الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بوشناق سنة 1199هـ ثم عزل سنة 1220هـ وبعده أحمد البوندي وعزل في محرم سنة 1237هـ وتوفي بعد عزله بثلاثة أيام ودفن بتربة بحوانت عاشور وبعده فيض الله وكان قبل ولايته آغة بيت المال وتوفي بعد عزله في شعبان سنة 1238هـ ودفن بتربة إبراهيم بوشناق وبعده عمر بن محمد وتوفي سنة 1247هـ ودفن بتربة الحجار وبعده حسن وتوفي فجأة في ربيع الثاني سنة 1248هـ ودفن مع الداي قبله وبعده مصطفى وعزل في جمادى الثانية سنة 1258هـ وبعده أحمد آغه. انتهى. وقد أتى على ذكرهم صاحب الخلاصة النقية انظره.
تنبيه:
من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء حمودة بن عبد العزيز وصالح الكواش وعمر المحجوب وأخوه محمد ومحمود مقديش وحسن الشريف ومحمد المناعي وإسماعيل التميمي.
الطبقة السادسة والعشرون
لما توفي المولى الأمير حسين باشا تمت البيعة لأخيه المولى مصطفى باشا فابتدأ الأمر من حيث انتهى أخوه وأقر رجال الدولة على مراتبهم وكانت أيامه أيام سكون وهدوء وأمن وعافية وأعاد المجلس الشرعي إلى عادته من الاجتماع بحضرته يوم الأحد من كل أسبوع. وكان ذا ذهن وقاد وفهم مصيب لما يرد عليه من النوازل. وهو أول من لبس النيشان من بني المولى حسين فوافاه من الدولة نيشان أمير أمراء في شعبان سنة 1251هـ ومعه سيف على ولبسهما في يوم مشهود وهو أول من صاغ نيشان الافتخار ونقش عليه اسمه بحجر الديامنت وألبسه وزير الأمور الخارجية. وفي شعبان سنة 1252هـ استأذن الشيخ إبراهيم الرياحي في السفر لبيت الله الحرام وأسعفه لذلك حسبما تقدمت الإشارة لذلك في ترجمة هذا الشيخ. وتوفي هذا الأمير في عاشر رجب سنة 1253هـ وفيه تمت البيعة لابنه المولى المشير أحمد باشا باي وبمجرد ما تمت له البيعة شرع في إعادة شباب الدولة وتضخيمها وباشر بنفسه دقيق أمور الدولة وعظيمها ومهد الأحوال وجنّد الجنود وجبى الأموال وخلّد آثاراً ارتقى بها مرتقى شامخاً معلوماً باذخاً وجمع من العسكر النظامي ما يزيد على الثلاثين ألفاً وبنى لهم القشل والأبراج العظيمة وأسكنهم بها. وفي سنة 1254هـ أرسلت له الدولة العلية الخلعة السنية ونيشان المشيرية وذلك على عهد السلطان محمود خان فتلقى لباس المشيرية في موكب مشهود، وفي السنة جعل مرتباً لأهل المجلس الشرعي المالكي مثل المجلس الشرعي الحنفي وفي السنة توجه الشيخ إبراهيم الرياحي لدار الخلافة في مهم وتقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة هذا
الشيخ. وفي سنة 1256هـ وجه عنايته للعلم الشريف وإعانة طلابه بما بقي أثره وكتب على صفحات الأيام خبره فاشترى كتباً كثيرة لها بال وأضاف لها كتب آله الموضوعة بخزائن أسلافه وأمر شيوخ المجلس الشرعي والعلماء بالحضور بجامع الزيتونة لقبولها ولما وصلت تولى العلماء تطبيقها على أسمائها وجعل برنامج لها ثم وضعت في خزائنها العشرين زين بها صدر الجامع على يمين المحراب وشماله وكتب على كل مجلد منها رسم تحبيسه وأباح للمنتفع به إخراج الكتاب من موضعه مدة عام فقط ورتب لها وكيلين يأتي كل أحد منهما إلى الجامع على التناوب لمناولة الطلبة ما يحتاجونه وفي رمضان سنة 1258هـ رتب ثلاثين مدرساً بهذا الجامع نصفهم من الحنفية ونصفهم من المالكية وعين لهم جراية من بيت المال كما رتب اثني عشر مدرساً ست حنفية وست مالكية هم دون الرتبة الأولى في المرتب على أن يقرىء كل واحد منهم بالجامع درسين في أي فن وفي أي وقت تيسر ومن تخلف من غير عذر شرعي لا يستحق المرتب أيام تخلفه إلا يومي الخميس والجمعة وشهر رمضان وأيام العيدين وجعل النظر في ذلك لشيخي الإِسلام الحنفي والمالكي والقاضيين الحنفي والمالكي وعين لهم جراية من بيت المال بشرط أن يأتي كل واحد من الأربعة يوماً إلى الجامع لتحريض المتكاسل وكتب في ذلك منشوراً بالذهب وعلقه عند باب الشفا من الجامع وميز هؤلاء المدرسين بأن يأتوا في الأعياد مجتمعين يؤمهم كبير أئمة الجامع ويقبلهم بعد أهل المجلس الشرعي ولم يزل يوجه إليهم العناية حتى ظهر العلم وتجدد شبابه وسال سيله وعبّ عبابه وانفتح للاجتهاد بابه وظهر بالحاضرة أعلام جلة نجوم أهلة من حنفية ومالكية هم شموس ويدور تتجمل بهم المحافل والصدور. وفي ذي القعدة سنة 1262هـ توجه لباريس وكان الاحتفال به هناك عظيماً ورجع لتونس في محرم سنة 1263هـ وفي السنة بعدها منحت دولة فرنسا إدخال السلك البرقي للمملكة التونسية على شروط انعقدت بينهم في ذلك ولما وقعت الدولة العثمانية في الحرب مع الروس جهز لها آلافاً من العسكر النظامي بجميع لوازمهم وجهها إعانة لخليفة الإِسلام على عهد السلطان عبد الحميد خان. وهو أول من اتخذ من ملوك هاته الدولة عمل المولد النبوي بإحياء ليلته والحضور لقراءته صباحاً بجامع الزيتونة في شارة عظيمة وحفل فخيم وهو عمل مشكور وكان شهماً حازماً ذا صولة عظيمة يعطي العطايا السنية ولم يزل في صولته ساعياً في تضخيم دولته إلى أن أصابه فالج ثم وافته المنية في رمضان سنة 1271هـ وانعقدت البيعة بوفاته لابن عمه المولى لمشير محمد ابن المولى حسين باشا ابن محمود باشا نشأ هذا في عز دولتي جده وأبيه. وفي ذي الحجة سنة 1272هـ رجعت عساكر
الجهاد الذين توجهوا لدار الخلافة الإِسلامية فتلقاها بغاية البر والإنعام والمبرة والإكرام وأسقط على الرعية الكثير من الإداآت والضرائب وساعده البخت بحصول الخصب العظيم الذي بعد العهد بمثله واجتهد في تأمين الرعية في الحواضر والبوادي وحصل بذلك الاطمئنان واعتنى بالمجلس الشرعي فبنى دار الشريعة المطهرة وجعل الحكم فيها يومياً يحضر هناك القاضيان المالكي والحنفي ويحضر مع كل واحد منهما في كل يوم مفت من شيوخ مذهبه ويجتمع جميع أهل المجلس في كل يوم خميس وفتحه في الخامس عشر من ربيع الأنور سنة 1273هـ وهو الذي أمر بجلب ماء زغوان للحاضرة وإقامة مجلس بلدي بها وبنى بين قصور باردو قصراً تجار دونه الألباب أتى فيه من بدائع الأبنية بالعجب العجاب وهو الآن خزينة الآثار العتيقة والتحف المستظرفة ويعرف بالمتحف العلوي وهو أول من ضرب سكة الذهب وكانت قبل مسكوكات الفضة والنحاس لا غير وفي محرم سنة 1274هـ أصدر منشور عهد الأمان لسائر السكان في حفظ النفس والمال والعرض وعم بذلك أهل الملل الملك وجمع أعيان العلماء ورجال الدولة للمفاوضة في هذا العهد، وفي سنة 1276هـ صدر الإذن بتأسيس مطبعة لصحف الأخبار والكتب وكان شهماً ثبتاً حازماً بحاثاً على الرعية كثير العطايا سليم الطوية وتوفي في صفر سنة 1276هـ وانعقدت البيعة بعده لأخيه المولى المشير محمد الصادق باشا باي وأعمل الحزم في إنجاز مشروع أخيه بإتمام القوانين التي انبنى عليها عهد الأمان وجمع خاصة العلماء والأعيان فاستكملوا وضعها، وفي صفر سنة 1277هـ خرج من مملكته إلى الجزائر حين قدم إليه امبراطور فرنسا لإحكام علاقة المجاورة بين المملكتين وأكرم الأمبراطور نزله ولما رجع رتب المجالس لتنفيذ قانون عهد الأمان وفي السنة كان نشر جريدة الرائد وفي السنة بعدها وصل ماء زغوان للحاضرة وفي سنة 1280هـ رتب إعانة قدرها اثنان وسبعون ريالاً على عموم الأفراد وصدرت بذلك أوامره وحين انتشر هذا الخبر بالمملكة لم يقع قبولها واختلف صنيع الأهالي فالعقلاء رفعوا الشكوى طالبين التخفيف وغيرهم ولا سيما الأعراب وسكان الجبال تجاهروا بالعداوة وأشهروا السلاح وتعمدوا البغي والفساد في البلاد وزعيم هاته الطائفة علي بن غزاهم أصله من ماجر واشتدت بذلك وطأة الاضطرابات والإحن والهرج والفتن وقامت المملكة على ساق حتى صارت دار حرب وإذ ذاك صدر أمره بإيقاف العمل بقانون عهد الأمان وإسقاط إعانة الاثنين والسبعين ريالاً وخرج الوزير رستم بمحلة في طلب رئيس البغاة علي بن غزاهم ووقع القتال بين الفريقين وآل الأمر إلى انهزام البغاة وفرار علي بن غزاهم إلى خارج حدود المملكة وخرج الوزير أحمد
زروق إلى الساحل بمحلة هو أميرها ووصل الساحل في جمادى الأولى من السنة وانتصر على البغاة وظفر بالرؤساء منهم الدهماني البوجي وقتلهم وقدم عليه وفود أهل الساحل منقادين نادمين من جملتهم وفود المنستير يؤمهم العلماء أهل المجلس الشرعي فقابلهم بشدة وحكم الأغلال في أعناقهم وأرجلهم وأولهم رئيس المجلس الشرعي الشيخ أبو عبد الله محمد الجدي بوزقرو وشدد تنكيله وأمر بإزالة عمامته في ذلك لمجلس بلفظ مستهجن ووفد صفاقس فقابلهم بأقل من مقابلة أهل المنستير ورئيسهم الشيخ عبد العزيز الفراتي وسجنهم في جملة من سجن وحكم يد النهب في الأموال وتفنن في سلبها حتى بلغ السكين العظم والسيل الربا فكأنه مأمور بإيقاد فتنة من جمر رمادها وأغرمهم أموالاً أفنت الطارف والتالف ورهنوا أملاكهم عند الوافدين على المملكة وعند طائفة من اليهود وأصبحت بلاد الساحل خاوية على عروشها وذهب هذا الصقع الذي هو عمران هاته المملكة كأمس الدابر ولم يبق به إلا من هو مثقل بالديون ويده فارغة من الكسب ثم ذهب بحملته لصفاقس وقابس ثم رجع لتونس بعد استيفاء ما أفنى اللحم والشحم وانتهى إلى العظم وللشيخ مصطفى بن عزوز المذكور بهذه الطبقة يد في إطفاء هاته الثورة بتوسطه بين الدولة وابن غزاهم المذكور وازدادت المصائب وتكررت النوائب في سنة 1284هـ والسنة بعدها بحصول المجاعة التي بعد العهد بمثلها والمرض الذي أفتك بكثير من الأهالي حتى صار وبائياً ولم يستقم حال البلاد والعباد إلا بعد عشرات من السنين ولهاته الأسباب صارت مالية الدولة في خطر من الديون التي تراكمت عليها وتداركها بتركيب لجنة تعرف بالكمسيون المالي رئيسها الوزير خير الدين وذلك سنة 1286هـ وفي سنة 1284هـ أمر بصنع نيشان عهد الأمان وفي سنة 1287هـ قسم إدارة الدولة إلى أقسام وهي الوزارة الكبرى ووزارة المال ووزارة العمالة ووزارة الخارجية ولها النظر على الحرب، وفي سنة 1288هـ وجهت له الدولة العلية بواسطة الوزارة الخيرية فرمانها العالي مع سيف مرصع ونيشان مجيدي وفي سنة 1289 هـ أذن بمجلس النظافة يجري عمله على مقضى قانون ذي فصول وفي السنة بعدها أقام مجلساً للصحة يجري عمله على مقتضى قانون ذي فصول وفي سنة 1291هـ جعل قشلة العطارين سجناً وجعل له حفظة لتنظيفه وأجرى عليه مؤنة كافية وجعل لذلك قانوناً خاصاً وفيها جعل قانوناً للفلاحة وفيها أضاف إلى خزائن جامع الزيتونة ست خزائن وملأها بالكتب النفيسة وأجراها على قانون المشير أحمد باشا وصار به أكثر من عشرة آلاف مجلد وفي السنة أحدث مكتباً عاماً أوقف عليه أوقافاً لها بال وسمي بالصادقية وأجراه على نظام المكاتب الحديثة لتعليم أبناء الأهالي العلوم الدينية
واللغات الأجنبية والمعارف الأوروبية وجعل لذلك قانوناً اجتمع على ترتيبه أعيان علماء العصر مشتمل على فصول وأجرى به ما يلزم للتلامذة من أكل وكسوة وفراش وفيها أصدر قانوناً مؤلفاً من ستين فصلاً لتنظيم ديوان الشريعة المطهرة اجتمع على تأليفه شيوخ المجلس الشرعي وبه تعينت مراسم خطة القضاء والإفتاء بالحاضرة وبلدان المملكة والأعمال التي يجري عليها عمل الوكلاء والأعوان والخصماء وفيها وضع قانوناً لضبط حجج الإشهاد في دفاتر خاصة يجري عليها عمل شهود المملكة وفي السنة أذن بجمع أوقاف المملكة لنظارة جمعية بالحاضرة تجعل من تحت نظرها وتصرفها وكلاء يقومون بلوازم شعائر الأوقاف وما يفضل من ذلك يدخل في خزينة الجمعية تدفع منه مرتبات مشايخ المجالس الشرعية والقضاة بالمملكة وعملها يجري على مقتضى قانون مؤلف من فصول. وفي السنة كان إجراء لنور الكهربائي بالحاضرة ولما رأى النقص الحاصل في مداخيل الدولة والفتور الحاصل في العلم أمر بجمع المدرسين وشيوخ المجلس الشرعي بجامع الزيتونة واستنهض همتهم العلمية وزاد لهم في الجراية وذلك في سنة 1287هـ ثم في 1292هـ استدرك ذلك بقانون علمي يؤلف من 67 فصلاً اجتمع على تأليفه أعيان علماء العصر وجعل النظارة العلمية لنظر حسين الجركسي وزير الاستشارة والمعارف والنافعة وجعل للنظارة العلمية نائبين عنه من أعيان المدرسين يباشران النظر على أعمال الجامع كل يوم وعن الامتحان العام لسائر طبقات التلامذة للحصول على شهادة في ماي من كل سنة ومن أحرز بعد الامتحان على رتبة التطويع وهي رتبة تؤهل صاحبها لإقراء العلوم تطوعاً بجامع الزيتونة بعد استصداره إذناً من شيوخ النظارة العلمية وهم شيخا الإسلام والقاضيان الحنفي والمالكي وتخول صاحبها تعاطي الشهادة بعد الحصول على أمر علي من أمير البلاد وبذلك تكاثرت الدروس والمدرسون وأقبل الطلبة على العلم والمدرسون الذين لهم جرايات والمتطوعون على التعليم وهي مزية فاخرة له خالدة.
وحاصل ما قدمناه في شأن العلم والعلماء أن جامع الزيتونة أدام الله عمرانه هو الكلية الوحيدة بإفريقية والكعبة التي يؤمها طلبة العلم من الجهات ومنها يتخرج الفحول من العلماء والمدرسون به هم الذين يبثون في الأمة روح الشرع العزيز وقواعد الدين الحنيف والتمكين من اللغة العربية الفصيحة التي أصلها مكين وموردها عذب معين. وفي السنة وقع إحياء المكتبة المعروفة بالعبدلية نسبة لأبي عبد الله الحفصي التي بصحن الجنايز من الجامع المذكور وضع فيها ما يزيد على الثلاثة آلاف مجلد من نفائس الكتب منظمة على أسلوب عجيب وترتيب غريب حتى أن الراغب للكتاب يتناوله ويطالعه أو ينسخه بأيسر وجه وحصل بذلك نفع عظيم للطلبة