الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
لباس المرأة وزينتها أمام زوجها:
لكل واحد من الزوجين أن ينظر إلى جميع بدن الآخر من غير كراهة، سواء كان ذلك بشهوة أو بغير شهوة، وسواء في ذلك الفرج وغيره، وهذا قول جمهور العلماء، ومما يدل على ذلك:
1 -
قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} (1).
والآية تدل على أن ما فوق النظر -وهو المس والغشيان- حلال بينهما، وبما أنه أبيح للزوج الاستمتاع به فمن باب أولى أن يباح له النظر إليه ولمسه كبقية البدن (2).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من قدح يقال له: الفَرَق"(3).
وهو دليل على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه (4).
3 -
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك"(5).
فالحاصل: أنه لا حد لعورة أحد الزوجين أمام الآخر، فتلبس المرأة ما شاءت لزوجها وتخلع ما شاءت، وتزين له بكل أنواع الزينة المباحة شرعًا، والتي سوف نتناولها بالتفصيل قريبًا، إن شاء الله.
مسائل تتعلق بأحكام النظر
(6)
1 -
نظر الرجال -غير المحارم- إلى المرأة:
يحرم على الرجال النظر إلى النساء لغير ضرورة، وقد أمر الشارع بغض البصر.
(1) سورة المعارج: 29، 30.
(2)
المبسوط (10/ 148)، والمحلي (10/ 33).
(3)
البخاري (250)، ومسلم (319).
(4)
فتح الباري (1/ 364).
(5)
أبو داود (4017)، والترمذي (2769)، وابن ماجة (1920) بسند حسن.
(6)
تقدم طرف من مسائل النظر فيما مضى.
1 -
قال الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بنا يصنعون} (1).
قال ابن القيم (2)، رحمه الله:"لما كان غض البصر أصلًا لحفظ الفرج بدأ بذكره، ولما كان تحريمه تحريم الوسائل، فيباح للمصلحة الراجحة، ويحرم إذا خيف منه الفساد، ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة، لم يأمر سبحانه بغضه مطلقًا، بل أمر بالغض منه، وأما حفظ الفرج فواجب بكل حال لا يباح إلا بحقه فلذلك عم الأمر بحفظه" اهـ.
2 -
وعن ابن عباس قال: "كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر"(3). وهذا منه صلى الله عليه وسلم منع وإنكار بالفعل.
3 -
وعن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة "فأمرني أن أصرف بصري"(4).
4 -
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "يا عليُّ، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة"(5).
* نظر الرجل إلى المرأة يباح للمصلحة الراجحة:
قد تقرر أن نظر الرجل للمرأة -والعكس- قد حرم لأنه وسيلة وذريعة إلى الفاحشة، وما كان تحريمه تحريم الوسائل فإنه يباح للمصلحة الراجحة، والأص في هذا الحديث عليٌّ في قصة بعث النبي صلى الله عليه وسلم له وللزبير ولأبي مرثد، لإدراك المرأة المشركة التي كان معها صحيفة حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين وفيه: "
…
قلت: لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يُحلف به، لتخرجن الكتاب أو
(1) سورة النور: 30.
(2)
«روضة المحبين» (ص 92).
(3)
البخاري (6228)، ومسلم (1218) وقد تقدم.
(4)
مسلم (2159)، وأبو داود (2148)، والترمذي (2776).
(5)
الترمذي (2777)، وأبو داود (2149)، وأحمد (1377)، وسنده حسن لغيره.
لأجردنك، قال فلما رأت الجد مني أهوت بيدها إلى حُجزتها فأخرجت الكتاب
…
الحديث" (1).
قال الحافظ في "الفتح"(11/ 47): "في الحديث أنه يجوز النظر إلى عورة المرأة للضرورة التي لا يجد بدًا من النظر إليها" اهـ.
وقلت: ومن المواطن التي يباح فيها النظر إلى المرأة:
1 -
الخطبة: وقد اتفق العلماء على إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد أن يتزوجها.
"والحكمة في ذلك أن يكون الزوج على رؤية، وأن يكون أبعد من الندم الذي يلزمه إن اقتحم في النكاح ولم يوافقه فلم يُرْده، وأسهل للتلافي إن رد، وأن يكون تزوجها على شوق ونشاط إن وافقه. والرجل الحكيم لا يلج مولجًا حتى يتبين خيره وشره قبل ولوجه"(2).
وسيأتي مزيد بيان لأحكام الخطبة وأدلة النظر حدوده وضوابطه، في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
2 -
النظر للعلاج:
الأصل أنه لا يطبب المرأة إلا المرأة، لكن لا خلاف بين العلماء أنه يجوز للرجل أن يطبب المرأة وينظر إلى موضع المرض منها عند الحاجة، وضمن ضوابط معينة.
والأصل في هذا أنه جاز للمرأة الأجنبية أن تعالج الرجل عند الضرورة فذلك العكس، فعن الربيع بن معوِّذ قالت:"كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة"(3).
لكن لا ينبغي التوسع في هذا الأمر -كما هو مشاهد في هذه الأيام- فلجواز نظر الطبيب إلى المرأة المريضة ضوابط ذكرها العلماء ومن ذلك (4):
1 -
يشترط تقديم الطبيبة في معالجة المرأة على الطبيب -إذا وجدت- وخاصة إذا كان الكشف في مواطن العورة المغلظة، فإن لم توجد طبيبة أو لم يمكن الوصول إليها، فحينئذ تكون الضرورة.
(1) البخاري (3081)، ومسلم (2494).
(2)
حجة الله البالغة (2/ 124).
(3)
صحيح البخاري (2883).
(4)
انظر «أحكام العورة والنظر» لمساعد الفالح (ص 344 وما بعدها).
2 -
أن يكون الطبيب أمينًا غير متهم في خلقه ودينه.
3 -
ألا يخلو الطبيب بالمرأة إلا في وجود محرم أو امرأة ثقة.
4 -
ألا يتجاوز الطبيب الحد الكافي لدفع الضرورة من نظر وكشف ولمس وغيرها من دواعي العلاج، وعليه عند الكشف على المرأة أن يستر جميع ما لا يحتاج إلى النظر إليه من جسمها، ويكتفي فقط بالنظر إلى موضع العلاج.
5 -
أن تكون الحاجة إلى العلاج ماسة كمرض أو وجع لا يحتمل، أو هزال يخشى منه، أما إذا لم يكن مرض أو ضرورة للمداواة فلا يجوز قطعًا كالتي تتعاين عند الطبيب لتحسين صحتها أو لتخفيف وزنها أو لتجميل جسمها، فإن هذا ليس بموضع حاجة.
3 -
النظر من القاضي والشاهد:
نظر القاضي والشاهد إلى المرأة من الحالات المستثناة ضرورة، وهو ما إذا دُعي الرجل إلى الشهادة لها أو عليها، أو كان حاكمًا ينظر ليوجه الحكم عليها بإقرارها أو بشهادة الشهود على معرفتها، لأنه لا يجد بدًا من النظر في هذا الموضع، والضرورات تبيح المحظورات (1).
ولو عرفها الشاهد في النقاب لم يحتج للكشف إلى فإن الضروروة تقدر بقدرها.
4 -
النظر للمعاملة كالبيع والشراء:
قد تقضي الضرورة تمييز المرأة ومعرفتها من غيرها عند البيع والشراء أو غيرهما ليرجع المتعامل بالعهدة ويطالب بالثمن مثلًا، فقد نص الفقهاء على جواز النظر للمرأة من أجل المعاملة.
قال النووي: "ويجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية عند الشهادة وعند البيع منها والشراء، ويجوز لها أن تنظر إلى وجهه كذلك"(2).
* استئذان الرجل للدخول على المحارم:
تقدم تحديد عورة المرأة أمام محارمها، وأن المرأة لا تؤمر بالحجاب أمام هؤلاء المحارم.
لكن لا ينبغي أن يدخل الرجال على محارمهم بدون استئذان، لأنه قد يدخل على محرمه فيراها في هيئة يكرهها كأن تكون عريانة أو نحو ذلك.
فعن علقمة قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال: أأستأذن على أمي؟ قال: ما على كل أحيانها تحب أن تراها (1).
وعن عطاء قال: سألت ابن عباس فقلت: أستأذن على أختي؟ فقال: نعم، فأعدت فقلت: أختان في حجري وأنا أمونهما وأنفق عليهما أستأذن عليهما؟ قال: نعم، أتحب أن تراهما عريانتين؟!
* يحرم على الرجل الخلوة بالمرأة الأجنبية:
فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"(4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما"(5).
* فإن دخل رجلان أو ثلاثة ممن يبعد تواطؤهم على الفاحشة على امرأة جاز:
لحديث عبد الله بن عمرو "أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق -وهي تحته يومئذ- فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "لم أر إلا خيرًا" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد برّأها من ذلك" ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وقال: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة (6) إلا ومعه رجل أو اثنان" (7).
* يجوز للرجل عيادة المرأة المريضة بشرط التستر وأمن الفتنة:
فعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب، فقال: "مالك
(1) البخاري في «الأدب المفرد» (1059) بسند صحيح.
(2)
سورة النور: 58.
(3)
البخاري في «الأدب المفرد» (1063) بسند صحيح.
(4)
البخاري (3006)، ومسلم (1341).
(5)
أحمد في «المسند» (1/ 18) بسند صحيح.
(6)
المغيبة هي المرأة التي غاب عنها زوجها.
(7)
صحيح مسلم (2173).
يا أم السائب تزفزفين؟ " قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: "لا تسبي الحُمَّى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد" (1).
2 -
نظر المرأة إلى الرجال غير المحارم:
نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي، إن كان بشهوة فحرام بالاتفاق، وإن كان بغير شهوة ولا مخافة فتنة ففي جواز ذلك وجهان (2):
والراجح أن للمرأة أن تنظر إلى ما سوى ما بين السرة إلى الركبة من الرجل إذا أمنت الفتنة (3) ويؤيد هذا:
-حديث عائشة قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا على باب حُجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم"(4).
والحديث ظاهر الدلالة في جواز نظر المرأة إلى للرجال.
- ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: "اذهبي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده"(5).
وهذا دليل على أن المرأة يجوز لها أن تطلع من الرجل على ما لا يجوز للرجل أنه يطلع عليه من المرأة وأما العورة فلا (6).
وعلى هذا تكون هذه الأدلة مخصصة لقوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} (7).
لكن جواز النظر إلى الرجال مشروط بما لم يكن بشهوة مع أمن الفتنة، ووجود الحاجة، فلا يعني هذا جواز اختلاط المرأة بالأجانب وتبادل النظر والحديث معهم لغير حاجة والله أعلم.
* يجوز للمرأة عيادة الرجل المريض بشرط التستر وأمن الفتنة:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وُعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما قلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدُك؟
…
" (8).
(1) صحيح مسلم (2575).
(2)
شرح مسلم للنووي (6/ 184).
(3)
المبسوط (10/ 148) وبدائع الصنائع (5/ 122).
(4)
البخاري (455)، ومسلم (892).
(5)
صحيح مسلم (1480).
(6)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/ 228).
(7)
سورة النور: 31.
(8)
البخاري (3926)، ومسلم (1376) واللفظ للبخاري.
* ويجوز للمرأة أن تعالج الرجل عند الضرورة:
لما تقدم من حديث الرُّبيع بنت معوذ قالت: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي ونداوي الجرحى ونردُّ القتلى إلى المدينة"(1).
لكن يشترط ألا يكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بمثل هذه المعالجة، والله أعلم.
* لا يجوز للمرأة مصافحة الرجل الأجنبي:
فعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحلُّ له"(2).
ولذلك لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافح النساء ولا يبايعهن إلا كلامًا.
فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للمرأة المُبايعة: "قد بايعتك كلامًا" وقالت: ولا والله ما مسَّت يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله:"قد بايعتك على ذلك"(3).
وفي رواية أنه قال لهن: "إني لا أصافح النساء
…
" (4).
* أما تسليم النساء على الرجال -وعكسه- من غير مصافحة فجائز:
فعن أم هانئ قالت: "ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه،
…
" الحديث (5).
ففي الحديث جواز تسليم المرأة على الرجل من غير مصافحة، ومحله إذا أمنت الفتنة.
وكذلك يجوز للرجل السلام على النساء -دون مصافحة-: فعن أسماء بنت يزيد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ في المسجد يومًا، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم"(6).
(1) صحيح البخاري (2883).
(2)
الطبراني في «الكبير» (20/ 211) بسند حسن، وانظر السلسة الصحيحة (226).
(3)
صحيح البخاري (2713).
(4)
موطأ مالك (1842)، وأحمد (6/ 357)، والترمذي (1597)، والنسائي (4181)، وابن ماجة (2874).
(5)
البخاري (3171)، ومسلم (336).
(6)
الترمذي (2697)، وأبو داود (5204)، وابن ماجة (3701)، وحسنَّه شيخنا - حفظه الله - في «جامع أحكام النساء» (4/ 318).