المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخبر عن دولة أمير المؤمنين المولى عبد الله بن إسماعيل رحمه الله - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٧

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة العلوية

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السجلماسيين من ال عَليّ الشريف وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌دُخُول الْمولى حسن بن قَاسم إِلَى الْمغرب واستيطانه بسجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ذكر ذُرِّيَّة الْمولى حسن بن قَاسم وتناسلها بالمغرب والإلمام بِشَيْء من مَنَاقِب الْمولى عَليّ الشريف

- ‌الْخَبَر عَن رياسة الْمولى الشريف بن عَليّ وَمَا دَار بَينه وَبَين أبي حسون السملالي الْمَعْرُوف بِأبي دميعة

- ‌الْخَبَر عَن إِمَارَة الْمولى مُحَمَّد بن الشريف وبيعته بسجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على درعه وطرده أَبَا حسون السملالي عَنْهَا

- ‌وقْعَة القاعة بَين الْمولى مُحَمَّد بن الشريف وَأهل زَاوِيَة الدلاء وَمَا نَشأ عَنْهَا

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على فاس ثمَّ رُجُوعه عَنْهَا

- ‌اسْتِيلَاء الْمولى مُحَمَّد الشريف على وَجدّة وشنه الغارات على تلمسان وأعمالها وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌مراسلة عُثْمَان باشا صَاحب الجزائر للْمولى مُحَمَّد بن الشريف وَمَا دَار بَينهمَا فِي ذَلِك

- ‌ثورة الْمُقدم أبي الْعَبَّاس الْخضر غيلَان الجرفطي بِبِلَاد الهبط

- ‌وَفَاة الْمولى الشريف بن عَليّ رحمه الله

- ‌إغارة الْمولى مُحَمَّد بن الشريف على عرب الحياينة من أَعمال فاس وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌قيام الْمولى الرشيد بن الشريف على أَخِيه الْمولى مُحَمَّد ومقتل الْأَخ الْمَذْكُور رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى الرشيد بن الشريف رحمه الله

- ‌فتح مَدِينَة تازا ثمَّ سجلماسة وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌حِصَار مَدِينَة فاس ثمَّ فتحهَا والإيقاع بثوارها

- ‌فتح زَاوِيَة الدلائي وتغريب أَهلهَا إِلَى فاس وتلمسان وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌فتح مراكش ومقتل الْأَمِير أبي بكر الشباني وشيعته

- ‌بِنَاء قنطرة وَادي سبو خَارج فاس

- ‌فتح تارودانت وإيليغ وَسَائِر السوس

- ‌تأليف جَيش شراقة وأوليتهم وَشرح لقبهم

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى الرشيد رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ المظفر بِاللَّه أبي النَّصْر الْمولى إِسْمَاعِيل بن الشريف رحمه الله

- ‌ثورة الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحرز بن الشريف وَمَا كَانَ من أمره

- ‌انْتِقَاض أهل فاس وقتلهم الْقَائِد زَيْدَانَ وإعلانهم بدعوة ابْن مُحرز وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من محاصرة السُّلْطَان لَهُم

- ‌تَجْدِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل بِنَاء مكناسة الزَّيْتُون واتخاذه إِيَّاهَا دَار ملكه

- ‌مَجِيء الْمولى أَحْمد بن مُحرز إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا ونهوض السُّلْطَان إِلَى محاصرته بهَا

- ‌تأليف جَيش الودايا وَبَيَان فرقهم وأوليتهم

- ‌انْتِقَاض البربر شيعَة الدلائيين والتفافهم على أَحْمد بن عبد الله مِنْهُم وإيقاع السُّلْطَان بهم

- ‌عود الْكَلَام إِلَى بِنَاء حَضْرَة مكناسة الزَّيْتُون

- ‌تأليف جَيش عبيد البُخَارِيّ وَذكر أوليتهم وَشرح تسميتهم

- ‌غَزْو أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل بِلَاد الشرق وانعقاد الصُّلْح بَينه وَبَين دولة التّرْك أهل الجزائر

- ‌خُرُوج الْإِخْوَة الثَّلَاثَة من أَوْلَاد الْمولى الشريف ابْن عَليّ بالصحراء وَمَا كَانَ من أَمرهم

- ‌نقل زُرَارَة والشبانات إِلَى وَجدّة وَبِنَاء القلاع بالتخوم وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌فتح المهدية ومحاربة ابْن مُحرز بالسوس وَمَا تخَلّل ذَلِك

- ‌امتحان الْقُضَاة وَالسَّبَب فِيهِ

- ‌غَزْو البربر وَبِنَاء القلاع بِإِزَاءِ معاقلهم

- ‌فتح طنجة

- ‌غَزْو البربر ثَانِيًا وَبِنَاء القلاع فِي نحورهم

- ‌مقتل الْمولى أَحْمد بن مُحرز وَفتح تارودانت وَمَا يتَّصل بذلك

- ‌غَزْو برابرة فازاز وَبِنَاء قلعة آدخسان

- ‌بَيَان تربية أَوْلَاد عبيد الدِّيوَان وَكَيْفِيَّة تأديبهم

- ‌فتح العرائش

- ‌فتح آصيلا

- ‌حِصَار سبتة

- ‌غَزْو السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل برابرة فازاز وإيقاعه بهم

- ‌أَمر السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل عُلَمَاء فاس بِالْكِتَابَةِ على ديوَان العبيد وامتناعهم مِنْهَا وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌تَفْرِيق الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله أَعمال الْمغرب على أَوْلَاده وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌تنَازع أَوْلَاد السُّلْطَان وثورة الْمولى مُحَمَّد الْعَالم مِنْهُم بالسوس ومقتله

- ‌محنة الْفَقِيه أبي مُحَمَّد عبد السَّلَام ابْن حمدون بسوس رحمه الله

- ‌ثورة الْمولى أبي النَّصْر ابْن السُّلْطَان بالسوس ومقتله رحمه الله

- ‌بِنَاء ضريحي الْإِمَامَيْنِ إِدْرِيس الْأَكْبَر والأصغر رضي الله عنهما

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله ومآثره وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالذهبي رحمه الله

- ‌إغارة الْقَائِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي على تطاوين وَمَا دَار بَينه وَبَين الْفَقِيه أبي حَفْص عمر الوقاش

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي مَرْوَان عبد الْملك بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى أبي الْعَبَّاس أَحْمد الذَّهَبِيّ رحمه الله

- ‌حِصَار أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى أَحْمد لفاس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌حُدُوث النفرة بَين أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله وَأهل فاس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حِصَار الْمولى عبد الله مَدِينَة فاس

- ‌نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى قتال البربر وإيقاعه بهم

- ‌ذكر مَا صدر من السُّلْطَان الْمولى عبد الله من العسف المخل بالسياسة والتناقض المغير فِي وَجه الرياسة

- ‌هدم السُّلْطَان الْمولى عبد الله مَدِينَة الرياض من حَضْرَة مكناسة وَمَا اتَّصل بذلك

- ‌بعث السُّلْطَان الْمولى عبد الله جَيش العبيد إِلَى فازاز وإيقاع أَهله بهم

- ‌ثورة العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وفراره إِلَى وَادي نول وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالأعرج رحمه الله

- ‌ثورة أهل فاس بعاملهم مَسْعُود الروسي وانتقاضهم على السُّلْطَان أبي الْحسن رحمه الله

- ‌غَزْو السُّلْطَان أبي الْحسن أهل جبل فازاز فِي جَيش العبيد وهزيمتهم إِيَّاه

- ‌تحرّك السُّلْطَان الْمولى عبد الله من السوس وفرار السُّلْطَان أبي الْحسن إِلَى الأحلاف وَمَا كَانَ من أمره إِلَى وَفَاته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بِابْن عريبة وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌بَدْء اختلال أَمر السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَمَا تسبب عَن ذَلِك

- ‌إغارة السُّلْطَان الْمولى عبد الله على الإصطبل من مكناسة وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْمولى مُحَمَّد بن عريبة وَمَا تخللها من الْهَرج والشدة

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى المستضيء بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌ذكر مَا صدر من السُّلْطَان الْمولى المستضيء من العسف وَالِاضْطِرَاب

- ‌إِيقَاع الباشا أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي بِأَهْل تطاوين

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى المستضيء وفراره إِلَى مراكش

- ‌مُرَاجعَة العبيد طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله ودخولهم فِي دَعوته

- ‌مَجِيء السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى مكناسة وَمَا ارْتَكَبهُ من أَهلهَا

- ‌مَجِيء السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان من مراكش إِلَى الْقصر ثمَّ مسيره إِلَى فاس وحصاره إِيَّاهَا

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وفراره ثَانِيَة إِلَى البربر

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ زين العابدين بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمولى زين العابدين وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة لأمير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله رحمه الله

- ‌مَجِيء الْمولى المستضيء من مراكش ومحاربته لِأَخِيهِ الْمولى عبد الله وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌هَدِيَّة السُّلْطَان الْمولى عبد الله رحمه الله إِلَى الْحرم النَّبَوِيّ على مشرفه أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌مشايعة الباشا أبي الْعَبَّاس الريفي للْمولى المستضيء على الْمولى عبد الله وزحفه إِلَى فاس وَمَا يتَّصل بذلك

- ‌معاودة أَحْمد الريفي غَزْو فاس وَمَا كَانَ من أمره مَعَ السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى حِين مَقْتَله

- ‌زحف السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى طنجة واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌اعْتِرَاض الْمولى المستضيء للسُّلْطَان الْمولى عبد الله وعود الكرة عَلَيْهِ ومقتل بني حسن

- ‌نهوض السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى بِلَاد الْحَوْز وتدويخه إِيَّاهَا وإجفال الْمولى المستضيء عَنْهَا

- ‌وفادة أهل مراكش على السُّلْطَان الْمولى عبد الله بآلصم واستخلافه وَلَده سَيِّدي مُحَمَّدًا عَلَيْهِم

- ‌مكر السُّلْطَان الْمولى عبد الله بأعيان البربر وإخفار ذمَّة مُحَمَّد واعزيز فيهم ثمَّ إِطْلَاقهم بعد ذَلِك

- ‌زحف البربر إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الله بِأبي فكران وفراره إِلَى مكناسة

- ‌شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانتقاله إِلَى فاس وانتقال عبيد الدِّيوَان من مَشْرُوع الرملة إِلَى مكناسة

- ‌إجلاب مُحَمَّد واعزيز على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانتقاض أهل فاس والقبائل عَلَيْهِ

- ‌ذكر السَّبَب الَّذِي هاج بعث السُّلْطَان الْمولى عبد الله الجيوش إِلَى أهل الغرب ومراجعتهم طَاعَته

- ‌زحف البربر إِلَى الودايا ومظاهرة أهل فاس لَهُم عَلَيْهِم

- ‌مُرَاجعَة أهل فاس طَاعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الله وانعقاد الصُّلْح بَينهم وَبَين الودايا

- ‌خُرُوج العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وبيعتهم لوَلَده سَيِّدي مُحَمَّد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌مَجِيء سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله من مراكش إِلَى مكناسة وتوسطه للعبيد فِي الصُّلْح مَعَ وَالِده رحمهمَا الله

- ‌انحراف العبيد ثَانِيَة عَن السُّلْطَان الْمولى عبد الله والتجاؤهم إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد بمراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتْنَة آيت أدراسن وكروان مَعَ الودايا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن آخر أَمر الْمولى المستضيء رحمه الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن هَؤُلَاءِ العبيد الَّذين جمعهم السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل من لدن وَفَاته إِلَى دولة السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله

- ‌انعطاف إِلَى سِيَاقَة الْخَبَر عَن خلَافَة سَيِّدي مُحَمَّد ابْن عبد الله بمراكش من مبتدئها إِلَى مُنْتَهَاهَا

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة العلوية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله عقب الْبيعَة من مراكش إِلَى فاس وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

الفصل: ‌الخبر عن دولة أمير المؤمنين المولى عبد الله بن إسماعيل رحمه الله

قَالُوا وَكَانَ الْمولى أَحْمد رحمه الله أشبه النَّاس بالأمين بن الرشيد العباسي فِي زيه ولهوه وإكبابه على شهواته وتضييع الحزم وَالْجد حَتَّى فَسدتْ الْأَحْوَال وتراكمت الْأَهْوَال وَذكر معاصروه أَنه لم يكن شهد حَربًا قطّ قبل خِلَافَته وَكَانَ مَعَ ذَلِك جوادا متلافا فآلت بِهِ الْأُمُور إِلَى مَا ذكرنَا وَللَّه الْأَمر من قبل وَمن بعد

‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل رحمه الله

كَانَ الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ وَلَده الْحرَّة خناثي بنت بكر المغفري أَيَّام خلَافَة أَخِيه الْمولى أَحْمد منحاشا إِلَى أَخِيه الْمولى عبد الْملك وَمُقِيمًا مَعَه بِبِلَاد السوس فَلَمَّا خلع الْمولى أَحْمد وبويع الْمولى عبد الْملك وَقدم مكناسة قدم الْمولى عبد الله فِي ركابه وَاسْتمرّ مُقيما بهَا إِلَى أَن ثار العبيد بالمولى عبد الْملك وفر إِلَى الْحرم الإدريسي فَخرج الْمولى عبد الله من مكناسة إِلَى سجلماسة وَأقَام بداره بهَا إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْمولى أَحْمد فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم فَاجْتمع أَعْيَان الدولة من العبيد والودايا وَسَائِر القواد والرؤساء وَاتَّفَقُوا على بيعَة الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ يَوْمئِذٍ بسجلماسة فَنَادوا باسمه وأعلنوا بنصره فِي الْمحلة ومكناسة وبعثوا جَرِيدَة من الْخَيل لتأتي بِهِ وَكَتَبُوا مَعَ ذَلِك إِلَى أهل فاس يعزونهم عَمَّن هلك من إخْوَانهمْ أَيَّام الْحصار ويحضونهم على الْمُوَافقَة على بيعَة الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل

وَلما وصل الْكتاب إِلَى فاس قرىء على مِنْبَر جَامع الْقرَوِيين فَأَجَابُوا بالموافقة إِن حضر وَلما وصلت الْخَيل إِلَى الْمولى عبد الله وأعلموه بِمَا اتّفق عَلَيْهِ النَّاس فِي شَأْنه أقبل مسرعا حَتَّى نزل بِظَاهِر فاس بالموضع الْمُسَمّى بالمهراس فَخرج أَعْيَان فاس من الْعلمَاء والأشراف وَغَيرهم لملاقاته فَسَلمُوا عَلَيْهِ وَاسْتَبْشَرُوا بقدومه فسر بهم والآن لَهُم القَوْل وَوَعدهمْ بالجميل

ص: 125

وأعلمهم بِأَنَّهُ من الْغَد دخل لحضرتهم لزيارة الْمولى إِدْرِيس رضي الله عنه فَرَجَعُوا مسرورين مغتبطين وَمن الْغَد أخذُوا زينتهم ولبسوا أسلحتهم ونشروا أَلْوِيَتهم وَخَرجُوا لميعاده فَركب السُّلْطَان فرسه وَركب مَعَه خاصته وَأهل موكبه وَفِي جُمْلَتهمْ حمدون الروسي عَدو أهل فاس وَتقدم السُّلْطَان فَدخل على بَاب الْفتُوح وتوسط الْمَدِينَة فَرَأى بعض سماسرة الْفِتَن من أَوْلَاد ابْن يُوسُف حمدون الروسي وَكَانَ قد قتل أباهم حَسْبَمَا مر فصمدوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمْ تنحى عَنْهُم قَلِيلا فتبعوه فَعلم أَنهم عزموا على اغتياله فركض فرسه إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ على قنطرة الرصيف وَأخْبرهُ خبر أَوْلَاد ابْن يُوسُف وَخص وَعم بالإرجاف فِي حق أهل فاس فَعدل السُّلْطَان عَن قَصده وَرجع على طَرِيق جَامع الْحُوت ثمَّ على جَزَاء ابْن عَامر وَخرج على بَاب الْحَدِيد إِلَى فاس الْجَدِيد وَلم يزر وَلم يعلم النَّاس مُوجب الرُّجُوع عَن الزِّيَارَة إِلَى أَن شاع الْخَبَر بذلك فَمشى عُلَمَاء فاس وأشرافها إِلَى السُّلْطَان وَرفعُوا إِلَيْهِ بيعتهم وَاعْتذر إِلَيْهِ بعض الْفُقَهَاء بِأَن مَا وَقع فِي جَانب حمدون إِنَّمَا هُوَ من بعض السُّفَهَاء فَأَعْرض السُّلْطَان عَن ذَلِك وصم عَن سَمَاعه

وَكَانَت الْبيعَة الَّتِي رَفعهَا أهل فاس من إنْشَاء الْفَقِيه الْعَالم الْوَجِيه أبي الْعَلَاء إِدْرِيس بن الْمهْدي المشاط الْمنَافِي نِسْبَة إِلَى عبد منَاف بن قصي وَهَذَا الْفَقِيه هُوَ الَّذِي كَانَ السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله بَعثه قَاضِيا على تادلا مَعَ ابْنه الْمولى أَحْمد الذَّهَبِيّ حِين ولاه عَلَيْهَا كَمَا مر وَنَصهَا

الْحَمد لله الَّذِي جعل الْعدْل صلاحا للْملك والرعية والعباد كَمَا جعل الْجور هَلَاكًا للحرث والماشية والبلاد وسدد الْعَادِل بعنايته وَأعد للجائر مَا هُوَ مَعْلُوم لَهُ يَوْم الْمعَاد وَجعل المقسطين على مَنَابِر من نور يَوْم الْقِيَامَة كَمَا جعل القاسطين فِي الْعَذَاب والحسرات والأنكاد فأسعد الْمُلُوك يَوْم الْقِيَامَة من سلك مَعَ الرّعية سَبِيل السداد وَأصْلح مَا أظهره الجائر فِي الأَرْض من الْفساد نحمده أَن تفضل علينا بِإِمَام عَادل ونشكره إِن حكم فِينَا من لَا يصغي فِي الْحق لقَوْل عاذل فولى علينا الْخَلِيفَة من نسل الشَّفِيع يَوْم التناد

ص: 126

ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَا يسْأَل عَمَّا يفعل يُؤْتى الْملك من يَشَاء وَينْزع الْملك مِمَّن يَشَاء فِي أَي وَقت شَاءَ وَأَرَادَ ونشهد أَن سيدنَا وَنَبِينَا ومولانا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الشَّفِيع فِي أمته يَوْم لَا ينفع الظَّالِمين معذرتهم وَلَا يقبل من القاسطين فدَاء بطريف وَلَا تلاد صلى الله عليه وسلم الَّذين أظهرُوا الشَّرِيعَة ومحوا الظُّلم محمو المداد أما بعد حمد الله الَّذِي أَمر بِطَاعَة أولي الْأَمر ووعد من نصر دينه بالظفر والنصر فَقَالَ عليه السلام وَمن مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقه بيعَة مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَرَادَ أَن يفرق أَمر هَذِه الْأمة وَهُوَ جَمِيع فاضربوا عُنُقه بِالسَّيْفِ كَائِنا من كَانَ وَفِي صَحِيح مُسلم أَيْضا عَنهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَتَاكُم وأمركم جَمِيع على رجل وَاحِد وَأَرَادَ أَن يفرق جماعتكم فَاقْتُلُوهُ وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كره من أميره شَيْئا فليصبر فَإِن من خرج عَن السُّلْطَان شبْرًا مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَفِيه أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عصى الله وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي وَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه لِابْنِ عقبَة لَعَلَّك لَا تَلقانِي بعد الْيَوْم فَعَلَيْك بتقوى الله تَعَالَى والسمع وَالطَّاعَة للأمير وَإِن عبدا حَبَشِيًّا

وَاتفقَ أَئِمَّة الدّين على أَن نصب الإِمَام وَاجِب على الْمُسلمين وَإِن كَانَ من فروض الْكِفَايَة كَمَا أَن الْقيام بذلك من الْوَاجِبَات كَمَا دلّت عَلَيْهِ نُصُوص الْأَحَادِيث والآيات وَقَالَ الشَّاعِر

(لَا يصلح النَّاس فوضى لَا سراة لَهُم

وَلَا سراة إِذا جهالهم سادوا)

وَلما كَانَ من أَمر الله سُبْحَانَهُ مَا أَرَادَهُ وَقدره فَقبض إِلَيْهِ خَلِيفَته وأقبره دهش الْمُسلمُونَ وخافوا من توالي الشرور والفتن فتوجهوا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي أَن يغمد عَنْهُم السيوف وطلبوا من فَضله الْمَعْهُود أَن يصرف عَنْهُم ضروب المحن والحتوف فَأجَاب الْكَرِيم الدَّعْوَات وَنَفس الهموم والكربات وَنشر

ص: 127

رَحمته وأزاح نقمته فَصَارَت الْقُلُوب ناعمة بعد بؤسها وَالْوُجُوه ضاحكة بعد عبوسها والشرور والفتن قد أَدْبَرت وأعلام الْأَمْن والعافية قد أَقبلت فوفق الله جيوش الْمُسلمين للأعمال المرضية والهمم لما فِيهِ صَلَاح الدُّنْيَا وَالدّين والراعي والرعية فَاقْتضى نظرهم السديد ورأيهم الْمُوفق الرشيد بيعَة من فِي أفق السَّعَادَة قد طلع وَظهر فِي سَمَاء الْمَعَالِي بدره وارتفع الإِمَام الْهمام الْعلوِي الْهَاشِمِي الْعدْل فِي الْأَحْكَام الْمَوْصُوف بِالْكَرمِ والشجاعة والشهامة والحزم والنجدة والزعامة المتواضع لله المتَوَكل فِي جَمِيع أُمُوره على الله أَمِير الْمُؤمنِينَ مَوْلَانَا عبد الله بن الشريف الْجَلِيل الْمَاجِد الْأَصِيل أَمِير الْمُؤمنِينَ مَوْلَانَا إِسْمَاعِيل ابْن مَوْلَانَا الشريف فَبَايعُوهُ أعزه الله على كتاب الله وَسنة الرَّسُول وَإِقَامَة الْعدْل الَّذِي هُوَ غَايَة المأمول بيعَة التزمتها الْقُلُوب والألسنة وسعت إِلَيْهَا الْأَقْدَام والرؤوس خاضعة مذعنة لَا يخرجُون لَهُ من طَاعَة ولاينحرفون عَن مهيع الْجَمَاعَة أشهدوا على أنفسهم عَالم الطويات المطلع على جَمِيع الخفيات قائلين إننا بايعناك وقلدناك لتسير فِينَا بِالْعَدْلِ والرفق وَالْوَفَاء والصدق وتحكم بَيْننَا بِالْحَقِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى لنَبيه فِي مُحكم وحيه {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ} ص 26 وَقَالَ تَعَالَى وَقَوله الْحق {وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما} الْفَتْح 10 وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تكن للخائنين خصيما} النِّسَاء 105 وَهَذِه الرّعية تطلب من رَبهَا أَن يعين مَالِكهَا ويساعده ويقذف الرعب فِي قلب من يُرِيد أَن يعانده وَأَن يفتح عَلَيْهِ مَا عسر على غَيره ويمده بعزيز نَصره إِنَّه على مَا يَشَاء قدير وبالإجابة جدير وَبِيَدِهِ الْقُوَّة والحول نعم الْمولى وَنعم النصير شهد بذلك على نَفسه وَمن مَعَه العَبْد الْفَقِير المذنب الحقير ممليها وكاتبها إِدْرِيس بن الْمهْدي المشاط بِمحضر فلَان وَفُلَان وَجُمْهُور الْفُقَهَاء والأعيان فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف

ثمَّ سَافر السُّلْطَان فِي الْحِين إِلَى مكناسة كَمَا نذكرهُ

ص: 128