الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بأولياء الله وأنصار دينه؛ فكانت له على أعداء الله وقائع اشتفت فيها صدور المسلمين، وانتصروا على أعداء الله المشركين. وقتل في هذه الغزاة من حماتهم، وأبطالهم، وصلاة الحروب منهم، جملة عظيمة لا يأخذها عدٌّ، ولا يحيط بها وصف. وكان الفتح يوم الخميس لثلاث خلون من ربيع الأول ويوم السبت لخمس خلون من ربيع الأول، في معارك جليلة، لم يكن أعظم منها صنعا، ولا أكثر من أعداء الله قتيلا وأسيرا. وورد الكتاب بذلك على أمير المؤمنين الناصر رضي الله عنه يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول؛ فأكثر من شكر الله عز وجل على ما منَّ به، وفتح فيه. وقُرى (كتاب الفتح) في الجوامع وكتب به إلى الأطراف.
وفي يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، في العام المؤرخ، ولد أبو الأصبغ عبد العزيز بن عبد الرحمن، شقيق أمير المؤمنين المستنصر بالله - أيده الله -.
غزاة الناصر لدين الله إلى بلدة
وفي شهر ذي الحجة من هذه السنة، غزا الناصر بنفسه مدينة بلدة من كورة رية؛ فبرز لها يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة؛ وفصل يوم الثلاثاء للنصف من ذي الحجة بعد بروزه بستة وعشرين يوما؛ وتخلف في القصر بقرطبة ابنه وولي عهده وقبلة الآمال من بعده، أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله - أبقاه الله - ومن الوزراء موسى بن محمد بن حدبر. فلما قرب الناصر من مدينة بلدة، قدم من ثقات رجاله، وإخفاء أجناده من يمنحن إمكان زرعها وموضع المضطرب عليها؛ فألقى الزرع متأخرا؛ وأتته الأنباء بإمكان زروع فحص رعين؛ فرأى التعريج إليه بعد أن أمر بابتناء صخرة فوزان، لتكون موفية على بسيط بلدة. ثم ارتحل إلى حصن
دوش امانتش؛ فنازله وحاربه حتى افتتحه. ثم نهض إلى مدينة بلدة؛ فاحتلها يوم الثلاثاء لليلة بقيت من ذي الحجة، وأحاطت العساكر بها؛ فتداعى من كان من المسلمين فيها إلى النزول بأنفسهم وذراريهم؛ وذكروا أنهم كانوا مغلوبين على أمرهم؛ فأمنهم الناصر، وقاتل الكفرة المتغلقين في المدينة، حتى أظفره الله بهم؛ فقتلوا عن آخرهم وملكت المدينة، وتدب فيها الرجال. ثم انتقل إلى حصون رية، يتقرَّاها معقلا معقلا، ويفتتح ما مر به منها. ونزل على جبل ببشتر؛ فحاصر أهله، وقطع ثمراتهم، واستبلغ في نكايتهم؛ فسأله جعفر بن عمر بن حفصون قبض رهائنه، استيثاقا من طاعته، على أن يؤدى من الجباية ما فرض عليه؛ فأجابه الناصر إلى ذلك، وفيضت رهائن جعفر وشيعته، وصارت في قبضته وداخل معسكره. ثم قفل الناصر لدين الله عن جبل ببشتر، ودخل القصر لثلاث بقين من المحرم من سنة 307، وقد استتم في غزاته أربعين يوما.
وفي هذه السنة، عهد الناصر بعمل الفوَّارة إزاء باب القصر المعروف بباب العدل، وإقامة محراب مصلى المصارة بقرطبة.
وفيها، توفي عبد الله بن كليب بن عبد السلام، لخمس خلون من ربيع الآخر. وفيها، توفي للناصر ابن يسمى بمحمد، ويكنى بأبي القاسم. وفيها، توفيت رقية ابنة الإمام محمد. وتوفي فيها موسى بن أزهر الفقيه الإسنجي لثلاث خلون من ربيع الأول؛ وكان من أهل الفصاحة والبيان والخط الحسن. وتوفي فيها حزب الله بن رباعي بن عبد الله الخشني الزاهد، وكانت له رواية.
وفي سنة 307، كان احتلال الناصر أمير المؤمنين بمدينة ببشتر، على ما تقدم ذكره في العام قبله، ودخوله قرطبة قافلا من غزاته في التاريخ المتقدم ذكره.
وفي هذه السنة، افتتح حصن طرش؛ وكان فيه عبد الرحمن بن عمر بن