصح عند الشافعية: أنهما عضوان مستقلان، وعند المالكية: أنهما من الرأس.
(1) مسلم مع النووي (3/ 125)، وجاء في رواية أخرى (3/ 123):"ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه"، أي أدخل يده في الإناء، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: في صفة وضوه النبي صلى الله عليه وسلم (19)، والترمذي في أبواب الطهارة، باب: ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماءً جديدًا (35).
(2)
زيارة من ن ب. انظر: الاستذكار (2/ 35).
(3)
البخاري برقم (186).
وقيل: إنهما من الوجه يغسلان معه.
وقيل: ما أقبل من الوجه وما أدبر من الرأس.
السادس والعشرون: قال القاضي عياض: لم يجىء في هذه الأحاديث تخليل شعر اللحية (1) فدلَّ على أنه غير مشروع، وبهذا
احتج مالك على عدم تخليلها في مشهور قوله.
قلت: هذا استنباط غريب، فليس فيه أيضًا تخليل الأصابع ويلزم أن لا يكون سنة عنده ولا قائل به (2)، وقد صح [من](3) حديث عثمان رضي الله عنه أنه [صلى الله عليه وسلم](4) خلل لحيته الكريمة، وله اثني عشر شاهدًا ذكرتها موضحة في تخريج أحاديث الرافعي فراجعها منه (5).
(1) قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 87): الصواب أنه ليس في حديث عثمان الدلك ولا في حديث ابن عمر ذكر التخليل صريحًا.
(2)
قد جاء من حديث لقيط بن صبرة وفى الله عنه ولفظه: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع" الحديث. أخرجه الشافعي في المسند (15)، وأبو داود (142)، والشافعي (1/ 66)، والترمذي (788)، والدارمي (711)، وابن الجارود (80)، وابن خزيمة (150)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 50)، وفي المعرفة (1/ 214)، وقال البغوي في مصابيح السنة (1/ 22) هو حديث صحيح. اهـ.
(3)
في ن ب (في).
(4)
في ن ب عليه السلام.
(5)
أخرجه الترمذي (430)، وابن ماجه (1067)، والدارمي (710)، والدارقطني (1/ 91)، وابن خزيمة (151، 152). قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 87): فائدة: قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في =
السابع والعشرون: يؤخذ من الحديث جواز الاستعانة [بإ](1) حضار الماء للطهارة بلا كراهة.
الثامن والعشرون: يؤخذ منه أيضًا تعليم المتعلمين بالفعل إذا [كان](2) الفعل أبلغ في الفهم من القول.
التاسع والعشرون: يؤخذ منه أيضًا جواز إدخال اليد في الإِناء بعد غسلها وأن نية الاغتراف لا تجب، إذ لو وجبت لنقل.
الثلاثون: فيه إتيان الكبير إلى أتباعه، وابتداؤهم إياه بإحضار ماء الوضوء إذا علموا أن به حاجة إليه.
= تخليل اللحية شيء صحيح. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء. انظر: البدر المنير لابن الملقن رحمة الله علينا وعليه (3/ 394، 415) للاطلاع على الشواهد.
(1)
في ن ب (في).
(2)
في ن ب ساقطة.