المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفتوحات الغربية على يد الصحابة - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية - جـ ٢

[مخلوف، محمد بن محمد]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌فائدة

- ‌الطبقة الأولىمنحصرة فيمن أنزل عليه القرآن وجاء بالشريعة المطهرة صلى الله عليه وسلم وكرم وعظم

- ‌صلة بها أن القرآن هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين سائر الكلام

- ‌درة

- ‌جوهرة

- ‌فريدة

- ‌خلاصة في العلوم التي تفرعت من القرآن أو نشأت لخدمته

- ‌القراءات السبع

- ‌النحو

- ‌التفسير وعلم الأدب

- ‌الحديث

- ‌الفقه

- ‌السير والتاريخ

- ‌الجغرافيا

- ‌الخطابة

- ‌الشعر

- ‌فصل أذكر فيه الوازع والحرية

- ‌البشارة بالسعادة والنذارة بالشقاوة

- ‌خلاصة فيما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عندما أعلن بالرسالة وما حصل لمن آمن به

- ‌خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع

- ‌ذكر مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌فصل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ونبذة من فضائله

- ‌خطبة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌الكلام على جيش أسامة رضي الله عنه

- ‌فصل الكلام على أهل الردة وقتالهم

- ‌فصل

- ‌أولياته

- ‌خطبة علي في تأبين أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌تنبيه:

- ‌الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر

- ‌خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ونبذة من سيرته

- ‌فتوح الشام

- ‌تنبيه:

- ‌جغرافية سوريا

- ‌انتداب عمر رضي الله عنه لفتح العراق وفارس

- ‌رجوع إلى خبر الهرمزان

- ‌فتح الجزيرة

- ‌فتح مصر وبرقة

- ‌تنبيه:

- ‌أولياته - فمنها كتابة التاريخ الهجري

- ‌ومنها: تدوين الدواوين وفرض العطاء

- ‌قضاؤه

- ‌كتابه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري

- ‌وفاته رضي الله عنه

- ‌وصيته لمن يخلفه

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده

- ‌فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌الحالة الاجتماعية على عهده

- ‌فضائل علي القرشي الهاشمي رضي الله عنه

- ‌الكلام على الفتنة

- ‌خلاصة فيما عليه أهل السنة في هاته الفتنة

- ‌فضائل الستة بقية العشرة المبشَّرين بالجنة

- ‌سيدنا أبو عبيدة (رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه

- ‌سيدنا طلحة (رضي الله عنه

- ‌سيدنا الزبير (رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعيد بن زيد (رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ذكر بعض السادات من أعيان الصحابة وفضلائهم

- ‌سيدنا حمزة رضي الله عنه

- ‌أخوه سيدنا العباس رضي الله عنه

- ‌سيدنا جعفر رضي الله عنه

- ‌سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌سيدنا خالد بن سعيد رضي الله عنه

- ‌سيدنا سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه

- ‌سيدنا يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌تنبيه

- ‌سيدنا عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو ذر رضي الله عنه

- ‌سيدنا المقداد بن الأسود رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌سيدنا سعيد بن العاص رضي الله عنه

- ‌سيدنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

- ‌سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ابنا سيدنا علي رضي الله عنهم

- ‌سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن سعد رضي الله عنه

- ‌سيدنا معاوية رضي الله عنه

- ‌سيدنا مسلمة بن مخلد رضي الله عنه

- ‌سيدنا مروان بن الحكم رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن العباس رضي الله عنه

- ‌سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما

- ‌سيدنا عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما

- ‌خلاصة

- ‌الفتوحات الغربية على يد الصحابة

- ‌صلة

- ‌جغرافية المغرب أي إفريقية الشمالية الغربية

- ‌الكلام على قرطاجنة

- ‌الأطوار الأربعة:

- ‌الطور الأول:

- ‌الطور الثاني:

- ‌الطور الثالث:

- ‌الطور الرابع:

- ‌فصل

- ‌الطبقة الثالثة طبقة التابعين رضي الله عنهم

- ‌خلاصة فيما حصل مدة الدولة الأموية

- ‌الطبقة الرابعة

- ‌فصل

- ‌صلة

- ‌فريدة أذكر فيها نبذة من حضارة بغداد في عهد المنصور والرشيد وابنه المأمون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة

- ‌صلة

- ‌الطبقة السادسة

- ‌الطبقة السابعة

- ‌الطبقة الثامنة

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة التاسعة

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة العاشرة

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الحادية عشر

- ‌ولاية ابنه أبي الحسن علي بن يحيى:

- ‌ولاية ابنه الحسن:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثانية عشر

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثالثة عشر

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقه الرابعة عشر

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة عشر

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السادسة عشر

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السابعة عشر

- ‌الطبقة الثامنة عشر

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة التاسعة عشر

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة العشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الحادية والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثانية والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الثالثة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌رجوع وانعطاف

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الرابعة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة الخامسة والعشرون

- ‌تنبيهات

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السادسة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌الطبقة السابعة والعشرون

- ‌تنبيه:

- ‌خلاصة بها الأدوار التي حصلت لدول إفريقية

- ‌فائدة

- ‌صلة

- ‌تنبيه:

- ‌الجغرافية

- ‌التعريف بالقطر التونسي

- ‌جغرافية إيالة تونس

- ‌جبالها

- ‌أنهارها وبحيراتها

- ‌حيواناتها:

- ‌زراعتها:

- ‌صناعتها:

- ‌معارفها ولغتها وديانتها

- ‌الحكومة

- ‌تاريخ إيالة تونس

- ‌الخاتمة

- ‌فصلفيما يتعلق بالقصر

- ‌عود إلى الكلام على القصر الكبير:

- ‌ذكر من بالمقبرة من الفضلاء

- ‌عود إلى الكلام على قصر السيدة:

- ‌استدراك

- ‌تنبيه:

- ‌ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في الرؤيا

- ‌حديث نبع الماء من تحت أصابعه

- ‌الترغيب في الصوفة

- ‌ما جاء في المهاجرة

- ‌السنّة في الشراب ومُناولته عن اليمين

- ‌ما جاء في النهي عن تأخير صلاة العصر

- ‌ما جاء في الوليمة

- ‌ما جاء في الحجامة وإجارة الحجام

- ‌ما جاء في الغزو

- ‌قطع التلبية

- ‌ما جاء في تحريم المدينة

- ‌ما جاء في وباء المدينة

- ‌ما جاء في سفر النساء

- ‌في جامع ما جاء في الطعام والشراب

- ‌ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها

- ‌في جامع ما جاء في الطعام والشراب

- ‌في جامع ما جاء في تعجيل الفطر

- ‌ما يتقى من الشؤم

- ‌ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر

- ‌قدر السحور من النداء

- ‌مكيلة زكاة الفطر

- ‌ما جاء في القرآن

- ‌النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها

- ‌فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ

- ‌غسل يوم الجمعة

- ‌الصلاة في البيت

- ‌مواقيت الإهلال

- ‌من جامع الإيمان

- ‌ما جاء في التعفف عن المسألة

- ‌في جامع الجنائز

- ‌تحريم الخمر

- ‌ما جاء في الخيل والمسابقة بينها

- ‌ما جاء في الكلاب

- ‌ما جاء في قتل الحيات

- ‌بيع الذهب بالورق تبراً وعيناً

- ‌ما يكره من الكلام بغير ذكر الله

- ‌ما جاء في إسبال الرجل ثوبه

- ‌ما جاء في الطعام والشراب

- ‌التقاريظ

- ‌مص‌‌ادر ومراجع

- ‌ا

- ‌ت

- ‌ ب

- ‌ح

- ‌ج

- ‌ ث

- ‌ د

- ‌خ

- ‌ذ

- ‌ ر

- ‌س

- ‌ ز

- ‌ط

- ‌ ش

- ‌ ص

- ‌ ع

- ‌ف

- ‌ل

- ‌م

- ‌ك

- ‌ق

- ‌ن

- ‌ه

- ‌ و

الفصل: ‌الفتوحات الغربية على يد الصحابة

‌خلاصة

اعلم أن الفتوحات الإِسلامية امتدت واتسعت في الجهات الشرقية والغربية زمن الخلفاء الراشدين لطهارة سيرتهم وصفاء سريرتهم ولعدلهم في بيت المال وغيره وكان الصحابة رضي الله عنهم هم الواسطة العظمى في انتشار الدين وتبليغه بنقل أقواله وأفعاله وأحواله وأخباره وبث العلم وانتشاره وبهم أشرقت على العالم أنوار النبوة المحمدية على صاحبها أشرف السلام وأزكى التحية واعترفت الأمة لله الواحد القهار بالوحدانية وبلغت من الرقيّ أعلاه ومن المجد أسناه وبسطت الخلافة الإِسلامية يدها على مشارق الأرض ومغاربها كل ذلك بواسطة الصحابة ثم التابعين رضوان الله عليهم أجمعين فهم الذين مهّدوا لنا المسالك وفتحوا لنا الأقطار والممالك وذلوا الأمم وأقاموا منار العدل ومحوا آثار الفساد والبغي والظلم وقد كانوا أسود نزال وعلماء حرب وقتال وكانت لهم الحرية الحقيقية لا يسكتون على منكر ولا يقرون على ضيم وكانوا غير مستبدين في الأعمال لا يبرمون أمراً من أمور الدولة إلا بعد المشاورة فيه مع عظماء الأمة وكان اختيار الأعمال المنوطة بهم يوكل إليهم والخليفة ينفذ ما استقر عليه رأيهم لأنه أرجى في نجاح الأمور لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة فكانت الأعمال منظمة والرياسة في أهلها والنجاح متأصل الأطراف مأمون مما يخاف.

واعلم أني أشرت فيما تقدم للفتوحات الشرقية والغربية التي وقعت زمن الخلفاء الراشدين وهي في الحقيقة تمهيد للفتوحات الغربية وذكر أمراء إفريقية. وحيث كان ذلك هو الغرض الوحيد من تأليف هاته التتمة وقد آن الأوان فلنشرع في الغرض المقصود، مستعيناً بالواحد المعبود، فنقول:

‌الفتوحات الغربية على يد الصحابة

أول أمير تأمّر على جيوش إفريقية هو البطل المشهور المجاب الدعوة سيدنا عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعهد من الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وتحرير الخبر في ذلك كان استعمل على الحرب في مصر عبد الله بن سعد وأمره بغزو إفريقية سنة 24 هـ أو 25 هـ وقال له: إن فتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم، فأمر عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري الصحابي بالمولد على جند وعبد الله بن نافع بن الحارث على آخر وسرحهما فخرجوا إلى إفريقية في عشرة آلاف وصالحهم أهلها على مال يؤدونه ولم يقدروا على التوغل فيها

ص: 111

لكثرة أهلها، ثم إن عبد الله بن سعد شكا عمرو بن العاص إلى عثمان لخلاف وقع بينهما فاستقدمه عثمان واستقل عبد الله بن سعد على إمارتي الخراج والحرب في مصر، وكتب عبد الله يستأذن عثمان في قصد إفريقية ثانية ويستمده فجمع عثمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشارهم في ذلك فأشاروا عليه بغزوها فندب الناس إلى ذلك فتسارعوا وخرج المهاجرون الأولون وفيهم جماعة أعيان الصحابة وأبناء الصحابة منهم العبادلة الأربعة ابن عباس وابن الزبير وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين ومروان بن الحكم. ولما اجتمع المسلمون على المسير جمع عثمان الناس وخطب خطبة قال فيها بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد، فإني قد عهدت إلى عبد الله بن سعد أن يحسن إلى محسنكم ويتجاوز عن مسيئكم وأن يرفق بكم ولا حول ولا قوة إلا بالله وقد استعملت عليكم الحارث بن عبد الحكم حتى تقدموا إلى عبد الله، فلما قدموا خرج بمن كان معه وبمن قدم عليه وذلك سنة 26 هـ ولقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين ببرقة ثم ساروا إلى طرابلس فقاتلهم الروم قتالاً خفيفاً وبعث عبد الله السرايا في كل ناحية وساروا إلى إفريقية تونس فقابله عند مدينة يعقوبة - وفي رواية سبيطلة - حاكم إفريقية الشمالية من قبل إمبراطور القسطنطينية واسمه غريغوار ويسميه العرب جرجيراً بمائة وعشرين ألف مقاتل واشتبك بينهما القتال وجاءهم عبد الرحمن بن الزبير مدداً من قبل عثمان بفتح الزاي وهو غير الزبير بضم الزاي ابن العوام فشهد الحرب وقد غاب عنهما عبد الله بن سعد فسأل عنه فقيل له إنه سمع منادي جرجير يقول: من يقتل ابن أبي سرح فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي، فخاف وتأخر عن حضور القتال فقال له عبد الله بن الزبير: تنادي أنت بأن مَن قتل جرجيراً نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده، وقد كان جرجير لما سمع بوصول المدد سقط ما في يده إلا أنه جالد المسلمين جلاداً عظيماً فلما أبطأ عليهم الفتح أشار عبد الله بن الزبير على عبد الله بن سعد أن يترك جماعة من أبطال المسلمين متأهبين للحرب ويقاتل العدو بباقي العسكر إلى أن يضجروا فيحمل عليهم بالآخرين على غرّة ففعل وركبوا من الغد إلى القتال وألحوا على الأعداء حتى اتبعوهم ثم افترقوا وقد أنهكهم التعب فركب عبد الله بن الزبير مع الفريق المستريحين وحملوا حملة واحدة حتى غشوا عسكر جرجير في خيامهم فانهزموا وقتل عبد الله بن الزبير جرجيراً وأخذت ابنته سبية فنفلها ابن الزبير وحاصر عبد الله بن سعد سبيطلة ففتحها وكان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألفاً وهو فتح عظيم لم يفتح على أحد مثله، ثم إن عبد الله بن سعد بعث سراياه إلى أنحاء البلاد وعليها القواد ومنهم ابن الزبير فجالوا

ص: 112

في أقطار المغرب غرباً وشرقاً وجنوباً، فأغاروا من جهة الجنوب على إقليم بين أسنة المعروف ببلاد النخل أو الجريد ومن الشمال والغرب على إقليمي نوميدايا وموريتانيا في الجزائر ثم بلاد فاس ومراكش المعروفة بموريتانيا الطنجية وهكذا حتى انقادت لهم البلاد إلى بوغاز جبل طارق ودفع أهلها لهم الجزية التي كانوا يؤدونها لقيصر الروم كما ذلك في خلاصة تاريخ العرب. أما مؤرخو الإِسلام فقد اختصروا أخبار هذا الفتح وذكروا الصلح الذي عرضه عظماء إفريقية على ابن سعد وهو أن يعطوه ثلاثمائة قنطار من الذهب أي مليونين وخمسمائة ألف دينار ونيفاً فقبل ذلك منهم وأرسل ابن الزبير بالفتح والخمس إلى أمير المؤمنين عثمان فاشتراه مروان بخمسمائة ألف دينار، ولما أصاب ابن سعد من إفريقية ما أصاب ورجع إلى مصر جهز قسطنطين بن هرقل أمبراطور القسطنطينية أسطولاً كبيراً مؤلفاً من ستمائة مركب أراد أن يهاجم به الإسكندرية على قول ابن خلدون وابن الأثير لم يذكر الجهة التي كان يريدها قسطنطين والظن أنه كان يريد إفريقية بدليل التجاء الأمبراطور إلى جزيرة صقلية بعد انكساره في هذه الغزوة وهي قريبة من تونس، ولما بلغ المسلمين خروج هذا الأسطول خرج لملاقاته في البحر أسطولان أسطول من الإسكندرية مع عبد الله بن سعد وأسطول من سورية مع معاوية بن أبي سفيان والتقيا معه في عرض البحر فقرنوا السفن إلى بعضها واقتتلوا قتالاً شديداً حتى استحر القتل فانهزم قسطنطين جريحاً إلى صقلية بما بقي معه من الروم ولما علم أهل صقلية فراره قتلوه وسمى المسلمون هذه الغزوة غزوة ذات الصواري والمكان كذلك لكثرة ما كان فيها من الصواري، ثم إن الأمبراطور فونستانس الثاني غضب على أهل إفريقية لما أعطوه من المال لابن سعد لأنه أكثر مما كانوا يعطوه لأمبراطورة الروم واغتنم فرصة اضطراب المسلمين وانقسامهم في التنازع على الخلافة فأرسل من قبله بطريقاً ليأخذ منهم مثله فأبوا فقاتلهم وطرد البطريق الذي ولوه عليهم من قبل المسلمين بعد جرجير فالتجأ إلى معاوية بن أبي سفيان وقد كان اجتمع له الأمر فنصره وبعث جيشاً أميره معاوية بن حديج بالحاء المهملة مصغراً الكندي له صحبة ورواية ووفادة وذلك سنة 45 هـ لتدويخ البلاد وطرد الروم عنها ثانية ولما وصل الجيش إفريقية انتشب القتال بينه وبين جيش العدو قرب قصر أجم وكان النصر حليف المسلمين، وبعد هذا الفوز بعث معاوية بن حُديج عبد الله بن الزبير لسوسة ففتحها وفتح بنزرت وجلولا ووجه أسطولاً مهولاً لصقلية وغنم غنائم كثيرة ثم رجع معاوية لمصر بعد أن خلّد آثاراً حسنة وعزله الخليفة معاوية عن إفريقية وأقره على مصر ثم عزل عن مصر سنة 51 هـ وتوفي بها في السنة بعدها. أخرج ابن عبد الحكم عن سليمان بن سفيان قال:

ص: 113

غزونا إفريقية مع ابن حديج ومعنا بشر كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ثم غزا إفريقية عقبة بن نافع ومعه جماعة من الصحابة، وفي هذه الغزوة استشهد أبو زمعة عبيد الله بن أرقم البلوي نسبة لبلي كعلي قبيلة من قضاعة وهو صاحب المقام المعروف به خارج القيروان ودفنت معه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فعظم بذلك قدر إفريقية واختط عقبة القيروان وبنى بها الجامع الأعظم المشهور وكان تأسيسه لها سنة 50 هـ وتم سنة 55 هـ وقاتل البربر وشردهم ثم عزله معاوية وولى مصر وإفريقية مسلمة بن مخلد الأنصاري فوجه لإفريقية مولاه أبا المهاجر ديناراً سنة 56 هـ وغزا جزيرة شريك وغيرها ولما توفي الخليفة معاوية وبويع لابنه يزيد رجع هذا الخليفة عقبة المذكور إلى عمل إفريقية ووصل القيروان سنة 62 هـ. غزا كثيراً من الجهات وفتحها وشتت جموع البربر وغيرهم. قال ولي الدين بن خلدون: وصل عقبة إلى جبال درن وقاتل المصامدة بها وكانت بينه وبينهم حروب وحاصروه بجبال درن فنهض إليهم جموع زناتة وكانت خالصة للمسلمين منذ إسلام مغراوة فأفرجت المصامدة عن عقبة فأثخن فيهم حتى حملهم على طاعة الإِسلام ودوّخ بلادهم ثم دخل السوس لقتال مَن بها من صنهاجة وهي يومئذ على دين المجوس فأثخن فيهم وهزم جموع البربر وقفل راجعاً وكان كسيلة الأروبي في جيوش عقبة قد استصحبه في غزواته وكان يستهين به ويمتعضه حتى صار في نفسه شيء بسبب ذلك على عقبة وبلغ ذلك أبا المهاجر وهو معتقل عند عقبة فبعث إليه ينهاه ويقول له: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألف جبابرة العرب وأنت تعمد إلى رجل جبار في قومه وبدار عزه وحديث عهد بالشرك فتستفسده وأشار عليه بأن يتوثق منه وخوّفه غائلته فتهاون عقبة بقوله. فلما قفل من غزاته هاته وانتهى إلى أرض الزاب، وكسيلة أثناء هذا كله في صحبته، صرف العساكر إلى القيروان أفواجاً ثقة بما دوخ من البلاد وأذل من البربر وبقي في قليل من الجند فلما وصل إلى تهودة وأراد أن ينزل بها الحامية نظر إليه الفرنجة وطمعوا فيه فراسلوا كسيلة ودلوه على الفرصة فيه فانتهزها وأرسل بني عمه ومَن تبعهم من البربر فاقتفوا أثر عقبة وأصحابه حتى إذا غشوهم بتهودة ترجل القوم وكسروا أجفان سيوفهم ونزل الصبر واستلحم عقبة وأصحابه فلم يفلت منهم أحد وكانوا زهاء الثلاثمائة من كبار الصحابة والتابعين، واستشهدوا في مصرع واحد، فيهم أبو المهاجر دينار. وأجداثهم رضي الله عنهم بمكانهم بأرض الزاب لهذا العهد، واتخذ على المكان مسجد يعرف باسم عقبة هو في عداد المزارات ومظان البركات بل هو أشرف مزور من الأجداث في بقاع الأرض لما توفي فيه من عدد الشهداء من الصحابة والتابعين الذين لا يبلغ

ص: 114