الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجِيء الْمولى المستضيء من مراكش ومحاربته لِأَخِيهِ الْمولى عبد الله وَمَا يتبع ذَلِك
لما اجْتمعت كلمة العبيد والودايا وَسَائِر أهل بِلَاد الغرب على طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله أَقَامَ رحمه الله بدار الدبيبغ وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى آخر ذِي الْقعدَة من سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة وَألف فارتاب العبيد بمقامه هُنَالك ورفضه الْمقَام بَين أظهرهم بمكناسة الَّتِي هِيَ دَار الْملك يَوْمئِذٍ فقلبوا لَهُ ظهر الْمِجَن على عَادَتهم واستدعوا الْمولى المستضيء من مراكش ليبايعوه
واتصل خبرهم بالمولى عبد الله وَأَنَّهُمْ قد بعثوا الْخَيل إِلَى الْمولى المستضيء لتأتي بِهِ فَأخذ السُّلْطَان من ذَلِك المقعد الْمُقِيم وشمر عَن ساعد الْجد وَأخذ فِي تأليف قبائل الْعَرَب والبربر وَوصل يَد بَعضهم بِبَعْض ثمَّ ألف بَينهم وَبَين الودايا وَأهل فاس وآخى بَين الْجَمِيع فَأَعْطوهُ صَفْقَة أَيْمَانهم بِأَنَّهُم يموتون دونه فتم لَهُ مِنْهُم مَا أَرَادَهُ وَفِي أثْنَاء ذَلِك قدم الْحَاج أَحْمد السُّوسِي من مراكش وَدخل فاسا فَتحدث عَنهُ بِأَنَّهُ قد دس إِلَى أهل فاس فِي مُرَاجعَة طَاعَة الْمولى المستضيء والتمسك بدعوته ونمى ذَلِك إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الله فَأمر بقتْله فَقتل
ثمَّ دخلت سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وَألف فَفِي الْمحرم مِنْهَا زحف الْمولى المستضيء من مراكش إِلَى بِلَاد الغرب وَدخل مكناسة فِي جَيش العبيد وَبني حسن وَغَيرهم وَقدم فِي ركابه الْوَزير أَبُو الْحسن العميري وَأَخُوهُ القَاضِي أَبُو الْقَاسِم وَفِي آخر الْمحرم الْمَذْكُور ورد كتاب من عِنْد الْقَائِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد الريفي إِلَى أهل فاس يَدعُوهُم إِلَى بيعَة مخدومه الْمولى المستضيء وَالدُّخُول فِي طَاعَته فصموا عَن ذَلِك ونبذوه
وَفِي ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة زحف الْمولى المستضيء فِي جَيش العبيد إِلَى فاس وعسكر بِظهْر الزاوية خَارِجهَا ففر السُّلْطَان الْمولى عبد الله من دَار الدبيبغ إِلَى آيت دارسن وَمن الْغَد هَاجَتْ الْحَرْب بَين العبيد وَبَين الودايا وَأهل فاس والحياينة وشراقة وَأَوْلَاد جَامع وَهلك فِيهَا من الْفَرِيقَيْنِ عدد كثير وَفِي رَابِع ربيع الثَّانِي قدم السُّلْطَان الْمولى عبد الله يجر أُمَم البربر خَلفه من زمور وَبني حكم وجروان وآيت آدراسن وآيت ومالو فِي عدد لَا يحصيهم إِلَّا خالقهم وَفِي شارة من اللبَاس وشكة من السِّلَاح تسر الصّديق وتسوء الْعَدو
وَلما عاين الْمولى المستضيء وعبيده تِلْكَ الجموع وَعَلمُوا أَنهم لَا طَاقَة لَهُم بِحَرْبِهِمْ اتَّخذُوا اللَّيْل جملا وأسروا إِلَى مأمنهم ونجوا بِأَنْفسِهِم واصبحت الديار مِنْهُم بَلَاقِع فسر النَّاس بذلك وشكروا الله على انفضاض تِلْكَ الجموع بِلَا قتال
وَفِي سادس جُمَادَى الأولى من السّنة توفيت أم السُّلْطَان الْحرَّة خناثى بنت بكار المغفرية رَحمهَا الله وَكَانَت فقيهة أديبة ودفنت بقبور الْأَشْرَاف من فاس الْجَدِيد
وَفِي جُمَادَى الثَّانِيَة مِنْهَا حدثت فتْنَة بفاس بَين الْحَاج عبد الْخَالِق عديل والشريف الْمولى أبي عبد الله مُحَمَّد الغالي الإدريسي فَشَكَاهُ عديل إِلَى السُّلْطَان فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ فعاذ الشريف بضريح جده رضي الله عنه فألزم السُّلْطَان أهل فاس إِخْرَاجه فضيقوا عَلَيْهِ إِلَى أَن طلب الْأمان فأمنوه وساقوه إِلَى السُّلْطَان فوبخه ثمَّ ضربه وسجنه ثمَّ أَمر أهل فاس بقتل أَصْحَابه فَقَتَلُوهُمْ