الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ رَوَى قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظِبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ أَحَدُنَا يَسْتَعْجِلُ فَيَغْسِلُ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: " لَا حَتَّى يَكُونَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
[مسألة الْغَسْلُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا]
مَسْأَلَةٌ:
" وَالْغَسْلُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَالْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ ".
السُّنَّةُ أَنْ يَغْسِلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَمَرَّتَيْنِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ جَازَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْإِسْبَاغِ.
[مسألة الاجتزاء بالغسل مرة مرة]
مَسْأَلَةٌ:
" وَالْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ النِّيَّةُ وَالْغَسْلُ مَرَّةً مَرَّةً مَا خَلَا الْكَفَّيْنِ ".
وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُ وُجُوبِ النِّيَّةِ وَأَمَّا الِاجْتِزَاءُ بِالْغَسْلِ مَرَّةً؛ فَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: " «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً» ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا.
وَأَمَّا الْكَفَّانِ فَغَسْلُهُمَا قَبْلَ الْوَجْهِ سُنَّةٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ وُجُوبِهِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِإِسْبَاغِ كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ لَمْ يُسْبِغْ بِالْأُولَى كَانَتِ الثَّانِيَةُ تَمَامًا لَهَا؛ وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَمَّا حَكَى وُضُوءَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ غَرْفَةً رَابِعَةً لِوَجْهِهِ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثٍ سَابِغَاتٍ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَمَنْهِيٌّ (عَنْهَا)؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ " فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ " مَا هَذَا السَّرَفُ ". فَقَالَ أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ. قَالَ: " نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "«لِلْوُضُوءِ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ الْوَلْهَانُ فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سَمِعَ
ابْنَهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ سَلِ اللَّهَ تبارك وتعالى الْجَنَّةَ وَعُذْ بِهِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالْوُضُوءِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَلَوْ خَالَفَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ بِأَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَهُ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُكْرَهْ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ؛ وَإِذَا شَكَّ هَلْ غَسَلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ وَالسَّاقِ إِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ:
وَيُكْرَهُ تَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا مِنْ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ؛ «لِأَنَّ مَيْمُونَةَ لَمَّا وَضَعَتْ غُسْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَلَمْ يُرِدْهَا، وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ؛ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ لَا يُخَافُ ضَرَرُهُ أَوْ لَا يُسْتَحَبُّ إِزَالَتُهُ فَكُرِهَتْ
كَدَمِ الشَّهِيدِ، وَخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ، وَطَرْدُهُ التُّرَابُ بِجَبْهَةِ السَّاجِدِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهِيَ أَصَحُّ؛ لِمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:«زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِنَا فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ فَوُضِعَ لَهُ " فَاغْتَسَلَ ثُمَّ نَاوَلْتُهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانَ أَوْ وَرْسٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ سَلْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «تَوَضَّأَ فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِاسْتِطَابَتِهِ فَأَشْبَهَ غُبَارَ الْقَدَمَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَبِهَذَا يُنْقَضُ قِيَاسُهُمْ، وَأَصْلُ قِيَاسِهِمْ عَكْسُ عِلَّتِنَا. وَأَمَّا نَفْضُ يَدِهِ فَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.