الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَسْبَمَا مر الْخَبَر عَن ذَلِك مُسْتَوفى
وَلما تمّ لسيدي مُحَمَّد مَعَ العبيد مَا أَرَادَ من مراجعتهم طَاعَة وَالِده ارتحل من مكناسة فِي جَيْشه الَّذِي قدم بِهِ من الْحَوْز وَكَانَ نَحْو أَرْبَعَة آلَاف واستصحب مَعَه جمَاعَة من أَعْيَان العبيد وَقدم على وَالِده بدار الدبيبغ فَخرج الودايا وَأهل فاس لملاقاته وفرحوا بمقدمه وَلما دخل على وَالِده أدّى التَّحِيَّة وَأهْدى إِلَيْهِ هَدِيَّة نفيسة وشفع للعبيد عِنْده فشفعه فيهم وَقَالَ لَهُ لَا تبت هُنَا فَقَالَ نعم يَا سَيِّدي وَلم يبت إِلَّا بِرَأْس المَاء وَأصْبح غاديا إِلَى مراكش ثمَّ حضر العبيد فَقدم على السُّلْطَان جمَاعَة من جروان وَبني مطير فَأَعْطَاهُمْ عشْرين ألف مِثْقَال وَقدم عَلَيْهِ قواد العبيد من مكناسة فَلم يعطهم شَيْئا
وَفِي هَذِه السّنة توفّي الْمولى أَحْمد ابْن السُّلْطَان الْمولى عبد الله بفاس وَدفن بقبور الْأَشْرَاف رحمه الله
انحراف العبيد ثَانِيَة عَن السُّلْطَان الْمولى عبد الله والتجاؤهم إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما أعْطى السُّلْطَان الْمولى عبد الله بني مطير وجروان عشْرين ألف مِثْقَال وَحرم العبيد قَامَت قيامتهم وقلبوا للسُّلْطَان ظهر الْمِجَن وَاتَّفَقُوا على الذّهاب إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش فقدموا عَلَيْهِ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف وَقَالُوا لَهُ إِمَّا أَن تكون سلطاننا وَإِمَّا أَن نُبَايِع عمك الْمولى المستضيء وَشَكوا إِلَيْهِ إهمال وَالِده جانبهم وَقَالُوا لَهُ إِنَّه أعْطى البربر أَعدَاء الدولة وحرمنا فرضخ لَهُم بِشَيْء من المَال طيب بِهِ نُفُوسهم وَكتب لَهُم كتابا إِلَى وَالِده يستعطفه لَهُم وانقلبوا من عِنْده مسرورين
وَأما السُّلْطَان الْمولى عبد الله فَإِنَّهُ لما سمع بذهاب عبيد مكناسة إِلَى مراكش أعْطى الودايا عشرَة آلَاف ريال وَأعْطى العبيد الَّذين مَعَه ثَلَاثَة آلَاف ريال وَلما قدم عبيد مكناسة على السُّلْطَان بِكِتَاب ابْنه سامحهم وَأَعْطَاهُمْ عشْرين ألف ريال وَتمّ الصُّلْح بَينهم وَبَينه وعادوا إِلَى مكناسة مغتبطين
وَفِي هَذِه السّنة بعث سَيِّدي مُحَمَّد من مراكش بهدية إِلَى وَالِده مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا ودعا لَهُ بِهِ وفيهَا ورد الْخَبَر بِأَن أهل تطاوين قتلوا عاملهم أَبَا عبد الله الْحَاج مُحَمَّدًا تَمِيم ثمَّ قدم جمَاعَة مِنْهُم على السُّلْطَان معتذرين من قَتله فَقَالَ لَهُم أَنْتُم وليتموه عَلَيْكُم وَأَنْتُم قَتَلْتُمُوهُ فَاخْتَارُوا لأنفسكم فَوَقع اختيارهم على أبي عبد الله الْحَاج مُحَمَّد بن عمر الوقاش فولاه عَلَيْهِم وَانْصَرفُوا إِلَى بلدهم
ثمَّ دخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا قدم أهل تطاوين على السُّلْطَان الْمولى عبد الله لحضور عيد المولد الْكَرِيم وبيدهم هَدِيَّة مقدارها ثَلَاثُونَ ألف مِثْقَال وَقدم بصحبتهم باشدور الإصبنيول وَمَعَهُ مائَة ألف ريال وَمَا يُنَاسِبهَا من الْحَرِير والملف والكتان وَغير ذَلِك بِقصد فكاك أسرى جنسه فَقبض السُّلْطَان المَال وَقَالَ للباشدور حَتَّى تَأْتُوا بأسرى الْمُسلمين وَأعْطى العبيد من ذَلِك المَال ريالين لكل وَاحِد وَأعْطى نِسَاءَهُمْ مثل ذَلِك وَكَانُوا أَلفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا قدم عبيد مكناسة على السُّلْطَان لحضور الْعِيد فَأَعْطَاهُمْ عشرَة آلَاف ريال وفيهَا نَهَضَ أهل فاس لشراء الْخَيل وَالْعدة والإكثار مِنْهَا
وفيهَا انْعَقَدت الشُّرُوط بَين السُّلْطَان وَبَين جنس الإصطادوس وهم سبع قبائل من الفلامنك وَهِي اثْنَان وَعِشْرُونَ شرطا مرجعها إِلَى عقد الْأمان وَالصُّلْح بَين الإيالتين وَأَن يَجْعَل جنس الإصطادوس قنصلا أَو أَكثر بِالْبَلَدِ الَّذِي يختاره من بِلَادنَا وَيكون يُعْطي خطّ يَده الْمُسَمّى بالباصبورط لمن
يُسَافر من مراكبنا إِلَى جِهَة بِلَادهمْ وَكَذَلِكَ هم أَيْضا إِلَى غير ذَلِك
وَفِي هَذِه السّنة أَو مَا يقرب مِنْهَا أغار نَصَارَى الجديدة على آزمور واقتحموا ضريح الشَّيْخ أبي شُعَيْب لَيْلًا وَقتلُوا بِهِ عددا كثيرا من أهل آزمور نَحْو الْخمسين وَكَانَت اللَّيْلَة لَيْلَة جُمُعَة وَعَادَة أهل آزمور أَن يبيتوا لَيْلَة الْجُمُعَة بضريح الشَّيْخ الْمَذْكُور فنما ذَلِك إِلَى النَّصَارَى الَّذين بالجديدة فجاؤوا مستعدين حَتَّى اقتحموا عَلَيْهِم على حِين غَفلَة وأطفؤوا المصابيح وَوَقع الْقَتْل حَتَّى كَانَ الْمُسلمُونَ يقتل بَعضهم بَعْضًا وَرجع النَّصَارَى عودهم على بدئهم
وَذكره لويز مَارِيَة مؤرخ الجديدة فَقَالَ مَا ملخصه وَفِي لَيْلَة الثَّانِي عشر من نوفمبر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع عشرَة مائَة مسيحية خرج عشرَة من برتغال الجديدة وقصدوا آزمور حَتَّى دخلُوا ضريح الشَّيْخ أبي شُعَيْب لَيْلًا وَقتلُوا هُنَالك أَرْبَعِينَ من الْمُسلمين وَقَامَت الهيعة بِالْبَلَدِ وتسابقوا إِلَيْهِم على الصعب والذلول فَرجع النَّصَارَى من حينهم وأدركهم الْمُسلمُونَ بِالطَّرِيقِ فجرحوا بَعضهم ونجوا بعد مشقة فادحة هَكَذَا زعم لويز وَأَن النَّصَارَى كَانُوا عشرَة فَقَط وَأهل آزمور يَزْعمُونَ أَنهم كَانُوا أَكثر من ذَلِك بِكَثِير وَالله أعلم
ثمَّ دخلت سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف فَلم يكن فِيهَا حدث فِي الدولة
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بعْدهَا فِيهَا توفّي مُحَمَّد واعزيز كَبِير آيت أدراسن ووازعها الَّذِي كَانَت تقف عِنْد إِشَارَته وتجري أمورها على مُقْتَضى إدارته