المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انحراف العبيد ثانية عن السلطان المولى عبد الله والتجاؤهم إلى ابنه سيدي محمد بمراكش والسبب في ذلك - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٧

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة العلوية

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السجلماسيين من ال عَليّ الشريف وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌دُخُول الْمولى حسن بن قَاسم إِلَى الْمغرب واستيطانه بسجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ذكر ذُرِّيَّة الْمولى حسن بن قَاسم وتناسلها بالمغرب والإلمام بِشَيْء من مَنَاقِب الْمولى عَليّ الشريف

- ‌الْخَبَر عَن رياسة الْمولى الشريف بن عَليّ وَمَا دَار بَينه وَبَين أبي حسون السملالي الْمَعْرُوف بِأبي دميعة

- ‌الْخَبَر عَن إِمَارَة الْمولى مُحَمَّد بن الشريف وبيعته بسجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على درعه وطرده أَبَا حسون السملالي عَنْهَا

- ‌وقْعَة القاعة بَين الْمولى مُحَمَّد بن الشريف وَأهل زَاوِيَة الدلاء وَمَا نَشأ عَنْهَا

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على فاس ثمَّ رُجُوعه عَنْهَا

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد الشريف على وَجدّة وشنه الغارات على تلمسان وأعمالها وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌مراسلة عُثْمَان باشا صَاحب الجزائر للْمولى مُحَمَّد بن الشريف وَمَا دَار بَينهمَا فِي ذَلِك

- ‌ثورة الْمُقدم أبي الْعَبَّاس الْخضر غيلَان الجرفطي بِبِلَاد الهبط

- ‌وَفَاة الْمولى الشريف بن عَليّ رحمه الله

- ‌إغارة الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على عرب الحياينة من أَعمال فاس وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌قيام الْمولى الرشيد بن الشريف على أَخِيه الْمولى مُحَمَّد ومقتل الْأَخ الْمَذْكُور رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى الرشيد بن الشريف رحمه الله

- ‌فتح مَدِينَة تازا ثمَّ سجلماسة وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌حِصَار مَدِينَة فاس ثمَّ فتحهَا والإيقاع بثوارها

- ‌فتح زَاوِيَة الدلائي وتغريب أَهلهَا إِلَى فاس وتلمسان وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌فتح مراكش ومقتل الْأَمِير أبي بكر الشباني وشيعته

- ‌بِنَاء قنطرة وَادي سبو خَارج فاس

- ‌فتح تارودانت وإيليغ وَسَائِر السوس

- ‌تأليف جَيش شراقة وأوليتهم وَشرح لقبهم

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى الرشيد رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ المظفر بِاللَّه أبي النَّصْر الْمولى إِسْمَاعِيل بن الشريف رحمه الله

- ‌ثورة الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحرز بن الشريف وَمَا كَانَ من أمره

- ‌انْتِقَاض أهل فاس وقتلهم الْقَائِد زَيْدَانَ وإعلانهم بدعوة ابْن مُحرز وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من محاصرة السُّلْطَان لَهُم

- ‌تَجْدِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل بِنَاء مكناسة الزَّيْتُون واتخاذه إِيَّاهَا دَار ملكه

- ‌مَجِيء الْمولى أَحْمد بن مُحرز إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا ونهوض السُّلْطَان إِلَى محاصرته بهَا

- ‌تأليف جَيش الودايا وَبَيَان فرقهم وأوليتهم

- ‌انْتِقَاض البربر شيعَة الدلائيين والتفافهم على أَحْمد بن عبد الله مِنْهُم وإيقاع السُّلْطَان بهم

- ‌عود الْكَلَام إِلَى بِنَاء حَضْرَة مكناسة الزَّيْتُون

- ‌تأليف جَيش عبيد البُخَارِيّ وَذكر أوليتهم وَشرح تسميتهم

- ‌غَزْو أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل بِلَاد الشرق وانعقاد الصُّلْح بَينه وَبَين دولة التّرْك أهل الجزائر

- ‌خُرُوج الْإِخْوَة الثَّلَاثَة من أَوْلَاد الْمولى الشريف ابْن عَليّ بالصحراء وَمَا كَانَ من أَمرهم

- ‌نقل زُرَارَة والشبانات إِلَى وَجدّة وَبِنَاء القلاع بالتخوم وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌فتح المهدية ومحاربة ابْن مُحرز بالسوس وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌امتحان الْقُضَاة وَالسَّبَب فِيهِ

- ‌غَزْو البربر وَبِنَاء القلاع بِإِزَاءِ معاقلهم

- ‌فتح طنجة

- ‌غَزْو البربر ثَانِيًا وَبِنَاء القلاع فِي نحورهم

- ‌مقتل الْمولى أَحْمد بن مُحرز وَفتح تارودانت وَمَا يتَّصل بذلك

- ‌غَزْو برابرة فازاز وَبِنَاء قلعة آدخسان

- ‌بَيَان تربية أَوْلَاد عبيد الدِّيوَان وَكَيْفِيَّة تأديبهم

- ‌فتح العرائش

- ‌فتح آصيلا

- ‌حِصَار سبتة

- ‌غَزْو السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل برابرة فازاز وإيقاعه بهم

- ‌أَمر السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل عُلَمَاء فاس بِالْكِتَابَةِ على ديوَان العبيد وامتناعهم مِنْهَا وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌تَفْرِيق الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله أَعمال الْمغرب على أَوْلَاده وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌تنَازع أَوْلَاد السُّلْطَان وثورة الْمولى مُحَمَّد الْعَالم مِنْهُم بالسوس ومقتله

- ‌محنة الْفَقِيه أبي مُحَمَّد عبد السَّلَام ابْن حمدون بسوس رحمه الله

- ‌ثورة الْمولى أبي النَّصْر ابْن السُّلْطَان بالسوس ومقتله رحمه الله

- ‌بِنَاء ضريحي الْإِمَامَيْنِ إِدْرِيس الْأَكْبَر والأصغر رضي الله عنهما

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله ومآثره وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالذهبي رحمه الله

- ‌إغارة الْقَائِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي على تطاوين وَمَا دَار بَينه وَبَين الْفَقِيه أبي حَفْص عمر الوقاش

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي مَرْوَان عبد الْملك بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد الذَّهَبِيّ رحمه الله

- ‌حِصَار أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى أَحْمد لفاس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌حُدُوث النفرة بَين أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله وَأهل فاس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حِصَار الْمولى عبد الله مَدِينَة فاس

- ‌نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى قتال البربر وإيقاعه بهم

- ‌ذكر مَا صدر من السُّلْطَان الْمولى عبد الله من العسف المخل بالسياسة والتناقض المغير فِي وَجه الرياسة

- ‌هدم السُّلْطَان الْمولى عبد الله مَدِينَة الرياض من حَضْرَة مكناسة وَمَا اتَّصل بذلك

- ‌بعث السُّلْطَان الْمولى عبد الله جَيش العبيد إِلَى فازاز وإيقاع أَهله بهم

- ‌ثورة العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وفراره إِلَى وَادي نول وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالأعرج رحمه الله

- ‌ثورة أهل فاس بعاملهم مَسْعُود الروسي وانتقاضهم على السُّلْطَان أبي الْحسن رحمه الله

- ‌غَزْو السُّلْطَان أبي الْحسن أهل جبل فازاز فِي جَيش العبيد وهزيمتهم إِيَّاه

- ‌تحرّك السُّلْطَان الْمولى عبد الله من السوس وفرار السُّلْطَان أبي الْحسن إِلَى الأحلاف وَمَا كَانَ من أمره إِلَى وَفَاته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بِابْن عريبة وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌بَدْء اختلال أَمر السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَمَا تسبب عَن ذَلِك

- ‌إغارة السُّلْطَان الْمولى عبد الله على الإصطبل من مكناسة وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَمَا تخللها من الْهَرج والشدة

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى المستضيء بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌ذكر مَا صدر من السُّلْطَان الْمولى المستضيء من العسف وَالِاضْطِرَاب

- ‌إِيقَاع الباشا أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي بِأَهْل تطاوين

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى المستضيء وفراره إِلَى مراكش

- ‌مُرَاجعَة العبيد طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله ودخولهم فِي دَعوته

- ‌مَجِيء السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى مكناسة وَمَا ارْتَكَبهُ من أَهلهَا

- ‌مَجِيء السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان من مراكش إِلَى الْقصر ثمَّ مسيره إِلَى فاس وحصاره إِيَّاهَا

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وفراره ثَانِيَة إِلَى البربر

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ زين العابدين بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمولى زين العابدين وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله رحمه الله

- ‌مَجِيء الْمولى المستضيء من مراكش ومحاربته لِأَخِيهِ الْمولى عبد الله وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌هَدِيَّة السُّلْطَان الْمولى عبد الله رحمه الله إِلَى الْحرم النَّبَوِيّ على مشرفه أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌مشايعة الباشا أبي الْعَبَّاس الريفي للْمولى المستضيء على الْمولى عبد الله وزحفه إِلَى فاس وَمَا يتَّصل بذلك

- ‌معاودة أَحْمد الريفي غَزْو فاس وَمَا كَانَ من أمره مَعَ السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى حِين مَقْتَله

- ‌زحف السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى طنجة واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌اعْتِرَاض الْمولى المستضيء للسُّلْطَان الْمولى عبد الله وعود الكرة عَلَيْهِ ومقتل بني حسن

- ‌نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى بِلَاد الْحَوْز وتدويخه إِيَّاهَا وإجفال الْمولى المستضيء عَنْهَا

- ‌وفادة أهل مراكش على السُّلْطَان الْمولى عبد الله بآلصم واستخلافه وَلَده سَيِّدي مُحَمَّدًا عَلَيْهِم

- ‌مكر السُّلْطَان الْمولى عبد الله بأعيان البربر وإخفار ذمَّة مُحَمَّد واعزيز فيهم ثمَّ إِطْلَاقهم بعد ذَلِك

- ‌زحف البربر إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الله بِأبي فكران وفراره إِلَى مكناسة

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانتقاله إِلَى فاس وانتقال عبيد الدِّيوَان من مَشْرُوع الرملة إِلَى مكناسة

- ‌إجلاب مُحَمَّد واعزيز على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانتقاض أهل فاس والقبائل عَلَيْهِ

- ‌ذكر السَّبَب الَّذِي هاج بعث السُّلْطَان الْمولى عبد الله الجيوش إِلَى أهل الغرب ومراجعتهم طَاعَته

- ‌زحف البربر إِلَى الودايا ومظاهرة أهل فاس لَهُم عَلَيْهِم

- ‌مُرَاجعَة أهل فاس طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانعقاد الصُّلْح بَينهم وَبَين الودايا

- ‌خُرُوج العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وبيعتهم لوَلَده سَيِّدي مُحَمَّد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌مَجِيء سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله من مراكش إِلَى مكناسة وتوسطه للعبيد فِي الصُّلْح مَعَ وَالِده رحمهمَا الله

- ‌انحراف العبيد ثَانِيَة عَن السُّلْطَان الْمولى عبد الله والتجاؤهم إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتْنَة آيت أدراسن وكروان مَعَ الودايا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن آخر أَمر الْمولى المستضيء رحمه الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن هَؤُلَاءِ العبيد الَّذين جمعهم السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل من لدن وَفَاته إِلَى دولة السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن خلَافَة سَيِّدي مُحَمَّد ابْن عبد الله بمراكش من مبتدئها إِلَى مُنْتَهَاهَا

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة العلوية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله عقب الْبيعَة من مراكش إِلَى فاس وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

الفصل: ‌انحراف العبيد ثانية عن السلطان المولى عبد الله والتجاؤهم إلى ابنه سيدي محمد بمراكش والسبب في ذلك

حَسْبَمَا مر الْخَبَر عَن ذَلِك مُسْتَوفى

وَلما تمّ لسيدي مُحَمَّد مَعَ العبيد مَا أَرَادَ من مراجعتهم طَاعَة وَالِده ارتحل من مكناسة فِي جَيْشه الَّذِي قدم بِهِ من الْحَوْز وَكَانَ نَحْو أَرْبَعَة آلَاف واستصحب مَعَه جمَاعَة من أَعْيَان العبيد وَقدم على وَالِده بدار الدبيبغ فَخرج الودايا وَأهل فاس لملاقاته وفرحوا بمقدمه وَلما دخل على وَالِده أدّى التَّحِيَّة وَأهْدى إِلَيْهِ هَدِيَّة نفيسة وشفع للعبيد عِنْده فشفعه فيهم وَقَالَ لَهُ لَا تبت هُنَا فَقَالَ نعم يَا سَيِّدي وَلم يبت إِلَّا بِرَأْس المَاء وَأصْبح غاديا إِلَى مراكش ثمَّ حضر العبيد فَقدم على السُّلْطَان جمَاعَة من جروان وَبني مطير فَأَعْطَاهُمْ عشْرين ألف مِثْقَال وَقدم عَلَيْهِ قواد العبيد من مكناسة فَلم يعطهم شَيْئا

وَفِي هَذِه السّنة توفّي الْمولى أَحْمد ابْن السُّلْطَان الْمولى عبد الله بفاس وَدفن بقبور الْأَشْرَاف رحمه الله

‌انحراف العبيد ثَانِيَة عَن السُّلْطَان الْمولى عبد الله والتجاؤهم إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

لما أعْطى السُّلْطَان الْمولى عبد الله بني مطير وجروان عشْرين ألف مِثْقَال وَحرم العبيد قَامَت قيامتهم وقلبوا للسُّلْطَان ظهر الْمِجَن وَاتَّفَقُوا على الذّهاب إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش فقدموا عَلَيْهِ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف وَقَالُوا لَهُ إِمَّا أَن تكون سلطاننا وَإِمَّا أَن نُبَايِع عمك الْمولى المستضيء وَشَكوا إِلَيْهِ إهمال وَالِده جانبهم وَقَالُوا لَهُ إِنَّه أعْطى البربر أَعدَاء الدولة وحرمنا فرضخ لَهُم بِشَيْء من المَال طيب بِهِ نُفُوسهم وَكتب لَهُم كتابا إِلَى وَالِده يستعطفه لَهُم وانقلبوا من عِنْده مسرورين

ص: 183

وَأما السُّلْطَان الْمولى عبد الله فَإِنَّهُ لما سمع بذهاب عبيد مكناسة إِلَى مراكش أعْطى الودايا عشرَة آلَاف ريال وَأعْطى العبيد الَّذين مَعَه ثَلَاثَة آلَاف ريال وَلما قدم عبيد مكناسة على السُّلْطَان بِكِتَاب ابْنه سامحهم وَأَعْطَاهُمْ عشْرين ألف ريال وَتمّ الصُّلْح بَينهم وَبَينه وعادوا إِلَى مكناسة مغتبطين

وَفِي هَذِه السّنة بعث سَيِّدي مُحَمَّد من مراكش بهدية إِلَى وَالِده مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا ودعا لَهُ بِهِ وفيهَا ورد الْخَبَر بِأَن أهل تطاوين قتلوا عاملهم أَبَا عبد الله الْحَاج مُحَمَّدًا تَمِيم ثمَّ قدم جمَاعَة مِنْهُم على السُّلْطَان معتذرين من قَتله فَقَالَ لَهُم أَنْتُم وليتموه عَلَيْكُم وَأَنْتُم قَتَلْتُمُوهُ فَاخْتَارُوا لأنفسكم فَوَقع اختيارهم على أبي عبد الله الْحَاج مُحَمَّد بن عمر الوقاش فولاه عَلَيْهِم وَانْصَرفُوا إِلَى بلدهم

ثمَّ دخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا قدم أهل تطاوين على السُّلْطَان الْمولى عبد الله لحضور عيد المولد الْكَرِيم وبيدهم هَدِيَّة مقدارها ثَلَاثُونَ ألف مِثْقَال وَقدم بصحبتهم باشدور الإصبنيول وَمَعَهُ مائَة ألف ريال وَمَا يُنَاسِبهَا من الْحَرِير والملف والكتان وَغير ذَلِك بِقصد فكاك أسرى جنسه فَقبض السُّلْطَان المَال وَقَالَ للباشدور حَتَّى تَأْتُوا بأسرى الْمُسلمين وَأعْطى العبيد من ذَلِك المَال ريالين لكل وَاحِد وَأعْطى نِسَاءَهُمْ مثل ذَلِك وَكَانُوا أَلفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا قدم عبيد مكناسة على السُّلْطَان لحضور الْعِيد فَأَعْطَاهُمْ عشرَة آلَاف ريال وفيهَا نَهَضَ أهل فاس لشراء الْخَيل وَالْعدة والإكثار مِنْهَا

وفيهَا انْعَقَدت الشُّرُوط بَين السُّلْطَان وَبَين جنس الإصطادوس وهم سبع قبائل من الفلامنك وَهِي اثْنَان وَعِشْرُونَ شرطا مرجعها إِلَى عقد الْأمان وَالصُّلْح بَين الإيالتين وَأَن يَجْعَل جنس الإصطادوس قنصلا أَو أَكثر بِالْبَلَدِ الَّذِي يختاره من بِلَادنَا وَيكون يُعْطي خطّ يَده الْمُسَمّى بالباصبورط لمن

ص: 184

يُسَافر من مراكبنا إِلَى جِهَة بِلَادهمْ وَكَذَلِكَ هم أَيْضا إِلَى غير ذَلِك

وَفِي هَذِه السّنة أَو مَا يقرب مِنْهَا أغار نَصَارَى الجديدة على آزمور واقتحموا ضريح الشَّيْخ أبي شُعَيْب لَيْلًا وَقتلُوا بِهِ عددا كثيرا من أهل آزمور نَحْو الْخمسين وَكَانَت اللَّيْلَة لَيْلَة جُمُعَة وَعَادَة أهل آزمور أَن يبيتوا لَيْلَة الْجُمُعَة بضريح الشَّيْخ الْمَذْكُور فنما ذَلِك إِلَى النَّصَارَى الَّذين بالجديدة فجاؤوا مستعدين حَتَّى اقتحموا عَلَيْهِم على حِين غَفلَة وأطفؤوا المصابيح وَوَقع الْقَتْل حَتَّى كَانَ الْمُسلمُونَ يقتل بَعضهم بَعْضًا وَرجع النَّصَارَى عودهم على بدئهم

وَذكره لويز مَارِيَة مؤرخ الجديدة فَقَالَ مَا ملخصه وَفِي لَيْلَة الثَّانِي عشر من نوفمبر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع عشرَة مائَة مسيحية خرج عشرَة من برتغال الجديدة وقصدوا آزمور حَتَّى دخلُوا ضريح الشَّيْخ أبي شُعَيْب لَيْلًا وَقتلُوا هُنَالك أَرْبَعِينَ من الْمُسلمين وَقَامَت الهيعة بِالْبَلَدِ وتسابقوا إِلَيْهِم على الصعب والذلول فَرجع النَّصَارَى من حينهم وأدركهم الْمُسلمُونَ بِالطَّرِيقِ فجرحوا بَعضهم ونجوا بعد مشقة فادحة هَكَذَا زعم لويز وَأَن النَّصَارَى كَانُوا عشرَة فَقَط وَأهل آزمور يَزْعمُونَ أَنهم كَانُوا أَكثر من ذَلِك بِكَثِير وَالله أعلم

ثمَّ دخلت سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فَلم يكن فِيهَا حدث فِي الدولة

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بعْدهَا فِيهَا توفّي مُحَمَّد واعزيز كَبِير آيت أدراسن ووازعها الَّذِي كَانَت تقف عِنْد إِشَارَته وتجري أمورها على مُقْتَضى إدارته

ص: 185