المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية - جـ ٢

[مخلوف، محمد بن محمد]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌فائدة

- ‌الطبقة الأولىمنحصرة فيمن أنزل عليه القرآن وجاء بالشريعة المطهرة صلى الله عليه وسلم وكرم وعظم

- ‌صلة بها أن القرآن هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين سائر الكلام

- ‌درة

- ‌جوهرة

- ‌فريدة

- ‌خلاصة في العلوم التي تفرعت من القرآن أو نشأت لخدمته

- ‌القراءات السبع

- ‌النحو

- ‌التفسير وعلم الأدب

- ‌الحديث

- ‌الفقه

- ‌السير والتاريخ

- ‌الجغرافيا

- ‌الخطابة

- ‌الشعر

- ‌فصل أذكر فيه الوازع والحرية

- ‌البشارة بالسعادة والنذارة بالشقاوة

- ‌خلاصة فيما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عندما أعلن بالرسالة وما حصل لمن آمن به

- ‌خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع

- ‌ذكر مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌فصل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ونبذة من فضائله

- ‌خطبة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌الكلام على جيش أسامة رضي الله عنه

- ‌فصل الكلام على أهل الردة وقتالهم

- ‌فصل

- ‌أولياته

- ‌خطبة علي في تأبين أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌تنبيه:

- ‌الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر

- ‌خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ونبذة من سيرته

- ‌فتوح الشام

- ‌تنبيه:

- ‌جغرافية سوريا

- ‌انتداب عمر رضي الله عنه لفتح العراق وفارس

- ‌رجوع إلى خبر الهرمزان

- ‌فتح الجزيرة

- ‌فتح مصر وبرقة

- ‌تنبيه:

- ‌أولياته - فمنها كتابة التاريخ الهجري

- ‌ومنها: تدوين الدواوين وفرض العطاء

- ‌قضاؤه

- ‌كتابه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري

- ‌وفاته رضي الله عنه

- ‌وصيته لمن يخلفه

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده

- ‌فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده

- ‌فضائل علي القرشي الهاشمي رضي الله عنه

- ‌الكلام على الفتنة

- ‌خلاصة فيما عليه أهل السنة في هاته الفتنة

- ‌فضائل الستة بقية العشرة المبشَّرين بالجنة

- ‌سيدنا أبو عبيدة (رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه

- ‌سيدنا طلحة (رضي الله عنه

- ‌سيدنا الزبير (رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعيد بن زيد (رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ذكر بعض السادات من أعيان الصحابة وفضلائهم

- ‌سيدنا حمزة رضي الله عنه

- ‌أخوه سيدنا العباس رضي الله عنه

- ‌سيدنا جعفر رضي الله عنه

- ‌سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌سيدنا خالد بن سعيد رضي الله عنه

- ‌سيدنا سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه

- ‌سيدنا يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌تنبيه

- ‌سيدنا عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو ذر رضي الله عنه

- ‌سيدنا المقداد بن الأسود رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعيد بن العاص رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

- ‌سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ابنا سيدنا علي رضي الله عنهم

- ‌سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن سعد رضي الله عنه

- ‌سيدنا معاوية رضي الله عنه

- ‌سيدنا مسلمة بن مخلد رضي الله عنه

- ‌سيدنا مروان بن الحكم رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن العباس رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما

- ‌خلاصة

- ‌الفتوحات الغربية على يد الصحابة

- ‌صلة

- ‌جغرافية المغرب أي إفريقية الشمالية الغربية

- ‌الكلام على قرطاجنة

- ‌الأطوار الأربعة:

- ‌الطور الأول:

- ‌الطور الثاني:

- ‌الطور الثالث:

- ‌الطور الرابع:

- ‌فصل

- ‌الطبقة الثالثة طبقة التابعين رضي الله عنهم

- ‌خلاصة فيما حصل مدة الدولة الأموية

- ‌الطبقة الرابعة

- ‌فصل

- ‌صلة

- ‌فريدة أذكر فيها نبذة من حضارة بغداد في عهد المنصور والرشيد وابنه المأمون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة

- ‌صلة

- ‌الطبقة السادسة

- ‌الطبقة السابعة

- ‌الطبقة الثامنة

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة التاسعة

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة العاشرة

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الحادية عشر

- ‌ولاية ابنه أبي الحسن علي بن يحيى:

- ‌ولاية ابنه الحسن:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثانية عشر

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثالثة عشر

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقه الرابعة عشر

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة عشر

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السادسة عشر

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السابعة عشر

- ‌الطبقة الثامنة عشر

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة التاسعة عشر

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة العشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الحادية والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثانية والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثالثة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌رجوع وانعطاف

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الرابعة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة والعشرون

- ‌تنبيهات

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السادسة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السابعة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌خلاصة بها الأدوار التي حصلت لدول إفريقية

- ‌فائدة

- ‌صلة

- ‌تنبيه:

- ‌الجغرافية

- ‌التعريف بالقطر التونسي

- ‌جغرافية إيالة تونس

- ‌جبالها

- ‌أنهارها وبحيراتها

- ‌حيواناتها:

- ‌زراعتها:

- ‌صناعتها:

- ‌معارفها ولغتها وديانتها

- ‌الحكومة

- ‌تاريخ إيالة تونس

- ‌الخاتمة

- ‌فصلفيما يتعلق بالقصر

- ‌عود إلى الكلام على القصر الكبير:

- ‌ذكر من بالمقبرة من الفضلاء

- ‌عود إلى الكلام على قصر السيدة:

- ‌استدراك

- ‌تنبيه:

- ‌ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في الرؤيا

- ‌حديث نبع الماء من تحت أصابعه

- ‌الترغيب في الصوفة

- ‌ما جاء في المهاجرة

- ‌السنّة في الشراب ومُناولته عن اليمين

- ‌ما جاء في النهي عن تأخير صلاة العصر

- ‌ما جاء في الوليمة

- ‌ما جاء في الحجامة وإجارة الحجام

- ‌ما جاء في الغزو

- ‌قطع التلبية

- ‌ما جاء في تحريم المدينة

- ‌ما جاء في وباء المدينة

- ‌ما جاء في سفر النساء

- ‌في جامع ما جاء في الطعام والشراب

- ‌ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها

- ‌في جامع ما جاء في الطعام والشراب

- ‌في جامع ما جاء في تعجيل الفطر

- ‌ما يتقى من الشؤم

- ‌ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر

- ‌قدر السحور من النداء

- ‌مكيلة زكاة الفطر

- ‌ما جاء في القرآن

- ‌النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها

- ‌فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ

- ‌غسل يوم الجمعة

- ‌الصلاة في البيت

- ‌مواقيت الإهلال

- ‌من جامع الإيمان

- ‌ما جاء في التعفف عن المسألة

- ‌في جامع الجنائز

- ‌تحريم الخمر

- ‌ما جاء في الخيل والمسابقة بينها

- ‌ما جاء في الكلاب

- ‌ما جاء في قتل الحيات

- ‌بيع الذهب بالورق تبراً وعيناً

- ‌ما يكره من الكلام بغير ذكر الله

- ‌ما جاء في إسبال الرجل ثوبه

- ‌ما جاء في الطعام والشراب

- ‌التقاريظ

- ‌مص‌‌ادر ومراجع

- ‌ا

- ‌ت

- ‌ ب

- ‌ح

- ‌ج

- ‌ ث

- ‌ د

- ‌خ

- ‌ذ

- ‌ ر

- ‌س

- ‌ ز

- ‌ط

- ‌ ش

- ‌ ص

- ‌ ع

- ‌ف

- ‌ل

- ‌م

- ‌ك

- ‌ق

- ‌ن

- ‌ه

- ‌ و

الفصل: ‌الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم

‌الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم

في البخاري باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه قال الحافظ ابن حجر العسقلاني قوله أصحاب أي بطريق الإجمال ثم التفصيل أما الإجمال فيشمل جميعهم وأما التفصيل فلمن ورد فيه شيء بخصوصه وقوله أو رآه هو الراجح اهـ وقال الأبي في شرح صحيح مسلم: الصحابة كلهم عدول لظاهر الكتاب والسنة وإجماع مَن يقتدي بإجماعه. القرطبي لم يختلف السلف في أن أفضلهم أبو بكر ثم عمر. أبو منصور البغدادي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة على ترتيبهم في الخلافة ثم تمام العشرة ثم أهل بدر ثم أهل أحد ثم بيعة الرضوان ومعنى التفضيل كثرة الثواب ورفع الدرجة وذلك لا يدرك بالقياس وإنما يدرك بالنقل اهـ باختصار ولشدة اعتناء الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم وخصوصيته إليه وصف أتباعه في كتابه العزيز فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته" وفي البخاري عن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" قال البيضاوي: ومعنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه اهـ.

واعلم أن فضل الصحابة لا مطمع فيه لمن جاء بعدهم لأنهم حازوا قصبة

ص: 34

السبق بصحبته صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر الهيتمي في شرح الهمزية أفضلية الصحابة لا يعادلها عمل انظره عند قوله:

ليته خصني برؤية وجهٍ

زال عن كل من رآه الشقاء

وفي الاعتصام أن أصحابه صلى الله عليه وسلم كانوا مقتدين به مهتدين بهديه وقد جاء مدحهم في القرآن العظيم وأثنى على متبوعهم صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن العظيم فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4] القرآن إنما هو المتبوع في الحقيقة وجاءت السنة مبينة له فالمتبع للسنة متبع للقرآن، والصحابة كانوا أولى الناس بذلك فكل من اقتدى بهم فهو من الفرقة الناجية الداخلة للجنة بفضل الله وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام:"ما أنا عليه وأصحابي" فالكتاب والسنة هو الطريق المستقيم وما سواهما من الإجماع وغيره فناشىء عنهما هذا هو الوصف الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو معنى ما جاء في الرواية الأخرى من قوله "وهي الجماعة" لأن الجماعة في وقت الأخبار كانوا على ذلك الوصف إلا أن في لفظ الجماعة معنى ستراه بعد إن شاء الله. وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة ومَن شذّ شذّ إلى النار" وأخرج أبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه" وعن عرجفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في أمتي هنات وهنات، فمَن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جمع فاضربوه بالسيف كائناً من كان" واختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في هذه الأحاديث على خمسة أقوال:

الأول: إنها السواد الأعظم من أهل الإِسلام وهو الذي يدل عليه كلام أبي غالب أن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق بما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق ومن خالفهم مات موتة جاهلية سواء خالفهم في شيء من الشريعة أو في

ص: 35

إمامهم وسلطانهم فهو مخالف للحق قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود فروي أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة فقال: عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم على ضلالة واصبر حتى تستريح أو يستراح من جائر، وقال: وإياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة. وقال ابن مسعود: عليكم بالسمع والطاعة فإنها الحبل الذي أمر به ثم قبض يده وقال: إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة. وعن الحسين قيل له: أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي والذي لا إله إلا هو مما كان ليجمع أمة صلى الله عليه وسلم ضلالة. فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ومَن سواهم داخلون في حكمهم لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم فكل مَن خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة لم يدخلوا في سوادهم بحال.

الثاني: إنها جماعة أئمة العلماء المجتهدين فمن خرج عما عليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية لأن جماعة الله العلماء جعلهم الله حجة على العالمين وهم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم: "لن تجتمع أمتي على ضلالة" وذلك أن العامة عنها تأخذ دينها وإليها تفزع في النوازل وهي تبع لها فمعنى قوله "لن تجتمع أمتي" لن يجمع علماء أمتي على ضلالة وممن قال بهذا عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وجماعة ممن سلف وهو رأي الأصوليين، قيل لعبد الله بن المبارك: مَن الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم؟ فقال: أبو بكر وعمر، ولم يزل يحسب حتى انتهى إلى محمَّد بن ثابت الحسين بن واقد فقيل: هؤلاء ماتوا فمن الأحياء؟ فقال: حمزة العسكري، فعلى هذا القول لا مدخل في النوازل بل في السؤال عمن ليس بعالم مجتهد لأنه داخل في أهل التقليد فمَن عمل منهم بما يخالفهم فهو صاحب الميتة الجاهلية ولا يدخل أيضاً أحد من المبتدعين لأن العالم لا يبتدع وإنما يبتدع مَن ادعى لنفسه العلم وليس كذلك ولأن البدعة قد أخرجته عن نمط من يعتمد بأقواله وهذ بناء على القول بأن المبتدع لا يقتدى به في الإجماع وإن قال بالاقتداء به ففي غير المسألة التي ابتدع لأنهم في نفس البدعة مخالفون للإجماع فعلى كل تقدير لا يدخلون في السواد الأعظم رأساً.

ص: 36

الثالث: إن الجماعة هي الصحابة على الخصوص فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلاً وقد يمكن فيمن سواهم. ألم تر قوله عليه السلام: "ولا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله" وقوله. "ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" فقد أخبر عليه السلام أن من الأزمان زماناً يجتمعون فيه على ضلالة وكفر قالوا: وممن قال بهذا عمر بن عبد العزيز فروى ابن وهب عن مالك قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول: سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً لأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها ولا النظر فيما خالفها من اهتدى بها مهتد ومن انتصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً. قال مالك: فأعجبني عزم عمر. فعلى هذا القول فلفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى في قوله عليه السلام: "ما أنا عليه وأصحابي" فكأنه راجع لما قالوه وما سنوه وما اجتهدوا فيه حجة على الإطلاق وبشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خصوصاً في قوله: "فعلكيم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين" وأشباهه أو لأنهم المتلقون لكلام النبوة المهتدون للشريعة الذين فهموا أمر دين الله بالتلقي من نبيه مشافهة على علم وبصيرة بمواطن التشريع وقرائن الأحوال بخلاف غيرهم فإذا كل ما سنوه فهو سنة من غير نظر فيه بخلاف غيرهم فإن فيه لأهل الاجتهاد مجالاً للنظر رداً وقبولاً فأهل البدع إذاً غير داخلين في الجماعة قطعاً على هذا القول.

الرابع: إن الجماعة هي جماعة الإِسلام إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم وهم الذين ضمن الله لنبيه عليه السلام أن لا يجمعهم على ضلالة فإن وقع بينهم اختلاف فواجب تعرف الصواب فيما اختلفوا فيه. قال الشافعي: الجماعة لا تكون فيها غفلة عن معنى كتاب الله ولا عن سنّة ولا قياس وإنما تكون الغفلة في الفرقة وهذا القول يرجع إلى الثاني وهو يقتضي أيضاً ما يقتضيه أو يرجع للقول الأول وهو الأظهر وفيه من المعنى ما في الأول من أنه لا بد

ص: 37