الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أطلق يَد الْجَيْش على الأمراس فانتشلوا مَا فِيهَا من قَمح وشعير فَأتوا عَلَيْهِ ثمَّ تتبع حَاشِيَة الريفي من عُمَّال وَكتاب وَغَيرهم مِمَّن كَانَ لَهُ بِهِ اتِّصَال فاستصفى مَا عِنْدهم من المَال والذخيرة إِلَى أَن استوفى غَرَضه
وَكَانَ هَذَا الريفي قد رسخ مجده بطنجة وأعمالها وعظمت ثروته لامتداد الدولة لَهُ ولأبيه بهَا مُنْذُ الْفَتْح فَكَانَ ظفر السُّلْطَان الْمولى عبد الله بخزائنه من بَاب الظفر بالكنوز القارونية وقدمت عَلَيْهِ فِي أثْنَاء ذَلِك وُفُود الْقَبَائِل الَّتِي هُنَالك فَعَفَا عَنْهُم وأمنهم وَأقَام رحمه الله بطنجة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وانقلب رَاجعا إِلَى فاس مؤيدا منصورا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
اعْتِرَاض الْمولى المستضيء للسُّلْطَان الْمولى عبد الله وعود الكرة عَلَيْهِ ومقتل بني حسن
لما انهزم الْمولى المستضيء من مكناسة بعد إِيقَاعه بِأَهْلِهَا خرج إِلَى حلَّة بني حسن وَأقَام بَين أظهرهم فاتصل بِهِ خبر مقتل ناصره ووزيره على أمره أَحْمد الريفي ففت ذَلِك فِي عضده وهد أَرْكَانه ثمَّ لما بلغه فتح طنجة واستيلاء السُّلْطَان عَلَيْهَا اسْتَأْنف جده وأرهف حَده وَأخذ فِي تحريض العبيد وَبني حسن على تَجْدِيد الْبَعْث والنهوض لاعتراض أَخِيه السُّلْطَان الْمولى عبد الله مرجعه من طنجة فَخرج كَبِير بني حسن يَوْمئِذٍ وَهُوَ قَاسم أَبُو عريف يطوف فِي أحيائها ويستنفر جموعها وَخرج الْمولى المستضيء فِي لمة من وُجُوه العبيد إِلَى مشرع الرملة فَجهز بهَا عشرَة آلَاف فَارس من عبيده ووافاه قَاسم أَبُو عريف بِمِثْلِهَا من بني حسن فَكَانَ مَجْمُوع الجيشين عشْرين ألفا سوى من انضاف إِلَيْهِم ثمَّ سَارُوا لاعتراض السُّلْطَان وَلَا علم لَهُ بهم
وَقدم الْمولى المستضيء أَمَامه الطَّلَائِع والعيون فعادوا إِلَيْهِ بِخَبَر السُّلْطَان وَأَنه بائت تِلْكَ اللَّيْلَة بدار الْعَبَّاس فصبحه الْمولى المستضيء فِي جموعه على حِين غَفلَة مِنْهُ فَلم يرع السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَّا نواصي الْخَيل مقبلة
إِلَيْهِ فعبأ جَيْشه على عجل وَأقَام الرُّمَاة حوالي الْمحلة ثمَّ صَمد إِلَيْهِم فِي الْخَيل وأنشب الْقِتَال فَلم تكن إِلَّا سَاعَة حَتَّى انهزم بَنو حسن وولوا الأدبار وَكَانُوا ميمنة الْجَيْش وَثَبت الْمولى المستضيء وَالْعَبِيد فِي الميسرة فصمد إِلَيْهِ السُّلْطَان وَصدقه الْقِتَال فَهبت ريح النَّصْر وتمت الْهَزِيمَة على الْمولى المستضيء وعبيده ومروا على وُجُوههم لَا يلوون على شَيْء فَجرد السُّلْطَان مَعَ الْقَائِد أبي عزة صَاحب الشربيل كَتِيبَة من الْخَيل فِي أَثَرهم وَتقدم إِلَيْهِم أَن لَا يقتلُوا أحدا من العبيد وَإِنَّمَا يجردونهم لَا غير فَلم يقتل أحدا من العبيد فِي هَذِه الْوَقْعَة واستحر الْقَتْل فِي بني حسن فَهَلَك مِنْهُم مَا ينيف على الْألف وانتهب مِنْهُم أَكثر من خَمْسَة آلَاف فرس وَمن السِّلَاح مثل ذَلِك وَهَذِه الْوَقْعَة هِيَ الَّتِي خضدت شَوْكَة بني حسن وفلت من غربهم ونجى الْمولى المستضيء فِي فَلهم وَأقَام بحلتهم ينْتَظر أَن تدول لَهُ دولة لأَنهم كَانُوا شيعته كَأَهل دكالة وَأهل مراكش وَكَانَ أَخُوهُ الْمولى النَّاصِر خَلِيفَته على مراكش كَمَا مر
وقفل السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى فاس الْجَدِيد فاحتل بهَا وَفرق المَال على أَخْوَاله وعبيده وأسهم لأهل فاس وَأقَام بدار الدبيبغ إِلَى أَن دخلت سنة سبع وَخمسين وَمِائَة وَألف فَقدم عَلَيْهِ فِي شهر ربيع الثَّانِي مِنْهَا جمَاعَة من قواد العبيد تَائِبين خاضعين متنصلين مِمَّا فرط مِنْهُم فعاتبهم وَقَالَ لَهُم لَا كَلَام الْيَوْم بيني وَبَيْنكُم حَتَّى أقطع دابر بني حسن وَمن مَعَهم من شيعَة المستضيء ثمَّ عَفا عَنْهُم وَأَعْطَاهُمْ الرَّاتِب وَأمرهمْ بالقدوم عَلَيْهِ إِلَى مكناسة بِقصد غَزْو بني حسن فعادوا إِلَى مشرع الرملة عازمين على ذَلِك وَأخذ هُوَ فِي الاستعداد أَيْضا ونهض من فاس فِي جَيش العبيد والودايا وَأهل فاس والحياينة وشراقة وَأَوْلَاد جَامع وعرب الغرب وَلما انْتهى إِلَى مكناسة وافاه بهَا عبيد مشرع الرملة فِي وُجُوههم وَأهل الْحل وَالْعقد مِنْهُم فجددوا التَّوْبَة واستأنفوا الْبيعَة بِمحضر الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وأعطوا صَفْقَة الطَّاعَة من عِنْد آخِرهم وَالله غَالب على أمره