المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الرابع فيما لا يجوز للنصارى بيعه، ولا يحل لنا أنْ نمكّنهم - أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد

[التسولي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌القسم الأولالدّراسة

- ‌الفصل الأولترجمة‌‌ الإمام التُّسُوُلي

- ‌ الإمام التُّسُوُلي

- ‌عصره

- ‌أولاً: الحياة السياسيّة:

- ‌أ - الصراع على الحكم وأثره في إضعاف الدولة:

- ‌ب - الاضطرابات والفتن:

- ‌ج - القضاء على الأسطول المغربي:

- ‌د - مأساة الجزائر وموقف المغرب منها:

- ‌ثانياً: الحياة الاجماعية والاقصادية:

- ‌ثالثاً: الحياة العلميّة:

- ‌حياته

- ‌اسمه ونسبه وصفته

- ‌أسرته:

- ‌نشأته:

- ‌وفاته:

- ‌شيوخه:

- ‌مكانته في العلم والجهاد

- ‌أ - مكانته في العلم:

- ‌ب - مكانته في الجهاد:

- ‌آثاره

- ‌أولاً- تلاميذه:

- ‌ثانياً: مؤلفاته:

- ‌الفصل الثانيحركة التأليف الجهادية في عصرالإمام التُّسولي

- ‌حركة التأليف الجهادية بالمغرب في عصر التُّسولي:

- ‌أولاً - المؤلفات الجهادية العامة:

- ‌ثانياً - المؤلفات الخاصة بتنظيم الجيش:

- ‌الفصل الثالثالتّعريف بالكتاب

- ‌أولاً: "عنوان الكتاب وصحة نسبته للمؤلف

- ‌محتواه

- ‌ثانياً: محتواه وأسلوبه:

- ‌ أسلوبه:

- ‌ثالثاً: مصادره

- ‌مصادر الفقه والأصول:

- ‌مصادر السياسة الشرعية والجهاد والسير والتصوّف:

- ‌مصادر الحديث:

- ‌مصادر التفسير:

- ‌رابعاً: أهميته وانتشاره:

- ‌خامساً: وصف النسخ:

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌سادساً: منهجي في التحقيق:

- ‌القسم الثانينصّ الكتاب وتحقيقه

- ‌نص السؤال

- ‌ونص الجواب

- ‌المسألة الأولى

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الفصل السابع

- ‌ المسألة الثانية:

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌ المسألة الثالثة:

- ‌حكم مانع الزكاة مع تحقّق عمارة ذمته، أو عدم تحققها

- ‌ المسألة الرابعة:

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌ المسألة الخامسة:

- ‌خاتمة

- ‌الملاحق

- ‌ملحق رقم (1)

- ‌ملحق رقم (2)

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث

- ‌فهرس المصطلحات الفقهية

- ‌فهرس المصطلحات العسكرية والسياسية

- ‌فهرس الأشعار

- ‌فهرس الكتب الواردة في الكتاب

- ‌فهرس الأعلام

- ‌الكنى

- ‌من نسب لأبيه

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌ المخطوطة والمطبوعة

- ‌ الفهارس والمعاجم

- ‌ المجلات والدوريات

الفصل: ‌ ‌الفصل الرابع فيما لا يجوز للنصارى بيعه، ولا يحل لنا أنْ نمكّنهم

‌الفصل الرابع

فيما لا يجوز للنصارى بيعه، ولا يحل لنا

أنْ نمكّنهم (بوجه) 1 من تناوله

ــ

قال في "المدونة" 2: (قال "مالك": لا يباع من الحربي سلاح، ولا كراع - أي: الخيل- ولا سروح، ولا نحاس، ولا خُرثي" 3 4.

قال "ابن حبيب" 5: (وسواء كانوا في هدنة، أو غيرها 6، ولا يجوز بيع الطعام منهم في غير الهدنة)7.

1 - ساقطة من "الأصل"، والإضافة من "ب" و"ج" و"د".

2 -

"المدونة في فروع المالكية"- لابن القاسم- من أجلّ الكتب في مذهب الإمام مالك، وقد طبع في ستة عشر جزءاً، وله شروح كبيرة.

3 -

الخُرثي: بالضم: أثاث البيت ("ترتيب القاموس المحيط: 2/ 30)، وقال الحطاب- بعد أن ذكر قول ابن القاسم في تحريم بيع آلة الحرب للحربيين- (قال أبو الحسن قوله "وخرث" هو: المتاع المختلط). (مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: 4/ 253).

4 -

أنظر: المدونة الكبرى: 10/ 270، كتاب (التجارة بأرض العدوّ، في بيع الكراع والسلاح والعروض لأهل الحرب)، وقد أورده المصنف هنا مختصراً، والنص كما ورد في المدونة (قال مالك: أما كل ما هو قوة على أهل الإسلام ممّا يتقوّون به في حروبهم من كراع أو سلاح أو خرثى، أو شيء ممّا يعلم أنه قوة في الحرب من نحاس أو غيره فإنهم لا يباعون ذلك).

5 -

أبو مروان: عبد الملك بن حبيب بن سليمان السلمى الالبيري القرطبي: عالم الأندلس، وفقيه المالكية في عصره. من كتبه:"حروب الإسلام" و"طبقات الفقهاء والتابعين" و"تفسير موطأ مالك" و"الواضحة". مات بقرطبة (سنة 238هـ). (الذهبي- ميزان الاعتدال: 2/ 148، ابن فرحون- الديباج: 154، ابن حجر- لسان الميزان: 4/ 59، الزركلي- الأعلام: 4/ 157).

6 -

في "ب": (أولاً).

7 -

أنظر: المازري- شرح التلقين (168 أ) حيث قال: (أما الطعام فذكر ابن حبيب أنه يياع ممّن بيننا وبينهم هدنة، ولا يياع ممّن لا هدنة بيننا وبينهم، ويمكن أن يكون أراد منع ذلك في زمن حاجتهم إليه فيكون بيعه منهم قوة لهم علينا).

ص: 142

(ومنعه "ابن القاسم": مطلقاً، في هدنة أو غيرها 1، وهو المذهب كما في "المعيار")2.

وترجيح بعضهم قول "ابن حبيب": بجواز بيع الطعام منهم في الهدنة، ووقت الرخاء، خلاف المذهب.

وكلام "زعيم الفقهاء" في "المقدمات" 3، موافق لما تقدّم أنّه المذهب، لأنّه قال: (إنما يباع لهم من العروض 4 ما لا يتقوّون به في الحروب 5، ولا يرهب في

والشاطبي وفتاويه": 145 في (ما يحرم بيعه للمحاربين).

وابن فرحون في "التبصرة": 2/ 148، وعزا نقله إلى عبد الملك بن الماجشون عن ابن حبيب. والبناني في "شرحه لمختصر خليل": 5/ 11"باب (البيوع)، فقال: (قول الزرقاني: وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب، قال الحطاب: "وأمّا بيع الطعام، فقال ابن يونس عن ابن حبيب يجوز في الهدنة، وأما في غير الهدنة فلا، قاله ابن الماجشون).

وعليش في منح الجليل، "شرح مختصر خليل": 4/ 443.

1 -

نقله ابن فرحون في "التبصرة": 2/ 148.

والبناني في "شرحه لمختصر خليل": 5/ 11 ن حيث قال: (وكلام الشاطبي في المعيار يقتضي أن المذهب المنع مطقاً، وهو الذي عزاه ابن فرحون في "التبصرة"، وابن جزي في "القوانين" لابن القاسم)، وقال الشيخ عليش- في بيع الطعام للحربيين- (وكلام الشاطبي يفيد أن المذهب منعه مطقاً، وعزاه ابن فرحون وابن جزي لابن القاسم)(منح الجليل في شرح مختصرخليل:4/ 443).

2 -

"المعيار المعرب والجامع المعرب في فتاوى إفريقية والأندلس والمغرب" للونشريسي، أبو العباس: أحمد بن يحيى التلمساني، فقيه مالكي، أخذ عن علماء تلمسان، ونقمت عليه حكومتها أمراً فانتهبت داره وفرّ إلى فاس ومات فيها (سنة 914هـ). وكتابه هذا- طبع في اثني عشر جزءاً وعمل له فهرس جامع والجزء الثالث عشر، وهو يجمع أكثر نوازل الفقه المالكي. (السلاوي- الاستقصا: 2/ 182، الكتاني- فهرس الفهارس: 2/ 438، الزركلي- الأعلام:1/ 269).

3 -

"المقدمات والممهدات" لأبي الوليد محمد بن رشد.

4 -

من العرض- بوزن الفلس- المتاع، وقال أبو عبيد (العروض الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا تكون حيواناً ولا عقاراً). الرازي- مختار الصحاح: 335).

5 -

في "ب" و"ج": (الحرب).

ص: 143

القتال، ومن الكسوة 1 ما يقي الحر والبرد لا أكثر، ومن الطعام ما لا يتقوّت به مثل الزيت والملح 2، وما أشبه ذلك) 3 اهـ.

فانظر إلى قوله: (ما لا يتقوّت به .... إلخ).

وقال "اللخمي" 4: (لا يباع منهم النحاس، والحديد، والأدم- أي: الجلود- والحمير، والبغال، والزيت، والقطران 5، والشمع، واللّحم، والسر وج، والمهاميز.

قال: وأمّا الحرير، والصوف، والكتّان، فالأمر فيه خفيف) اهـ.

وهذا نص في منع بيع الشمع منهم 6، لأنّه يصنع (به) 7 المراكب، وكذلك 8 الجلود لأنّها من آلات الحرب.

1 - الكسوة:- بكسر الكاف وضمها-: واحدة الكسا، وكسوته ثوباً، كسوة- بالكسر- فاكتسى، والكساء: واحد الأكسية، وتكسى بالكساء، لبسه. (الرازي- مختار الصحاح: 452).

2 -

في "ب"(اللّحم)، والصواب ما أثبتناه من "الأصل"، ومن "ج "، و"د" وقد ثبت في "المقدمات":614.

3 -

أنظر: ابن رشد- المقدمات: 614، كتاب "التجارة في أرض الحرب".

4 -

أبو الحسن: علي بن محمد الربعي، القيرواني، فقيه مالكي، أديب، ومحدث، من كتبه "تعليق كبير على المدونة" سمّاه "التبصرة"، و"فضائل الشام". مات "بصفاقص" (سنة 478هـ). (ابن فرحون- الديباج: 203، مخلوف- شجرة النور: 117، الزركلي- الأعلام: 4/ 328).

5 -

القطران:- بالفتح وبالكسر-، وكظربان: عصارة الأبهل والأرز ونحوهما، (ترتيب القاموس المحيط: 3/ 643).

6 -

قال المازري: (وكذلك منع عن بيع الشمع، ولعلّهم أيضاً يحتاجون إليه في السفن وغيرها). (شرح التلقين: 168 - أ) وقال الشاطبي: (وأما الشمع: فقال المازري في تعليل المنع: لعلّهم أنما يحتاجون إليه في السفن وغيرها، يعني: أنهم يستعينون به في الإضرار بنا فيمتنع بيعه منهم). (فتاوى الشاطبي: 146).

7 -

في "الأصل"(بها)، وفي "ب"(منه)، وما أثبتناه من "ج" مناسب للسياق.

8 -

في "ب"و"ج": (كذا).

ص: 144

قال الإمام "أبو القاسم 1 بن خجّو"- حسبما نقلوا عنه في حواشي "المختصر" 2 - ما نصّه: (بيع الجلود من الحربيين حرام، ولا يقع ذلك من سليم الإيمان، لأن الجلد يصنع منه آلات الحرب، ومن سمح بشيء من آلات الحرب، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره، وكان للكافرين ظهيراً) اهـ.

وهذا صريح في منع بيع البقر ونحوها منهم، لأنّها تعقر 3 ويصنع بجلودها ما ذكر.

وقال "سحنون" 4: (من أهدى للحربيين سلاحاً فقد أشرك في دماء المسلمين، وكذا بيعه ذلك منهم) 5 اهـ.

1 - أبو القاسم بن علي، بن خجو، التلمساني، الحسّاني، العالم، العامل، ناصر السنة، ومميت البدعة، الفقيه، المطلع، الحافظ، الورع، كان شديد الشكيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تفقه بحضرة فاس، وأخذ عن كثير من مشايخها كالإمام "ابن غازي"، من كتبه "غنيمة السلماني" و"ضياء النهار" و"النصائح فيما يحرم من الأنكحة والذبائح" مات (سنة 956هـ) ابن عسكر- دوحة الناشر: 14، لقط الفرائد من لفاظة حقق الفوائد، في كتاب (ألف سنة من الوفيات): 301، محمد الكتاني- سلوة الأنفاس: 2/ 149 - 150).

2 -

"المخنصر" للشيخ خليل بن اسحاق. وهذا المختصر في الفقه المالكي، وقد طبع وترجم إلى الفرنسية، وذكر حاجي خليفة:(أن على مختصر الشيخ "خليل" حاشية للمكناسي، والعلاّمة شمس الدين محمد بن إبراهيم التتائي (ت سنة 942هـ)، وسمّاه:"فتح الجليل في شرح مختصر خليل"). (الحاجي خليفة- كشف الظنون: 2/ 1628، الزركلي- الأعلام: 2/ 315).

3 -

من عقر: جرح، فهو: عقير، وهم عقرى، كجريح وحرحى، وعقر البعير والفرس بالسيف فانعقر، أي ضرب به قوائمه. (الرازي- مختار الصحاح: 350).

4 -

هو: عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، الملقب بسحنون، القاضي، الفقيه، الزاهد الذي لا يهاب سلطاناً في حق يقوله، مولده في القيروان، ولي القضاء بها (سنة 234هـ)، رفيع القدر، عفيفاً، روى "المدونة" في فروع المالكية، مات (سنة 240). (ابن خلكان- الوفيات:1/ 291، ابن فرحون- الديباج: 160، الزركلي- الأعلام: 4/ 5).

5 -

أنظر: المازري- شرح التلقين: (168 - أ) بلفظ: (قال سحنون فيمن باع منهم السلاح وشارك في دماء المسلمين)، (بن فرحون- التبصرة:(2/ 148)، بزيادة "ومن باع منهم سلاحاً فكأنما أخذ رشوة على دماء المسلمين).

ص: 145

وقال "الحسن" 1: (من حمل الطعام إليهم فهو فاسق، ومن باع [12/أ] السلاح منهم 2 فليس بمؤمن) 3 اهـ.

وقد تقدّم- في الفصل الأول- أن الشيخ "ميّارة"، ومن معه أفتوا:(يقتل من باع وصيفاً مسلماً لهم، حيث كان لا ينفك عن إدخال الضرر على المسلمين إلا به).

وكذا أفتى الإمام سيدي "يحى السراج" 4: (بقتل من يبيع المسلمين الأحرار وأودلاهم للعدوّ) اهـ.

ووجهه ظاهر لأنّه أعظم مفسدة من الجاسوس، لأنّ الجاسوس ينقل 5 الأخبار للعدوّ، وهذا ملّكه رقاب المسلمين.

ثم ما تقدّم من منع بيع البقر والجلود والحديد، أنّه 6 إذا لم يعرض للمسلمين

1 - أبو سعيد: الحسن بن يسار البصري، تابعي، إمام، عالم، فقيه، فصيح، شجاع، شبّ في كنف علي بن أبي طالب، وكان يدخل على الولاّة فيأمرهم وينهاهم، قال الغزالي (كان الحسن البصري أشبه الناس كلاماً بكلام الأنبياء، وأقربهم هديأمن الصحابة، وكان غاية في الفصاحة) له كلمات سائرة، وكتاب في "فضائل مكة"، مات (سنة 110هـ)، (الذهبي- ميزان الاعتدال:1/ 254، الزركلي- الأعلام: 2/ 226).

2 -

في "ب" و"ج" و"د": (منهم السلاح).

3 -

أورده المازري- شرح التلقين: (168 - أ) وقال عقبه: (وهذا تغليظ في بيع السلاح لأننا لا نكفر بذلك، إلاّ لمن تعمد واعتقد استحلال دماء المسلمين)، وابن فرحون في "التبصرة": 2/ 148، بلفظ "من حمل إليهم طعاماً فهو فاسق ومن حمل إليهم سلاحاً فليس بمؤمن أي ليس بكامل الإيمان).

4 -

أبو زكرياء، يحيى بن محمد السراج النفزي الحميري الأندلسي، مفتي فاس وخطيب مسجديها الأعظمين، "الأندلس" و"القرويين". مات في الثامن من عشر جمادى الأولى سنة 1007م، ودفن قرب قبر أبي زيد الهزميري.

أنظر: ابن القاضي- لقط الفرائد في كتاب "ألف سنة من الوفيات": 285، القادري- التقاط الدرر: 31، 32.

5 -

في "ب": (من ينقل).

6 -

في "ب" و"ج": (إنما هو).

ص: 146

حاجة إلى آلة الحروب، كاحتياجهم إلى الأنفاض 1 مثلاً، والبنب، والكور 2، ونحو ذلك، ممّا تأكدت حاجتهم إليه لدفع العدوّ الذي زاحمهم في الجيش.

وإلاّ بأن تأكدت الحاجة إلى شيء من ذلك، فإنّه تراعى حينئذ المصلحة العامة- لأنّه إذا تعارض ضرران إرتكب أخفّهما- فيجتهد في المصلحة حينئذ، فإنْ كان ما طلبوه من البقر والجلود والحديد ليس فيه كبير تقوية لهم، ولا توهين للمسلمين لقلّتها بالنسبة لحال المسلمين، ولحال ما يؤخذ منهم من الأنفاض ونحوها، جاز حينئذ شراء الأنفاض والبنب ونحوها، بالبقر والجلود، دفعاً لأثقل الضررين بأيسرهما.

وقد قال في "التوضيح" 3 - بعد: أن ذكر الخلاف في جواز مفاداة الأسارى بالخيل وعدم جوازها 4 - ما نصّه: (وسبب الخلاف تعارض مفسدتين، إحداهما: إعانة الكافر بآلة الحرب، والثانية: بقاء (الأسارى) في أيديهم، وينبغي على هذا أنْ يتبع في ذلك (المصلحة) الراجحة) 5 اهـ.

ونقله عنه غير واحد مسلّماً.

1 - لم أقف على معناً لها مناسب للسياق في القاموس، ولقد سألت العلاّمة الشيخ محمد المنوني عنها فأخبرني بأنها المدافع الصغيرة.

2 -

والكور- بالفتح-: الجماعة الكثيرة من الإبل، أو مائة وخمسون، أو مائتان وأكثر، والقطيع من البقر جمع أكوار. (الزاوي- ترتيب القاموس المحيط: 4/ 97).

3 -

"التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب" للشيخ خليل بن اسحاق، ما زال مخطوطاً.

4 -

قال في التوضيح- بالنسبة للخلاف في جواز مفادات الأسارى بالخيل وعدم جوازها-: (المنع مطلقاً لابن القاسم، والجواز مطلقاً لسحنون، قال: ويباع لهم الخمر للعداء، هكذا نقل الباجي عنه، ونقل "اللخمي" و"صاحب البيان" و"ابن يونس" عنه: انه قال: ويأمر الإمام أهل الذمّة بدفع ذلك إليهم ليحاسبهم لذلك في الجزية، والقول بجواز المفادات بالخيل والسلاح. دون الخمر والخنزير وما أشبهها لابن الماجشون وأشهب لئلا يتذرّع إلى ملك الخمر وإشاعتها وأسواق المسلمين، والرابع عكس الثالث، ونسبه اللخمي لابن القاسم و"الموازية" لأنهم يتقوّون على المسلمين بآلة الحرب). (التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب: 1/ 302 - ب).

5 -

أنظر: خليل في "التوضيح" شرح مختصر ابن إلحاجب: 1/ 302 - ب.

ص: 147

وكذا 1 إنْ اشترى السلاح بالسلاح، ففي المواق 2 عن ابن سراج 3:(في الحربي ينزل بأمان ومعه سلاح يريد أنْ يبيعه، فيجوز شراءه وإبداله بمثله أو دونه) 4 اهـ.

وأما بيع آلات الحرب، من سلاح ونحوه للعدوّ لاحتياج [12/ ب] المسلمين إلى القوت لشدّة الغلاء عندهم: فإنهم يجوّزوه بحال.

وقد سئل الإمام "الشاطبي" 5 - مفتي غرناطة 6 رحمه الله: عن بيع بعض ما

1 - في "ب" و"ج": (كذلك).

2 -

لأبي عبد الله: محمد بن يوسف العبدري الغرناطي المواق، فقيه مالكي، كان عالم غرناطة وإمامها وصالحها في وقته، مات (سنة 897هـ) وكتابه هذا سمّي نسبة إليه، وقد طبع واسمه الكامل "التاج والإكليل" يشرح فيه مختصر خليل، وله- أيضاً- "سنن المهتدين في مقامات الدين". (التنبكتي- نيل الابتهاج: 324، مخلوف- شجرة النور: 262، الزركلي- الأعلام: 7/ 154 - 155).

3 -

أبو القاسم محمد بن محمد بن سراج الغرناطي مفتيها، وقاضي الجماعة بها الإمام العلاّمة الفقيه الحافظ حامل لواء المذهب المالكي، أخذ عن ابن لب والحفار وابن علاق وجماعة. له تآليف منها:"شرح المختصر" وفتاوى كثيرة نقل الونشريسي في معياره جملة منها. (مات سنة 848هـ). (مخلوف- شجرة النور: 248).

4 -

بحثت عنه في "المواق في شرحه لمختصر خليل" فلم أقف عليه وهو شرحه الكبير الذي سمّاه "التاج والإكليل "، ولعل المصنف نقله عن "المواق" في شرحه الصغير على "مخصر خليل" حيث ذكر له شرحان في ترجمته. قال التنبكتي في "نيل الابتهاج": 324 (وله تآليف منها شرحاً، على مختصر خليل الكبير سمّاه "التاج والإكليل" والمختصر من مسودته وهما متقاربان في الجرم يزيد كل على الآخر في بعض المواضع) وكذا ذكر مخلوف في، شجرة النور":262. وشرحه الصغير مفقود كما أخبرني فضيلة الدكتور أبو الأجفان.

5 -

هو: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطيٍ، الشهير: بالشاطبي، أصولي، حافظ، من أئمة المالكية، من كتبه:"الموافقات" في أصول الفقه، و"المجالس" شرح به كتاب البيوع من صحيح البخاري، و"الإفادات والإنشادات" و"الفتاوى". مات (سنة 790هـ) (التنبكتي- نيل الابتهاج: 46 - 50، الكتاني- فهرس الفهارس: 1/ 134، الزركلي- الأعلام: 1/ 75، أبو الأجفان- مقدمة تحقيق فتاوى الشاطبى: 24).

6 -

قال الأنصاري: (هى أقدم مدن كورة البيرة من أعمال الأندلس، وأعظمها، وأحسنها، يشقها النهر المعروف "بنهر قلزم" من القديم، ويعرف الآن:"بنهر حداره " وله نهر آخر =

ص: 148

لا يجوز بيعه من العدوّ، من سلاح وطعام، هل يرخص لجزيرة أهل الأندلس في معاملتهم النصارى به لحاجة المسلمين، لأن بلاد النصارى أحدقت 1 بهم من كل جانب، إلاّ بعض جهات المسلمين بعيدة منهم، لأنها من وراء البحر، والحاجة تدعوهم للبيع والشراء بذلك؟.

فأجاب: (بأن الحكم الذي هو بيع آلة الحرب منهم: عام في أهل الجزيرة وغيرها، فلا يرخص لهم في ذلك، ونصوص الأئمة القاضية بذلك كثيرة) 2 اهـ.

وقد أفتى الإمام "المازري"رحمه الله: (بعدم جواز دخول المسلمين لأرض الكفار لجلب الأقوات، وإنْ اشتدّ الغلاء بهم، حيث كانت أحكام الكفار تجري على الداخلين إليهم من المسلمين.

قال: لأنّ حرمة المسلم لا تهتك 3 بالحاجة إلى الطعام، فإنّ الله سبحانه يغنيه من فضله، إن شاء) اهـ، باختصار كثير.

= يقال له "سنجل"، وبينها وبين "قرطبة" ثلاثة وثلاثون فرسخا. (ياقوت الحموي- معجم البلدان: 4/ 195).

1 -

من حدق- أي-: أحاط، وحدّقوا به تحديقاً، وأحدقوا به: أحاطوا به. (الرازي- مختار الصحاح: 95، المعجم الوسيط: 1/ 161).

2 -

فتاوى الشاطبي: 144 - 145 (ما يحرم بيعه للمحاربين)، وقد نقله "المصنف" هنا مختصراً ونصّه كما ورد: (أن هذه الجزيرة جارية مجرى غيرها، إذا لم يفرق العلماء في المسألة بين قطر وقطر، ولا فرقوا- أيضاً- بين من هادن أو كان حربياً لنا، إلاّ ما ذكره ابن حبيب في الطعام، فإنه أجاز بيعه ممّن هادن دون الحربي، وما علّلتم به من حاجتنا إليهم فليس بموجب لتسويغ البيع منهم، لأن الله تعالى قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ ةذَا

الآية} - سورة التوبة / آية 28 - فنبهت الآية على أن الحاجة إليهم في جلب الطعام إلى مكّة لا ترخص في انتهاك حرمة الحرم، فكذلك لا ترخص في استباحة الاضرار بالمسلمين).

3 -

الهتك: خرق الستر عمّا وراءه، وقد هتكه فانهتك، وهتّك الأستار: شدّد للكثرة، والاسم الهتكة، بالضم. (الرازي- مختار الصحاح: 546).

ص: 149

ففيه تقوية لفتوى "الشاطبي" المتقدمة، لأنّه إذا كانت حرمة المسلم لا تهتك بجري أحكام الكفار عليها لجلب الأقوات، فأحرى بيع السلاح منهم لتحصيل الأقوات، لأنّ في بيعها إعانة لهم على جميع المسلمين- كما مرّ عن "سحنون" وغيره- وإنتهاك لحرمتهم، بل ولأخذ أموالهم ودينهم، والله أعلم!.

ص: 150