المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من السلف، واحتجوا بقول ابن عمر: «لكل مطلقة متعة إلا - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ٣

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌9 - كتاب اللباس والزينة وأحكام النظر

- ‌أولًا: اللباس والزينة للرجال

- ‌ثانيًا: اللباس والزينة للنساء

- ‌لباس المرأة المسلمة

- ‌مسائل تتعلق بأحكام النظر

- ‌الزينة للمرأة المسلمة

- ‌حكم لبس العدسات الملونة للزينة والموضة

- ‌10 - كتاب الزواج ومقدماته وتوابعه

- ‌الأنكحة الفاسدة شرعًا

- ‌الصفات المطلوبة في الزوجين

- ‌الخِطْبة وأحكامها

- ‌أحكام النَّظر في الخِطبة

- ‌عقد الزواج

- ‌شروط صحة عقد النكاح

- ‌الاشتراط في عقد النكاح

- ‌الصداق (المهر)

- ‌إعلان النكاح

- ‌تعدد الزوجات

- ‌من أحكام المولود

- ‌النشوز وعلاجه

- ‌11 - كتاب الفرْق بين الزوجين

- ‌الطلاق وأحكامه

- ‌شروط الطلاق

- ‌أولًا: الشروط المتعلقة بالمطلِّق:

- ‌ثانيًا: الشروط المتعلِّقة بالمطلَّقة:

- ‌ثالثًا: الشروط المتعلقة بصيغة الطلاق:

- ‌الإشهاد على الطلاق

- ‌أنواع الطلاق

- ‌أولًا: الطلاق الرجعي والبائن

- ‌ثانيًا: الطلاق السُّنِّي والبدعي

- ‌ثالثًا: الطلاق المُنجَّز والمضاف والمعلَّق

- ‌التخييرُ في الطلاق

- ‌التوكيل أو التفويض في الطلاق

- ‌العِدَّة

- ‌الخُلْع

- ‌أركان الخلع وما يتعلق بها

- ‌الإيلاء

- ‌الظِّهَار

- ‌اللِّعان

- ‌التفريق القضائي

- ‌الحضانة

- ‌12 - كتاب المواريث

- ‌عِلْم المواريث (الفرائض)

- ‌المُستحقُّون للميراث

- ‌الحَجْبُ

الفصل: من السلف، واحتجوا بقول ابن عمر: «لكل مطلقة متعة إلا

من السلف، واحتجوا بقول ابن عمر:«لكل مطلقة متعة إلا التي طلقها ولم يدخل بها وقد فرض لها فلها نصف الصداق، ولا متعة لها» (1).

والتحقيق

أن يقال:

عموم الآيات السابقة تدل على أن المتعة واجبة لكل مطلقة، سواء كانت مدخولًا بها أو لا، وسواء كان مهرها مفروضًا أو غير مفروض، لكن ينبغي التنبُّه إلى أن ما تستحقه المطلقة قبل الدخول من المتعة ليس أمرًا زائدًا على نصف المهر المنصوص عليه، فمتعتها هي نصف المهر لا غيره.

فإن الله تعالى أوجب للمطلقات قبل الدخول متعة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ

} (2). وهذه المتعة أعم من أن تكون مقدَّرة أو غير مقدَّرة، وقد فصَّلَت هذا العموم آيات البقرة، فجعلت لمن سُمِّي لها

مهر نصف المهر إذا طلقت قبل الدخول، أما التي لم يُسمَّ لها مهر فلها متعة غير مقدَّرة، قال تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن

عقدة النكاح} (3)(4).

قلت: وهذا قول الجمهور، وهو عين ما قاله ابن عمر رضي الله عنه، والله أعلم.

‌الخُلْع

تعريف الخلع:

الخُلعُ لغةً: هو النزع والتجريد، يقال: خلع الثوب والرداء يخلعه خلعًا: جرَّده، والخُلع - بالضم -: اسم من الخلع، والمرأة لباس الرجل مجازًا.

والخُلع اصطلاحًا تعددت عبارات الفقهاء في تعريفه، وخلاصة هذه التعريفات أنه:«وقوع الفُرقة بين الزوجين بتراضيهما، وبعوض تدفعه الزوجة لزوجها» (5).

مشروعيته:

والأصل في مشروعيته الخلع:

(1) إسناده صحيح: أخرجه الطبري في «تفسيره» (5/ 126).

(2)

سورة الأحزاب: 49.

(3)

سورة البقرة: 236، 237.

(4)

أفاده الدكتور عمر الأشقر - حفظه الله - في «أحكام الزواج» (ص 272 - 273).

(5)

«المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم» د. عبد الكريم زيدان (8/ 114).

ص: 340

1 -

قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} (1).

2 -

حديث ابن عباس قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنفقتم على ثابت في دين ولا خُلق، إلا أني أخاف الكفر (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتردِّين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فردَّت عليه وأمره ففارقها» (3).

3 -

وقد أجمع العلماء لا خلاف بينهم - إلا بكر بن عبد الله المزني - في مشروعية الخلع (4).

حكمة مشروعيته (5):

قال الله تعالى: {ولا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَاّ أَن يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ

} (6).

فتشريع الخُلع هو للتوقِّي من تعدِّي حدود الله التي حدَّها للزوجين من حسن المعاشرة، وقيام كل منهما بما عليه من حقوق الآخر، مع ملاحظة المماثلة في الحقوق وقيام الزوجة بما تستدعيه وتستلزمه قوامة الرجل على المرأة، وما يلزمها من قيام بأمور البيت وتربية الأولاد وعدم المُضارَّة.

وتشريع الخلع هو في المقام الأول لإزالة الضرر عن الزوجة بسبب بقاء النكاح بينها وبينه، لبغضها له، أو لعدم قيامه بحقوقها.

ثم هو في المقام الثاني لمصلحة الزوج ودفع الضرر عنه، وإنما جُعلت مصلحة الزوج في المقام الثاني، لأنه يستطيع التخلص من ضرر بقاء رابطة الزوجية بإرادته المنفردة - بالطلاق - دون توقف على رضا وموافقة الزوجة.

الحكم التكليفي للخُلع:

الخُلع على ثلاثة أَضْرُب:

(1) سورة البقرة: 229.

(2)

يحتمل أنها تريد بالكفر كفران العشير إذ هو تقصير المرأة في حق زوجها.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري (5276)، وأبو داود (2229)، وابن ماجة (2056).

(4)

«المغني» (7/ 52)، و «الفتح» (9/ 315).

(5)

«تفسير المنار» (2/ 388)، و «المفصَّل» (8/ 125).

(6)

سورة البقرة: 229.

ص: 341

[1]

مُباح: وهو أن تكره المرأة البقاء مع زوجها لبغضها إياه، وتخاف ألا تؤدي حقَّه، ولا تقيم حدود الله في طاعته، فلها أن تفتدي نفسها منه، لقوله تعالى:{فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح علهما فيما افتدت به} (1).

ولحديث ابن عباس - المتقدم قريبًا - قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فردَّت عليه، وأمره ففارقها» (2).

ولأن حاجتها داعية إلى فرقته، ولا تصل إلى الفرقة إلا ببذل العِوَض فأبيح لها ذلك.

ويستثنى من ذلك ما لو كان الزوج له ميل إليها ومحبة فحينئذٍ يستحب صبرها وعدم افتدائها (3).

[2]

مُحَرَّم: وله حالتان، إحداهما من جانب الزوجة والأخرى من جانب الزوج:

(أ) فأما من جانب الزوجة: فكما إذا خالعته من غير سبب مع استقامة الحال بينهما لظاهر قوله تعالى: {ولا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَاّ أَن يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (4).

ولحديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة» (5).

وفي الباب عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المختلعات هُنَّ المنافقات» (6). وهو ضعيف.

(1) سورة البقرة: 229.

(2)

صحيح: تقدم قريبًا.

(3)

«ابن عابدين» (3/ 441)، و «المجموع» (16/ 3)، و «المغني» (7/ 51 - 54)، و «المحلي» (10/ 235).

(4)

سورة البقرة: 229.

(5)

إسناده ظاهر الصحة. أخرجه أبو داود (2226)، وابن ماجة (2055)، وأحمد (5/ 283) وفي سنده اختلاف قد يعلُّ به الحديث، وانظر «جامع أحكام النساء» لشيخنا - حفظه الله - (4/ 172).

(6)

ضعيف: أخرجه النسائي (6/ 168) وغيره، والحسن لم يسمع أبا هريرة كما قال أهل الشأن، وللحديث طرق ضعيفة، صححه بها العلامة الألباني فأودعه في «صحيح الجامع» (1934).

ص: 342

(ب) وأما من جانب الزوج: فكما إذا عضل الرجل زوجته بأذاه لها ومنعها حقها ظلمًا لتفتدي نفسها منه، لقوله تعالى:{ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن} (1).

فإن فارقها - في هذه الحالة - بعوض لم يستحقَّه؛ لأنه عوض أكرهت على بذله بغير حق فلم يستحقه.

لكن إن زنت فعضلها لتفتدي نفسها منه جاز وصحَّ الخلع لقوله تعالى: {لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلَاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} (2). والاستثناء من النهي إباحة.

وإن ضربها لغير قصد أخذ شيء منها فخالعته لذلك صحَّ الخُلع، لأنه لم يعضلها ليأخذ مما آتاها شيئًا (3).

[3]

مُستحَبٌّ: ويكون طلب الزوجة للخلع من زوجها مستحبًّا إذا كان مفرِّطًا في حقوق الله تعالى - عند الحنابلة (4) - قلت: وربما يكون واجبًا في بعض الحالات كأن يكون الزوج مُصرًّا على ترك

الصلاة (5) بالرغم من تذكيرها له بلزوم ما فرض الله عليه، وكأن يكون مدمنًا لتعاطي المخدرات ونحوها أو مرتكبًا للكبائر، أو كان يأمرها بالمحرمات ونحوها.

«وهكذا الحكم فيما لو كان الزوج متلبِّسًا باعتقاد أو فعل يخرجه من الإسلام ويجعله مرتدًا، ولا تستطيع المرأة إثبات ذلك أمام القضاء ليحكم بالتفريق، أو تستطيع إثبات ذلك ولكن القاضي لا يحكم بردَّته ولا يحكم بوجوب التفريق، فعليها في هذه الحالة أن تطلب من هذا الزوج أن يخالعها ولو على مال تدفعه له، لأنه لا ينبغي للمسلمة أن تكون زوجة لمثل هذا الرجل المتلبِّس بما يكفر به اعتقادًا أو فعلًا» اهـ (6).

(1) سورة النساء: 19.

(2)

سورة النساء: 19.

(3)

«ابن عابدين» (3/ 445)، و «الكافي» لابن عبد البر (2/ 593)، و «الأم» (5/ 178)، و «الجمل» (4/ 292)، و «المغني» (7/ 54 - 56)، و» الإنصاف» (8/ 383).

(4)

«غاية المنتهى» (3/ 112).

(5)

فإنه قد حصل الخلاف في كفر تاركها عمدًا على ما تقدم في «الصلاة» .

(6)

«المفصَّل في أحكام المرأة» (8/ 122).

ص: 343

حقيقة الخُلع (التكييف الفقهي للخُلع):

اتفق جمهور العلماء على أن الخلع إذا كان بلفظ الطلاق أو نيَّته فإنه يقع طلاقًا.

وإنما الخلاف بينهم في وقوعه بغير لفظ الطلاق ولم ينو به صريح الطلاق أو كنايته، وكان المراد الفداء لأجل المخالعة، على قولين:

الأول: الخُلع طلقة بائنة:

وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي - في الجديد - ورواية عن أحمد وابن حزم - إلا أنه قال: طلقة رجعية - وبه قال عطاء والنخعي والشعبي والزهري والأوزاعي والثوري، وهو مروي عن عثمان وعليٍّ وابن مسعود رضي الله عنهم (1) - ولا يثبت عن أحد من الصحابة ذلك - وحجة هذا القول ما يلي:

1 -

ما ورد في بعض طرق حديث ابن عباس - في قصة امرأة ثابت بن قيس - وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لثابت: «اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة» (2) وأجيب: بأن الحديث بهذا اللفظ مرسل كما أشار البخاري، والطرق الصحيحة الموصولة ليس فيها ذكر التطليق!!

2 -

ما ورد في بعض طرق الحديث السابق عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة» (3).

وأجيب: بأنه ضعيف، فلا يحتج به.

3 -

ما روُي أن أم بكرة الأسلمية كانت تحت عبد الله بن أُسيد واختلعت منه، فندما، فارتفعا إلى عثمان بن عفان، فأجاز ذلك، وقال:«هي واحدة إلا أن تكون سمَّت شيئًا فهو على ما سمَّت» (4) وأجيب: بأن هذا لا يثبت عن عثمان، بل

(1)«ابن عابدين» (3/ 444)، و «الكافي» (2/ 593)، و «الأم» (5/ 181)، و «روضة الطالبين» (7/ 375)، و «المغني» (7/ 56)، و «الإنصاف» (8/ 392)، و «المحلي» (10/ 238).

(2)

أخرجه البخاري (5273)، والبيهقي (7/ 313) من طريق أزهر بن جميل، وقد أشار البخاري إلى إرساله فقال عقبه:«لا يتابع فيه عن ابن عباس» قلت: اللفظ الثابت هو الذي تقدم قريبًا.

(3)

ضعيف: أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 316) وفي سنده عباد بن كثير: ضعيف.

(4)

ضعيف: أخرجه الشافعي (165 - شفاء العي)، والبيهقي (3/ 231) وضعفه أحمد كما في «التلخيص» (3/ 231).

ص: 344

الثابت عنه أنه لا يرى عليها العدة وأنها تستبرئ بحيضة - كما سيأتي - فلو كان عنده طلاقًا لأوجب فيه العدة!!

4 -

ما رُوي عن ابن مسعود أنه قال: «لا تكون تطليقة بائنة إلا في فدية أو إيلاء» (1).

وأجيب: بأنه ضعيف، ولو صحَّ فإنه يدلُّ على أن الطلقة في الخلع تقع بائنة، لا أن الخلع يكون طلاقًا بائنًا، وبين الأمرين فرق ظاهر.

5 -

ما رُوي عن عليِّ بن أبي طالب أن الخلع طلاق، وأجيب: بأنه ضعيف كذلك، قال ابن حزم: روينا من طريق لا يصح عن عليٍّ رضي الله عنه. اهـ.

ولذا قال شيخ الإسلام (32/ 289): وما علمتُ أحدًا من أهل العلم صحح ما نُقل عن الصحابة من أنه طلاق بائن محسوب من الثلاث. اهـ.

وقال ابن خزيمة - كما في «التخليص الحبير» (3/ 231) -: «إنه لا يثبت عن أحد أنه رأى الخلع طلاق» اهـ.

6 -

أن الفرقة؟؟؟؟ ص 345 هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون طلاقًا، ولأنه أتى بكناية الطلاق قاصدًا قراءتها فكان طلاقًا كغير الخلع من كنايات الطلاق.

القول الثاني: الخُلع فسخ وليس بطلاق:

وهو القول القديم للشافعي والرواية المشهورة عن أحمد، وبه قال إسحاق وأبو ثور وداود، وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنه وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم (2)، واحتجوا بما يلي:

1 -

قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف

وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون} (3).

قالوا: فذكر الله الطلاق مرتين ثم ذكر الخلع بقوله: {فلا جناح عليهما فيما

(1) ضعيف.

(2)

«المغني» (7/ 56)، و «الإنصاف» (8/ 392)، و «روضة الطالبين» (7/ 375)، و «المحلي» (10/ 238)، و «معالم السنن» (3/ 143)، و «مجموع الفتاوى» (32/ 289 - وما بعدها)، و «زاد المعاد» (5/ 197)، و «جامع أحكام النساء» (4/ 160 - وما بعدها).

(3)

سورة البقرة: 229، 230.

ص: 345

افتدت به} ثم قال سبحانه: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره} (1) فلو كان الخلع طلاقًا لكان عدد التطليقات أربعًا.

وهذا هو فهم ابن عباس للآية الكريمة: فقد سئل عن رجل طلَّق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه، أيتزوجها؟ قال ابن عباس:«ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق، ينكحها» (2) وقد أجيب عن الآية: بأن الله تعالى ذكر التطليقة الثالثة بعوض وبغير عوض، وبهذا لا يصير الطلاق أربعًا.

2 -

وعن عكرمة عن ابن عباس قال: «ما أجازه المال فليس بطلاق» (3).

3 -

حديث الربيِّع بنت معوَّذ قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألته: ماذا عَلَيَّ من العدَّة؟ فقال: «لا عدة عليك إلا أن تكوني حديثة عهد به فتمكثي حتى تحيضي حيضة» قال: «وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فاختلعت منه» (4).

وقد رُوي عن ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدَّتها حيضة» (5) وفيه ضعف.

ووجه الدلالة منهما: أن الخلع لو كان طلاقًا لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على الأمر بالاعتداد بحيضة، وهذا أقوى أدلة هذا القول.

الراجح: والذي يظهر أن كون الخُلع فسخًا لا طلاقًا هو الأقوى، والله أعلم.

ثمرة الخلاف السابق وأثره:

يتفرَّع على القول بأن الخُلع فسخٌ وليس بطلاق، ألا يُحسب من التطليقات الثلاث، فلو خالعها بعد تطليقتين فله أن يتزوَّجها، حتى وإن خالعها مائة مرة.

(1) سورة البقرة: 229، 230.

(2)

إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (6/ 487)، وسعيد بن منصور (1455)، والبيهقي (7/ 316).

(3)

إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (11768).

(4)

صحيح لطرقه: أخرجه النسائي (6/ 186)، وابن ماجة (2058) وله طرق وشواهد.

(5)

ضعيف: أخرجه أبو داود (2229)، واختلف في وصله وإرساله، وفيه عمرو بن مسلم: ضعيف.

ص: 346