المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس 18/ 5/ 2 - عن أبي قتادة الحارث بن - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمة المحقق

- ‌ترجمة موجزة للحافظ عبد الغني صاحب "العمدة

- ‌أولًا- مصادر الترجمة على حسب تواريخ وفيات مؤلفيها:

- ‌ثانيًا- ترجمته:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته:

- ‌عصر المقدسي:

- ‌أهم الأحداث التاريخية في عصره:

- ‌حالة المجتمع في عصره:

- ‌الحالة التعليمية:

- ‌مكانته العلمية:

- ‌ما قيل عنه في حفظه:

- ‌ألقابه وثناء العلماء عليه:

- ‌المحنة التي مرَّ بها الحافظ:

- ‌عقيدته:

- ‌تلاميذه والآخذون عنه:

- ‌ولداه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة المصنف "ابن الملقن

- ‌للاستزادة من الترجمة راجع:

- ‌اسمه:

- ‌لقبه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته الذاتية:

- ‌بدايته العلمية:

- ‌رحلاته العلمية:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌جمعه للكتب:

- ‌مصير هذه المكتبة:

- ‌عقيدته، وصوفيته:

- ‌مناصبه:

- ‌ابتلاؤه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌نذكر من مؤلفاته ما يلي:

- ‌ الإعلام بفوائد عمدة الأحكام

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌أبناؤه:

- ‌وفاته:

- ‌ الكتاب

- ‌عنوان الكتاب:

- ‌ترجيح العنوان:

- ‌وصف النسخ:

- ‌أهمية الكتاب

- ‌بيان عملي في الكتاب:

- ‌كتاب الطهارة

- ‌1 - باب الطهارة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث والرابع والخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والتاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌(الحديث الثالث عشر)

- ‌2 - باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌3 - باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌4 - باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌5 - باب في المذي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس 18/ 5/ 2 - عن أبي قتادة الحارث بن

‌الحديث الخامس

18/ 5/ 2 - عن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمسكنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء"(1).

الكلام عليه من تسعة أوجه:

الأول: في التعريف براويه: هو أبو قتادة الحارث بن ربعي بن [بلدمة](2) -بفتح الباء الموحدة والدال المهملة وسكون اللام بينهما-، ويقال: بضمهما، ويقال: بالذال -المعجمة المضمومة-، بن خناس -بضم الخاء المعجمة [ثم](3) نون ثم ألف ثم سين مهملة-، بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن

(1) رواه البخاري برقم (153، 154، 5630) في الوضوء، ومسلم برقم (267) في الوضوء، وأبو داود برقم (31)، والنسائي (1/ 43)، وأحمد في المسند (4/ 383)(5/ 296 و 309 و 310 و 311)، وابن ماجه برقم (310).

(2)

في ن ب (تلمذنه).

(3)

في ن ب بالواو.

ص: 489

كعب بن سَلِمة بكسر اللام، السلمي -بفتحها- ويجوز في لغة كسرها، المدني، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد أحدًا والخندق وما بعدهما من المشاهد واختلف في شهوده بدرًا فلم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق فيهم، وذكره بعضهم فيهم ولم يصح.

والمشهور في اسمه: ما ذكره المصنف.

وقيل: النعمان، قال الواقدي: وهو أثبت.

وقيل: عمرو. واشتهر بكنيته.

روى عنه ابنه عبد الله وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وخلق من التابعين، وروى أيضًا عن عمرو ومعاذ، روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث وسبعون حديثًا، انفرد البخاري بحديثين ومسلم بثمانية واتفقا على أحد عشر.

قال إياس بن مسلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة"(1)، وقال له عليه السلام يوم ذي قرد أيضًا:"اللهم بارك له في شعره وبشره"، وقال: "أفلح وجهك ما هذا [الذي](2) بوجهك؟

قلت: سهم رميت به يا رسول الله (3) قال فبصق عليه فما ضرب

(1) أخرجه مسلم في (32) الجهاد والسير (ص 1435)، وابن حبان (9/ 154)، والبيهقي في الدلائل (4/ 185) الفصة بكاملها.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب زيادة (صلى الله عليه وسلم).

ص: 490

عليَّ [ولا قاح](1)(2)، قال العسكري: وشَكَّ أبو قتادة اثنين في رمح يوم ذي قرد، وفي دلائل النبوة للبيهقي: أنه عليه السلام قال له يوم ذي قرد: "أبو قتادة سيد الفرسان، بارك الله قيس [يا أبا قتادة] (3) وفي ولدك وفي ولد ولدك [وفي ولد ولد ولدك] "(4).

وفي وفاته أقوال:

أحدها: سنة أربع وخمسين عن سبعين سنة، قاله ابن حبان وغيره.

ثانيها: أنه مات في خلافة علي، وصلى عليه وكبر سبعًا، حكاه ابن حبان، قال بعضهم: سنة ثمان وثلاثين، ابن [اثنين](5) وسبعين.

ثالثها: سنة أربعين، حكاه أبو [عمر، ويرجح](6) القول الأول ما علقه البخاري أن مروان أرسل لما كان على المدينة من قبل معاوية إلى أبي قتادة ليريه مواقف [النبي صلى الله عليه وسلم](7) وأصحابه. وأما ابن القطان فقال في كتاب الوهم والإِيهام: الصحيح أنه توفي [في](8)

(1) في ن ب (الأوقاح).

(2)

المستدرك (3/ 480).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في ن ب ج ساقطة.

(5)

في ن ب (اثنتين).

(6)

في ن ب (عمرو ورجح).

(7)

في ن ب (رسول الله صلى الله عليه وسلم).

(8)

في ن ب (ساقطة).

ص: 491

زمن علي وهو صلَّى عليه. وفي موضع قبره قولان، أشهرهما: بالمدينة. (1) ثانيهما: بالكوفة وهو غريب.

الثاني: هذا الحديث من [الآداب](2) النبوية الجامعة. وفي الحلية لأبي نعيم الحافظ عن عثمان رضي الله عنه قال: ما تغنيت (3) ولا تمنيت -يعني كذبت- ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا من التقوى والأدب الذي يؤتيه الله من يشاء من عباده. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: يميني لوجهي وشمالي لحاجتي. وقد امتخط ابنه الحسن بيمينه عند معاوية فقال له: بشمالك. وروى الترمذي الحكيم في علله عن أبي العالية قال: ما مسست فرجي بيميني منذ ستين سنة أو سبعين سنة. وفيه عن أبي الدرداء مرفوعًا: "من استنجى بيمينه فقد جعل للشيطان سلمًا إلى نفسه وفقد عقله حتى يذهب منه دينه وهو لا يشعر".

الثالث: ظاهر النهي عن مس الذكر باليمين في هذا الحديث خصوصية بحال البول، وورد في حديث آخر النهي عن مس الذكر

باليمين مطلقًا، لكن في تقييده بحالة البول تنبيه على رواية الإِطلاق،

(1) في ن ب زيادة واو.

(2)

في الأصل (الأدوات)، وما أثبت من ن ب.

(3)

في الحلية (1/ 60): وايم الله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام وما ازددت في الإِسلام إلَّا حياء، [ولا تمنيت يعني كذبتٍ غير موجودة، والنص موجود بكامله في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 152)(12/ 53)، ومعجم أبي يعلى الموصلي (178)، والأوسط لابن المنذر (1/ 338) وأحمد (6/ 165).

ص: 492

وأولى؛ لأنه إذا كان النهي عن المس باليمين حالة الاستنجاء مع مظنة الحاجة إليها فغيره من الحالات أولى، ومن العلماء مَن خصَّ النهي عن مس الذكر باليمين بحالة البول أخذًا بظاهر الحديث كما ذكرنا، ومنهم من أخذ بالنهي عن مسه مطلقًا أخذًا بالرواية المطلقة، وقد يسبق إلى الفهم أن المطلق يحمل على المقيد أو العام على الخامس فيخُص النهي بهذه الحالة، وفيه بحث أصولي نبه عليه الشيخ تقي الدين (1) وهو: أن القاعدة أن حمل العام على الخاص أو المطلق على المقيد ليس هو في باب المناهي وإنما في باب الأمر والإثبات؛ لما يلزم منه [من](2) الإِحلال باللفظ الدال على الخصوص أو المقيد، وأما في باب النهي فيلزم منه الإِخلال باللفظ الدال على الإِطلاق أو العموم مع تناول النهي وهو غيرُ سائغ، وهذا أيضًا بعد مراعاة النظر في روايتي الإِطلاق والتقييد أو العموم والخصوص: هل هما حديثان أو حديث مخرجه واحد؟ فإن كانا حديثين فالأمر على ما ذكرناه أولًا، وإن كان حديثًا واحدًا مخرجه واحد، اختلف عليه الرواة فينبغي حمل المطلق على المقيد، ويكون زيادةً مِن عَدْل وهي مقبولة عند الأصوليين والمحدثين، وهذا يكون أيضًا بعد النظر في دلالة المفهوم وما يعمل به منه وما لا يعمل به وبعد أن ينظر في تقديم المفهوم على ظاهر العموم.

(تنبيه): إن قلت: قد نهي عن الاستنجاء باليمين وعن مس

(1) ما قبله وما بعده من أحكام الأحكام بتصرف منه (1/ 258، 261).

(2)

في ن ج (في).

ص: 493

الذكر باليمين ولا بد للمستجمر من أحد [اليدين](1) لأنه إن أمسك ذكره بيمينه دخل في النهي عن مسه، وإن أمسك الحجر بها دخل في النهي عن الاستنجاء باليمين؟

والجواب: أنه لا يلزم منه أن يمسك الحجر بها بل يمكنه الاستجمار بحجر ضخم لايزول عن مكانه أو بجدار هو ملكه لا يتأذَّى مارّ بالتنجيس به حين استناده إليه إذا كان رطبًا ويمسك ذكره بيساره [فيحركه](2) بها من غير تكرار وضعه في الموضع الذي [وضعه](3)[أولًا](4) عليه؛ لئلا يتنجس رأس ذكره بوضعه ثانيًا عليه فلا يجزيه حينئذِ إلَّا الماء، [فلو](5) كان الحجر صغيرًا جعله بين عقبيه وفعل ما ذكرنا بالصفة المذكورة، فلو عجز أو شق عليه أخذ الحجر باليمين وجعله بمزلة حائط أو حجر كبير وحرك اليسار دون اليمين ومتى حرك اليمين دخل في النهي، وغلط من قال من أصحابنا: يمسك ذكره بيمينه والحجر يساره ويحركها.

فائدة: يستحب أن [لا](6) يستعين باليد اليمنى في شيء من أمور الاستنجاء إلَّا لعذر، وإذا استنجى بالماء صبَّ باليمين ومسح

(1) في ن ب ج (النهيين).

(2)

في ن ب (ويحركه).

(3)

في الأصل ساقطة، والزيادة من ن ب ج.

(4)

في الأصل (أولى)، والتصحيح من ن ب ج. انظر المبحث في المفهم (2/ 606).

(5)

في الأصل (واو)، وما أثبت من ن ب.

(6)

زيادة من ن ب ج.

ص: 494

باليسار، [وإن](1) كان بالحجر مسح باليسار أيضًا.

الرابع: الأصل في النهي التحريم إلَّا أن يدل على إرادة الكراهة، وقد حمله في هذا الحديث وأمثاله داود (2) الظاهري وكذا ابن (3) حزم على التحريم مطلقًا فقالا: لا يجوز مس الذكر باليمين إلَّا من ضرورة، والعجيب منهما أنهما أجازا مس المرأة فرجها بيمينها وشمالها، وأجازا لها مس [ذكر زوجها بيمينها وشمالها](4)، وأجاز مس الخاتن ذكر الصغير للختان باليمين، وكذا الطبيب، وحرموا مس الإِنسان ذكره.

وحكى القاضي عياض عن بعض أهل الظاهر: أنه لو استنجى بيمينه لا يجزئه، وبه صرَّح الحسين بن عبد الله الناصري منهم في

كتاب البرهان.

وجمهور الفقهاء: حملوا النهي هنا على الكراهة.

وبعض الشافعية كصاحب المهذب وغيرهم: اشاروا إلى التحريم.

وعن مالك: أنه مُسيء ويجزئه.

فائدة: الحكمة في النهي عن مس الذكر باليمين احترامها وصيانتها، أو لأنه إذا باشر النجاسة بها ربما تذكَّر عند تناوله الطعام

(1) في ن ب (فإن).

(2)

ذكره في معجم فقه السلف (1/ 28).

(3)

المحلي (1/ 95 مستلة 122).

(4)

زيادة من ن ج.

ص: 495

[أو الشراب](1) ما باشرت يمينه من النجاسة فينفر طبعه من ذلك.

فرع: المرأة كالرجل في حكم مس القبل والدبر باليمين؛ لأنَّ سبب النهي إكرام اليمين وصيانتها عن الأقذار ونحوها كما أسلفناه، وقد علمت تلك المقالة الغريبة العجيبة عن الظاهرية.

الخامس: يؤخذ من الحديث أنه إذا كان في يده خاتم فيه اسم الله تعالى، لا يستنجي وهو في يده؛ لأنه إذا نزهت اليمنى عن ذلك فذكر الله أولى وأعظم، وقد [كره](2) مالك أن يدفع الدراهم التي فيها اسم الله تعالى لكافر، فهذا أولى.

قال ابن بزيزة في شرح الأحكام لعبد الحق: وقعت في العتبية رواية منكرة [مستهجنة](3)؛ قال مالك: لا بأس أن يستنجي بالخاتم وفيه اسم الله تعالى، وهذه رواية لا يحل سماعها فكيف العمل عليها؛ وقد كان الواجب أن تطرح العتبية كلها لأجل هذه الرواية وأمثالها مما حوته من شواذ الأقوال التي لم تكن في غيرها، [ولذلك](4) أعرض عنها المحققون من علماء المذهب [حتى قال أبو بكر بن العربي -حيث حكى أن من العلماء من كره بيع كتب الفقه- فإن كان ففي العتبية](5).

(1) في ن ب زيادة (أو الشراب).

(2)

في ن ب (ذكره).

(3)

في ن ب (مستحبة).

(4)

زيادة من ن ب ج.

(5)

في ن ج ساقطة.

ص: 496

قال ابن العربي: وقد كان لي خاتم [فيه](1) منقوش محمد بن العربي فتركت الاستنجاء به إجلالًا لاسم [رسول الله -تعالى-](2).

قال الفاكهي: وروى الأوزاعي مثل ما وقع في العتبية.

وقال الحسن: لا بأس أن يدخل الرجل الخلاء وفي إصبعه الخاتم.

وقال النخعي: يدخل الناس الخلاء بالدراهم للضرورة، وكره ذلك مجاهد في الدراهم والخاتم قال: وهذا الذي وقع في العتبية، إنما هو بناء على أن الخاتم يحبس في الشمال وهو رواية عن أنس (3)، والصحيح أنه عليه السلام كان يتختم في يمينه، والأصح من مذهب مالك: أنه يحبسه في الشمال ولا يستنجي به، وقد صح عن مالك أنه كان لا يقرأ الحديث إلَّا على طهارة دون الفقه، وهو يناقض ما وقع في العتبية.

قلت: والأصح عند الشافعية أنه يتختم في اليمين (4).

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في الأصل وفي ن ج (الله تعالى)، والتصحيح من ن ب، أي اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو اسم محمد بن العربي، ساقطة من ن ج رسول.

(3)

مسلم (2/ 242)، وسنن أبي داود (2/ 408).

(4)

ذكر ابن رجب رحمنا الله وإياه في كتابه أحكام الخواتيم (83) خلاف العلماه وأدلتهم مفصلة فارجع إليه.

ص: 497

السادس: قوله عليه السلام: "ولا يتمسح [من] (1) الخلاء بيمينه". [المسح](2) هنا الاستنجاء وسمي الخارج من القبل والدبر خلاء لكونه يفعل في المكان الخالي ويلازم ذلك غالبًا، ولفظ الحديث يتناول القبل والدبر، وقد أسلفنا أن الخلاء بالمد وأسلفنا أيضًا كيفية مسح القبل.

وأما الدبر: فأصح الوجهين عندنا أن كل حجر لكل مسحة وفيه عسر.

وقيل: يوزع على الجانبين والوسط وهو أسهل.

السابع: "اليمين"، فقيل: من اليمن، وقيل: من القوة قال تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)} (3). وقال [نفطويه](4): أي لأخذنا بيمينه فمنعناه من التصرف.

وفي الصحاح (5): أن تصغيرها يُمَيِّنٌ بالتشديد بلا هاءٍ.

وفي الجمهرة: الجمع: أيمن.

الثامن: قوله عليه السلام: "ولا يتنفس في الإِناء". التنفس

(1) في ن ب (في).

(2)

في ن ب (التمسح).

(3)

سورة الحاقة: آية 45.

(4)

في ن ب (يعطمونه)، ونفطويه هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي الملقب بنفطويه المتوفى سنة (323). طبقات النحويين واللغويين للزبيدي (154).

(5)

الصحاح (2221).

ص: 498

شيئًا: خروج النفس من الفم، يقال: يتنفس الرجل، ويتنفس الصعداء، وكل ذي رئة [متنفس](1)، ودواب الماء لا رئات لهما كما قاله الجوهري (2).

ويستعمل التنفس أيضًا مجازًا: كقوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)} (3) وكذا سميت القوس إذا تصدعت، وتنفس النهار إذا زاد (4)، وكذا الموج إذا نضح الماء.

ومعنى "لا يتنفس في الإِناء". أي في نفس الإِناء [فإنه](5) مكروه، بل يتنفس خارجه فإنه سنة ثابتة وأدب شرعي في الشرب؛

لما يحصل بالنفس في الإِناء من نتنه وغير ذلك [مما](6) سيأتي. ويكون ثلاثًا.

والحكمة في النهي عن التنفس في الإِناء: أنه أبعد عن تقدير الإِناء والماء، فإنه من ألطف الجواهر وأقبلها للتغير بالريح، وعن خروج شيء تعافه النفس من الفم فإذا أبانه عند إرادة [التنفس](7) أمن ذلك، وقد ثبت إبانة الإِناء للتنفس ثلاثًا (8) وهو في هذا الحديث

(1) في ن ب (يتنفس).

(2)

مختار الصحاح (281).

(3)

سورة التكوير: آية 18. وانظر: الصحاح (981).

(4)

انظر: عمدة الحفاظ (587).

(5)

زيادة من ن ب ج.

(6)

في ن ب (ما).

(7)

في ن ب (النفس).

(8)

سيأتي في ت (8) ص (500).

ص: 499

مطلق، ولأن إبانة الإناء أهنأ في الشرب (1)، وأحسن في الأدب، [وأبعد عن الشره](2)[وأخف](3) للمعدة، وإذا تنفس في الإناء واستوفى ريه حمله ذلك على فوات ما ذكرناه من حكمة النهي، وتكاثر الماء في حلقه وأثقل معدته وربما شرق به وآذى كبده.

وقيل: علة الكراهة أن كل عبة شربة مستأنفة فيستحب الذكر في أولها والحمد في آخرها، فإذا وصل ولم يفصل [بينها](4)، فقد أخلَّ بسنن كثيرة (5).

قال ابن وضاح (6): رأيت سحنون إذا شرب سمى فيتناول من الماء ثم يبين القدح فيحمد الله ثم يفعل ذلك مرارًا عدة في الشربة الواحدة، قال (7): وهو حسن وليس سنة (8).

(1) قد جاء في حديث من رواية أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشرب في ثلاثة أنفاس أمرأ، واشفأ، وأشهى، وأبدأ" وسيأتي في ت (8) تحت.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (افخذ).

(4)

في ن ب (بينهما).

(5)

قد ذكر هذا ابن عبد البر وقال إنه تأويل ضعيف، منه لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يسمي على طعامه، ألَّا في أوله

إلخ وساق ما يأتي في ت 5.

(6)

انظر: التمهيد (1/ 393).

(7)

أي ابن عبد البر.

(8)

في التمهيد [بسنة].

أخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإِناء إلى فيه يسمي الله، فإذا آخره =

ص: 500

تنبيه: لا يختص النهي المذكور [بالشراب](1)، بل الطعام مثله فيكره النفخ [فيه](2)، والتنفس في معنى النفخ، يدل على ذلك ما في الترمذي من حديث أبي سعيد] (3) الخدري رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: القذاة أراها في الإِناء؟ فقال: [اهرقها] (4)، قال: فإني لا أروى من نفس واحد، [قال: فأبن القدح إذًا عن فيك" قال الترمذي: حديث حسن صحيح (5). وأما ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله

= حمد الله، يفعل ذلك ثلاثًا". وأصله في ابن ماجه، وله شاهد من حديث ابن مسعود عند البزار والطبراني، وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس المشار إليه قبل: "وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم". الترمذى برقم (1885) وهذا يحتمل أن يكون شاهدًا لحديث أبي هريرة المذكور، ويحتمل أن يكون المراد به في الابتداء والانتهاء فقط، والله أعلم-. اهـ. فتح الباري (10/ 94).

(1)

في الأصل (للشراب)، وما أثبت من ن ب.

(2)

زيادة من ن ب ج، أقول: وأصرح من استدلال المؤلف حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفخ في الإناء أو يتنفس فيه)، أخرجه ابن ماجه (4328)، وأبو داود (3728)، الترمذي (1888)، وأحمد (1/ 220). الاستذكار (26/ 276).

(3)

في ن ب (أبي مسعود)، والخدري ساقطة م ن ب.

(4)

في ن ب (فاهرقها).

(5)

الترمذي (1887)، والموطأ (925)، وأحمد (3/ 26، 32)، والدارمي (2/ 119)، ابن أبي شيبة (8/ 220)، وصححه الحاكم (4/ 139)، ووافقه الذهبي.

ص: 501

عنه أنه عليه السلام: "كان يتنفس في الشراب ثلاثًا"(1) فمعناه خارج الإِناء.

فائدة: اختلف العلماء في هذه الأنفاس الثلاثة أيُّها أطول؟

على قولين:

أحدهما الأول، فيمحص، الثاني والثالث للسنة، فإنه إذا أطال المرة الأولى حصل الري منها فيبقى ما عداها اتباعًا للسنة.

الثاني: أن الشربة الأولى: أقصر، والثانية: أزيد منها، والثالثة: أزيد منها ليجمع بين السنة [والطب](2)؛ لأنه إذا شرب قليلًا وصل إلى جوفه من غير إزعاج.

التاسع: في الحديث جواز الشرب في نفس واحد؛ لأنه إنما نهى عن التنفس في الإِناء، والذي يشرب في نفس واحد] (3) ولم يتنفس في الإناء فلا يكون مخالفًا للنهي، وهو مقتضى حديث [أبي سعيد](4) الذي أسلفناه قريبًا أيضًا فإنه أقره عليه.

قال المازري: ومذهبنا جوازه.

وحكاه القاضي عن ابن المسيب وعطاء وعمر بن عبد العزيز (5)

(1) البخاري برقم (5631). مسلم (2028).

(2)

في ن ج (الطب).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في ن ب (أبي مسعود) ذكر هذا ابن عبد البر في التمهيد (1/ 392)، الاستذكار (26/ 273).

(5)

كذا ذكره في فتح البارى ولم يسنده (10/ 94)، وقد ذكر هذه الآثار ابن =

ص: 502

قال: وكرهه ابى عباس وطاوس وعكرمة، وقالوا: هو شرب الشيطان (1).

= أبي شيبة في مصنفه برقم (4218)(4219)، وأخرجه عبد الرزاق (10/ 426).

(1)

ابن أبي شيبة (4215)(4126)(4217)، والاستذكار (26/ 271)، وقد ضعفها ابن عبد البر في التمهيد (1/ 393) بقوله:(وليس منها شيء تجب به حجة. وقال في حديث ابن عباس في أحد رواته: ضعيف لا يحتج به، ولو صح كان المصير إلى المسند أولى من قول الصاحب). اهـ.

ص: 503