الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحازوا شبارات الْمُسلمين وعساتهم وحازوا قَصَبَة آفراك وَاسْتشْهدَ من الْمُسلمين نَحْو ألف وَرَجَعُوا عودهم على بدئهم إِلَى سبته وَمِنْهَا ركبُوا الْبَحْر إِلَى جزيرتهم وَلم يبْق بسبتة إِلَّا سكانها ثمَّ كَانَت الكرة للْمُسلمين عَلَيْهِم بعْدهَا فَبَقيَ بأيدي الْمُسلمين مِنْهُم نَحْو ثَلَاثَة آلَاف
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف فَفِي الْمحرم مِنْهَا مَاتَ الباشا غَازِي بن شقراء صَاحب مراكش بوجدة وَفِي صفر مِنْهَا مَاتَ باعزيز بن صدوف صَاحب تارودانت وفيهَا انْتقل الْمولى عبد الْملك بن السُّلْطَان إِلَى تارودانت فاستقر بهَا إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ عِنْد التَّعَرُّض لدولته إِن شَاءَ الله
وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله
كَانَت أَيَّام أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله على مَا ذكرنَا من الْأَمْن والعافية وَتَمام الضَّبْط حَتَّى لم يبْق لأهل الذعارة وَالْفساد مَحل يأوون إِلَيْهِ ويعتصمون بِهِ وَلم تقلهم أَرض وَلَا أظلتهم سَمَاء سَائِر أَيَّامه فقد كَانَ خَليفَة ونائبا عَن أَخِيه الْمولى الرشيد سبع سِنِين وسلطانا وملكا مُسْتقِلّا سبعا وَخمسين سنة حَتَّى كَانَ جهلة الْأَعْرَاب يَعْتَقِدُونَ أَنه لَا يَمُوت وَيُقَال إِن الْبَعْض من أَوْلَاده كَانُوا يستبطئون مَوته ويعبرون عَنهُ بالحي الدَّائِم وَهَذِه الْمدَّة الَّتِي استوفاها الْمولى إِسْمَاعِيل فِي الْملك وَالسُّلْطَان لم يستوفها أحد من خلفاء الْإِسْلَام وملوكه سوى الْمُسْتَنْصر العبيدي صَاحب مصر فَإِنَّهُ أَقَامَ فِي الْخلَافَة سِتِّينَ سنة لَكِن لَا سَوَاء فَإِن الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله استوفى مُدَّة الْخلَافَة بثمرتها وتملاها بِكَمَال لذتها لِأَنَّهُ وَليهَا فِي إبان اقتداره عَلَيْهَا واضطلاعه بهَا بعد سنّ الْعشْرين كَمَا مر لَا فِي مُدَّة النِّيَابَة وَلَا فِي مُدَّة الِاسْتِقْلَال وَلم يكن عَلَيْهِ استبداد لأحد وَلَا نغص عَلَيْهِ دولته منغص سوى مَا كَانَ من ثورة ابْن مُحرز وَابْنه الْمولى مُحَمَّد الْعَالم وَمن سلك سُنَنهمْ من الْقَرَابَة وَكلهمْ كَانَ يشغب فِي الْأَطْرَاف لم يحصل مِنْهُم
كَبِير ضَرَر للدولة بِخِلَاف الْمُسْتَنْصر العبيدي فَإِنَّهُ ولي وَهُوَ ابْن سبع سِنِين فَكَانَ فِي صدر دولته تَحت الاستبداد وَحدث فِي أَيَّامه الغلاء الْعَظِيم
قَالَ ابْن خلكان وَهُوَ غلاء لم يعْهَد مثله بِمصْر مُنْذُ زمَان يُوسُف عليه الصلاة والسلام وَاسْتمرّ سبع سِنِين أكل النَّاس فِيهَا بَعضهم بَعْضًا وَبيع رغيف وَاحِد بِخَمْسِينَ دِينَارا وَكَانَ الْمُسْتَنْصر فِي هَذِه الشدَّة يركب وَحده وكل من مَعَه من الْخَواص مترجلون لَيْسَ لَهُم دَوَاب يركبونها وَكَانُوا إِذا مَشوا يتساقطون فِي الطرقات من الْجُوع إِلَى غير ذَلِك فَلِذَا قُلْنَا لَا يَسْتَوِي حَال ملك الْمولى إِسْمَاعِيل وَملك الْمُسْتَنْصر رحمهمَا الله
وَلما كَانَت سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف مرض أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل مرض مَوته قَالَ فِي نشر المثاني كَانَ ابْتِدَاء مَرضه فِي ثَانِي يَوْم من جُمَادَى الأولى من السّنة الْمَذْكُورَة وَلما أحس بالضعف بعث إِلَى وَلَده الْمولى أَحْمد صَاحب تادلا يستقدمه فَقدم عَلَيْهِ وَأقَام ثَلَاثًا ثمَّ اخترمته الْمنية رحمه الله يَوْم السبت الثَّامِن وَالْعِشْرين من رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف وَتَوَلَّى غسله الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الْقَاسِم العميري وَصلى عَلَيْهِ الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو عَليّ الْحسن بن رحال المعداني وَدفن بضريح الشَّيْخ المجذوب رضي الله عنه من حَضْرَة مكناسة
قَالَ فِي الْبُسْتَان كَانَ السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل قد عهد بِالْأَمر إِلَى وَلَده الْمولى أَحْمد الْمَذْكُور وَكَانَ يعبر عَنهُ بولِي الْعَهْد وَأنكر أكنسوس أَن يكون السُّلْطَان الْمَذْكُور قد عهد لأحد من أَوْلَاده قَالَ كَمَا أخبرنَا بذلك السُّلْطَان الْعَالم الْمولى سُلَيْمَان بن مُحَمَّد رحمه الله مرَارًا وَكَانَ يحْكى فِي ذَلِك خَبرا وَهُوَ أَن الْمولى إِسْمَاعِيل لما أَيقَن بِالْمَوْتِ دَعَا وزيره وعالم حَضرته الْكَاتِب أَبَا الْعَبَّاس اليحمدي وَقَالَ لَهُ إِنِّي فِي آخر يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا فَأَحْبَبْت أَن تُشِير عَليّ بِمن أقلده هَذَا الْأَمر من وَلَدي لِأَنَّك أعرف بأحوالهم مني فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا لقد كلفتني أمرا عَظِيما وَأَنا أَقُول الْحق أَنه لَا ولد لَك تقلده أَمر الْمُسلمين كَانَ لَك ثَلَاثَة الْمولى مُحرز وَالْمولى الْمَأْمُون وَالْمولى مُحَمَّد فقبضهم الله إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان جَزَاك الله خيرا وودعه