الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخريات الناس فأوقعوا بهم وقتلوا ونهبوا 1.
ولما كانت سنة "سبع وعشرين ومائتين وألف"(1227هـ) بلغ السلطان أن قبائل الريف صاروا يبيعون الزرع للنصارى ويسوقونه من بلادهم فأرسل من يؤدبهم 2.
فأخذت الفتن تزداد في جلّ بلاد المغرب في أواخر عهد المولى سليمان وأوائل عهد المولى عبد الرحمن الذي كان رغم حنكته وسياسته وحبّه للمّ شمل المغرب العربي فقد بلي بهذه الاضطرابات بسبب اشتدادها في أواخر عهد المولى سليمان.
فكان نتيجة الصراع على السلطة إلى جانب تفاقم الفتن والاضطرابات الأثر البالغ في زعزعة أركان الدولة العلويّة والحطّ من قوّتها وظهور ضعفها في الوقت الذي كانت فيه الدول المغربيّة تتطلّع إلى المدنيّة بشتّى وسائلها والعمل على وحدتها وتعاونها بقصد استعمار ما جاورها من البلاد الإسلامية.
ج - القضاء على الأسطول المغربي:
سعت الدول الأوروبية إثر المدنيّة التي ظهرت فيها بكل وسائلها المتاحة لها في القضاء على الأساطيل الإسلامية شرقاً وغرباً، ومن ذلك إغراق الأسطول العثماني العتيد سنة (1243هـ / 1827م) إبَّان ثورة اليونان على الدولة العلية 3.
وقد كان من بين تلك الأساطيل الأسطول المغربي الذي كان ذا قوّة بحرية عالية ومكانة بارزة بين الأساطيل العربية، ولكنه كغيره من الأساطيل لم يسلم من وسائل التدمير التي كانت تستخدمها الدولا الأوروبية، مرّة باسم منع القرصنة، ومرّة بهجوم سافر عليها، ممّا اضطرّ بسبب ذلك المولى سليمان سنة (1233هـ/ 1817م) إلى حلّ الأسطول المغربي العتيد، ومنع رؤسائه من الجهاد
1 - أنظر: السلاوي- الاسنقصا: 8/ 115 - 117.
2 -
أنظر: الحروب التي دارت بينه وبينهم في السلاوي- الاستقصا: 8/ 127 - 128.
3 -
أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث: 1/ 11 - 12.
في البحر، وتوزيع بعض قطعه على البلدان المجاورة للمغرب مثل الجزائر وطرابلس، والباقي أنزل منه المدافع وغيرها من آلات البحر، وأعرض عن أمر البحر رأساً، بعد أن كان الأسطول المغربي أكثر وأحسن من أساطيل الجزائر وتونس، وكل ذلك كان بسبب الضغط الذي كانت تمارسه بعض الدول الغربية بعد ظهور المدنيّة فيها 1.
وممّا يكشف عن المؤامرة المدبّرة ضدّ الأسطول المغربي بالخصوص مأساة هذا الأسطول أيام السلطان المولى عبد الرحمن خلف المولى سليمان.
فقد تجاهل السلطان عبد الرحمن المؤامرة المبيتة، وأصدر قراره عام (1243هـ/ 1827م) بإنشاء بعض المراكب البحرية لتضمّ لما كان قد بقي من عهد جدّه السلطان محمد بن عبد الله، وأذن لرؤساء البحر بالعدوتين في الخروج فيها، فخرج بعضهم 2، وغنموا بعض مراكب "النمسا" لما لم يكن معها رخصة العبور.
ونتيجة لذلك تعرضت احدى موانىء المغرب لهجوم قطعة من الأسطول النمساوي، حيث ضرب عام (1245هـ/ 1829م) مرسى العرائش، وأنزل جنوده للبرّ لتحرق أسطول هذه المرسى، وعلى الرغم من صدّ المغاربة لهذا الهجوم بقوة، وطردهم للمهاجم، فقد تدخلت انجلترا مع المغرب حتى انتهى الأمر بما طالما تمنته هذه الدولة وأصدقاؤها من جعل حدّ لنشاط الأسطول المغربي 3.
قال السلاوي- تعليقاً على هذه الواقعة-: (واعلم أن هذه الواقعة هي التي كانت سبباً في اعراض السلطان المولى عبد الرحمن عن الغزو في البحر، والاعتناء بشأنه .... فظهر له التوقف عن أمر البحر رعياً للمصلحة الوقتيّة، ولقلّة المنفعة
1 - أنظر: نفس المصدر السابق: 1/ 10 - 11.
2 -
قال السلاوي: (فخرج الرئيسان الحاج عبد الرحمن باركاش، والحاج عبد الرحمن بريطل). (الاستقصا: 9/ 25).
3 -
أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث:1/ 13.