الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يذكرُونَ اسْم الله على ذَبَائِحهم وقرابينهم، وهم لَا يتعبدون بذلك وَلَا يتوقفون فِيمَا يَأْكُلُونَهُ من اللَّحْم على ذَكَاة، بل يَأْكُلُون الْميتَة بِخِلَاف أهل الْكتاب وَمن شاكلهم من السامرة والصابئة وَمن تمسك بدين إِبْرَاهِيم وشيث وَغَيرهمَا من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، على أحد قولي الْعلمَاء ونصارى الْعَرَب كبني تغلب وتنوخ وبهزام وجذام ولخم وعاملة وَمن أشبههم لَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم عِنْد الْجُمْهُور.
أَي: قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَقد وصل هَذَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر. قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب فَذكر نَحوه، وَقَالَ فِي آخِره: وإهلاله أَن يَقُول: باسم الْمَسِيح. قلت: وَهُوَ فِي (الْمُوَطَّأ) مَرْفُوعا.
{وَنُذْكِرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوهُ}
ذكره بِصِيغَة التمريض إِشَارَة إِلَى ضعفه أَي: وَيذكر عَن عَليّ بن أبي طَالب نَحْو: مَا روى عَن الزُّهْرِيّ، وَجَاء عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من وَجه صَحِيح الْمَنْع من ذَبَائِح بعض نَصَارَى الْعَرَب أخرجه الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق بأسانيد صَحِيحَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِح نَصَارَى بني تغلب فَإِنَّهُم لم يَتَمَسَّكُوا من دينهم إلَاّ بِشرب الْخمر.
{وَقَالَ الحَسَنُ وَإبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ بِذَبيحَةِ الأقْلَفِ}
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. لَا بَأْس بذبيحة الأقلف، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْقَاف وَفتح اللَّام وبالفاء، وَهُوَ الَّذِي لم يختتن، والقلفة بِالْقَافِ وَيُقَال بالغين الْمُعْجَمَة الغرلة وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تستر الْحَشَفَة، وإثر الْحسن رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ: كَانَ الْحسن يرخص فِي الرجل إِذا أسلم بعد مَا يكبر فيخاف على نَفسه إِن اختتن أَن لَا يختتن وَكَانَ لَا يرى بِأَكْل ذَبِيحَته بَأْسا وَأثر إِبْرَاهِيم أخرجه أَبُو بكر الْخلال من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: لَا بَأْس بذبيحة الأقلف.
{وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحِهِمْ}
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب} إِن المُرَاد من طعامهم ذَبَائِحهم، وَقَامَ الِاتِّفَاق على أَن المُرَاد من طعامهم ذَبَائِحهم دون مَا أكلوه لأَنهم يَأْكُلُون الْميتَة وَلحم الْخِنْزِير وَالدَّم، وَلَا يحل لنا شَيْء من ذَلِك بِالْإِجْمَاع، وَقد مر هَذَا عَن قريب، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره هُنَا عِنْد الْمُسْتَمْلِي، وَعند السَّرخسِيّ والحموي فِي آخر الْبَاب عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور بعده.
5508 -
حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلالٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مُغْفَّلٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ فَرَمَى إنْسَانٌ بِجرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ فَنَزَوْتُ لآخذَهُ فَالتَفَتُّ فَإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِيهِ شَحم) وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ.
والْحَدِيث مر فِي الْخمس فِي: بَاب مَا يُصِيب من الْمَغَانِم فِي أَرض الْحَرْب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة إِلَى آخِره. وَأخرجه أَيْضا فِي الْمَغَازِي، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (فنزوت) بنُون وزاي أَي: وَثَبت من النزو، وَهُوَ الوثبة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، فبدرت أَي: سارعت.
وَفِيه: حجَّة على من منع مَا حرم عَلَيْهِم كالشحوم لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أقرّ عبد الله بن معفل على الِانْتِفَاع بالجراب الْمَذْكُور. وَفِيه: جَوَاز أكل الشَّحْم مِمَّا ذبحه أهل الْكتاب. وَلَو كَانُوا أهل الْحَرْب.
23 -
(بَابُ: {مَا نَدَّ مِنَ البَهَائِمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الوَحْشِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم مَا ند أَي: نفر من الْبَهَائِم فَهُوَ أَي الَّذِي ند بِمَنْزِلَة الْوَحْش أَي: فِي جَوَاز عقره كَيفَ مَا اتّفق.
أَي: أجَاز عبد الله بن مَسْعُود كَون حكم مَا ند من الْبَهَائِم كَحكم الْحَيَوَان الوحشي فِي الْعقر كَيفَ مَا كَانَ، وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود مَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنى. قَالَ: حَدثنِي وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة أَن حمارا لأهل عبد الله ضرب رجل عُنُقه بِالسَّيْفِ، فَسئلَ عبد الله فَقَالَ: كلوه فَإِنَّمَا هُوَ صيد.
هَذَانِ أثران معلقان، وصل الأول ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عِكْرِمَة عَنهُ بِهَذَا قَالَ: فَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّيْد، وَوصل الثَّانِي عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة عَنهُ قَالَ: إِذا وَقع الْبَعِير فِي الْبِئْر فاطعنه من قبل خاصرته وَاذْكُر اسْم الله وكل. قَوْله: (مِمَّا فِي يَديك) أَي: مِمَّا كَانَ لَك، وَفِي تصرفك وعجزت عَن ذبحه الْمَعْهُود.
{وَرَأي ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ}
ذَلِك إِشَارَة إِلَى مَا ذكر من أَن حكم الْبَهِيمَة الَّتِي تند مثل حكم الْحَيَوَان الوحشي، فَرَأى ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب، وَعبد الله بن عمر وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فأثر عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ أَبُو بكر عَن حَفْص عَن جَعْفَر عَن أَبِيه أَن ثورا مر فِي بعض دور الْمَدِينَة فَضَربهُ رجل بِالسَّيْفِ وَذكر اسْم الله قَالَ: فَسئلَ عَنهُ عَليّ، فَقَالَ: ذَكَاة، وَأمرهمْ بِأَكْلِهِ وَأثر عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن شُعْبَة وسُفْيَان كِلَاهُمَا عَن سعيد بن مَسْرُوق عَن عَبَايَة بن رَافع بن خديج عَنهُ. وَأثر عَائِشَة ذكره ابْن حزم فَقَالَ: هُوَ أَيْضا قَول عَائِشَة وَلَا يعرف لَهُم من الصَّحَابَة مُخَالف. قَالَ: وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وَأحمد وَإِسْحَاق وأصحابهم وأصحابنا. وَقَالَ مَالك: لَا يجوز أَن يذكي أصلا إلَاّ فِي الْحلق واللبة، وَهُوَ قَول اللَّيْث وَرَبِيعَة، وَقَالَ ابْن بطال: وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: لَا تكون ذَكَاة كل أنسي إلَاّ بِالذبْحِ والنحر، وَإِن شرد لَا يحل إلَاّ بِمَا يحل بِهِ الصَّيْد.
5509 -
حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ حدَّثنا يَحْيَى حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا أبِي عَنْ عَبَايَةَ بنِ رِفاعَةَ بنِ رَافِعٍ بنِ خَدِيجٍ عَنْ رافِعٍ بنِ خَدِيجٍ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إنَّا لاقُو العَدُوِّ مُدا وَلَيْسَتْ مَعَنَا عدّا. فَقَالَ: أعْجَلْ. أوْ أرنْ مَا أنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ أمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ. وَأمَّ الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ، وَأصَبْنا نَهْبَ إبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْها بَعِيرٌ فَرَماهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لِهاذِهِ الإبِلِ أوَابِدَ كَأوَابِدَ الوَحْشِ، فَإذا غَلَبَكُمْ مِنْها شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هاكذا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعَمْرو بن عَليّ بن بَحر الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي، وَيحيى الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ يروي عَن أَبِيه سعيد بن مَسْرُوق عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة بن خديج يروي عَن جده رَافع بن خديج كَذَا وَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَفِي رِوَايَة غَيره. عَن عَبَايَة بن رَافع بن خديج فنسبه إِلَى جده.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب التَّسْمِيَة على الذَّبِيحَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة عَن سعيد بن مَسْرُوق وَهُوَ أَبُو سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَبَايَة إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (فَقَالَ: أعجل) أَو أرن شكّ من الرَّاوِي أَي: قَالَ أعجل أَو قَالَ أرن، وإعجل بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْعين وَفتح الْجِيم، أَمر من العجلة ثمَّ إِن الروَاة اخْتلفُوا فِي ضبط أرن فَفِي رِوَايَة كَرِيمَة بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الرَّاء وَسُكُون النُّون، وَكَذَا ضَبطه الْخطابِيّ فِي (سنَن أبي دَاوُد) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِسُكُون الرَّاء وَكسر النُّون، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَرِنِي، بِإِثْبَات الْيَاء، وَفِي رِوَايَة ذكرهَا الْخطابِيّ. فَقَالَ: قَوْله: (إعجل أَو أرن) صَوَابه ائرن بِوَزْن إعجل من أرن يأرن إِذا خف أَي: