الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَزْو البربر ثَانِيًا وَبِنَاء القلاع فِي نحورهم
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وَألف فِيهَا خرج السُّلْطَان غازيا بِلَاد ملوية وَجعل طَرِيقه على مَدِينَة صفرو ففرت قبائل البربر إِلَى رُؤُوس الْجبَال وهم آيت يوسي وشغروسن وَأَيوب وعلاهم وقادم وحيون ومديونة فَأمر السُّلْطَان بِبِنَاء قلعة بآعليل وَأُخْرَى على وَادي كيكو من أَسْفَله وَأُخْرَى على وَادي سكورة وَأُخْرَى على وَادي تاشواكت ثمَّ خرج السُّلْطَان بملوية ففرت الْقَبَائِل الْمَذْكُورَة إِلَى جبل العياشي وَتَفَرَّقُوا فِي شعابه فَأمر بِبِنَاء قلعة بدار الطمع وقلعة بتاببوست وقلعة بقصر بني مطير وقلعة بوطواط وقلعة بالقصابي وَأقَام على نهر ملوية يبث السَّرَايَا ويشن الغارات على البربر قَرِيبا من سنة وَالْعَمَل مُسْتَمر فِي بِنَاء القلاع إِلَى أَن أكملت أسوارها وَأنزل رحمه الله بِكُل قلعة أَرْبَعمِائَة من خيل العبيد بعيالهم وجاءته وُفُود البربر تَائِبين طائعين فَأَمنَهُمْ على شَرط دفع الْخَيل وَالسِّلَاح فدفعوها وَصفا لَهُ رحمه الله هَذَا الرّبع الشَّرْقِي من جبل درن وَالله ولي التَّوْفِيق بمنه
مقتل الْمولى أَحْمد بن مُحرز وَفتح تارودانت وَمَا يتَّصل بذلك
وَفِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَألف بلغ السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله وَهُوَ بمكناسة أَن أَخَاهُ الْمولى الحران وَابْن أَخِيه الْمولى أَحْمد بن مُحرز قد دخلا قَصَبَة تارودانت واستحوذا على تِلْكَ الْجِهَات فَنَهَضَ إِلَيْهِمَا ووالى السيرحتى أَنَاخَ بكلكله على تارودانت وحاصرهما بهَا أَيَّامًا فاتفق أَن ابْن مُحرز خرج ذَات يَوْم فِي جمَاعَة من عبيده لزيارة بعض الْأَوْلِيَاء فَلَقِيَهُ جمَاعَة من زُرَارَة أَصْحَاب السُّلْطَان فَلم يعرفوه وظنوا أَنه بعض قواد ابْن مُحرز فشدوا عَلَيْهِ فماصعهم هنيئة ثمَّ قَتَلُوهُ فَإِذا هُوَ ابْن مُحرز
وَلما اتَّصل الْخَبَر بالسلطان خرج حَتَّى وقف عَلَيْهِ فَعرفهُ وَأمر بتجهيزه وَدَفنه فَدفن مَعَ الغرناطي أحد قواد الْجَيْش وَكَانَ قد قتل ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ مقتل الْمولى أَحْمد رحمه الله فِي أواسط ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين وَألف بعد تشغيبه على السُّلْطَان أَربع عشرَة سنة ثمَّ بعد أَيَّام خرج أهل تارودانت لَيْلًا إِلَى قبر الْمولى أَحْمد فنبشوه ونبشوا قبر الغرناطي لِأَنَّهُ كَانَ قد الْتبس عَلَيْهِم بِهِ فاستخرجوهما مَعًا حَتَّى عرفُوا الْمولى أَحْمد فَحَمَلُوهُ فِي تابوته وَتركُوا الغرناطي على شَفير قَبره وَاسْتمرّ الْمولى الحران محصورا بتارودانت وَالْحَرب قَائِمَة على سَاق إِلَى أَن دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَألف فَكَانَت حَرْب هلك فِيهَا نَحْو الستمائة نفس من الْجند مِنْهُم الْقَائِد زيتون والباشا حمدَان وَغَيرهمَا ثمَّ كَانَت حَرْب أُخْرَى أعظم من الأولى ثمَّ ثَالِثَة كَذَلِك هلك فِيهَا الْقَائِد أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن الروسي وَتَوَلَّى مَكَانَهُ ابْن الغرناطي وَاسْتمرّ الْحَال بهَا إِلَى جُمَادَى الأولى من سنة ثَمَان وَتِسْعين وَألف فاقتحم السُّلْطَان تارودانت عنْوَة بِالسَّيْفِ واستباحها وَاسْتولى عَلَيْهَا وفر الْمولى الحران إِلَى حَيْثُ أَمن على نَفسه
وَلما اتَّصل خبر الْفَتْح بِأَهْل فاس عينوا وَفْدًا من كبرائهم وأشرافهم وغلمائهم فقدموا على السُّلْطَان بِقصد التهنئة يقدمهم وَلَده الْمولى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَأكْرم وفادتهم وَخرج أَوْلَاد النقسيس من سبتة وَكَانُوا قد لجؤوا إِلَيْهَا بعد مقتل الْخضر غيلَان فقدموا على السُّلْطَان بعسكره من تارودانت فَأمر بردهمْ إِلَى تطاوين وقتلهم بهَا وَأمر بقتل من كَانَ مِنْهُم مسجونا بفاس فَقتلُوا أَجْمَعُونَ رحمهم الله ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَألف فِيهَا قفل السُّلْطَان من السوس فَدخل دَار ملكه مكناسة وَاسْتقر بهَا وَبعث إِلَى عَامل فاس أَن يخرج من بهَا من أهل الرِّيف إِلَى تارودانت بِقصد عمارتها وَالسُّكْنَى بهَا وَفِي خَامِس جُمَادَى الأولى من السّنة استدعى السُّلْطَان فُقَهَاء فاس لحضور ختم التَّفْسِير عِنْد قاضيه أبي عبد الله المجاصي فَحَضَرُوا وَأكْرمهمْ ووصلهم