الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاودة أَحْمد الريفي غَزْو فاس وَمَا كَانَ من أمره مَعَ السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى حِين مَقْتَله
لما وصل أَحْمد الريفي إِلَى طنجة أَخذ فِي إخلاف مَا ضَاعَ لَهُ ولقومه من خيل وَسلَاح وأخبية وَنَحْوهَا وجدد لجيش العبيد من ذَلِك مَا جدده لأهل الرِّيف وَأخذ فِي الاستعداد لمعاودة غَزْو فاس وَأقسم أَن لَا يَأْكُل لَحْمًا وَلَا يشرب لَبَنًا حَتَّى يدْخل فاسا وينهبها كَمَا انتهبوا محلته
وَبعث إِلَى سُلْطَانه الْمولى المستضيء بِمِائَتي فرس ومائتي خباء وَألف مكحلة وَخمسين ألف مِثْقَال يفرقها على العبيد يتقوون بهَا وَضرب لَهُ موعدا يَجْتَمعُونَ فِيهِ على حَرْب السُّلْطَان الْمولى عبد الله وشيعته من الودايا وَأهل فاس فَكَانَ أَمر الريفي فِيمَا أنفقهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فسينفقونها ثمَّ تكون عَلَيْهِم حسرة ثمَّ يغلبُونَ} الْأَنْفَال 36
وَلما كَانَ شهر جُمَادَى الأولى من سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وَألف خرج أَحْمد الريفي من طنجة قَاصِدا حَضْرَة فاس فِي أكمل شكة وَأحسن استعداد وَلما انْتهى خَبره إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الله لم يَسعهُ التَّخَلُّف عَن لِقَائِه فَكتب إِلَى عرب الحياينة وشراقة وَأَوْلَاد جَامع وَكتب إِلَى عرب الغرب من سُفْيَان وَبني مَالك وَسَائِر شيعته يستنفرهم ويحضهم على نصرته وَفرق الرَّاتِب على العبيد والودايا وزرارة وَأخرج أهل فاس بَعثهمْ الَّذِي عينوه على الْعَادة وَكتب السُّلْطَان إِلَى آيت أدراسن وجروان يُخْبِرهُمْ بعزمه على مصادمة الريفي وَجمعه وَيَقُول لَهُم إِن أردتم المَال وَالْغنيمَة فتأهبوا للنهوض إِلَى طنجة فخف نَاس مِنْهُم وَقدم عَلَيْهِم مِنْهُم أَلفَانِ من الْخَيل وَأكْثر مِنْهَا رُمَاة
ثمَّ خرج السُّلْطَان من فاس أَوَاخِر جُمَادَى الأولى وَنزل على وَادي سبو وَأقَام بِهِ إِلَى أَن عرض عساكره ورتبها فَجعل رُمَاة عبيده ورماة أهل فاس رحى وَاحِدَة وَعقد عَلَيْهِم للقائد أبي عزة صَاحب الشربيل وَجعل الودايا
وزرارة وَأهل السوس خيلهم ورماتهم رحى وَاحِدَة وَعقد عَلَيْهِم لحاجبه الْقَائِد عبد الْوَهَّاب اليموري وَسَار على هَذِه التعبية فَلَقِيَهُ شراقة وَأَوْلَاد جَامع وَأَوْلَاد عِيسَى فجعلهم رحى وَاحِدَة وَعقد عَلَيْهِم للشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى الشَّرْقِي وَلما عبر وَادي ورغة لقِيه أهل الغرب فِي جموعهم ينتظرونه هُنَالك فَبَاتُوا مَعَه تِلْكَ اللَّيْلَة بِعَين قرواش وَمن الْغَد جعل بني مَالك فِي رحى وعقدهم عَلَيْهِم لقائدهم أبي سلهام الجمادي وَجعل سُفْيَان فِي رحى وَعقد عَلَيْهِم لقائدهم عبد الله السفياني وَسَار على هَذِه التعبية فِي ظلّ النَّصْر والسعادة
وَأما الْمولى المستضيء فِي العبيد وَبني حسن فَإِنَّهُ لما بلغه نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله من فاس خَالفه إِلَى مكناسة دَار الْملك فَدَخلَهَا على حِين غَفلَة من أَهلهَا وعاث وانتهب وَفعل فِيهَا بَنو حسن الأفاعيل من سبي النِّسَاء والذرية وَغير ذَلِك ثمَّ تدارك أهل مكناسة أَمرهم وتجمعوا لِحَرْب عدوهم فَقَاتلُوا بني حسن فِي وسط الْمَدِينَة وردوهم على أَعْقَابهم وَقتلُوا مِنْهُم مَا لَا يُحْصى وَرَجَعُوا منهزمين وَأما أَحْمد الريفي فَإِنَّهُ زحف إِلَى الْقصر فِي جموع لَا تحصى من أهل الرِّيف والفحص والجبل وَأهل العرائش وَالْقصر والخلط وطليق وبداوة وَغَيرهم وَأقَام ينْتَظر سُلْطَانه الْمولى المستضيء وَجمعه
وَلما أَبْطَأَ عَلَيْهِ واتصل بِهِ خبر زحف السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَيْهِ ارتحل من الْقصر عَامِدًا نَحوه فَالتقى الْجَمْعَانِ عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم بدار الْعَبَّاس على وَادي لكس وَقَالَ فِي نشر المثاني كَانَ اللِّقَاء بالموضع الْمُسَمّى بالمنزه من أحواز الْقصر فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وَألف
وَلما ترَاءى الْجَمْعَانِ هم جَيش السُّلْطَان الْمولى عبد الله بالنزول فَقَالَ السُّلْطَان رحمه الله لَا نزُول إِلَّا على الْغَنِيمَة أَو الْهَزِيمَة ثمَّ عبر إِلَيْهِم فِي جُنُوده وأعجلهم على النُّزُول وصمد إِلَيْهِم فِي كَتِيبَة من أَخْوَاله وعبيده فخالط