الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمْكَنَ وَتَنَاوَلَ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَهُ بِهَا، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْيَمِينِ كَمَا لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهَا فِي صَبِّ الْمَاءِ وَكَمَا لَوْ كَانَ أَقْطَعَ الْيُسْرَى، وَهَلْ يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ وَالْحَجَرَ بِيَمِينِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَبِكُلِّ حَالٍ تَكُونُ الْيُسْرَى هِيَ الْمُتَحَرِّكَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْحَرَكَةِ، وَلَوِ اسْتَنْجَى بِيَمِينِهِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
[مَسْأَلَةٌ يَسْتَجْمِرُ وِتْرًا ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ]
مَسْأَلَةٌ:
" ثُمَّ يَسْتَجْمِرُ وِتْرًا ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ ".
هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " «مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يُتْبِعُوا الْحِجَارَةَ الْمَاءَ مِنْ أَثَرِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ» " احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَرَوَى أَيْضًا فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا يُتْبِعُونَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحِجَارَةِ الْمَاءَ فَنَزَلَتْ (فِيهِ رِجَالٌ)، وَلِأَنَّ الْغَسْلَ بَعْدَ تَجْفِيفِ النَّجَاسَةِ أَبْلَغُ فِي
التَّنْظِيفِ، فَصَارَ كَالْغَسْلِ بَعْدَ الْحَتِّ وَالْفَرْكِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ مَسِّ الْأَذَى بِالْيَدِ الْمُحْوِجِ إِلَى تَكَلُّفِ تَطْهِيرِهَا.
وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ فِي الِاسْتِجْمَارِ لِمَا أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» " وَإِنْ قَطَعَ عَنْ شَفْعٍ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ " «مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» " وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْمَاءُ أَفْضَلُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ غَيْرِ اسْتِجْمَارٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ وَنَشْرَهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْحَجَرِ يُجْزِئُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَالْمَاءُ قَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُ السَّلَفِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ الْمَحَلَّ وَيُزِيلُ الْأَثَرَ، وَالْحَجَرَ يُخَفِّفُ، وَكَانَ قِيَاسُهَا عَلَى سَائِرِ الْبَدَنِ يَقْضِي أَلَّا يُجْزِئَ إِلَّا الْمَاءُ وَإِنَّمَا أَجْزَأَتِ الْأَحْجَارُ رُخْصَةً، فَإِذَا اسْتُعْمِلَ الطَّهُورُ كَانَ أَفْضَلَ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَهُوَ الْإِزَالَةُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ ثُمَّ فِي الْحَجَرِ يَبْقَى أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَيَدُومُ فَإِنْ لَمْ يُكْرَهِ الْحَجَرُ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَفْضُولًا وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مِنْ إِنْكَارِ الْمَاءِ فَهُوَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهِ، وَلَا يَرَى الْأَحْجَارَ مُجْزِئَةً؛ لِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا مِنَ النَّاسِ مُحَافَظَةً عَلَى الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَخَافُوا التَّعَمُّقَ فِي الدِّينِ كَمَا قَدْ يُبْتَلَى بِهِ بَعْضُ النَّاسِ
وَلِهَذَا قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: " لِمَ يُلْحِقُونَ فِي دِينِكُمْ مَا لَيْسَ مِنْهُ يَرَى أَحَدُكُمْ أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ إِذَا بَالَ " فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا فَلَا وَجْهَ لَهُ، فَقَدْ أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةٍ فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» "، وَقِصَّةُ أَهْلِ قُبَاءٍ مَشْهُورَةٌ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَنْجِي أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: " «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ أَوْ رَكْوَةٍ فَاسْتَنْجَى، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ