المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الثاني في دليل عقوبة كاتم الجواسيس والغصّاب وغيرهم ممّن يستحق العقاب ــ اعلم - أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد

[التسولي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌القسم الأولالدّراسة

- ‌الفصل الأولترجمة‌‌ الإمام التُّسُوُلي

- ‌ الإمام التُّسُوُلي

- ‌عصره

- ‌أولاً: الحياة السياسيّة:

- ‌أ - الصراع على الحكم وأثره في إضعاف الدولة:

- ‌ب - الاضطرابات والفتن:

- ‌ج - القضاء على الأسطول المغربي:

- ‌د - مأساة الجزائر وموقف المغرب منها:

- ‌ثانياً: الحياة الاجماعية والاقصادية:

- ‌ثالثاً: الحياة العلميّة:

- ‌حياته

- ‌اسمه ونسبه وصفته

- ‌أسرته:

- ‌نشأته:

- ‌وفاته:

- ‌شيوخه:

- ‌مكانته في العلم والجهاد

- ‌أ - مكانته في العلم:

- ‌ب - مكانته في الجهاد:

- ‌آثاره

- ‌أولاً- تلاميذه:

- ‌ثانياً: مؤلفاته:

- ‌الفصل الثانيحركة التأليف الجهادية في عصرالإمام التُّسولي

- ‌حركة التأليف الجهادية بالمغرب في عصر التُّسولي:

- ‌أولاً - المؤلفات الجهادية العامة:

- ‌ثانياً - المؤلفات الخاصة بتنظيم الجيش:

- ‌الفصل الثالثالتّعريف بالكتاب

- ‌أولاً: "عنوان الكتاب وصحة نسبته للمؤلف

- ‌محتواه

- ‌ثانياً: محتواه وأسلوبه:

- ‌ أسلوبه:

- ‌ثالثاً: مصادره

- ‌مصادر الفقه والأصول:

- ‌مصادر السياسة الشرعية والجهاد والسير والتصوّف:

- ‌مصادر الحديث:

- ‌مصادر التفسير:

- ‌رابعاً: أهميته وانتشاره:

- ‌خامساً: وصف النسخ:

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌سادساً: منهجي في التحقيق:

- ‌القسم الثانينصّ الكتاب وتحقيقه

- ‌نص السؤال

- ‌ونص الجواب

- ‌المسألة الأولى

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الفصل السابع

- ‌ المسألة الثانية:

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌ المسألة الثالثة:

- ‌حكم مانع الزكاة مع تحقّق عمارة ذمته، أو عدم تحققها

- ‌ المسألة الرابعة:

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌ المسألة الخامسة:

- ‌خاتمة

- ‌الملاحق

- ‌ملحق رقم (1)

- ‌ملحق رقم (2)

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث

- ‌فهرس المصطلحات الفقهية

- ‌فهرس المصطلحات العسكرية والسياسية

- ‌فهرس الأشعار

- ‌فهرس الكتب الواردة في الكتاب

- ‌فهرس الأعلام

- ‌الكنى

- ‌من نسب لأبيه

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌ المخطوطة والمطبوعة

- ‌ الفهارس والمعاجم

- ‌ المجلات والدوريات

الفصل: ‌ ‌الفصل الثاني في دليل عقوبة كاتم الجواسيس والغصّاب وغيرهم ممّن يستحق العقاب ــ اعلم

‌الفصل الثاني

في دليل عقوبة كاتم الجواسيس والغصّاب

وغيرهم ممّن يستحق العقاب

ــ

اعلم أنّه لا يخفى أن كل من تلبّس بمعصية توعّد الله عليها بالعقاب الأخروي، فإنّ الإمام يجب عليه أنْ يعاقب فاعلها، كان فيها مع ذلك حق لآدمي، ككتمان الجواسيس والغصّاب وحمايتهم والتعصب عليهم، لما في ذلك من الفساد وإدخال الضرر على المسلمين في دينهم ودنياهم، أو تمحّض فيها حق الله فقط، كالأكل في نهار رمضان، وترك الصلاة وإقامة الأذان، وترك النهي عن المناكر مع القدرة، أو عدم هجرتهم مع عدم القدرة، لأن "من رضي فعل قوم فهو منهم" 1، إذ سبب هلاك الأمم السابقة وخزيهم ولعنهم، أنّهم كانوا [5/ب] لا يتناهون عن المناكرة قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ

إلى قوله: كَانُوا لَا يَتَنَاةوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} 2.

1 - أخرجه أبو داود في "سننه" عون المعبود شرح سنن أبي داود- للعظيم آبادي): 11/ 74، "كتاب اللّباس"، عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ:"من تشبّه بقوم فهو منهم".

وأورده الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين": 6/ 128، وقال:(أخرجه أبو يعلى، والديلمي في "مسنديهما"، وعلي بن معبد في "كتاب الطاعة" عن ابن مسعود مرفوعاً بلفظ: "من رضي عمل قوم كان شريك من عمل به").

2 -

سورة المائدة / آية 78 - 79، وتمامها:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاةوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} .

ص: 118

قال الإمام "القرطبي" 1، و"ابن عطة" 2 - "في تفسيرهما"- ما نصّه:(قال " قتادة" 3، و "مجاهد" 4: لعنهم: مسخهم 5 قردة)6.

قالا: (وقد ذمّ الله هؤلاء القوم لتركهم النهي عن المنكر، وكذا يذمّ من بعدهم ممّق فعل فعلهم.

1 - أبو عبد الله: محمّد بن أحمد بن أبي بكر، الأنصاري، الخزرجي، الأندلسي، القرطبي: من كبار المفسرين، صالح متعبّد، استقر بمصر، من كتبه:"الجامع لأحكام القرآن- ط" و"قمع الحرص بالزهد والقناعة" و"التذكرة بأحوال الموتى وأحوال الآخرة- خ" مات (سنة 671هـ)، (ابن فرحون- الديباج: 317، المقري- نفح الطيب:1/ 428، الزركلي - الأعلام: 5/ 322).

2 -

أبو محمد: عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطيّة المحاربي، الغرناطي، مفسّر، فقيه، أندلسي، عارف بالأحكام، والحديث، ولي قضاء المرية، يكثر الغزوات في جيوش الملثمين، عن كتبه "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" مات (سنة 542هـ). (الضبي- بغية الملتمس: 389 - 399، المقري- نفح الطيب:1/ 593، الداودي- طبقات المفسرين: 1/ 260 - 261).

3 -

أبو الخطاب: قتادة بن دعامة بن عزيز، السدوسي، البصري، المفسّر، الحافظ، المحدث، قال الإمام (أحمد بن حنبل):(قتادة أحفظ أهل البصرة)، وكان رأساً في العربية، ومفردات اللغة والنسب، مات بواسطة الطاعون، (سنة 118هـ). (ابن خلكان- وفيات الأعيان:1/ 427، الذهبي- تذكرة الحفاظ:1/ 115، الزركلي- الأعلام: 5/ 189).

4 -

أبو الحجاج المكي: مجاهد بن جبر، مولى "بني مخزوم" التابعي، المفسر، قال الذهبي:(شيخ القراء والمفسرين)، أخذ التفسير عن ابن عباس، وكان رحالة لا يسمع بأعجوبة إلاّ ذهب فنظر إليها، أما كتابه في "التفسير" فيتقيه المفسرون، وسئل (الأعمش) عن ذلك، فقال:(كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب) مات (سنة 104هـ). (ابن الجوزى- صفة الصفوة: 2/ 117، الذهبي- ميزان الاعتدال: 3/ 9، الزركلي- الأعلام: 5/ 278).

5 -

من المسخ، وهو تحويل سورة إلى ما هو أقبح منها، يقال:(مسخه الله قرداً). (الرازي- مختار الصحاح: 494).

6 -

أنظر القرطبي- الجامع لأحكام القرآن: 6/ 252، بزيادة:"وخنازير"، وابن عطية- المحرر الوجيز: 5/ 165، مفصلاً، وهو (قال مجاهد وقتادة: بل مسخوا في زمن داود قردة، وفي زمن عيسى خنازير).

7 -

في "ب" و"ج" و"د": (المناكر).

ص: 119

خرّج أبو داود 1، عن عبد الله بن مسعود 2، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما دخل النقصُ على بني إسرائيل» ، كان الرجل يلقى الرجل فيقول:(يا هذا) 3؟ اتّق الله!، ودع ما تصنع، فإنّه لا يحلّ لك، ثم يلقاه [من الغد] 4 فلا يمنعه ذلك أنْ يكون أكيلَهُ وشَرِيبهُ وقَعِيدَهُ، فلما فعلوا ذلك ضَرَبَ الله قلوب بعضهم ببعض، وقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ

إلى قوله: فَاسِقُونَ} 5 ثم قال: "كلا والله لتأمرن بالمعروفِ، ولتنهوّن عن المنكرِ، ولتأخذنّ على يدِ الظالمِ، ولتأطِرُنَّه على الحق أطراً، (ولتقصرنه 6 على الحق قصراً، أو ليُضْرِبن اللهُ بقلوبِ بعضكم على بعض، ثم ليلعنّكم كما لعنهم" 7 ومعنى لتأطِرَنَّه أي: (لتردنه) 8 اهـ. لفظه.

1 - هو: سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني: إمام أهل الحديث في زمانه، من كتبه:"السنن- ط" و"المراسيل- ط" و"كتاب الزهد". مات بالبصرة (سنة 275هـ). (البغدادي- تاريخ بغداد: 9/ 55، ابن خلكان- وفيات الأعيان: 1/ 214، الذهبي- تذكرة الحفاظ: 2/ 152.

2 -

وهو: أبو عبد الرحمن: عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، الصحابي الجليل، الفاضل، من السابقين إلى الاسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سره، نظر إليه عمر يوماً وقال:(وعاء ملىء علماً) له: 848 حديثاً، مات (سنة 32هـ). (ابن الجوزي- صفة الصفوة: 1/ 154، ابن الأثير- أسد الغابة في معرفة الصحابة: 3/ 356).

3 -

هكذا في سنن أبي داود وفي جميع النسخ: (ما هذا يا فلان).

4 -

ساقطة من جميع النسخ، والإضافة من سنن أبي داود.

5 -

سورة المائدة / آية 78 - 81.

6 -

في جميع النسخ: (أو تقصونه).

7 -

أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب "الملاحم" باب: "الأمر والنهي" (أنظر: "عون المعبود شرح سنن أبي داود": 11/ 487 - 488 - 489، نحوه. وأورده السيوطي في "جمع الجوامع": 2/ 233، وعزاه لأبي داود، وكذا في كتابه "الدر المنثور في التفسير بالمأثور": 2/ 300.

8 -

(أنظر: القرطبي- الجامع لأحكام القرآن: 6/ 253، وابن عطية- المحرر الوجيز: 5/ 166، بلفظ: "إن الرجل من بنى إسرائيل كان إذا رأي أخاه على ذنب نهاه عنه تغريراً، =

ص: 120

فأنتم ترون هذا الزجر الغليظ، والوعيد الفضيع، حتى قال- عليه الصلاة والسلام:"والله إمّا أن تأمروا بالمعروف وتردّوا الظالم إلى الحق، وإمّا أنْ يضرب الله بقلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم" فقوله في الحديث الكريم: "أو ليضربنّ الله

إلخ" قسيم قوله: "لتأمرنّ

إلخ".

قال في "الكشاف": قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} 2 أي: لم يكن ذلك اللعن الشنيع الذي كان سبب المسخ، إلاّ لأجل المعصية والاعتداء لا لشيءآخر، ثم فسّر المعصية [6/أ] والاعتداء بقوله:{كَانُوا لَا يَتَنَاةوْنَ (عَنْ مُنْكَرٍ) 3} 4 - أي- لا ينهى بعضهم بعضاً، ثم قال:{لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} 5 للتعجب من سوء فعلهم، مؤكداً لذلك بالقسم) 6.

قال: (فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المنكر، وقلّة عبئهم 7 به، كأنه (ليس) 8 من ملّة الإسلام، مع ما يتلون من كتاب الله، وما فيه

= فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأي منه أن يكون خليطه وأكيله، فلما رأي الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى، قال ابن مسعود: وكان رسول الله متكأ فجلس، وقال:"لا والله حتى تأخذوا على يد الظالم فتأطروه على الحق اطراً".

1 -

"الكشاف عن حقائق التنزيل": لأبي القاسم: محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري: الإمام، العالم، المفسر، اللغوي، الأديب، معتزلي المذهب، مات (سنة 538هـ). (ابن خلكان- وفيات الأعيان: 2/ 81، حاجي خليفة- كشف الظون: 2/ 1475 - 1484).

2 -

سورة المائد و / آية: 78، وتمامها:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} .

3 -

ساقط من "الأصل"، ومن "ج"، والإضافة من "ب".

4 -

سورة المائدة / آية: 79.

5 -

الشطر الثاني من الآية السابقة.

6 -

أنظر: الزمخشري- الكشاف: 1/ 667.

7 -

أي: قلّة مبالاتهم به، ويقال:(ما عبأ به: لم يعدّه شيئاً، ولم يباله). (الرازي- مختار الصحاح: 323، المعجم الوسيط: 2/ 585).

8 -

ساقط من "الأصل"، والإضافة من "ب" و"ج"، و"د".

ص: 121

من المبالغات في هذا الباب) 1 اهـ.

وقال- تعالى-: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} 2.

قال "البيضاوي " 3: (أي: لا تميلوا إليهم أدنى ميل، فإن الركون: هو الميل القليل كالتزيّي بزيهم وتعظيم ذكرهم، وإذا كان الركون إلى من وجد فيه ما يسمّى ظلماً يلحقه هذا الوعيد، فما ظنّك بالركون إلى الظالمين الموسومين بالظلم، ثم بالميل إليهم كل الميل، ثم بالظلم نفسه والانهماك فيهه) 4 اهـ.

وقال "ابن عطية": ("ولا تركنوا" يقال: ركن يركن، ومعناه السكون إلى الشيء والرضي به، فالركون يقع على قليل هذا المعنى وكثيره) اهـ. الغرض منه.

وقال في "الكشاف": ("ولا تركنوا" متناول الانحطاط 5 في هواهم، والانقطاع إليهم، ومصاحبتهم، ومجالستهم، وزيارتهم، ومداهنتهم 6، والرضي بأعمالهم، والتشبه بهم، والتزيّ بزيهم، ومدّ العين إلى زهرتهم [وذكرهم] 7 بما فيه تعظيم لهم)8.

قال: (وتأمل قوله: "ولا تركنوا" فإن الركون هو: الميل اليسير، وهذا

1 - أنظر: الزمخشري - الكشاف:1/ 667.

2 -

سورة هود/ آية 113، وتمامها:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} .

3 -

أبو سعيد: عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي، ناصر الدين البيضاوي: قاض، مفسر، علاّمة، من كتبه:"أنوار التنزيل وأسرار التأويل- ط"، و"طوالع الأنوار- ط" و"لبّ اللّباب في علم الإعراب" مات في تبريز (سنة 685هـ). (ابن كثير- البداية والنهاية: 13/ 309، الداودي- طبقات المفسرين: 1/ 242 - 243، كبرى زاده- مفتاح السعادة: 1/ 436).

4 -

أنظر: البيضاوى- أنوار التنزيل: 231.

5 -

من انحطّ: أيّ: نزل وانحدر: (المعجم الوسيط: 1/ 182).

6 -

من داهن وهي: المسالمة، والمصالحة. (المصباح المنير:1/ 244).

7 -

ساقطة من جميع النسخ، والإضافة من "الكشاف": 2/ 433.

8 -

أنظر: الزمخشري- الكشاف: 2/ 433، سورة هود / آية 113.

ص: 122

فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالمه) 1.

قال: (وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا لظالم بالبقاء، فقد (أحبّ) 2 أن يعصي (الله) 3 في أرضه" 4.

ولقد سئل "سفيان الثوري" 3 عن ظالم أشرف على الهلاك في بريّة، هل يسقى شربة من ماء؟ فقال:(لا، فقيل له: يموت، فقال له: دعه يموت) 6 اهـ. [6/ب]

وإذا كان هذا الوعيد الفظيع لاحقاً لمن لا يتناهى عن المناكر، فضلاً عمّن يباشرها كهؤلاء القبائل الذين وصفتهم، أو لمن ركن إلى الظالم الركون اليسير فكيف بمن يكتم على الجواسيس والغصّاب والتجار الحربيين ونحوهم، ويطعمهم

1 - أنظر: الزمخشري- الكشاف: 2/ 433، وقد أورده "المصنف" هنا مختصراً، وتمامه قوله بعد:(هو الميل اليسير): (إلى الذين ظلموا، أي: إلى الذين وجد فيهم الظلم، ولم يقل إلى الظالمين، وحكي أن "الموفق" صلّى خلف الإمام، فقرأ بهذه الآية، فغشي عليه، فلما أفاق قيل له، فقال: "هذا فيمن ركن إلى من ظلم، فكيف بالظالم! ").

2 -

في "الأصل": (حب)، وما أثبتناه من "ب" و"ج" و"د" مناسب للسياق.

3 -

في "ب": (يعصي الله ورسوله) وهي زائدة، والصحيح سقوطها، كما هو ثابت في الموضع الذي نقل منه المصنف وهو: (الزمخشري- الكشاف: 2/ 434، وكما هو ثابت- أيضاً- في كتب الحديث، ككتاب "كشف الخفاء للجراحي": 2/ 325.

4 -

أورده الجراحي في "كشف الخفاء ومزيل الالباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس": 2/ 325، وقال:(ذكره البيهقي في الشعب، وابن أبي الدنيا في الصمت من قول الحسن البصري، وأخرجه أبو نعيم في ترجمة "سفيان الثوري من قوله، لكنه لم يرو في المرفوع).

والغزالي في "الإحياء": 2/ 87، وقال العراقي في تخريجه:(لم أجده مرفوعاً، وإنما رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" من قول الحسن).

أنظر: كتاب الصمت وآداب اللّسان: 344 رقم 231.

5 -

أبو عبد الله: سفيان بن سعيد الثورى: المحدث، الحافظ، العالم، التقي، نشأ في الكوفة، وسكن مكة والمدينة، وانتقل إلى البصرة، من كتبه:"الجامع الكبير" و"الجامع الصغير" وكتاب في "الفرائض"، مات (سنة 161هـ). (ابن سعد- الطبقات: 6/ 257، ابن حجر - تهذبب التهذيب: 4/ 111، 115، الزركلي- الأعلام: 3/ 104 - 105.

6 -

أنظر: الزمخشري - الكشاف: 2/ 434.

ص: 123

أو يساكنهم، أو يأوون إليه فيجالسهم أو يحسن إليهم أو يواسيهم، وكيف بالتعصب عليهم ومنع الإمام من الانتصاف 1 منهم، فلو لم يكن إلاّ واحد من هذه الأمور لكفي به معصية، فكيف بجميعه أو غالبه!.

وهذا كله فيمن لم يباشر- لأنّه بكتمه أو تعصّبه أو مجالسته لهم أو مساكنته ونحو ذلك، مع عدم التغيير عليهم إنْ قدر، أو خروجه من بينهم إنْ لم يقدر 2 - راض بفعلهم معين لهم بذلك على الاستمرار في معصيتهم، "ومن رضي فعل قوم فهو منهم" 3، ولذلك استوجبوا ما تقدّم من العقاب في الآيتين الكريمتين، فكيف بالمباشرة منهم!.

ولذا قال الفقهاء- كما في "ابن عرفة 4 وغيره-: (تحرم الإقامة والسكنى بين قوم لا يتناهون عن المناكر، ولا زاجر لهم يزجرهم عنها، وإنْ لم يباشر هو معهم ما هم عليه، وتجب عليه هجرتهم، قال تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُةاجِرُوا فِيةا})5.

قالوا: (وهو ساقط الإمامة والشهادة بعدم (الهجرة)7.6.

1 - انتصف منه: استوفى حقه منه كاملاً، وأنصف الرجل: عدل، يقال:(أنصفه من نفسه، وانتصف هو منه). (الرازي- مختار الصحاح: 526، ترتيب القاموس المحيط: 4/ 342).

2 -

ساقطة من "ب".

3 -

تقدّم تخريجه.

4 -

أبو عبد الله: محمد بن محمد بن عرفة الورغمي، الإمام التونسي، العالم، الخطيب، المفتي في عصره، تولّى إمامة الجامع الأعظم (سنة 750هـ)، من كتبه:"المختصر الكبير"، و"المختصر الشامل" و"المبسوط" في الفقه. مات بتونس (سنة 803هـ). (السخاوي- الضوء اللامع: 9/ 240 - 242، التنبكتي- نيل الابتهاج: 274، الزركلي- الأعلام: 7/ 43).

5 -

سورة النساء / آية 97، وتمامها:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُةاجِرُوا فِيةا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَةنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .

6 -

في "ب" و"ج" و"د": (الهجران).

7 -

(اتفق علماء المدينة مالك وأصحابه أجمع، على: ردّ شهادة تسعة وإمامتهم أبداً وإن تابوا =

ص: 124

وحينئذ فلا مؤاخذة على الإمام، حيث وآخذه من جملتهم، وقاتله أو عاقبه معهم بمال أو غيره- على ما يأتي في الفصل بعده- ولا سيّما، حيث تقدّم إليهم وأخبرهم: بأنّ من لم يرضَ بفعلهم فليخرج عنهم- على أنّه لا يحتاج للتقدّم المذكور- لأنّ كل من ساكن قوماً، يعلم أنه ينوبه ما ينوبهم من شرّ أو غيره.

وقد قالوا: (شاع مثل هذا الفساد حتى في الحواضر 1، فتجد أهل [7/أ] (الحارة) 2 والحومة يحمون فسّادهم ويكتمون عليهم، ويجالسونهم ولا ينهونهم عمّا هم عليه).

وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: إن كان مظلوماً فنعم، وإن كان ظالماً، فكيف ننصره؟ فقال: نصره أن تمنعه من ظلمه"3.

= وحسنت حالتهم، وذلك بعد الظهور عليهم، وهم أربعة في "المدونة" وخمسة في غيرها، وأما الأربعة الذين هم في المدونة: الزاني، وشاهد الزور، والمحارب والقاتل عمداً والأصل في منع ذلك الكتاب والسنة والاجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا

} (النساء / آية 93)، وأما السنّة فقوله- عليه السلام:"كل ذنب عسى أن يكون معفواً إلاّ من مات كافراً، أو قتل مؤمناً متعمداً"، وأما الاجماع "سأل سائل ابن عمر، وابن عباس، وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهم: عمّن قتل مؤمناً متعمدا هل له توبة؟ فقالوا كلهم: وهل يستطيع أن يحيه، وهل يبتغي نفقاً في الأرض أو سلّماً في السماء!؟). (الفتاوى لأبي عمران الفاسي = 37).

1 -

في "ج"(الحاضرة) وهي: ضد البادية، وهي: المدن والقرى والريف. (الرازي- مختار الصحاح: 107).

2 -

الحارة: كل محلة دنت منازلها فهم أهل الحارة. (الزاوي- ترتيب القاموس المحيط: 1/ 749).

3 -

أخرجه البخاري في "صحيحه": (أنظر: فتح الباري: 5/ 98) كتاب: المظالم، باب: أمن أخاك ظالماً أو مظلوماً.

ومسلم في "صحيحه": 4/ 1998، "كتاب: البر والصلة والآداب" "باب: نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً"،نحوه.

وأحمد في "مسنده ": 5/ 99 - 201.

والترمذي في "سننه": 4/ 523، كتاب: الفتن"باب (68)، عن أنس، وقال فيه:(هذا حديث حسن صحيح).

ص: 125

وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 1.

والكتمان على الجواسيس والغصّاب، أو عدم التناهي عن المناكر، أو مخالطتهم إثم وعدوان، فكيف بحمايتهم أو مواساتهم كما هو الموجود من أهل الفساد!.

وقال "ابن العربي" - عند قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّة وَرَسُولَهُ

}: (فقد اتفقت الأئمة الأربعة على أن من يفعل المعصية يقاتل ويحارب، كما لو اتفق أهل بلد على العمل بالربا، أو على ترك الجماعة، أو تعطل الجمعة، أو ترك الآذان، فإنهم يقاتلون على ذلك)2.

والمراد منه قوله: (من يفعل المعصية، لأن المعصية شاملة لجميع ما تقدّم وغيره، ولا خصوصيّة لما مثّل به.

وهذا الفصل كله داخل تحت قول الشيخ "خليل": (وعزّر 3 الإمام لمعصية الله، أو لحق آدمي

إلى قوله: وإنْ زاد على الحدّ-، أو أتى على النفس

إلخ) 4.

1 - سورة المائدة / آية 2، وتمامها:{يَا أَيُّةا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّةرَ الْحَرَامَ وَلَا الْةدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْئا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّة إِنَّ اللَّة شَدِيدُ الْعِقَابِ} .

2 -

أنظر: ابن العربي- أحكام القرآن: 2/ 593.

3 -

التعزير: التأديب، ومنه: التعزير الذي هو الضرب دون الحدّ. (الرازي- مختار الصحاح: 338).

4 -

أنظر: مختصر خليل: 289"باب (شرب المسلم المكلف ما يسكر جنسه). والنص كامل كما ورد: (وعزر الإمام لمعصية الله، أو لحق آدمي حبساً ولوماً، وبالإقامة، ونزع العمامة، وضرب بسوط أو غيره، وان زاد على الحدّ أو أتى على النفس)، فقال الزرقاني في شرحه لخليل: 8/ 115 - 116، (ولما فرغ من الكلام على الحدود التي جعل الشارع فيها شيئاً معلوماً، بل يختلف باختلاف الناس، وأقوالهم، وأفعالهم، وذواتهم، وأقدارهم، فقال: "وعزّر الإمام" أو نائبه "لمعصية الله " وهي: ما له للآدمي إسقاطه كالأكل في نهار رمضان بغير عذر إلاّ أن يجيء تائباً، "أو لحق آدمي" وهو: ما له اسقاطه كشتم آخر وضربه، أو أذاه بوجه لا ما ليس لله فيه حق، لأنه ما من حق لآدمي إلاّ ولله فيه حق، وذلك اما: بالحبس أو باللّوم، والتوبيخ، أو بالاقامة من المجلس، أو بنزع العمامة، وضرب بالسوط أو غيره "وان =

ص: 126

قال في "العتيبة" 1: (قد أمر مالك: بضرب شخص وجد مع صبي في سطح المسجد، قد جرّد، وضمّه إلى صدره، أربعمائة سوط، فانتفخ ومات، ولم يستعظم ذلك مالك)2.

فهذه النصوص كلها صريحة في وجوب العقاب، لمن ارتكب معصية، كتماناً كانت أو غيره، وهل يعدل عن التعزير إلى إغرامه المال؟ سيأتي ذلك مبيّناً في الفصل الخامس- إنْ شاء الله- والله أعلم. [7/ب]

= زاد على الحدّ أو أتى على النفس" وله الاقدام ان ظن السلامة، فان ظن عدمها أو شك منع، "و" ان فعل مع الشك، "ضمن" دية "ما سرى" لنفس أو عضو على العاقلة، والإمام كواحد منهم ولا قصاص عليه).

1 -

وتسمى- أيضاً- "المستخرجة" وهى: لفقيه الأندلس، أبي عبد الله: محمد بن أحمد بن عبد العزيز، العتبي، القرطبي، المالكي. مات (سنة 255هـ)، وقيل (سنة 254هـ).

وكتابه هذا مطبوع مع البيان والتحصيل لابن رشد، وسمّى بذلك نسبة لصاحبه العتبى، وقد وضعه في مسائل مذهب الإمام مالك. (الضبي- بغية الملتمس: 48، ابن فرحون- الديباج المذهب: 238، حاجي خليفة- كشف الظنون: 2/ 1124، والزركلي- الأعلام: 5/ 307).

2 -

بحثت عنه بحثاً مضنياً في "العتيبة" ولم أقف عليه، ووقفت عليه في: شرح ابن رشد للعتيبة، وهو:"البيان والتحصيل": 16/ 278، كتاب:"الحدود".

ص: 127