الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أمية. وقاد الخيل بالصوائف عبيد الله بن محمد بن أبي عبدة. وولي الكتابة أحمد بن محمد بن أبي عبدة. وقاد بالصوائف سلمة بن عليّ بن أبي عبدة؛ عبد الرحمن بن حمدون بن أبي عبدة؛ حفص بن محمد بن بسيل. ولي المدينة مع الوزارة محمد بن وليد بن غانم. ولي المدينة مع الوزارة أصبغ بن عيسى بن فطيس؛ عبد الله بن محمد الزجالي، وكان كاتبا ووزيرا؛ سليمان بن محمد بن وانسوس؛ أحمد بن هاشم. وقاد الخيل جعفر بن عبد الغافر. وقاد الخيل العاصي بن عبد الله بن ثعلبة؛ تمام بن عمرو بن علقمة وكان وزيرا لثلاثة من الخلفاء؛ عبد الله بن حارث بن بزيع؛ إبراهيم بن خمير؛ محمد ابن أمية بن شهيد. وولي المدينة نضر بن سلمة، وولي القضاء موسى بن زياد؛ وولي الكتابة والشرطة والقضاء. ومن أصحاب الشرط موسى بن زياد، ثم ولي مكانه، لما ولي القضاء، يحيى بن زياد عمه؛ ثم مات يحيى بن زياد، وبقيت الشرطة دون والٍ سنتين؛ ثم وليها قاسم بن وليد الكلبي؛ فبقى عليها حتى توفي الإمام رحمه الله! ومن كتابه: عبد الله بن محمد الوزير؛ عبيد الله بن محمد بن أبي عبدة؛ موسى بن زياد. ومن قضاته: النضر بن سلمة القيسي؛ ثم موسى بن زياد؛ ثم محمد بن سلمة أخو النضر؛ ثم أعيد النضر بن سلمة ثانية؛ ثم عزل وولي محمد بن سلمة؛ ثم مات، وولي بعده أحمد بن محمد بن زياد اللخمي.
بعض أخبار الأمير عبد الله بن محمد على الجملة
كان الإمام عبد الله مقتصدا، يظهر ذلك في ملبسه وشكله وجميع أحواله. وكان حافظا للقرآن، كثير التلاوة له. وكانت له صدقات كثيرة ونوافل
جزيلة. وكان متقدما في ورعه وفضله، محبا للخير وأهله، كثير الصلاة، دائم الخشوع والذكر الله عز وجل، كثير التواضع، منكرا للسرف ومبعدا لأهله، شديد الوطأة على ذوي الظلم والجور. وكان متفننا في ضروب العلوم، بصيرا بلغات العرب، فصيح اللسان، حسن البيان وكان لا يخلو في أكثر أيامه من مقاعدة وزرائه ووجوه رجاله؛ فإذا انقضى خوضهم في الرأي والتدبير لأسباب مملكته وما كان يحاوله من حسم علق الفتنة، خاض معهم في الأخبار والعلوم. ولم يكن ممن اشتغل بلذة، أو قارف شيئا من الأنبذة في أيام خلافته ولا قبلها. وهو ابتنى الساباط بين القصر والجامع بمدينة قرطبة، رغبة في شهود الجمعة، ومحافظة على الصلوات، وحبا للصالحات. وكان يقعد في الساباط قبل صلاة الجمعة وبعدها؛ فيرى الناس، ويشرف على أخبارهم وحركاتهم، ويسر بجماعاتهم، ويسمع قول المتظلم؛ ولا يخفى عليه شئ من أمور الناس. وكان يقعد أيضا على بعض أبواب قصره في أيام معلومة؛ فترفع إليه فيه الظلامات، وتصل إليه الكتب على باب حديد قد صنع مشرجبا لذلك؛ فلا يتعذر على ضعيف إيصال بطاقة بيده، ولا إنهاء مظلمة على لسانه. وكان أهل المكانات وذوو المنازل والأقدار يتحفظون من كل أمر يوجب الشكوى بهم، وينقبضون عن التحامل على من دونهم، ويهابون عقابه، ويحذرون إنكاره، ويتحرون موافقة مذاهبه. وكانت اللذات مهجورة في أيامه، واللهو غير مقترف من جميع خاصته وعامته، وإعمال الخير وإظهار البرّ والتقوى فاش في كل طبقة من رجاله ورعيته. وكان رحمه الله كثير الاستغفار لله عز وجل، ومتحفظا من اليمين باسمه؛ فإذا حلف له حالف بالله، صدقه؛ وإذا شفع به إليه شافع، شفعه؛ أو خائف، أمنه؛ أو مذنب، صفح عنه. ومآثره كثيره، وفضائله محفوظة مذكورة. وكان قد فتح بابا في القصر، سماه باب العدل. وكان يقعد فيه للناس يوما معلوما في الجمعة، ليباشر أحوال الناس بنفسه، ولا يجعل بينه وبين المظلوم سترا. وكان بصيرا باللغات، حافظا لأشعار العرب وأيامها وسير الخلفاء،
راوية للشعر. وكانت اللذات في أيامه مهجورة؛ فأنه لم يشرب قط نبيذا ولا مسكرا. واعتذر إليه يوما بعض مواليه؛ فقال له: (إن مخايل الأمور لتدل على خلاف قولك وتنبئ عن باطل تنصلك. ولو أقررت بذنبك، واستغفرت لجرمك، لكان أجمل بك، وأسدل لستر العفو عليك! فقال: (قد اشتمل الذنب على، وحاق الخطاء بيَّ! وإنما أنا بشر، وما يقوم لي عذر!) فقال: (مهلا عليك، رويدا بك! تقدمت لك خدمة، وتأخرت لك توبة؛ وما للذنب بينهما مدخل. وقد وسعك الغفران!) وأملى كتابا إلى بعض عماله: (أما بعد، فلو كان نظرك فيما خصصناك به، واهتبالك به على حسب مواترتك بالكتب واشتغالك بذلك عن مهم أمرك، لكنت من أحسن رجالنا عناء، وأتمهم نظرا، وأفضلهم حزما. فأقلل من الكتب فيما لا وجه له ولا نفع فيه، واصرف همتك وفكرتك وعنايتك إلى ما يبدو فيه اكتفاؤك، ويظهر فيه غناؤك، إن شاء الله!) وكتب أحد الوزراء إليه كتابا في أمر. فوقع فيه (خفيف) :
أنتَ يا نَضْر آبدَة
…
لَسْتَ تُرجَى لِفائِده
إنَّما أنْتَ عُدَّةْ
…
لكَنيفِ ومائِدَهْ
وكان رحمه الله تقيا نقيا. بنى الساباط من القصر إلى الجامع، محافظة منه على الصلوات. والتزم الصلاة مع الجماعة إلى جانب المنبر دائما حتى لقي ربَّه. وكان رحمه الله شاعرا مطبوعا؛ له أشعار حسان. فمن قوله يتغزل في صباه (متسرح) :
ويَحي عَلَى شادِنٍ كَحبِلٍ
…
في مِثْلِه يُخْلَعُ العِذَارُ
كأنَّما وَجْنَتَاهُ وَرْدٌ
…
خالَطَهُ النَّوْرُ والبَهَارُ
قَضِيبُ بَانٍ إذا تَشَنَّى
…
بُدِيرُ طَرفاً بهِ احْورَارُ
فَصفْوُ وُدِّي عليه وَقفٌ
…
ما اطَّرَدَ اللّيلُ والنّهارُ
ومن قوله أيضا في مثل ذلك رحمه الله (رجز) :
يَا مُهجَةَ المُشتاقِ ما أَوجَعَكْ
…
ويَا أسِيَر الحُبِّ ما أخضَعَك
ويَا رَسُولَ العين مِنْ لَحظها
…
بالرَّدِ والتبليغِ ما أسرَعَك
تَذهَبُ بالسِّرِّ فَتاتِي بِهِ
…
في مجلِسٍ تَخفى عَلَي مَن مَعَك
كَم حاجةٍ أنجزتَ أسرارَها
…
تَبَاركَ الرَّحمانُ مَا أطوَعَك
ومن قوله في الزهد (كامل) :
يَا مَن يُراوغه الأجَل
…
حتى مَ بُلهِبكَ الأمَل
حتَّى مَ لا تَخشَى الرَّدَى
…
وَكَأنَّه بِكَ قد نَزَل
أغفَلتَ عن طَلَبِ النَّجاةِ
…
وَلا نَجَاةَ لِمَن غَفَل
هَيهَاتَ يَشغلك المُنَى
…
وَلَمَا يدومُ لَكَ الشَّغَل
فكأنَّ يَومَك لم يَكُن
…
وكأنَّ نَعيَك قَد نَزَل
وله أيضا في الزُّهد (وافر) :
أرَى الدُّنيا تَصِيرُ إلى فَنَاء
…
وَمَا فيها لشيء من بَقَاء
فبَادِر بالإنابة غير وَانٍ
…
على شَئٍ يصِير إلى فَنَاء
كَأنَّكَ قد حُمِلتَ على سَرِيرٍ
…
وغُيبَ حُسنُ وَجهك في الثَّرَاء
فَنَافِس في التُّقى واجنح إليه
…
لَعَلك تُرضينَّ رَبَّ السَّماءِ
ولم يزل - رحمة الله عليه - يرفع منار الدين، ويسلك سبيل المهتدين، لم تمنعه الفتن عن النظر لنفسه، والعمل ليوم فاقته وحلول رمسه. وكانوا يعدونه من أصلح خلفاء بن أمية بالأندلس، وأمثلهم طريقة، وأتمهم معرفة، وأمتنهم ديانة؛ إلا أنه كان منغص الحال بدوام الفتنة، وتضييق نطاق الخطة، ونقصان مقدار التزكية، حتى كان يتخلله الرياء تحت قناع تقواه، والبخل بطوقه طبيعة ليست له تحط من هواه؛ وغمض دينه لما كان من هوان الدماء عليه، بسبب