الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلما وصلوا إِلَى مكناسة نزلُوا بِالْمَدِينَةِ وبالقصبة وبالإصطبل وبريمة وبهدراش وبالرحاب التِّسْعَة فملؤوها واجتمعوا بإخوانهم وَاطْمَأَنَّ جنبهم
وَلما كَانَ عيد الْفطر من سنة تسع وَخمسين وَمِائَة وَألف قدم على السُّلْطَان بفاس جمَاعَة من قوادهم مَعَ القَاضِي وَالْفُقَهَاء والأشراف من أهل مكناسة فَحَضَرُوا مَعَه الْعِيد على الْعَادة وطلبوا مِنْهُ أَن يرجع إِلَى مكناسة وتنصلوا مِمَّا بلغه عَنْهُم وَاعْتَذَرُوا اليه فَوَعَدَهُمْ الرُّجُوع وَأَعْطَاهُمْ مَالا وَانْصَرفُوا إِلَى مَنَازِلهمْ وَلما كَانُوا بالجديدة قرب مكناسة اعْتَرَضَهُمْ البربر وجردوهم وَأخذُوا مَا مَعَهم وَلم يتْركُوا إِلَّا القَاضِي أَبَا الْقَاسِم العميري على بغلته وَأصْبح الْوَفْد على بَاب مكناسة عُرَاة ينظر بَعضهم إِلَى بعض
إجلاب مُحَمَّد واعزيز على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانتقاض أهل فاس والقبائل عَلَيْهِ
لما رَجَعَ البربر إِلَى بِلَادهمْ من وقْعَة أبي فكران كتب كَبِيرهمْ مُحَمَّد واعزيز إِلَى أهل فاس يتظلم من السُّلْطَان الْمولى عبد الله ويخبرهم بِمَا اتّفق لَهُ مَعَه من إخفار ذمَّته وعزمه على الفتك يإخوانه ويدعوهم مَعَ ذَلِك إِلَى أَن يَكُونُوا مَعَه يدا وَاحِدَة فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِك ودخلوا فِي حزب البربر ثمَّ كتب واعزيز بِمثل ذَلِك إِلَى عرب الغرب من سُفْيَان وَبني مَالك وَكَبِيرهمْ يَوْمئِذٍ حبيب الْمَالِكِي فَقَالُوا نَحن لكم تبع وحربنا حربكم وَسلمنَا سلمكم وانتقضت الفتوق على السُّلْطَان من كل جِهَة وهاجت الْحَرْب بَين الودايا وَأهل فاس وَبعد أَيَّام ورد الْخَبَر بِأَن ركب الْحَاج قد وصل إِلَى تازا وَهُوَ مَحْصُور بهَا فاستغاث أهل فاس بالبربر ليأتوهم بإخوانهم فجردوا مِنْهُم خَمْسمِائَة من الْخَيل إِلَى تازا فَمروا فِي طريقهم بغرب الحياينة فانضموا إِلَيْهِم ودخلوا فِي حزبهم وصاروا بأجمعهم إِلَى تازا فخلصوا الركب الَّذِي بهَا وَقدمُوا بهم إِلَى فاس فَدَخَلُوا على بَاب الْفتُوح وَنزل البربر والحياينة بالزيتون وَدخل
جمَاعَة مِنْهُم الْمَدِينَة لقَضَاء أغراضهم
وَفِي أثْنَاء ذَلِك أغار عَلَيْهِم الودايا ففضوهم وَقتلُوا مِنْهُم كثيرا فَأَمرهمْ السُّلْطَان أَن يعلقوا رؤوسهم على سور قَصَبَة شرافة فَفَعَلُوا ثمَّ بدا لأهل فاس فِي مُرَاجعَة طَاعَة السُّلْطَان فبعثوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك فأجابهم بِأَن يقدموا عَلَيْهِ فَخرج إِلَيْهِ الْعلمَاء والأشراف والأعيان فَلَمَّا مثلُوا بَين يَدَيْهِ عدد عَلَيْهِم أفعالهم ووبخهم وَشرط عَلَيْهِم شُرُوطًا مِنْهَا أَن يعطوه زرع أهل الغرب المخزون عِنْدهم وَأَن يهدموا دُورهمْ ويبنوا بأنقاضها دَار الدبيبغ ويختاروا إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَن يَكُونُوا جَيْشًا وَإِمَّا أَن يَكُونُوا نائبة فَقَالُوا نَجْتَمِع على هَذَا الْأَمر مَعَ إِخْوَاننَا وَيكون الْجَواب وَلما رجعُوا من عِنْده أغلقوا أَبْوَاب مدينتهم وَقَالُوا لَا نقبل شَيْئا من ذَلِك كُله وعادت الْحَرْب جَذَعَة وَارْتَفَعت الأسعار وعظمت الأخطار وَفِي سَابِع ذِي الْحجَّة من سنة تسع وَخمسين وَمِائَة وَألف نهب عَامَّة فاس قفاطين المخزن الَّتِي كَانَت بفندق النجارين على يَد الْأمين الْحَاج الْخياط عديل وَأَرَادُوا مصادرته على مَال المخزن الَّذِي عِنْده فَافْتدى مِنْهُم بِثَلَاثَة آلَاف مِثْقَال فأطلقوه بعد الْقَبْض عَلَيْهِ وَكَانَت القفاطين ثَلَاثَة آلَاف قفطان فرقوها على رماتهم يُعِيدُوا بهَا عيد الْأَضْحَى واستمرت الْحَرْب بَينهم وَبَين الودايا وَسَائِر شيعَة السُّلْطَان إِلَى أَن دخلت سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَألف
وَفِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى مِنْهَا قدمت قبائل البربر وقبائل الغرب لمشايعة أهل فاس على حَرْب السُّلْطَان فَنزل مُحَمَّد واعزيز فِي بربره بجبل أطغات وَنزل حبيب الْمَالِكِي فِي أهل الغرب وطليق والخلط بدار الأضياف وانجحر الودايا بفاس الْجَدِيد وَالْعَبِيد بقصبة شراقة وَالسُّلْطَان بدار الدبيبغ وضاق الخناق على السُّلْطَان وشيعته وَمن الْغَد ركب حبيب فى عربه وزحف إِلَى السُّلْطَان بدار الدبيبغ والبربر على أَثَره وَلما وصل إِلَى حزيمها بلغه أَن البربر قد نهبوا محلته فَرجع مُنْهَزِمًا وَعبر الْوَادي وَتوجه إِلَى بِلَاده وَأما البربر فَإِنَّهُم