الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مفاخره تعطيل الخمر والتنكيل بالخمارين وهدم الحانات وإجراء الصدقات وعهد بالولاية لابنه حمودة وراسل الدولة العلية في ذلك وجاءته الخلعة والتقليد في محرم سنة 1191هـ وتمت له البيعة وتوفي آمن السرب عالي الكتب سنة 1196هـ.
تنبيه:
من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء حمودة الريكلي ومحمد سعادة ومحمد الشحمي وقاسم المحجوب ومحمد الغرياني ومحمد الورغي ومحمد بن سعيد ومحمد الطوير.
الطبقة الخامسة والعشرون
لما تخلى المولى علي باشا عن الملك لابنه حمودة بايعه أهل الحل والعقد في التاريخ المذكور فاستقام أمره ورسخت قدمه وكان والده بلغ الغاية في تربيته وتهذيبه وتأهيله للإمارة على يد فحول من علماء دولته عارفين بالرياسة والسياسة منهم وزيره حمودة بن عبد العزيز فنشأ في دوحة الإمارة شهماً ورمى في كل غرض من أغراضه سهماً فكان في سلسلة الجيد الحسيني واسطة عقد ودرة يتيمة ذا همة باذخة وحال شامخة حازماً حامياً للذمار غير متحمل للعار خبيراً بسياسة البلاد نصوحاً لها حسن التدبير محباً للعلماء والصالحين يباشر المهمات بنفسه مقتصداً في شخصياته حافظاً لأموال المسلمين عن غير مصالحهم لا تأخذه في الله لومة لائم وحارب البلنسيان سنة 1204هـ ثم انفصل معهم على صلح وأرسل وزيره يوسف صاحب الطابع إلى دار الخلافة فأحكم وصلته معها سنة 1210هـ وفي سنة 1218هـ لما كانت مجاعة كبرى بإفريقية وجه العالم الطائر الصيت الشيخ إبراهيم الرياحي لحاضرة فاس بمكتوب إلى سلطانها الشريف المولى سليمان في استمداد الميرة فأعظم السلطان مقدمه وأمده بمطلبه. وتقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة هذا الشيخ وكانت له حروب مع الجزائريين آلت بانهزام جيشه، ولما بلغه خبر الهزيمة هاله الأمر فنهض رجال دولته كالوزير يوسف صاحب الطابع ومن تابعه من الوجوه كالهمام محمد الجلولي وهوّنوا عليه الخطب وجهزوا في الحين من أموالهم محالاً أخرى وخرجت تلك الأمحال لنظر وزيرهم المذكور في احتفال مشهود في أفخم شارة وأحسن زي والتقى بجيش الجزائريين وبعد قتال انتصر هذا الوزير واستولى على محلتهم بما حوت من الذخائر والنفائس ورجع مؤيداً منصوراً غانماً في ربيع الأنور سنة 1222هـ وزينت البلاد وتوالت الأفراح ومن ذلك اليوم نزعت البلاد أطمار مهانة الجزائريين ولبست ثياب العز وأصبحت رافلة في جلابيب أمنها وهو
الذي حكَّم المذهب المالكي في ثبوت الأهلة وكان يشق على المتعمقين من مقلديه تقليد المذهب الحنفي حتى كانوا يصومون ويفطرون سراً إذا لم يكن ثبوت ذلك على قواعد مذهبهم وهم السواد الأعظم قال: كلهم على هدى من ربهم ورحمة وحسبنا تقليد إمام دار الهجرة لا سيما وأهل مذهبه هم السواد الأعظم في المملكة فأمر القاضي المالكي بمباشرة ذلك ولم يزل العمل جارياً بذلك إلى هذا العهد، وله مآثر كثيرة كالأبراج الضخمة والقشل الكثيرة داخل الحاضرة وخارجها والسوق القريب من سوق التركي، وقصره المطل عليه البالغ الغاية في الاحتفال وهو من أفخم الآثار يباهي به في الأقطار، وكانت له أساطيل لنكاية العدو في غاية المنعة وبالجملة فإن هذا الأمير تصرف في المملكة تصرف الأب الشفوق على أبنائه، وأحيا لها ذكراً وفك لها أسراً. وتوفي عالي الكتب عظيم الجاه بعيد الصيت فجأة ليلة الجمعة مفتتح شوال سنة 1229هـ وفي يوم الجمعة الموافق ليوم المولد النبوي من السنة أقيمت صلاة الجمعة بجامع الحلفاوين الذي أنشأه وزيره أبو الخيرات يوسف صاحب الطابع وحضر هذا الأمير الصلاة به في وجوه دولته وكان يوماً مشهوداً ووضع به أربع خزائن من نفائس الكتب العلمية في يوم كان جامع الزيتونة لا كتب به وأوقف عليه وعلى المدرسة المؤسسة حذو هذا الجامع أوقافاً طائلة وله غير ذلك من الآثار الخالدة والمرافق الجليلة والسبل النافعة والصدقات الجارية مع ما اشتهر به من محبة العلماء والصالحين ومات شهيداً في خبر طويل في صفر سنة 1230هـ على عهد المولى محمود بأي الآتي ذكره وفي ليلة العيد التي مات فيها المولى حمودة تمت البيعة لأخيه عثمان باتفاق من أهل الحل والعقد وكانت أيامه على قصرها أيام خصب ورخاء واستشهد بعد خلعه ليلة عاشوراء سنة 1230هـ وبويع لابن عمه الأمر محمود باشا ابن المولى الباشا محمد ابن المولى حسين بن علي صبيحة الليلة المذكورة وباشر الأمر برفق وأمنت في أيامه السبل ودانت لطاعته القلوب وكان مفضالاً ذا حلم وحنان محمود الأخلاق طيب الأعراق سمحاً مشتهراً بالكرم وفعل الخير إلا أن الإمارة وافته على كبر سن مع المرض فمال للراحة وفوض الأمر لبنيه. ومن آثاره البيت الذي أنشأه بقصر باردو الذي لم يسبق نظيره في البلاد جعل سقفه من البلور المعقود بالصفائح المذهبة بإتقان بديع وألبس حيطانه الرخام المنمق المرونق على أبدع شكل وأجمل منظر وأنفق الأموال العظيمة في جلب الأقوات الكافية لسد خلة المملكة في مجاعة عام ست وثلاثين وذلك عقب الطاعون الفتاك الذي دام أكثر من عامين. وكانت مدته في أمن وسرور إلى أن توفي في رجب سنة 1239هـ بعد أن عهد بالإمارة لابنه المولى حسين باشا وتمت له البيعة بعد وفاة