المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بعض أخباره على الجملة - البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب - جـ ٢

[ابن عذاري المراكشي]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر صِفة الأندلس وأوَّليَّتها

- ‌ذكر دخول المسلمين إلى الأندلس

- ‌وانتزاعها من أيدي الكفار

- ‌ذكر ما افتتح طارق بن زياد من بلاد الأندلس

- ‌سنة 92 من الهجرة

- ‌فتح قُرطُبة

- ‌فتح مالقة

- ‌فتح غرناطة قاعدة البيزة

- ‌فتح مرسية

- ‌فتح طُليطُلة

- ‌فتح قَرْمُونَة

- ‌فتح إشبيلية

- ‌فتح ماردة

- ‌فتح إشبيلية ثانية

- ‌فتح لبلة

- ‌ذكر اجتماع الأمير أبي عبد الرحمن موسى بن نصير

- ‌مع مولاه طارق بن زياد على طليطلة

- ‌ذكر ما أفاء الله على فاتحي الأندلس

- ‌أخبار الأمير أبي عبد الرحمن موسى بن نصير

- ‌رحمه الله تعالى

- ‌ولاية عبد العزيز بن موسى بن نصير

- ‌ذكر ولاية أيوب بن حبيب الأندلس

- ‌ولاية الحرّ بن عبد الرحمن الثَّقفيّ

- ‌ولاية السَّمح بن مالك الخولانيّ

- ‌ولاية عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي الأندلس

- ‌ولاية عنبسة بن سُحيم الكلبي

- ‌ولاية يحيى بن سلمة الكلبي

- ‌ولاية حذيفة بن الأحوص

- ‌ولاية عثمان بن أبي نسعة

- ‌ولاية الهيثم بن عبيد الكناني

- ‌ولاية محمد بن عبد الله الأشجعي

- ‌ولاية عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي ثانية

- ‌ولاية عبد الملك بن قطن

- ‌ولاية عقبة بن الحجاج السَّلولي

- ‌ولاية عبد الملك بن قطن الفهري ثانية

- ‌ذكر ولاية بلج بن يسر القشيري الأندلس

- ‌مقتل عبد الملك بن قطن الفهري

- ‌ولاية ثعلبة بن سلامة العامليّ الأندلس

- ‌ذكر ولاية أبي الخطار

- ‌الحسام بن ضرار الكلبي الأندلس

- ‌ذكر الصميل بن حاتم وسبب الفتنة

- ‌ولاية يوسف بن عبد الرحمن الفهري الأندلس

- ‌مقتل أبي الخطَّار

- ‌تسمية من ثار على يوسف بن عبد الرحمن الفهري بالأندلس

- ‌جامع أخبار بني أمية بالمشرق

- ‌ذكر دخول عبد الرحمن بن معاوية

- ‌ابن هشام إلى الأندلس وهروبه من الشام

- ‌خلافة عبد الرحمن بن معاوية

- ‌ابن هشام بن عبد الملك

- ‌ذكر بعض أخباره على الجملة

- ‌خلافة هشام الرضي بن عبد الرحمن الداخل

- ‌ذكر بعض أخباره على الجملة

- ‌قصة الكناني مع هشام بن عبد الرحمن

- ‌خلافة الحكم بن هشام بن عبد الرحمن

- ‌مقتل أهل الربض أولا قبل هيجه ثانية

- ‌ذكر دخول الحكم طليطلة حين خالفت عليه

- ‌ذكر هيج أهل الربض ثانية في سنة 202

- ‌بعض أخباره وسيره

- ‌خلافة عبد الرحمن بن الحكم بن هشام

- ‌دخول المجوس إشبيلية في سنة 230

- ‌ذكر بعض أخباره على الجملة وسيره

- ‌خلافة محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام

- ‌وفيها كانت بالأندلس مجاعة عظيمة متوالية

- ‌بعض أخباره وسيره

- ‌بعض سيره وأخباره

- ‌خلافة عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ثورة بني حجاج بإشبيلية

- ‌أخبار عمر بن حفصون في أيام الأمير عبد الله

- ‌جملة الثُّوَّار ببلاد الأندلس في أيام الأمير عبد الله

- ‌الخارجين عن الجماعة المضرمين لنار الفتنة

- ‌شأن ابني الأمير عبد الله محمد ومطرف

- ‌شأن القاسم أخي الأمير عبد الله

- ‌صفة الإمام عبد الله بن محمد

- ‌بعض أخبار الأمير عبد الله بن محمد على الجملة

- ‌ الناصر لدين الله

- ‌خلافة أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر موت عمر بن حفصون

- ‌غزوة مطونية

- ‌غزاة الناصر لدين الله إلى بلدة

- ‌غزاة مويش

- ‌غزاة الناصر إلى بنبلونة

- ‌ذكر قتل سليمان بن حفصون

- ‌ذكر افتتاح مدينة ببشتر

- ‌مطالعة أمير المؤمنين الناصر لببشتر في الشتاء

- ‌بعض أخبار الناصر على الجملة

- ‌‌‌حكاية

- ‌حكاية

- ‌ذكر مسجد قرطبة الأعظم

- ‌ذكر بناء مدينة الزهراء بقرطبة

- ‌أعادها الله للإسلام بفضله

- ‌خلافة الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله

- ‌ذكر الحبس الذي حبس المستنصر بالله على الجامع بقرطبة

- ‌ذكر اتصال محمد بن أبي عامر بخدمة الحكم المستنصر

- ‌خلافة هشام بن الحكم

- ‌ابن عبد الرحمن الناصر والدولة العامرية

- ‌بعض أخبار المنصور محمد بن أبي عامر في ابتدائه

- ‌مقتل المغيرة بن عبد الرحمن الناصر

- ‌بعض أخبار الصقالبة مع ابن أبي عامر

- ‌غزوة محمد بن أبي عامر الأولى

- ‌ذكر نكبة الحاجب جعفر بن عثمان

- ‌غزوة ابن أبي عامر الثانية

- ‌غزوة ابن أبي عامر الثالثة

- ‌استبداد ابن أبي عامر بالملك وتغلبه عليه

- ‌ذكر تدبير عبد الرحمن بن مُطرف

- ‌مع عبد الله بن المنصور في القيام عليه

- ‌ذكر مقتل عبد الله المنصور

- ‌غزوة شنت ياقوب على سبيل الاختصار

الفصل: ‌ذكر بعض أخباره على الجملة

وأحرقت دوره. وانقطع محمد بن يوسف وحده، وانحاش إلى غياض. وأوقع الأمير ببربر نفزة؛ فأذلهم، وأذهب عاديتهم. ثم مات محمد بن يوسف بقرية ركانة من عمل طليطلة.

وفي سنة 171، قام قاسم بن عبد الرحمن الفهري، عم محمد بن يوسف أخو يوسف الفهري، وخلع الطاعة؛ فلما تحرك أمره، وجه إليه الأمير عبد الرحمن الجيوش؛ فأذعن له بالطاعة.

وفي سنة 170 المتقدمة، أمر الأمير عبد الرحمن بتأسيس المسجد الجامع بحضرة قرطبة؛ وكانت بموضعه كنيسة؛ فأنفق فيه مائة ألف بالوازنة.

وفي سنة 172، مات الإمام عبد الرحمن بن معاوية رحمه الله! - وذلك يوم الثلاثاء لست بقين من ربيع الآخر من السنة المذكورة.

‌ذكر بعض أخباره على الجملة

كان الإمام عبد الرحمن فصيحا، بليغا، حسن التوقيع، جيد الفصول، مطبوع الشعر. مما أملاه على كاتبه إلى سليمان بن الأعرابي:(أما بعد، فدعني من معاريض المعاذير، والتعسف عن جادة الطريق! لتمدن يدا إلى الطاعة، والاعتصام بحبل الجماعة، أو لألقين بنابها على رضف المعصية نكالا بما قدمت يداك! وما الله بظلام للعبيد!) .

وكتب عنه أمية بن زيد كتابا إلى بعض عماله، يستقصره فيما فرط من عمله؛ فأكثر وأطال الكتاب. فلما لحظه عبد الرحمن بن معاوية، أمر بقطعه، وكتب بخط يده:(أما بعد، فإن يكن التقصير لك مقدما، فعد الاكتفاء أن يكون لك مؤخرا. وقد علمت بما تقدمت؛ فاعتمد على أيهما أحببت!)

ص: 58

وثار عليه ثائر؛ فغزاه وظفر به. فبينا هو في الطريق، إذ نظر إلى الثائر، وهو على بغل في كبوله، وتحت الأمير عبد الرحمن فرس له؛ فلما لحقه، قنع رأسه بالقناة، وقال:(يا بغل! ماذا تحمل من الشقاق والنفاق!) فقال الثائر: (يا فرس! ماذا تحمل من العفو والإشفاق!) فقال: (والله! لا ذقت موتا على يدي!) فأطلقه.

ومن شعره البديع الرائق، ما كتب به إلى بعض من طرأ عليه من قريش؛ وكان قد استقل جرايته، واستطال بقرابته، وسأله الزيادة له والتوسعة؛ فكتب إليه بهذه الأبيات (بسيط) :

سِيَّانِ مَنْ قَام ذَا امْتعاضِ

بِمُنْتَضَى الشَّفْرَتَيْنِ نَصْلَا

فَجَابَ قَفْراً وشَقَّ بَحْراً

مُسَامِياً لُجَّةً وَمَحْلاً

فَبَزَّ مُلْكاً وشَادَ عِزًّا

ونَاثِراً للخِطَاب فَصْلاً

وَجَنَّدَ الجُنْدَ حِينَ أوْدَى

ومَصْرَ المِصْرَ حينَ أجْلَا

ثُمَّ دَعَا أَهْلَهُ جميعاً

حَيْثُ أنْتَؤوا أنْ هَلُمَّ أهْلَا

فَجَاء هذا طَريدَ جُوعٍ

شَرِيدَ سَيْفٍ أبيدَ قَتْلاً

فَنَالَ أمْناً وَنَالَ شَبْعاً

ونَالَ مالاً وحَازَ أهْلَا

وذكر أن أيا جعفر المنصور قال يوما لبعض جلسائه: (أخبروني: من صقر قريش من الملوك؟) قالوا: (ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء!) قال: (ما قلتم شيئا!) قالوا: (فمعاوية؟) قال: (لا!) قالوا: (فعبد الملك بن مروان؟) قال: (ما قلتم شيئا!) قالوا: (يا أمير المؤمنين! فمن هو؟) قال: (صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية، الذي عبر البحر، وقطع القفر، ودخل بلدا أعجميا، منفردا بنفسه؛ فمصر الأمصار، وجند الأجناد، ودون الدواوين، وأقام ملكا عظيما

ص: 59

بعد انقطاعه، بحسن تدبيره، وشدة سكيمته. إنّ معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان، وذللا له صعبه؛ وعبد الملك ببيعه أبرم عقدها؛ وأمير المؤمنين يطلب عنزته، واجتماع شيعته. وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيد برأيه، مستصحب لعزمه، وطد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور، وقتل المارقين، وأذل الجبابرة الثائرين!) فقال الجميع:(صدقت، والله، يا أمير المؤمنين!) وكان الإمام عبد الرحمن من أهل العلم، وعلى سيرة جميلة من العدل. ومن قوله رحمه الله!) يتذكر وكنه (خفيف) :

أيُّها الراكبُ المُيَمّمِ أَرْضِي

اقْرأ بَعْضَ السلامِ عَنّي لبَعْضِي

إنّ جِسْمِي كَمَا تَرَاهُ بأرْضِ

وَفُؤادِي ومَالِكيِهِ بأرْضِ

قُدْرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فافْتَرَقْنا

وطَوَى البَيْنُ عن جُفوني غَمْضِ

قدْ قَضَى اللهُ بالبِعادِ عَلَينا

فَعَسَى باقْتِرابِنا يَوْفَ يَقْضِي

وله من الشعر كثير مشهور. وذكر الرازي أن الإمام عبد الرحمن، أول نزوله بمنية الرصافة واتخاذه لها، نظر فيها إلى نخلة؛ فهاجت شجنه، وتذكر وطنه؛ فقال على البديهة (طويل) :

تَبَدَّت لَنَا وَسْطَ الرُّصافَةِ نَخْلةٌ

تَنَاءت بأرضِ الغَرْبِ عن بَلَدِ النَّخْل

فقُلتُ شَيِهي في التَغَرُّبِ والنَّوَى

وطُولِ التَّنَاءي عن بُنّيَّ وعن أهلي

نشَأتِ بأرضٍ أنتِ فيها غَريَبةٌ

فمِثْلُكِ في الإقصاء والمُنتاي مثلي

سَقَاكِ غَوَادِي المُزْنِ مِن صوبها الذي

يسحُّ ويستمرِي السِماكين بالوّبْلِ

وكان رحمه الله! - قد عقد العهد لابنيه هشام وسليمان. فولى بعده هشام، على ما أذكره.

ص: 60