الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العائدة من غزو المراكب الإسلامية) 1.
فاختفى الأسطول المغربي من الوجود وخاصة بعد موقعة "ايسلي" التي فرضت فيها فرنسا على المولى عبد الرحمن إلغاء هذا الأسطول.
وهكذا نجحت المؤامرات الدنيئة في القضاء على قوة المغرب البحرية بعدما قضت وستقضي على قوات بحرية أخرى في مختلف بقاع العالم الإسلامى.
ابتدىء بحلّ هذا الأسطول أيام المولى سليمان، ثم أجهز عليه نهائياً أيام السلطان المولى عبد الرحمن، الذي يرجع سببه أساساً إلى ظهور المدنيّة الغربية وعدم أخذ المغرب بأسبابها والصالح منها كما قال الشيخ المنوني:(إنه الشرارة الأولى من المدنية الغربية تطير على المغرب فتقضي على أسطوله، وفي الأمر- أيضاً- درس قاس للمغرب الذي لم يأخذ بالصالح من هذه الحضارة الغربية، لأن من طبيعة هذه المدنيّة أنّها تقضي على كل من لم يأخذ بأسبابها، سيّما من كان جاراً قريباً لها مثل المغرب)2.
د - مأساة الجزائر وموقف المغرب منها:
كارثة أخرى بلي بها المغرب منشأها: هجوم فرنسا على الجزائر الشقيقة عام (1246هـ / 1830م)، وتدخل المغرب تدخلاً مسلحاً لنصرته دون جدوى عام (1260هـ / 1844م)، حيث ظهر الحاج الأمير عبد القادر بن محيي الدين 3 في
1 - الاستقصا: 9/ 25 - 26.
2 -
مظاهر يقظة المغرب الحديث: 1/ 15 - 16.
3 -
الأمير عبد القادر بن محيي الدين، بن مصطفى، بن محمد، يصل نسبه إلى فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد في قرية "القيطنة" بالجزائر سنة (1222هـ) توفي بدمشق في قرية "دمر" سنة (1300هـ).
وقد خصصّت له فصلاً مستقلاً في أصل هذه الرسالة، واستغنيت عنه لكثرة المؤلفات التي ألفت عن حياته وجهاده ضد الفرنسيّين.
ومن مصادر ترجمته:
محمد بن عبد القادر- تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر. =
الجزائر الذي قاتل الفرنسيّين أشدّ قتال وقد كانت له صلة مع المولى عبد الرحمن ورسائل متبادلة 1، وكان المولى عبد الرحمن يمدّه بالخيل والسلاح والعتاد.
وقد تأثر المغرب تأثراً كبيراً بهذه الكارثة، وتجلى ذلك من حيث موقفه اتجاه هذا الغزو، فرغم ما قام به المولى عبد الرحمن- في بداية الهجوم الفرنسي- في مدّ الجزائر بالسلاح والعتاد والجيوش إلاّ أن ذلك لم يدم بسبب الضعف والفوضى الذي اتّصف به الجيش المغربي في هذا العهد، بعدما كان الأوروبيون ينظرون له نظرة إعجاب يوم كان يحرّر الشواطىء المغربية فيغلبهم، وممّا كشف هذا الضعف وأظهره للملأ موقعة "ايسلي" التي انهزم فيها الجيش المغربي الذي بلغ ثلاثين ألف جندي، أمام الجيش الفرنسي الذي لم يكن يتعدّى ثمانية آلاف جندي 2.
= بو عزيز- الأمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري. مجلة الثقافة، العدد الخاص بالذكرى المئوية لوفاة الأمير عبد القادر، السنة الثالثة، عدد 75، سنة 1403هـ).
أديب حرب- التاريخ العسكري والإداري للأمير عبد القادر.
فؤاد صالح - الأمير عبد القادر الجزائري متصوفاً وشاعراً.
تشرشل- حياة الأمير عبد القادر.
محمد ناصر- منتخبات من شعر الأمير عبد القادر.
صالح خرفي- في ذكرى الأمير، وغيرها.
السلاوي- الاستقصا: 9/ 41.
إحسان حقي- الجزائر العربية: 74.
الأزهري- اليواقيت الثمينة: 1/ 216 - 218.
البغدادي- ايضاح المكنون:1/ 326، 2/ 545.
الجيلالي- تاريخ الجزائر العام: 4/ 59.
الزركلي- الأعلام: 4/ 45 - 46.
كحالة- معجم المؤلفين: 5/ 304.
سركيس- معجم المطبوعات: 691 - 693.
بطرس البستاني- دائرة المعارف: 616 - 620.
1 -
كان من بين هذه الرسائل موضوع هذه الأطروحة.
2 -
أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث: 1/ 16 - 17.
ومن أهمّ أسباب هذا التأخر الذي طرأ على الجيش المغربي، عدم أخذه بالأنظمة الحديثة التي كان خصمه متوفراً عليها، وكان هو على الضدّ من ذلك، حتى أنّ قائد الجيش الفرنسي "بيجو" لما أشرف على الجيش المغربي قال:(ليس هذا جنداً، إنّما هو غوغاء) من كثرة ما كان عليه من الفوضى والضعف 1.
كما قال السلاوي في وصفه للحالة التي كان عليها الجيش المغربي-: (فالحاصل أن جيش مغربنا إذا حضروا القتال وكانوا على ظهور خيولهم فهم في تلك الحال مساوون في الاستبداد لأمير الجيش، لا يملك من أمرهم شيئاً، وانّما يقاتلون هداية من الله لهم، وحياء من الأمير، وقليل ما هم، وقد جربنا ذلك فصحّ، ففرّوا عن السلطان المولى سليمان في "وقعة ظيان" أولاً، وفي وقعة "الشراردة ثانياً"، وكان السلطان المولى عبد الرحمن أهيب في نفوسهم منه، فكانوا يلزمونه غرزه، لكنّه لما بعثهم إلى تلمسان فعلوا فعلتهم، وسلكوا عادتهم، ولما شهدوا مع الخليفة سيدي محمد بن عبد الرحمن وقعة "ايسلي" جاءوا بها شنعاء غريبة في القبح .... " 2.
ومن خلال هذا النص يمكن أن ندرك مدى انحطاط الجيش المغربي من أيام المولى سليمان، وهو العهد الذي أخذت تتبدّل فيه أحوال المغرب نتيجة لتغيّر الأوضاع في أوروبا.
فأصبح المغرب المنيع القوي- بعد احتلال الجزائر وضعفه عن نصرتها- يعيش تحت التهديد المستمر لاستقلاله، فمن مشاكل الحدود التي تثار في كل مناسبة، إلى اغتصاب لبعض أجزائه: من فرنسا تارة واسبانيا أخرى 3، إلى تدخلات لا حدّ لها في شؤون المغرب الداخلية، إلى إثارة قلاقل وخصوصاً
1 - نظر نفس المصدر السابق: 1/ 17.
2 -
أنظر الاستقصا: 9/ 97.
3 -
من أمثلة هذا: استيلاء اسبانبا على الجزائر المغربية الثلاثة الواقعة على ساحل الأببض المتوسط، شرق مدينة مليلة، وهي المعروفة "بالجزر الجعفرية" وذلك عام (1266هـ/ 1848م). (المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث: 1/ 18).