الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى ظَهْرِهِ فَيَنْشُرُ نَجَاسَتَهُ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ بِغَسْلِهَا فَإِذَا أَكَلَ الطَّعَامَ قَوِيَ وَاشْتَدَّ ظَهْرُهُ فَقَعَدَ فَيَقِلُّ انْتِشَارُ نَجَاسَتِهِ، وَالْجَارِيَةُ لَا يُجَاوِزُ بَوْلُهَا مَحَلَّهَا، وَقِيلَ أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْهَا أَنَّ الْغُلَامَ يُحْمَلُ عَلَى الْأَيْدِي عَادَةً بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ وَمِنْهَا أَنَّ مِزَاجَهُ حَارٌّ فَبَوْلُهُ رَقِيقٌ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فَإِنَّهَا شَدِيدَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالنَّضْحُ أَنْ يَعُمَّ الْمَاءُ النَّجَاسَةَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عَنْهَا.
وَمَعْنَى أَكْلِهِ الطَّعَامَ أَنْ يَشْتَهِيَهُ لِلِاغْتِذَاءِ بِهِ بِخِلَافِ مَا يُحَنَّكُهُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ وَيَلْعَقُهُ مِنَ الْأَشْرِبَةِ وَنَحْوِهَا.
[مَسْأَلَةٌ حكم المذي]
مَسْأَلَةٌ:
" وَكَذَلِكَ الْمَذْيُ "
وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ لِابْتِدَاءِ الشَّهْوَةِ إِذَا تَحَرَّكَتْ وَبِتَفَكُّرٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ مَسٍّ وَبَعْدَ فُتُورِهَا مِنْ غَيْرِ إِحْسَاسٍ بِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ لِمَا «رَوَى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنَ الِاغْتِسَالِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي؟ قَالَ: " يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَأَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: " فَتَمْسَحَ " بَدَلَ قَوْلِهِ فَتَنْضَحَ بِهِ، وَالْأَثْرَمُ وَلَفْظُهُ:" يُجْزِئُكَ أَنْ تَأْخُذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَرُشَّ عَلَيْهِ " فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِغَسْلِ فَرْجِهِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُ، وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالنَّضْحِ وَبِالْغَسْلِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَنِيِّ إِذْ يَخْرُجُ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ مِنْ مَخْرَجِ الْمَنِيِّ، لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِكَمَالِ الشَّهْوَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، لَكِنْ يَكْفِي نَضْحُ الْمَحَلِّ مِنْهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ، وَسُكُوتُهُ عَنْ غَسْلِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا، وَسُكُوتُهُ عَنْ غَسْلِ الْفَرْجِ مِنْهُ قَدْ يَكُونُ لِعِلْمِ الْمُسْتَمِعِ فَإِنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِنَجَاسَتِهِ وَلَكِنْ سَأَلَ عَنْ مُوجَبِ خُرُوجِهِ وَعَنْ كَيْفِيَّةِ التَّطَهُّرِ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَنِيِّ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَبَيْنَ الْبَوْلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكْمُلْ وَهُوَ مِمَّا يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَأَجْزَأَ فِيهِ النَّضْحُ كَبَوْلِ الْغُلَامِ، وَالْأُخْرَى لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْغَسْلُ لِمَا «رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ». وَإِذَا أَمَرَ بِغَسْلِ الذَّكَرِ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَحَالِّ.
وَالنَّضْحُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ مَخْرَجِهِ فَأَمَّا مَخْرَجُهُ فَفِي قَدْرِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهُنَّ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ كَالْبَوْلِ، أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ لِأَنَّهُ نَجِسٌ فَأَشْبَهَ سَائِرَ النَّجَاسَاتِ وَلِأَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " «فِي الْمَذْيِ الْوُضُوءُ وَفِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَهْلٍ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا الْوُضُوءَ.
الثَّانِيَةُ: يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَمَا لَمْ يُصِبْهُ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ. الثَّالِثَةُ: يَغْسِلُ جَمِيعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي.
لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، فَإِنْ قِيلَ: يَرْوِيهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ لَمْ يُدْرِكْهُ، قُلْنَا: مُرْسِلُهُ أَحَدُ أَجِلَّاءِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ رَوَاهُ لِيُبَيِّنَ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْمَرَاسِيلِ، وَقَدْ «رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ