الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظُّهْرِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَيُمْكِنُ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ قَدِ انْقَطَعَ فِيهِ، وَالْأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَغْتَسِلَ ثَلَاثَةَ أَغْسَالٍ: غُسْلًا تَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَغُسْلًا تَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَغُسْلًا تُصَلِّي بِهِ الْفَجْرَ، فَتَكُونُ قَدْ صَلَّتْ بِطَهَارَةٍ مُحَقَّقَةٍ، وَأَشَدُّ مَا قِيلَ فِيهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«اسْتُحِيضَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ عَائِشَةَ: "«أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو اسْتُحِيضَتْ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِغُسْلٍ، وَالصُّبْحَ بِغُسْلٍ» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدِ انْقَطَعَ فِيهِ دَمُ الْحَيْضِ، لَا سِيَّمَا فِي الْمُتَحَيِّرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ وَالتَّمْيِيزَ لَيْسَا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ؛ لِجَوَازِ انْتِقَالِ الْعَادَةِ وَكَوْنِ الْأَصْفَرِ وَالْأَحْمَرِ دَمَ حَيْضٍ، وَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِحَاضَةً مُحَقَّقَةً فَهُوَ شَبِيهٌ بِدَمِ الْحَيْضِ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَحَبَّ مَعَهُ الْغُسْلُ؛ كَالْحِجَامَةِ وَأَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ المستحاضة تغسل فرجها وتعصبه]
مَسْأَلَةٌ
" وَتَغْسِلُ فَرْجَهَا وَتُعَصِّبُهُ "
لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ: " «فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» "، وَقَالَ لِحَمْنَةَ: «أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ "، قَالَتْ: إِنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: " فَاتَّخِذِي ثَوْبًا "، قَالَتْ: هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:
" فَتَلَجَّمِي». وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَمِّ سَلَمَةَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: "«لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ» ". قَالَ الْخَطَّابِيُّ: " هُوَ أَنْ تَشُدَّ ثَوْبًا تَحْتَجِزُ بِهِ يُمْسِكُ مَوْضِعَ الدَّمِ لِمَنْعِ السَّيَلَانِ ". فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِغَسْلِ الدَّمِ، وَأَمَرَ بِمَا يُوجِبُ حَبْسَ الدَّمِ عَنِ السَّيَلَانِ مِنِ احْتِشَاءٍ أَوْ شَدٍّ أَوْ تَعْصِيبٍ حَسَبَ الْإِمْكَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ وَحَدَثٌ أَمْكَنَتِ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا، فَوَجَبَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَغَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَإِنْ غَلَبَ الدَّمُ وَخَرَجَ بَعْدَ إِحْكَامِ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ لَمْ يَضُرَّ؛ وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: "«اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ، وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: " اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي، وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه لَمَّا طُعِنَ يُصَلِّي، وَجُرْحُهُ يَشْخُبُ دَمًا. احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: " كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِهِ