الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* يجوز تكليم النساء للرجال -بضوابطه الشرعية- إذا أمنت الفتنة:
ومحل هذا التكليم الضرورة والحاجة، والانضباط بالضوابط الشرعية، فلا يكون فيه خضوع بالقول، ولين وتميُّع، لقوله تعالى:{فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولًا معروفًا} (1).
ومما يدل على الجواز، قوله تعالى:{وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب} (2).
وقوله تعالى في تكليم موسى عليه السلام للمرأتين بمدين: {ووجد من دونهم امرأتين تزودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير* فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير* فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} (3).
وفي الباب عدة أحاديث نذكر منها: حديث أنس قال: "لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه، فقالت فاطمة: واكرب أباه، فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم"
…
فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟! " (4).
* تكليم الرجل في التليفون للحاجة:
وعلى ما تقدم فيجوز للمرأة أن تكلم الرجل الأجنبي في التليفون للحاجة، على أن يقيد هذا بالضوابط الشرعية.
"أما إذا كان التليفون سيحدث بينهما جوًّا مشابهًا لجو الخلوة التي نهينا عنها شرعًا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان" وكانت ستتمكن هي وهو من الحديث الذي يجرهما إلى محرم فترك ذلك متعين، والله أعلم"(5).
الزينة للمرأة المسلمة
(6)
تقدم أن المرأة لا يجوز لها أن تبدي لزوجها أو محارمها أو النساء أو من تقدم ذكره قريبًا ممن يجوز لها إبداء الزينة له.
(1) سورة الأحزاب: 32.
(2)
سورة الأحزاب: 53.
(3)
سورة القصص: 23 - 25.
(4)
صحيح البخاري (4462).
(5)
من كلام شيخنا - حفظه الله - في «جامع أحكام النساء» (4/ 366).
(6)
انظر «جامع أحكام النساء» لشيخنا، و «أحكام الزينة للنساء» لعمرو عبد المنعم.
وبقي أن يُعلم هنا أمران:
الأول: أن الزينة التي تبديها المرأة لهؤلاء تتفاوت وتختلف، فما تبديه لزوجها غير ما تبديه لأبيها وأخيها، وما تبديه من الزينة لهما غير الذي تبديه لزوج أمها وهكذا، وهذا أمر ظاهر.
الثاني: أن التزين للزوج له حدود، فليس الأمر فيه مطلقًا، فلا يجوز التزين للزوج بما هو محرم، أو بما فيه تشبه بالرجال، أو بما يغير خلق الله، أو بما هو خاص بزينة الكافرات وهكذا مما سيتضح فيما يأتي.
والآن: ما هي أنواع الزينة التي تتزين بها النساء، وما هو المشروع منها وما هو غير المشروع، وما هي بعض آداب ذلك؟
فأقول: إليك طرفًا من أنواع زينة النساء:
1 -
زينة الشَّعر:
يستحب الاعتناء بالشعر وتمشيطه وتدهينه وغسله ونحو ذلك لكي تظهرالمرأة أمام زوجها بمظهر يسرُّه، ولا شك أن إدخال السرور على الزوج أمر مطلوب شرعًا، فلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير النساء قال:"الذي تطيعه إذا أمر، وتسره إذا نظر، وتحفظه في نفسها وماله"(1).
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه إذا رجعوا من سفر أن يدخلوا على نسائهم ليلًا خشية أن يرى الرجل زوجه بمنظر قبيح، فكان صلى الله عليه وسلم يقول:"أمهلوا حتى لا ندخل ليلًا، كي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة"(2).
والشعثة: التي اغبر وتوسخ شعر رأسها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان له شعر فليكرمه"(3).
* ومن آداب الترجل (تمشيط الشعر):
1 -
البدء بالشق الأيمن من الرأس:
لحديث عائشة الذي تقدم: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره وتنعله وترجله"(4).
(1) النسائي (6/ 68) بسند صحيح.
(2)
البخاري (579)، ومسلم (715).
(3)
أبو داود (4163) بسند حسن.
(4)
تقدم قريبًا.
2 -
تدهين الشعر وتسكينه بالماء إذا كان ثائرًا:
لقوله صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجل الأشعث: "أما كان يجد ما يسكن به به شعره؟! "(1).
* لا يجوز وصل الشعر (لبس الباروكة):
فعن أسماء: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة"(2).
والواصلة: التي تصل شعر المرأة بشعر آخر.
والمستوصلة: التي تطلب من يفعل بها ذلك، ومن هذا لبس "الباروكة" وهذا حرام على المرأة حتى وإن تساقط شعرها.
لما في الرواية الأخرى عن أسماء: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرَّق رأسها (أي تساقط شعرها) وزوجها يستحثني بها، أفأصل رأسها؟ فسبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة (3).
وعن معاوية بن أبي سفيان أنه تناول قُصَّة من شعر كانت بيد حَرَسيٌ فقال: أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول:"إنما هلكت بنو إسرائيل حيث اتخذ هذه نساؤهم"(4).
فالحاصل أنه لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر آخر (كلبس الباروكة) سواء كان ذلك للزوج أو لغيره فإنه حرام.
* هل يجوز وصل الشعر بخيط الحرير أو الصوف ونحو ذلك، مما ليس بشعر؟
الراجح من قولي العلماء أنه يجوز للمرأة أن تصل شعرها بخيوط الحرير أو الصوف أو القماش، مما لا يشبه الشعر، فإن هذا ليس بوصل ولا في معنى مقصود الوصل وإنما هو للتجمل والتحسين (5) والله أعلم.
* الاستحداد ونتف الإبط من سنن الفطرة:
الاستحداد: هو حلق العانة (وهي: الشعر النابت حول الفرج) ويستحب
(1) أبو داود (4062)، والنسائي (8/ 183) بسند صحيح.
(2)
البخاري (5936)، ومسلم (2122).
(3)
البخاري (5935)، ومسلم (2122).
(4)
البخاري (5933)، ومسلم (2127).
(5)
نقله النووي عن القاضي عياض، وذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل رحمه الله.
للمرأة أن تتعاهد إزالة شعر العانة والإبط، فإن ذلك من سنن الفطرة المندوب إلى فعلها.
ويكره للمرأة -وللرجل كذلك- أن تتركه حتى يطول لكونه مظنة لتجمع الأوساخ ومنبعًا للرائحة الكريهة التي ينفر منها كل من الزوجين.
ولذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم ألا يترك هذا الشعر أكثر من أربعين ليلة: فعن أنس قال: "وُقِّت لنا في الشارب، وتقليم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة"(1).
* النمص حرام:
النمص: قيل هو إزالة الشعر من الوجه مطلقًا.
وقيل هو إزالة شعر الحاجب وترقيقه خاصة دون سائر الوجه وهذا الثاني هو المنقول عن عائشة، وهي أعلم بمثل هذا من غيرها.
والنمص حرام سواء كان للزوج أو لغيره، بإذن الزوج أو بدونه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم:"لعن النامصة والمتنمصة"(2).
لما في هذا الفعل من تغيير لخلق الله، فهذا حرام على الفاعلة له والمفعول بها.
ورغم هذا اللعن من الله ورسوله لمن تفعل ذلك نجد هذا الأمر -مع الأسف الشديد- فاشيًا في نساء المسلمين -بل وفي بعض المحجبات- حتى إنه ليُنكر على من لا تتعاطاه ويُسخر منها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* إذا ظهر للمرأة شعر شارب أو لحية فإنها تزيله:
ففي بعض الحالات -غير الطبيعية- ينبت للمرأة شعر شارب أو لحية حتى يفحش فحينئذٍ ينبغي عليها أن تزيله، فإن هذا إعادة للخلقة إلى أصلها وليس تغييرًا لها.
2 -
الزينة في الأسنان:
حث الإسلام على العناية بالأسنان، فندب إلى استعمال السواك:
(1) مسلم (258)، وأبو داود (420)، والترمذي (2759)، والنسائي (1/ 15)، وابن ماجة (295).
(2)
البخاري (5948)، ومسلم (2125) وغيرهما.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء، وبالسواك عند كل صلاة"(1).
* لا يجوز تفليج الأسنان:
والتفليج: هو مباعدة الأسنان بعضها عن بعض إظهارًا لصغر السن وحسن الأسنان، وهذا الفعل لغير التطبب حرام لما فيه من تغيير خلق الله والتدليس والتلبيس، ولذا:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله"(2).
فإذا فُعل هذا لغرض التطبب جاز، وكذلك يجوز شد الأسنان بالذهب إذا خشي عليها التساقط، وزرع الأسنان والأضراس، فكل هذا مباح للضرورة (3) والله أعلم.
* زينة الطيب (استعمال العطور):
الطيب من مظاهر الزينة المباحة للنساء، فتتطيب المرأة لزوجها بما شاءت من الطيب. فقد تقدم -في الجنائز- حديث زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث
…
" (4).
* يجوز تطيب المرأة بطيب الرجال والعكس:
فقد جاء في حديث عائشة المتقدم -في الحيض- اتباع الدم بفرصة مسك، وهو من عطور الرجال.
وجاء في حديث أبي سعيد استحباب تطيب الرجل يوم الجمعة "ولو من طيب المرأة"(5).
* استعمال العطور المحتوية على الكحول (الكولونيا)(6):
أكثر الروائح العطرية المعروفة بـ (الكولونيا أو البارفان) تحتوي على مادة
(1) البخاري (887)، ومسلم (252) واللفظ له.
(2)
البخاري (4886)، ومسلم (2125).
(3)
المغني (3/ 15، 16).
(4)
البخاري (5334)، ومسلم (1486).
(5)
صحيح مسلم (846)، والنسائي (1375)، وأبو داود (344).
(6)
انظر: «أضواء البيان» (1/ 324)، و «فتاوى اللجنة الدائمة» (ص: 150) جمع صفوت الشوادفي رحمه الله.
الكحول (الإيثيلي) وقد ثبت بقول أهل الخبرة من الأطباء أنها مسكرة، وعلى هذا فلا يجوز استعمالها في الطيب لأمرين:
1 -
أن الله تعالى قال: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} (1).
فسمَّى الله تعالى الخمر (وهي كل مسكر) رجسًا وأمر باجتنابها وهذا يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المسكر، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الخمر (2) ولو كانت فيها منفعة أخرى لبيَّنها، كما بيَّن جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولما أراقها.
فلا يخفى على منصف أن التضمخ بالطيب المذكور، والتلذذ برائحته واستطابته واستحسانه مع أنه مسكر، فيه ما فيه.
2 -
أن الخمر نجسة -عند جمهور العلماء- من الأئمة الأربعة وغيرهم (3) فتحرم -على هذا- الصلاة في الثوب أو البدن الذي أصابه هذا العطر!! بل تبطل الصلاة عند الجمهور بذلك.
على أن من العلماء من أجاز هذه العطور إذا كانت نسبة الكحول فيها قليلة -وهذا يعرفه أهل الخبرة- والأحوط تركها، أو استعمال العطور المذابة بغير هذا الكحول، والله أعلم.
* للمرأة أن تعطِّر زوجها:
فعن عائشة قالت: "كنت أطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته"(4).
* فائدة: يؤخذ من الحديث أن طيب الرجال لا يجعل في الوجه بخلاف النساء لأنهن يطيبن وجوههن ويتزينَّ بذلك بخلاف الرجال.
فإن تطييب الرجل في وجهه لا يشرع لمنعه من التشبه بالنساء (5).
(1) سورة المائدة: 90.
(2)
البخاري (2464)، ومسلم (1980).
(3)
على أنني متوقف في مسألة نجاسة الخمر، لتوقفي في حمل المشترك اللفظي على جميع معانيه، وهي مسألة مشهورة في الأصل.
(4)
البخاري (5923)، ومسلم (1190).
(5)
«فتح الباري» (10/ 366).
* إذا خرجت المرأة من بيتها وجب عليها إزالة رائحة العطر:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية"(1)، وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا شهدت إحداكن المسجد، فلا تمس طيبًا"(2) قال الألباني رحمه الله (3): "فإذا كان هذا حرامًا على مريدة المسجد فماذا يكون الحكم على مريدة السوق والأزقة والشوارع؟
لا شك أنه أشد حرمة وأكبر إثمًا، وقد ذكر الهيثمي في "الزواجر" أن خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة من الكبائر ولو أذن لها زوجها" اهـ.
قلت: فيجب على المرأة أن تتخلص من رائحة الطيب قبل خروجها من بيتها.
ويكون هذا التخلص بغسله أو غير ذلك مما تحصل به الإزالة للرائحة وقد رُوي في هذا حديث ضعيف الإسناد إلا أن معناه صحيح، وهو:"ما من امرأة تطيبت للمسجد، فلن يقبل الله لها صلاة حتى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة"(4).
* تنبيه: قد تخرج المرأة من بيتها -غير متعطرة- ولكنها تحمل طفلها الذي عطرته، وهذا لا يجوز، لأن علة لفت أنظار الرجال إليها بسبب الرائحة ما زالت موجودة فبقي حكم التحريم، فلينتبه لهذا، والله أعلم.
* لا يجوز استعمال الطيب لا للزوج ولا لغيره في ثلاث حالات:
(أ) في الإحرام:
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن المُحرم: "
…
ولا تلبسوا شيئًا مسه زعفران ولا ورس
…
" (5).
والحكمة في منعه للمُحرمة أنه من دواعي الجماع ومقدماته التي تفسد الإحرام.
(ب) عد الإحداد: وقد تقدم في الجنائز أن المرأة تمتنع في الإحداد على الميت من الطيب وغيره.
(جـ) عند الخروج من البيت: حتى وإن نوت التعطر لزوجها فهذا لا يجوز كما تقدم.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
مسلم (443)، والنسائي في «الكبرى» (9425).
(3)
«الحجاب» (ص: 65، 66).
(4)
النسائي (8/ 153)، وأحمد (2/ 297) وهو ضعيف.
(5)
البخاري، وقد تقدم في «الحج» .
4 -
زينة الكحل:
يستحب للمرأة الاكتحال لأجل التزين لزوجها، وكذلك التطبب إذا اشتكت من آلام العين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الإثمد: يجلو البصر، وينبت الشعر"(1).
لا يجوز للمرأة التكحل في فترة الإحداد: وقد تقدم هذا في الجنائز.
لا يجوز اتخاذ المكحلة من الذهب أو الفضة (2):
فقد تقدم في "الآنية" أنه لا يجوز استعمال الآنية المصنوعة من الذهب أو الفضة لما فيه من السرف والخيلاء وكسر لقلوب الفقراء ونحو ذلك.
5 -
الزينة بالخضاب والأصباغ:
لا يجوز للمرأة -ولا للرجل- نتف الشيب، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة"(3).
ولكن يُشرع صبغ هذا الشيب بصفرة أو حُمرة، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم"(4).
وقد ورد أن أفضل ما يغير به الشيب: الحناء والكتم.
فعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحسن ما غيَّرتم به الشيب: الحناء والكتم"(5).
والحناء معروفة، والكتم: نبات يصبغ به، لكن لا يشرع الصبغ بالأسود، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى أبا قحافة يوم الفتح ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا:"غيِّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد"(6).
(1) أبو داود (3878)، والترمذي (994)، والنسائي (8/ 15)، وابن ماجة (3497) وسنده حسن.
(2)
«فتاوى العز بن عبد السلام» (ص 158) عن «أحكام الزينة للنساء» (ص 48).
(3)
أبو داود (4202) بسند حسن.
(4)
البخاري (3462)، ومسلم (2103).
(5)
الترمذي (1573)، والنسائي (8/ 139)، وابن ماجة (3622) وفي سنده اختلاف.
(6)
مسلم (2102)، والنسائي (5076)، وأبو داود (4204).
* يجوز خضاب الأيدي والأقدام:
فعن معاذة: أن امرأة سألت عائشة: تختضب الحائض؟ فقالت: "قد كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم نختضب، فلم يكن ينهانا عنه"(1).
وكذلك يجوز الخضاب في الطُّهر، لكن على المرأة أن تزيله إذا أرادت الوضوء.
فعن ابن عباس قال: "كُنَّ نساؤنا يختضبن بالليل، فإذا أصبحن فتحنه فتوضأْن وصلَّيْن، ثم يختضبن بعد الصلاة، فإذا كان عند الظهر فتحنه فتوضأن وصلين، فأحسن خضابًا، ولا يمنع من الصلاة"(2).
* "المكياج" ومساحيق الزينة:
يجوز للمرأة أن تستعمل -للتزين للزوج- ما شاءت من المساحيق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "
…
خير طيب النساء ماظهر لونه، وخفي ريحه" (3).
ومما يؤيد هذا: حديث أنس: "أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صُفرة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن تزوج امرأة من الأنصار
…
" الحديث (4).
قال النووي: إن الصفرة تعلقت به من جهة زوجته. اهـ.
وعلى هذا فهو دليل على استعمال المرأة للأصباغ والمساحيق.
"فالحاصل أن للمرأة أن تستعمل المكياج ما دامت لا تبديه إلا لمن أذن الله لها في إبدائه لهم، وإذا لم يكن فيه تدليس ولا غش لأحد، وإذا لم يثبت له ضرر كبير على بشرة المرأة والله أعلم"(5).
* تنبيه: يذكر بعض الأطباء أن للمكياج أضرارًا على البشرة، فإن ثبت هذا لم يجز استعماله، ومما ذكروه (6):
(1) ابن ماجة (656) بسند صحيح.
(2)
الدارمي (1093) بسند صحيح.
(3)
الترمذي (2788)، وأبو داود (2174) وهو حسن لغيره كما قال شيخنا في «جامع أحكام النساء» (4/ 417).
(4)
صحيح البخاري (5153).
(5)
جامع أحكام النساء (4/ 418)، وبهذا أفتى العلامة ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله.
(6)
من «اللباس والزينة» للأخ سمير عبد العزيز - أثابه الله - (ص: 120 - 125).
قال الدكتور مصطفى حسين عبد المقصود أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية طب طنطا عندما سألته عن أضرار هذا المكياج الصناعي فقال إن هذا المكياج الصناعي الحديث له أضرار بالغة على البشرة كالآتي:
أولًا: ضرر المكياج:
1 -
يؤدي إلى ضمور الجلد وتجعده وبالتالي إلى عجز مبكر في الجلد.
2 -
يؤدي إلى جفاف الجلد وتشققه.
3 -
يؤدي إلى التهاب الجلد وتهيجه وإصابته بالحساسية الإكزيما.
4 -
يؤدي إلى تغير في لون الجلد إما عن طريق زيادة اللون وظهور مناطق سمراء كلف الحمل. وإما بقلة الصبغات وظهور بعض البقع البيضاء.
5 -
تؤدي بعض الألوان إلى امتصاص الإشعاعات وظهور حساسية ضوئية بالجلد مما قد ينتج عنه بعض الأورام.
7 -
تؤدي الكريمات التي تستعمل كأساس إلى إغلاق مسام الجلد وظهور بعض الحبوب التي تشبه حب الشباب.
8 -
كما يؤدي المكياج إلى تهيج حب الشباب لدى المصابين به وعدم استجابته للعلاج.
ثانيًا: (أحمر الشفايف):
1 -
يؤدي إلى جفاف الشفتين وتشققهما ويؤدي إلى التهاب وتهيج الشفتين.
2 -
يؤدي الاستعمال المتكرر له إلى الإكزيما والحساسية بالشفتين كما قد ينتج عنها بعض الأورام بالشفتين.
3 -
تؤدي المادة الملونة إلى امتصاص الإشعاعات وتركيزها حول الشفتين مما يؤدي إلى زيادة اللون واسمرار الشفتين حول الفم. وهذه شكوى كثير من السيدات اللاتي يستعملن أحمر الشفايف.
4 -
عند اختلاطها بالطعام والشراب قد يؤدي امتصاص بعض هذه المواد إلى أضرار بالغة بالجسم. اهـ (1).
(1) أمدنا (القائل: الأخ سمير، حفظه الله) بهذه المعلومات الطبية الأستاذ / مصطفى حسين عبد المقصود دكتوراه الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم، أستاذ بكلية طب طنطا.
جاء في مجلة (الوعي الإسلامي)(1) مقال للدكتور/ وجيه زين العابدين يقول فيه:
(فزينة الشعر أن تضع الفتاة عليه مادة لزجة ليقف. يسمونها سبراي، وهذا قد يسبب تكسر الشعر وسقوطه، أو قد يسبب أذى في قرنية العين إذا أصابها مباشرة، أو بصورة غير مباشرة كحساسية. وربما استمر علاج هذه الإصابة بضعة أشهر، وقد يسبب صبغ الشعر حساسية للمريض لمادة البروكاتين، كما أن المصابات بحساسية البنسلين أو مادة السلفا يتأثرن جدًّا من أصباغ الشعر فيصبن بتورم حول قاعدة الشعر، وربما سقط الشعر كله .. وأشد هذه المواد خطرًا ما يستعمل لتمويج الشعر بالطريقة الباردة، حيث تستعمل مواد تذيب طبقة الكيراتين فتسبب لها تكسرًا عند تحويل الشعر المجعد إلى مسرح.
…
أما المساحيق والدهون التي توضع في الوجه فإنها تعرضه للإصابة بالبثور والالتهابات في الجلد. فيضعف ويصاب بالتجعد الشيخوخي قبل الأوان، وقد يترك التجعد خطًا بارزًا تحت العين، ولما تبلغ الفتاة بعد العشرين عامًا وكم من مرة سببت الرموش الصناعية التهابًا بالجفن، أو جاءت الحساسية للجفن من الصبغ الذي يوضع فوقه.
وقد يعرض الأحمر الشفاه للتورم أو تيبس جلدها الرقيق وتشققه لأنه يزيل الطبقة الحافظة للشفة. ويسبب أحيانًا صبغ الأظافر تشققًا وتكسرًا في الأظافر ويعرضها للالتهابات المتكررة والتشوه أو المرض المزمن.
إن الإنسان بطبيعته لابد أن يجد له الحماية من المؤثرات الخارجية التي تصيبه بحكم حياته في هذه الأرض. والجلد هو خط الدفاع الأول. فبقدر ما تكون عنايتنا بالجلد نستفيد من قواه الدفاعية. ومن المؤسف أن المدنية الحديثة تتعرض لهذه القوى الدفاعية بالأذى عن طريق الإسراف في استعمال أدوات التجميل ومواده).
وجاء في مجلة "طبيبك الخاص" السنة الثانية العدد 4 نيسان أبريل 1970 مقال للدكتور/عبد المنعم المفتي أستاذ ورئيس قسم الأمراض الجلدية بكلية الطب جامعة القاهرة قال فيه:
وهناك من وسائل فرد الشعر ما يؤدي إلي سقوطه .. فاستعمال المكواة .. أو الفرد بالأدوية الكيميائية التي تحتوي علي مواد كاوية تؤدي إلي سقوط الشعر ..
(1) مجلة الوعي الإسلامي الكويتية عدد 140، ص 93 وما بعدها، نقلًا من كتاب لباس المرأة المسلمة د / الفوزان.
فهذه الأدوية تضعف طبيعة الشعر حتي يأخذ الشكل المطلوب .. وقد لا يعرف البعض الضرر المترتب علي شد الشعر سواء كان ذلك باستعمال "الرولو" أو بأي طريقة أخري، إذ أن الجذب لساعات طويلة معناه الجذب الواقع على جذور الشعر المشدود والحد من كمية الدم التي تصل إلي الشعر .. ومعني ذلك حدوث الضمور في خلايا جذور هذا الشعر المشدود .. وتوقف نموه .. ثم دفعه إلي الدخول في دور الركود .. ثم الذبول.
نفس الخطر يظل موجودًا في حالة كثرة الفرد وتغيير اللون. وهذا يؤدي إلي حدوث التأثير السيئ علي الشعر عامة، ويؤدي إلي إضعافه. اهـ (1).
ويقول الدكتور وهبة أحمد حسن (كلية الطب جامعة الإسكندرية):
(إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من مكياج الجلد، لها تأثيرها أيضًا، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، مثل الرصاص والزئبق تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو، كما أن المواد الملونة تدخل فيها بعض المشتقات البترولية، وكلها أكسيدات مختلفة تضر بالجلد، وإن امتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدث التهابات وحساسية، أما لو استمر استخدام هذه الماكياجات فإن له تأثيرًا ضارًا على الأنسجة المكونة للدم والكبد والكلى. فهذه المواد الداخلة في تركيب الماكياجات لها خاصية الترسب المتكامل فلا يتخلص منها الجسم بسرعة.
وإن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشط الحلمات الجلدية فتتكاثر خلايا الجلد، وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة. وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الأصلية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوجه) اهـ.
وتقول الدكتورة نادية عبد الحميد صالح (استشارية أمراض العيون):
إن مستحضرات تجميل العيون تحتوى على كيماويات حارقه تؤدي إلى الإضرار بالعيون، وتساقط الرموش، والتهابات ودمامل بالجفون، مع ظهور الأكياس الدهنية بها، كذلك تؤدي هذه المستحضرات إلى ترهل في جلد الجفون، وتبدو العينان مرهقتين وذابلتين مع ظهور الهالات السوداء حول جفون العيون.
وتحذر الدكتورة نادية من تبادل هذه المستحضرات مع الغير حتى لا تكون
(1) من تحفة العروس (ص 368).
وسيلة لضرر آخر يكمن في العدوى بأمراض العيون عندما تستخدم سيدة أخرى أدوات التجميل كالقلم والفرشاة. اهـ (1).
إن المواد التي تدهن بها الرموش الطبيعية يقول عنها الأطباء أنها مكونة من أملاح النيكل، أو أنواع مطاط صناعي، وهما يؤديان إلى التهاب الجفون، وتساقط الرموش الطبيعية.
أما الألوان حول العينين فقد ذكر الأطباء عنها حقائق علمية وهي:
1 -
اللون الأسود ما هو إلا كربون أسود، وأكسيد الحديد الأسود.
2 -
اللون الأزرق ما هو إلا أزرق بروس ومواد أخرى زرقاء.
3 -
اللون الأخضر هو لون أحد اكاسيد الكروم.
4 -
اللون البني هو أحد أكاسيد الحديد المحروق.
5 -
اللون الأصفر هو أكسيد حديد.
وكل هذه المواد الكيميائية تسبب أضرارًا خطيرة للعين وما حولها.
كما ذكر الأطباء أن من مركباتها مواد تسبب التسمم المزمن مثل (هيكزات كلوروفيل) و (فينيلين ثنائي لامين) وينتج عن ذلك تقرحات في القرنية وإنتانات في العين بسبب الأجسام غير المعقمة التي تحوي الجراثيم ومن ثم تتساقط الرموش (2).
قلت: (أبو مالك): إن كان الأمر كذلك فيمنع استعمال المكياج، وإلا فالأصل إباحته، والله أعلم.
* تنبيه: طلاء الأظافر بما يسمى "المناكير" لا حرج فيه بالقيد المذكور، إلا أنه يبقى فيه أنه عازل عن وصول ماء الوضوء إلى الأظفار، فيجب إزالته عند الوضوء.
ولا يفوتني أن أنبه هنا على تقليم النساء للأظفار وعدم إطالتها بالقدر الذي نراه في هذه الأيام فإن هذا مخالف لسنن الفطرة.
وكذلك لا يجوز وصل الأظفار بأظفار صناعية أطول وأكثر بريقًا، فإن هذا من تغيير خلق الله، وفيه التشبه بالكافرات، ومخالفة الفطرة السليمة.
(1) المجلة الزراعية، العدد 41، أكتوبر 1999.
(2)
راجع ضوابط هامة في زينة المرأة، ص 27.
6 -
الزينة بالحُلِي:
يجوز للمرأة التحلي بجميع أنواع الذهب (1) والفضة:
قال علي بن أبي طالب: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله ثم قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي [حلٌّ لإناثهم] "(2).
فيجوز تحلي النساء بالسوار، والقرط (الحلق)، والخاتم، وسلاسل العنق والقلائد ونحو ذلك.
فعن عبد الله بن عمرو: أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها:"أتعطين زكاة هذه؟ " قالت: لا، قال:"أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار"(3).
وفي حديث ابن عباس في قصة وعظ النبي صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد: " .. ومعه بلال فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي قرطها وخاتمها"(4).
وفي حديث ثوبان: "
…
فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب، وقالت: هذه أهداها إليَّ أبو الحسن
…
" (5).
ويجوز للمرأة أن تلبس (الخلخال" في بيتها لزوجها، لكن لا تبديه للأجانب ولا تضرب برجلها لتعلم الرجال بما تخفيه، لقوله تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} (6).
* فائدة: يجوز للمرأة أن تلبس الخاتم في إصبع شاءت، بخلاف الرجل فإنه ينهى عن التختم في الأصبع الوسطى والسبابة.
ففي صحيح مسلم (2078) عن عليٍّ قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه فأومأ إلى الوسطى والتي تليها"(7).
(1) لشيخنا - حفظه الله - رسالة في هذا بعنوان «المؤنق
…
في إباحة تحلي النساء بالذهب المحلق وغير المحلق» فانظرها.
(2)
أبو داود (4057)، والنسائي (8/ 160)، وابن ماجة (3595) وهو صحيح.
(3)
أبو داود (1563)، والترمذي (623)، والنسائي (5/ 38) بسند حسن.
(4)
متفق عليه وقد تقدم مرارًا.
(5)
النسائي (5140)، وأحمد (21892) بسند حسن.
(6)
سورة النور: 31.
(7)
صحيح: أخرجه مسلم (2078)، والترمذي (1786)، والنسائي (5210)، وأبو داود (4225).
وقد نقل النووي الإجماع على أن هذا النهي خاص بالرجال دون النساء، كما تقدم.
* لا حرج في لبس الخاتم من حديد:
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي أراد أن يتزوج ولم يجد شيئًا يدفعه صداقًا: " .. التمس ولو خاتمًا من حديد .. "(1).
* الوشم حرام:
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله"(2). والواشمة هي من تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضرَّ، ومن تطلب فعل ذلك بها فهي المستوشمة، وهذا حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها والطالبة لذلك، وقد يُفعل بالبنت الصغيرة فتأثم الفاعلة، ولا إثم البنت لعدم تكليفها حينئذٍ (3).
وقد انتشرت هذه الأيام بين الفتيات ظاهرة دق الوشم، الذي اتخذ شكلًا جديدًا من حيث المكان الذي يتم فيه الوشم، حيث تسلل إلى صدور الفتيات وبطونهن (!!) فتكشف الفتاة عن عورتها مرة أمام من يقوم بتلك المهمة المنكرة -وقد يكون رجلًا- في محلات (الكوافير)!! التي خصصت قسمًا بها لدق الوشم وبأسعار باهظة!!
ثم تكشف هذه العورة مرات أخرى أمام الجميع لتظهر هذه النقوش، إنها "الموضة" نعوذ بالله من الخذلان!!
* فائدة: الأثر الطبي لدق الوشم على الجلد (4):
يقول الدكتور/عبد الهادي محمد عبد الغفار استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية: إن المواد الغريبة التي تدخل الجلد تؤدي إلى حساسية الجلد، وإذا
(1) متفق عليه، وسيأتي في «الزواج» إن شاء الله.
(2)
البخاري (4886)، ومسلم (2125).
(3)
«شرح مسلم» للنووي (14/ 106).
(4)
«جريدة عقيدتي» العدد 287 - محرم 1419 هـ.
احتوى على مواد بترولية فإنه يؤدي إلى سرطان الجلد وتليفه، والوخز بالإبر يؤدي إلى نقل أمراض الكبد الوبائي والإيدز.
* تنبيه:
ظهر في هذه الأيام نوع آخر من الوشم، بحيث يطبع الوشم على الجلد أو يُرسم بدلًا من دَقِّه على الجلد، فهذا إذا لم يكن ضارًا بالجلد، فلا بأس به، لأنه ليس تغييرًا لخلق الله فأشبه الحناء، بشرط أن لا تبديه المرأة إلا لزوجها، وإن كان الأحوط تركه لما فيه من التشبُّه بالمتوشمات، والله أعلم.
* ما حكم عمليات التجميل؟ (1):
إن عمليات التجميل تشمل حالات كثيرة، ولا شك أن بعضها مباح أو واجب وبعضها حرام.
1 -
فمن المباح قفل الجروح الغائرة وإعادة ترميم الجروح المتهتكة، وترقيع الحروق الشديدة، وخاصة ما يصيب الوجه والأماكن التي تظهر من الجسم غالبًا، وهذا كله يرجع إلى باب إصلاح الضرر وإعادة الهيئة الأصلية إلى الجسم، وهذا كله لا شيء فيه -إن شاء الله تعالى- بل قد يكون بعضه واجبًا.
2 -
إزالة التشوهات التي ربما تكون حدثت في أثناء الحمل بسبب عقار أو غيره، وكذلك إزالة ما يخالف أصل الخلقة كالإصبع السادسة، والزيادات اللحمية، ونحوها. وهذه نرجو ألا يكون بها بأس كذلك لأنها -إن شاء الله- لا تدخل في باب تغيير خلق الله سبحانه وتعالى.
3 -
كل ما يدخل في باب (تغيير خلق الله سبحانه وتعالى فهو حرام .. فقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس منهم الطويل، والقصير، والأسود، والأبيض، والجميل والدميم، وهذا كله من آيات تفرده وإبداعه سبحانه وتعالى، فهو الرب المصور كما قال تعالى: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (2).
ولا شك أن التعدي على خلق الله بتغيير الصورة، أو اللون، أو التركيب يدخل في باب العدوان على خلق الله جل وعلا كما قال تعالى:{لا تبديل لخلق الله} (3).
(1) فتوى للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، حفظه الله.
(2)
سورة آل عمران: 6.
(3)
سورة الروم: 30.
أي لا تبدلوا خلق الله فهو خبر يراد به الإنشاء، وكما قال تعالى عن إبليس أنه سيأمر بني آدم بتبديل خلق الله {إن يدعون من دونه إلا إناثًا وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا* لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبًا مفروضًا* ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليًّا من دون الله فقد خسر خسرانًا مبينًا} (1).
فمن عمل الشيطان في إضلال بني آدم أن يأمرهم بتغيير خلق الله.
ولا شك أن عمليات التجميل التي تستهدف تغيير خلق الله بتغيير الجنس مثلًا من ذكر إلى أنثى أو العكس، أو تغيير اللون، أو تغيير الصورة التي ركب الله الإنسان عليها -وخاصة صورة الوجه- كل ذلك من اتباع الشيطان الذي يريد إضلال بني آدم، وأن يعتدوا على خلق الله بالتبديل والتغيير.
4 -
جاء النص الصريح في أمور بعينها أنها من تبديل خلق الله ومن ذلك تفليج الأسنان، ومعناه بردها لجعل فلج وفرجة بين كل سن وآخر، وكذلك وصل الشعر، وترقيق الحاجب، والوشم، كما قال صلى الله عليه وسلم:"لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والواصلات والمستوصلات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله"(2).
وتعليل الرسول صلى الله عليه وسلم التحريم هنا بأنه تغيير لخلق الله يدل على حرمة هذا العمل، وعلى أن هذه الأعمال من تغيير خلق الله، وعلى حرمة كل ما يدخل في هذا المعنى، وتوجد فيه هذه العلة (تغيير خلق الله).
5 -
لا شك أن أعظم أعمال تبديل خلق الله حرمة: هي تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى والعكس، وهذا فيمن خلقه الله ذكرًا كاملًا فأراد أن يكون أنثى والعكس .. وأما من وجد في الخلق وقد اجتمعت فيه أعضاء الذكورة والأنوثة، وهو الذي يسمى باللغة العربية (بالخنثى) فإن إجراء عملية جراحية لإلحاقه بالجنس الغالب عليه .. أقول مثل هذا لا شك -إن شاء الله- في حله، لأنه لا يدخل في تغيير خلق الله بل إن هذا من خلق الله سبحانه وتعالى.
وأما عمليات تغيير الجنس لمن كان ذكرًا كاملًا حتى يكون أنثى، أو يكون جنسًا ثالثًا كما هو حادث الآن في بعض الدول من أجل إيجاد جنس لا يحمل
(1) سورة النساء: 117 - 119.
(2)
سبق تخريجه.