الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير البيضاوي، الذي سمّاه "أنوار التنزيل وأسرار التأويل".
تفسير القرآن، لابن النحاس.
تفسير القرطبي، الذي سمّاه "الجامع لأحكام القرآن".
تفسير ابن عطية، الذي سمّاه "المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزنيز". الكشاف عن حقائق التنزيل، لأبي القاسم الزمخشري.
كما استشهد بأقوال كثير من أعلام المذهب المالكي مثل ابن القاسم وابن بشير وأشهب والشيخ محرز واللّخمي والشاطبي والشيخ زروق وميارة والشيخ عبد القادر الفاسي والشيخ الزرقاني والتاودي بن سودة وغيرهم.
رابعاً: أهميته وانتشاره:
كتاب "أجوبة التُّسولي" ذو أهمية بالغة في بابه فهو إلى جانب كونه مؤلفاً فقهياً يعتبر رسالة مستقلة في الجهاد العملي، وذلك لأسباب كثيرة، فقد كان مؤلفه من الفقهاء الكبار في عصره وصاحب قدم راسخة في النوازل والأحكام، فقد وصفه الأمير محمد بأنه شيخ الإسلام 1.
وهذا الكتاب وليد الأحداث السياسية التي جدّت في ذلك العصر، ذلك أنّ أبا الحسن التُّسولي لم تأته فكرة الكتاب من فراغ، وإنّما جاءت ضرورة ملحّة تقتضيها أجواء المجتمع الإسلامي، فقد كان منشؤه أساساً تلك الأسئلة التي وجهها الأمير عبد القادر المجاهد عند احتلال الفرنسيين للجزائر يستفتي فيها علماء فاس في شأن القبائل التي تساعد المستعمرين وتتكتّم على جواسيسهم، قال الأمير محمد: "قد كان الأمير يعاقب من وقع في أيدي ضباط الثغور من أشقياء المتنصرة كالدوائر والزمالة والبرجية وغيرهم ممّن يواصل العدوّ ويتسلّل إلى مدنه بما اختلسه من المسلمين من عروض وماشية بما دون القتل إلاّ من تحقّق ضرره للمسلمين، فكان يأمر بقتلهم ثم بدا له أن يستفتي المحقّقين من علماء مصر وفاس
1 - أنظر: تحفة الزائر: 1/ 207.
في شأنهم، وشأن مانعي الزكاة، والإعانة التي افترضها للقيام بأمر الجهاد وغير ذلك، ممّا اضطرّه الحال إلى السؤال عنه تأكيداً لحجته وتوطيداً لمحجته" 1.
كما قال الشيخ مخلوف:- في ترجمة التُّسولي- (وفي سنة 1252هـ بعث الأمير الحاج عبد القادر بن محيي الدين سؤالاً لعلماء فاس في شأن الخطب الذي حلّ بالقطر الجزائري وأجابه عنه برسالة في عدّة كراريس وهذا الخطاب تسبّب عنه استيلاء فرنسا على الجزائر سنة 1246هـ وعلى بقية القطر شيئاً فشيئاً)2.
وهذا الكتاب يفتح المراسلات بين الأمير عبد القادر الجزائري والمولى عبد الرحمن بن هشام باعتبار أن الأسئلة التي أرسلها الأمير عبد القادر إلى المولى عبد الرحمن أجاب عنها الإمام التُّسولي فكان كما قال الشيخ الفاضل بن عاشور- حينما أورد الرسائل الستة بين الأمير والمولى عبد الرحمن-: (فتكون الرسالة الأولى هي رسالة سنة 1252هـ، ولعلّ المكتوب المجاب بها عنه هو مبدأ الاحتمال. فإنه: "ذكر في حوادث سنة اثنتين وخمسين ورود سؤال الأمير عبد القادر إلى علماء فاس بشأن حكم المتعاونين مع العدوّ من المسلمين، وحكم دفع الزكاة والإعانة إلى متولي الجهاد" ولم يرد شيء من الأمير عبد القادر قبل ذلك، وأعقب هذا الخبر بإشارة السلطان على الإمام التُّسولي أن يتولّى تحرير الجواب عن تلك المسألة)3.
وهو يعدّ أول مظهر لليقظة الجهادية بالمغرب الحديث حديث ضمنه عدّة توجيهات وأفكار تتناول واقع الحياة إذ ذاك بالمغرب 4، وممّا كتبه بخصوص تنظيم الجيش: ( .... ولذا قالوا: يجب على الإمام أن يهتمّ بأمور الجهاد فيأمر كل قبيلة بتعلّم الحروب والتدريب، وإن رأي أن يعين من كل قبيلة مائة أو أكثر تتعلّم الحروب مهيئة نفسها لكلمة الأمير، وتكون تلك المائة من
1 - نفس المصدر السابق: 1/ 206.
2 -
شجرة النور: 397.
3 -
أنظر: من وثائق الوحدة في "مجلة الفكر" عدد سنة 1960 [ص:540].
4 -
أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث: 1/ 27 - 28.
الوجوه الذين لا يولّون الأدبار، وعند كل خمسة أشهر ونحوها يأمر بالضرب بين يديه بمرأي منه، فمن رآه منهم كثير الإصابة والتدريب أحسن إليه، وقرّبه لديه، وهكذا حتى يعرف من كل قبيلة أبطالها وشجعانها، فيعينهم حينئذ للاستنفار: الأمثل فالأمثل، ومن وجده من القبائل لم يعتن بما أمره به من تعلّم الحروب أهانها وأهان قائدها ولامهم على مخالفة أمره، ولا يتّكل في اختيارهم على غيره فينتظم الأمر حينئذ) 1.
كما امتاز هذا الكتاب بالشمولية فإلى جانب كونه مؤلفاً جهادياً مستقلاً تناول فيه مسائل ذات أهمية بالغة- كما بيّنّاه سابقاً- ناقش فيه- أيضاً- بعض القضايا التي لها صلة بالجهاد وجعل لها فصولاً مستقلة فتعرض لقضية عقوبة العاصي بالمال، وعقوبة مانع الزكاة وأخذ الغير بجريرة قومه وغيرها.
وقد جمع في كتابه هذا الكثير من الأقوال والمسائل الفقهية الجهادية التي رويت عن الإمام مالك وأعلام مذهبه هذا إلى جانب بيان وجهة النظر في المذاهب الأخرى في بعض الأحيان.
كما جمع الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة وآثار الصحابة في الجهاد إلى جانب الاستشهاد بالوقائع الحربية وحيلها ومكائدها.
وممّا يزيد من أهمية هذا الكتاب أن مصادره متنوعة وفيها ما يعتبر من أمهات المذهب، كما بيّناه، فيما سلف.
وقد كان المؤلف يورد المسائل التي اختلفت فيها آراء الفقهاء وكثيراً ما يرجح بينها ويعطي وجهة نظره.
وكان يعطي كل فصل من الفصول الصيغة الجهادية العملية، فلا يكتفي بنقل الأقوال الفقهية في كل فصل وإنما يذيلها بالمواعظ والعبر والحثّ على الجهاد لإعلاء كلمة الله وعدم التكاسل والتخاذل.
1 - أنظر: القسم التحقيقى: 305.