الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولى بشكري!) فقال: (ومن هو؟) فقال: (الله عز وجل!) قال: فأطرق معاوية مليا؛ ثم قال: (أستغفر الله!) وعفا عنه.
وقال الليث بن سعد: لما قدم موسى بن نصير إفريقية حين الفتح، أخرج ابنا له يسمى عبد الله إلى بعض نواحيها؛ فأتاه بمائة ألف رأس من السبي، أكثرهن وجوه كالبدور؛ ثم وجه ابنا له يسمى مروان إلى ناحية أخرى؛ فأتاه كذلك؛ ثم خرج هو بنفسه؛ فأتى بنحو ذلك. قال الليث: فبلغ الخمس ستين ألفا. قال: فلم يسمع بمثل سبايا موسى في الإسلام.
وفي سنة 95، كان خروج موسى من الأندلس إلى الشأم، واستخلف ابنه عبد العزيز عليها.
ولاية عبد العزيز بن موسى بن نصير
واستخلف موسى على الأندلس ابنه عبد العزيز، وترك معه حبيب بن أبي عبدة بن عقبة بن نافع وزيرا له، ومعينا. وأقام معهما بالأندلس من أراد سكناها. فلما وصل موسى إلى إشبيلية، أقرَّ فيها ولده؛ فارتضاها قاعدة ملكه؛ وتزوج بعد خروج أبيه أمَّ عاصم امرأة رذريق (واسمها أيله) وسكن معها بإشبيلية. فلما دخل بها، قالت له:(إن الملوك، إذا لم يتوجوا، فلا ملك لهم! فلو عملت لك مما بقى عندي من الجوهر والذهب تاجا؟ فقال لها: (ليس ذلك في ديننا.) فقالت له: (ومن أين يعرف أهل دينك ما أنت فيه في خلوتك؟) فلم تزل به حتى فعل. فبينما هو ذات يوم جالس معها، والتاج على رأسه، إذ دخلت عليه امرأة كان قد تزوجها زياد بن نابغة التميمي، من بنات ملوكهم؛ فعاينته، والتاج على رأسه. فقالت لزياد (ألا أعمل لك تاجا؟) فقال لها:(ليس في ديننا استحلال لباسه!) فقالت له: (ودين المسيح!
إنه على رأس ملككم وإمامكم!) فأعلم بذلك زياد حبيب بن أبي عبدة ثم تحدثا بذلك حتى علمه خيار الجند؛ فلم يكن له هم إلا كشف ذلك، حتى رأوه عيانا. فقالوا (قد تنصر!) ثم هجموا عليه، فقتلوه. وأكثر الناس على أنَّ هذه الحكاية لا تصح، وإنما قتلوه بأمر سليمان لهم بذلك إذ نكب والده.
وقال الواقدي: إن التي نكح بعد خروج أبيه هي ابنة رذريق؛ فجاءته من الدنيا بما لا يوصف. فلما دخلت عليه، قالت له:(ما لي لا أرى أهل مملكتك يعظمونك، ولا يسجدون لك، كما كان أهل مملكة أبي يفعلون له؟) فأمر بباب، فنقب في ناحية قصره، وجعله قصيرا؛ فكان يأذن للناس منه؛ فيدخل الداخل منكسا رأسه قبالته لقصر الباب؛ وقد جعل لها مجلسا، تنظر منه إلى الناس إذا دخلوا عليه من حيث لا يرونها. فلما رأتهم على ذلك، ظنت أنهم يسجدون له. فقالت لعبد العزيز:(الآن قوي ملكك) وبلغ الناس ما أراد بذلك الباب؛ فثار به حبيب بن أبي عبدة الفهري، وزياد بن عذرة البلوي، وزياد بن نابغة التميمي، ومن معهم من الناس، فقتلوه. وقيل أيضا: إنما قتلوه لأنه خلع طاعة سليمان بن عبد الملك، إذ بلغه قتل أخيه وما صنع بأبيه.
قال الرازي: لما قفل موسى بن نصير، استخلف ابنه عبد العزيز على الأندلس؛ فضبط سلطانها، وسد ثغورها، وافتتح مدائن كثيرة. وكان من خير الولاة، إلا أن مدته لم تطل، لوثوب الجند عليه وقتلهم له، لأشياء نقموها عليه. وكان قتله صدر رجب من سنة 97، بمدينة إشبيلية، بمسجد رفينة. ولما دخل المحراب، قرأ فاتحة الكتاب؛ ثم قرأ سورة الواقعة؛ فعلاه من خلفه زياد ابن عذرة البلويُّ بالسيف، وهو يقول:(قد حقت عليك يا ابن الفاعلة؟) فكانت ولايته سنة واحدة وعشرة أشهر.
وذكر أيضا أن سليمان بعث إلى الجند يأمرهم بقتله، عند سخطه على أبيه، وأنهم، لما قتلوه، حزوا رأسه. وقدم به على سليمان حبيب بن أبي عبدة الفهري.