الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عريبة جمَاعَة من جَيْشه إِلَى من هُنَالك من الْمُسْتَضْعَفِينَ من أهل المزادغ وَغَيرهَا من الْقرى وَأمر بِقطع رؤوسهم وبعثها إِلَى فاس موهما أَنَّهَا رُؤُوس البربر اه وَالله أعلم
بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَمَا تخللها من الْهَرج والشدة
لما قفل السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة من خرجته فِي أثر أَخِيه الْمولى عبد الله وَكَانَ حَيْثُ ذكرنَا بعث أَخَاهُ الْمولى الْوَلِيد بن إِسْمَاعِيل إِلَى فاس وَأمره بِضَرْب الْبَعْث عَلَيْهِم توصلا إِلَى مَا فِي أَيْديهم من المَال بِحَيْثُ أَن من أعْطى المَال مِنْهُم يُقيم بداره وَمن أَبى يخرج فِي الْبَعْث فتحير النَّاس وَقدم الْمولى الْوَلِيد حَضْرَة فاس وَقبض على الْحَاج أبي جَيِّدَة برادة وَكَانَ مثريا فَقتله وَأخذ أَمْوَاله وَبَاعَ أُصُوله وَقبض على الْحَاج عبد الْخَالِق عديل فَأخذ أَمْوَاله ثمَّ تسلط على أهل الزوايا وكل من ذكر لَهُ أَنه من أهل الْيَسَار إِلَى أَن استوفى غَرَضه ثمَّ سَار إِلَى مكناسة فَفعل بِأَهْلِهَا مثل ذَلِك حَتَّى لم يسلم مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل هَذَا وَالنَّاس فِي محنة عَظِيمَة من المجاعة والفتنة وَنهب الدّور بِاللَّيْلِ بِحَيْثُ كَانَ أهل الْيَسَار لَا ينامون وَصَارَ جلّ النَّاس لصوصا والودايا يعيشون فِي الجنات خَارج الْمَدِينَة ويغيرون على القصارين بوادي فاس وَبعد أَن صَار النَّاس يقصرون كتانهم بمصمودة انتهبوه مِنْهُم بهَا بل تناولوا القفل من الفنادق وَالسُّلْطَان معرض عَن جَمِيع ذَلِك لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَقَد هلك فِي هَذِه الْمدَّة من الْجُوع جم غفير أخبر صَاحب المارستان أَنه كفن فِي رَجَب وَشَعْبَان ورمضان ثَمَانِينَ ألفا وَزِيَادَة سوى الَّذين كفنهم أهلهم وعشيرتهم وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَت أَيَّام الْمولى مُحَمَّد بن عريبة هَذَا أَيَّام نحس ووبال على الْمُسلمين وَكَذَا أَيَّام أَخِيه الْمولى المستضيء الَّذِي إِلَيْهِ يساق الحَدِيث وكل ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم من اسْتِيلَاء العبيد على الدولة وشؤم افتياتهم عَلَيْهَا وتحكمهم فِي أعياصها طوع أهوائهم وَحسب أغراضهم إِذْ
مَعْلُوم أَنه لَا ينشأ عَن كَثْرَة الْخلْع وَالتَّوْلِيَة إِلَّا هَذَا وَشبهه نسْأَل الله تَعَالَى اللطف وَالْحِفْظ فِي الْأَهْل وَالدّين وَالْمَال فِي الْحَال والمآل
وَقد تكلم صَاحب نشر المثاني على هَذِه السّنة أَعنِي سنة خمسين وَمِائَة وَألف فَقَالَ وَفِي هَذِه السّنة هزم جَيش الثائرين على مولَايَ عبد الله يَعْنِي العبيد هزيمَة عَظِيمَة بعد أَن صدر مِنْهُم فَسَاد كَبِير وَذَلِكَ على يَد البربر وَارْتَفَعت الأسعار جدا وَجعل اللُّصُوص يهجمون على النَّاس فِي دُورهمْ لَيْلًا ويقتلونهم وهم يستغيثون فَلَا يغاثون وَبلغ الْخَوْف إِلَى أَبْوَاب الدّور المتطرفة بفاس نَهَارا فَلَا يَسْتَطِيع أحد أَن يخرج عَن بَاب مصمودة فِي العدوة وَلَا عَن بَاب القصبة الْقَدِيمَة فِي الطالعة وَلَا عَن حومة الحفارين بَاب عجيسة وَكثر الْهدم فِي الدّور لأخذ خشبها وَكثر الخراب وخلت الحارات فتجد الدَّرْب مُشْتَمِلًا على عشْرين دَارا وَأكْثر وَكلهَا خَالِيَة وَفِي هَذِه الْمدَّة قتل الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو الْبَقَاء يعِيش الشاوي بداره بالدوح وَقَتله كَانَ سَبَب خلاء الدوح وَافْتَضَحَ أهل الْمُرُوءَة من النَّاس وَمن يظنّ بِهِ الدّين وكل من قدر على الْفِرَار فر من فاس وَقل من سلم مِنْهُم بعد خُرُوجه عَن الْبَلَد وَخرج جمَاعَة وافرة من أهل فاس إِلَى تطاوين وَمَا والاها لجلب الْميرَة إِذْ كَانَ الله تَعَالَى قد سخر الْعَدو الْكَافِر بِحمْل الطَّعَام إِلَى بِلَاد الْمُسلمين فَاشْترى أهل فاس مِنْهُ شَيْئا كثيرا لَكِن امْتنع الجمالون من حمله لَهُم وماطلوهم فشكوهم لوالي تِلْكَ الْبِلَاد ورئيسها حِينَئِذٍ أَحْمد بن عَليّ الريفي فأظهر لَهُم النصح وأبطن الْغِشّ لانحرافه عَن السُّلْطَان وَمن يتَعَلَّق بِهِ فثبط الجمالين وهم قَبيلَة بداوة فازدادوا امتناعا وتعاصيا حَتَّى بَقِي أهل فاس معطلين بميرتهم نَحْو سِتَّة أشهر فَهَلَك بِسَبَب ذَلِك خلائق لَا يُحصونَ جوعا وَكلهمْ فِي عُهْدَة أَحْمد بن عَليّ الريفي وَمَا أغْنى مَال وَلَا مَتَاع فِي طلب الْقُوت وَلَوْلَا أَن الله سخر الْعَدو الْكَافِر بجلب الْميرَة للمغرب لهلك أَهله جَمِيعًا فِيمَا أَظن وَذَلِكَ كُله من شُؤْم الْفِتَن وَالْخُرُوج على الْمُلُوك