الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي من السّنة غزا الْمولى الرشيد أحواز مكناسة وَقصد آيت واللال من البربر شيعَة مُحَمَّد الْحَاج الدلائي فأوقع بهم وَرجع عوده على بدئه وَبعد رُجُوعه نزل مُحَمَّد الْحَاج بجموع البربر قرب وَادي فاس بِأبي مزورة من أحواز فاس فقاتله الْمولى الرشيد ثَلَاثًا وَرجع كل إِلَى وَطنه ثمَّ خرج الْمولى الرشيد إِلَى تازا وأعمالها حادي عشر رَجَب ففقدها وَرجع إِلَى فاس فِي شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ عزل العقيد قَائِد مكناسة ثمَّ خرج ثَانِي يَوْم النَّحْر من السّنة إِلَى بني زروال فأوقع بالشريف النابغ فيهم وَبعث بِهِ مَحْبُوسًا إِلَى فاس فَدَخلَهَا ثَانِي محرم سنة ثَمَان وَسبعين وَألف ثمَّ مَال الْمولى الرشيد إِلَى تطاوين فَقبض على رئيسها أبي الْعَبَّاس النقسيس فِي جمَاعَة من حزبه وَقدم بهم إِلَى فاس فسحبهم بهَا أَوَائِل ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَألف إِلَى أَن كَانَ من أَمرهم مَا نذكرهُ
فتح زَاوِيَة الدلائي وتغريب أَهلهَا إِلَى فاس وتلمسان وَمَا يتبع ذَلِك
لما كَانَت ضحوة يَوْم الْخَمِيس الثَّانِي عشر من ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَألف خرج أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى الرشيد رحمه الله غازيا زَاوِيَة أهل الدلاء وَكَانَ قد أسْند الْفَتْوَى إِلَى الْفَقِيه أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الفاسي فلقي جموع الدلائيين وَعَلَيْهِمَا ولد مُحَمَّد الْحَاج بِبَطن الرُّمَّان من فازاز فانتشبت الْحَرْب بَين الْفَرِيقَيْنِ مَلِيًّا ثمَّ انهزم الدلائيون وَرَجَعُوا يقفون أَثَرهم إِلَى الزاوية قَالَ الشَّيْخ اليوسي رحمه الله فِي محاضراته كَانَ الرئيس أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْحَاج الدلائي قد ملك الغرب بسنين عديدة واتسع هُوَ وَأَوْلَاده وَإِخْوَته وَبَنُو عَمه فِي الدُّنْيَا فَلَمَّا قَامَ السُّلْطَان الْمولى الرشيد بن الشريف وَلَقي جموعهم بِبَطن الرُّمَّان ففضها دَخَلنَا على الرئيس أبي عبد الله الْمَذْكُور وَكَانَ لم يحضر المعركة لعَجزه وَكبر سنه يَوْمئِذٍ فَدخل عَلَيْهِ أَوْلَاده وَإِخْوَته وأظهروا لَهُ عَجزا شَدِيدا وضيقا عَظِيما فَلَمَّا رأى مِنْهُم ذَلِك
قَالَ لَهُم مَا هَذَا إِن قَالَ لكم حسبكم فحسبكم يُرِيد الله تَعَالَى قَالَ اليوسي وَهَذَا كَلَام عَجِيب وَإِلَيْهِ يساق الحَدِيث وَالْمعْنَى إِن قَالَ الله تَعَالَى لكم حسبكم من الدُّنْيَا فكفوا راضين مُسلمين اه وَكَانَ اسْتِيلَاء الْمولى الرشيد على الزاوية فِي ثامن الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَألف وَلما خرج إِلَيْهِ أَهلهَا عَفا عَنْهُم وَلم يرق مِنْهُم دَمًا وَلَا كشف لَهُم سترا حلما وكرما مِنْهُ رحمه الله قَالَ فِي النزهة لما وَقعت الْهَزِيمَة على أهل الدلاء دخل الْمولى الرشيد الزاوية وَأمر بِمُحَمد الْحَاج وَأَوْلَاده وأقاربه أَن يحملوا إِلَى فاس ويسكنوا بهَا فحملوا إِلَيْهَا واستوطنوها مُدَّة ثمَّ أَمر أَن يذهب بهم إِلَى تلمسان فغربوا إِلَيْهَا وسكنوها مُدَّة
وَحَدثُوا أَن مُحَمَّدًا الْحَاج رحمه الله لما دخل تلمسان قَالَ كنت وجدت فِي بعض كتب الْحدثَان أَنِّي أَدخل تلمسان فَظَنَنْت أَنِّي أدخلها دُخُول الْمُلُوك فدخلتها كَمَا ترَوْنَ وَلم يزل بهَا إِلَى أَن توفّي فاتح سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن عِنْد ضريح الإِمَام السنوسي رضي الله عنه وَلما توفّي الْمولى الرشيد رَجَعَ أَوْلَاده وأقاربه إِلَى فاس فاستوطنوها بِإِذن من السُّلْطَان المظفر الْمولى إِسْمَاعِيل وَلما دخل الْمولى الرشيد الزاوية غير محاسنها وَفرق جموعها وطمس معالمها وَصَارَت حصيدا كَأَن لم تغن بالْأَمْس بعد أَن كَانَت مشرقة إشراق الشَّمْس فمحت الْحَوَادِث ضياءها وقلصت ظلالها وأفياءها وطالما أشرقت بِأبي بكر وبنيه وابتهجت وفاحت من شذاهم وتأرجت ارتحل عَنْهَا فرسَان الأقلام الَّذين ينجاب بِوُجُوهِهِمْ الظلام وَبَانَتْ عَنْهَا ربات الْخُدُور وأقامت بهَا أتافي الْقُدُور وَلَقَد كَانَ أَهلهَا يعفون آثَار الرِّيَاح فعفت آثَارهم وَذَهَبت اللَّيَالِي بأشخاصهم وأبقت أخبارهم فثل ذَلِك الْعَرْش وَعدا الدَّهْر حِين أَمن من الْأَرْش وَلم يدْفع الرمْح وَلَا الحسام وَلم تَنْفَع تِلْكَ المنن الجسام فسحقا لدُنْيَا مَا رعت لَهُم حقوقا وَلَا أبقت لَهُم شروقا وَهِي الْأَيَّام لَا تَقِيّ من تجنيها وَلَا تبقي على مواليها ومدانيها