الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورخام وَلبن وقرمود ومعدن وَغير ذَلِك إِلَى وقتنا هَذَا وبنيت من أنقاضها مَسَاجِد ومدارس ورباطات بِكُل بلد من بلدان الْمغرب وَمَا أَتَوا على نصفهَا هَذِه مُدَّة من مائَة سنة وَأما الجدرات فَلَا زَالَت ماثلة كالجبال الشوامخ وكل من شَاهد تِلْكَ الْآثَار من سفراء التّرْك وَالروم يعجب من عَظمته وَيَقُول لَيْسَ هَذَا من عمل بني آدم وَلَا يقوم بِهِ مَال اهـ
تأليف جَيش عبيد البُخَارِيّ وَذكر أوليتهم وَشرح تسميتهم
هَذَا الْجَيْش من أعظم جيوش هَذِه الدولة السعيدة كَمَا تقف عَلَيْهِ وَكَانَ السَّبَب فِي جمعه مَا وجد مفصلا فِي كناش كَاتب الدولة الإسماعيلية ووزيرها الْأَعْظَم الْفَقِيه الأديب أبي الْعَبَّاس أَحْمد اليحمدي رحمه الله قَالَ لما استولى السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل بن الشريف على مراكش ودخلها أول مرّة كَانَ يكْتب عسكره من الْقَبَائِل الْأَحْرَار حَسْبَمَا مر حَتَّى أَتَاهُ الْكَاتِب أَبُو حَفْص عمر بن قَاسم المراكشي الْمَدْعُو عليليش وبيتهم بَيت رياسة من قديم وَكَانَ وَالِده كَاتبا مَعَ الْمَنْصُور السَّعْدِيّ وَمَعَ أَوْلَاده من بعده فَتعلق أَبُو حَفْص هَذَا بِخِدْمَة السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل وأطلعه على دفتر فِيهِ أَسمَاء العبيد الَّذين كَانُوا فِي عَسْكَر الْمَنْصُور فَسَأَلَهُ السُّلْطَان رحمه الله هَل بَقِي مِنْهُم أحد قَالَ نعم كثير مِنْهُم وَمن أَوْلَادهم وهم متفرقون بمراكش وأحوازها وبقبائل الدَّيْر وَلَو أَمرنِي مَوْلَانَا بِجَمْعِهِمْ لجمعتهم فولاه أَمرهم وَكتب لَهُ إِلَى قواد الْقَبَائِل يَأْمُرهُم بشد عضده وإعانته على مَا هُوَ بصدده فَأخذ عليليش يبْحَث عَنْهُم بمراكش وينقر عَن أنسابهم إِلَى أَن جمع من بهَا مِنْهُم ثمَّ خرج إِلَى الدَّيْر فَجمع من وجد بِهِ ثمَّ سَار إِلَى قبائل الْحَوْز فاستقصى من فِيهَا حَتَّى لم يتْرك بِتِلْكَ الْقَبَائِل كلهَا أسود سَوَاء كَانَ مَمْلُوكا أَو حرطانيا أَو حرا أسود واتسع الْخرق وعسر الرتق فَجمع فِي سنة وَاحِدَة ثَلَاثَة آلَاف
رَأس مِنْهُم المتزوج والعزب ثمَّ كتبهمْ فِي دفتر وَبعث بِهِ إِلَى السُّلْطَان بمكناسة فتصفحه السُّلْطَان وَأَعْجَبهُ ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ يَأْمُرهُ بشرَاء الْإِمَاء للأعزاب مِنْهُم وَيدْفَع أَثمَان المماليك مِنْهُم إِلَى ملاكهم ويكسوهم من أعشار مراكش ويأتيه بهم إِلَى مكناسة فاجتهد عليليش فِي ذَلِك وَاشْترى من الْإِمَاء ماقدر عَلَيْهِ وَجمع من الحرطانيات عددا إِلَى أَن استوفى الْغَرَض وكساهم وألزم الْقَبَائِل بحملهم إِلَى الحضرة فحملوا من قَبيلَة إِلَى أُخْرَى إِلَى أَن وصلوا مكناسة فَأَعْطَاهُمْ السُّلْطَان السِّلَاح وَولى عَلَيْهِم قوادهم وَبعث إِلَيْهِم إِلَى الْموضع الْمَعْرُوف بالمحلة من مشرع الرملة من أَعمال سلا
ثمَّ بعث السُّلْطَان كَاتبه أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن العياشي المكناسي إِلَى قبائل الغرب وَبني حسن وَأمره بِجمع العبيد الَّذين بهَا فَمن لَا ملك لأحد عَلَيْهِ يَأْخُذهُ مجَّانا وَمن كَانَ مَمْلُوكا لأحد فليعط صَاحبه ثمنه ويحوزه مِنْهُ فَخرج ابْن العياشي وَطَاف فِي تِلْكَ الْقَبَائِل واستقصى كل أسود بهَا وَكَانَ السُّلْطَان قد كتب أَيْضا إِلَى عماله بالأمصار بِأَن يشتروا لَهُ العبيد وَالْإِمَاء من فاس ومكناسة وَغَيرهمَا من حواضر الْمغرب عشرَة مَثَاقِيل للْعَبد وَعشرَة مَثَاقِيل للْأمة فاستوعبوا مَا وجدوا حَتَّى لم يبْق عِنْد أحد عبد وَلَا أمة فَاجْتمع مِمَّا اشْتَرَاهُ الْعمَّال ثَلَاثَة آلَاف أُخْرَى فكساهم السُّلْطَان وسلحهم وَبعث بهم إِلَى الْمحلة بعد أَن عين لَهُم قوادهم ثمَّ أَن ابْن العياشي قدم بدفتر فِيهِ أَلفَانِ من العبيد فيهم المتزوج والعزب فَكتب السُّلْطَان إِلَى الْقَائِد أبي الْحسن عَليّ بن عبد الله الريفي صَاحب بِلَاد الهبط أَن يَشْتَرِي للأعزاب مِنْهُم الْإِمَاء ويكسوهم ويعطيهم السِّلَاح من تطاوين ويعين لَهُم قوادهم وَيبْعَث بهم إِلَى الْمحلة فَصَارَ الْمَجْمُوع ثَمَانِيَة آلَاف وَهَذَا الْعدَد هُوَ الَّذِي نزل أَولا بهَا
ثمَّ ألزم السُّلْطَان قبائل تامسنا ودكالة أَن يَأْتُوا بعبيد المخزن الَّذين عِنْدهم فَلم يسعهم إِلَّا الِامْتِثَال فَجمعُوا كل عبد فِي بِلَادهمْ وَزَادُوا بِالشِّرَاءِ من عِنْدهم وأعطوهم الْخَيل وَالسِّلَاح وكسوهم وبعثوا بهم إِلَيْهِ فَمن تامسنا
أَلفَانِ وَمن دكالة أَلفَانِ فأنزلهم السُّلْطَان بِوَجْه عروس من أحواز مكناسة إِلَى أَن بنى قَصَبَة آدخسان فَأنْزل عبيد دكالة بهَا وَأنزل عبيد تامسنا بزاوية أهل الدلاء
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَألف فِيهَا غزا السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل صحراء السوس فَبلغ آقاوطاطا وتيشيت وشنكيط وتخوم السودَان فَقدمت عَلَيْهِ وُفُود الْعَرَب هُنَالك من أهل السَّاحِل والقبلة وَمن دليم وبربوش والمغافرة وودي ومطاع وجرار وَغَيرهم من قبائل معقل وأدوا طاعتهم وَكَانَ فِي ذَلِك الْوَفْد الشَّيْخ بكار المغفري وَالِد الْحرَّة خناثى أم السُّلْطَان الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل فأهدى الشَّيْخ الْمَذْكُور إِلَى السُّلْطَان ابْنَته خناثى الْمَذْكُورَة وَكَانَت ذَات جمال وَفقه وأدب فَتَزَوجهَا السُّلْطَان رحمه الله وَبنى بهَا وجلب فِي هَذِه الْغَزْوَة من تِلْكَ الأقاليم أَلفَيْنِ من الحراطين بأولادهم فكساهم بمراكش وسلحهم وَولى عَلَيْهِم وَبعث بهم إِلَى الْمحلة وقفل هُوَ إِلَى حَضرته من مكناسة فَكَانَ عدد مَا جمع من الْعَسْكَر البُخَارِيّ أَرْبَعَة عشر ألفا عشرَة آلَاف مِنْهَا بمشرع الرملة وَأَرْبَعَة آلَاف بآدخسان وَمَا والاها من بِلَاد البربر ثمَّ عفوا وتناسلوا وكثروا حَتَّى مَا مَاتَ الْمولى إِسْمَاعِيل إِلَّا وَقد بلغ عَددهمْ مائَة وَخمسين ألفا كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله
وَاعْلَم أَنه قد وَقع فِي هَذِه الْأَخْبَار لفظ الحرطاني وَمَعْنَاهُ فِي عرف أهل الْمغرب الْعَتِيق وَأَصله الْحر الثَّانِي كَأَن الْحر الْأَصْلِيّ حر أول وَهَذَا الْعَتِيق حر ثَان ثمَّ كثر اسْتِعْمَاله على الْأَلْسِنَة فَقيل الحرطاني على ضرب من التَّخْفِيف
وَأما سَبَب تَسْمِيَة هَذَا الْجَيْش بعبيد البُخَارِيّ فَإِن الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله لما جمعهم وظفر بمراده بعصبيتهم وَاسْتغْنى بهم عَن الِانْتِصَار بالقبائل بَعضهم على بعض حمد الله تَعَالَى وَأثْنى عَلَيْهِ وَجمع أعيانهم وأحضر نُسْخَة من صَحِيح البُخَارِيّ وَقَالَ لَهُم أَنا وانتم عبيد لسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه الْمَجْمُوع فِي هَذَا الْكتاب فَكل مَا أَمر بِهِ نفعله وكل