الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله. (والمطعون شَهِيد) وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد النَّبِيل، وَسمي بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، وَأَبُو صَالح ذكْوَان السمان.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد من رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك مطولا بِلَفْظ: الشُّهَدَاء خَمْسَة
…
الحَدِيث، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
(والمبطون) الَّذِي مَاتَ بِمَرَض الْبَطن، (والمطعون) الَّذِي مَاتَ بالطاعون. أَي: لَهما ثَوَاب الشَّهَادَة. وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: من مَاتَ بالطاعون أَو بوجع الْبَطن مُلْحق بِمن قتل فِي سَبِيل الله لمشاركته إِيَّاه فِي بعض مَا يَنَالهُ من الْكَرَامَة بِسَبَب مَا كابده من الشدَّة، لَا فِي جملَة الْأَحْكَام والفضائل.
31 -
(بابُ أجْرِ الصَّابِرِ فِي الطَّاعُونِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أجر الصابر على الطَّاعُون سَوَاء وَقع بِهِ أَو وَقع فِي بلد هُوَ مُقيم بهَا، وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) من حَدِيث جَابر رَفعه: الفار من الطَّاعُون كالفار من الزَّحْف، والصابر فِيهِ كالصابر فِي الزَّحْف، وَفِي رِوَايَة لَهُ: وَمن صَبر كَانَ لَهُ أجر شَهِيد، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة باللفظين فِي (كتاب التَّوَكُّل) .
5734 -
حدّثنا إسْحاقُ أخبرَنا حَبَّانُ حدَّثنا داوُدُ بنُ أبي الفُراتِ حَدثنَا عبْدُ الله بنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيى بنِ يَعْمَرَ عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أخْبَرَتْنا أنَّها سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الطّاعُونِ؟ فأخْبَرَها نَبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ الله عَلى مَنْ يَشاءُ، فَجعَلَهُ الله رحْمَةً لِلْمؤْمِنينَ فَليْسَ مِنْ عبْدٍ يَقَعُ الطاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا يَعْلَمُ أنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إلَاّ مَا كَتَبَ الله لهُ إلَاّ كانَ لهُ مِثْلُ أجْرِ الشهِيدِ. (انْظُر الحَدِيث: 3474 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَلَيْسَ من عبد) إِلَى آخِره. وَإِسْحَاق، قَالَ بَعضهم: ابْن رَاهَوَيْه، وَقَالَ الغساني: لَعَلَّه ابْن مَنْصُور. قلت: إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، انْتقل بِآخِرهِ إِلَى نيسابور وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وحبان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون ابْن هِلَال الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ، وَمن جملَة من روى عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَهُوَ يدل على أَن الصَّوَاب مَعَ الغساني، وَدَاوُد بن أبي الْفُرَات بِضَم الْفَاء وبالراء المخففة وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق، اسام أبي فرات عَمْرو، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء مصغر الْبردَة الْأَسْلَمِيّ التَّابِعِيّ الْبَصْرِيّ القَاضِي بمرو، وَيحيى بن يعمر بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَضمّهَا الْمروزِي قاضيها.
والْحَدِيث مضى فِي بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي التَّفْسِير، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي بني إِسْرَائِيل.
قَوْله: (على من يَشَاء) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: على من شَاءَ، بِلَفْظ الْمَاضِي، يَعْنِي: على من شَاءَ من كَافِر أَو عاصٍ. قَوْله: (رَحْمَة للْمُؤْمِنين) أَي: من هَذِه الْأمة، ويروى: رَحْمَة للْمُسلمين، وَهُوَ رَحْمَة من حَيْثُ إِنَّه يتَضَمَّن مثل (أجر الشَّهِيد) وَإِن كَانَ هُوَ محنة صُورَة. قَوْله:(فَلَيْسَ من عبد) أَي: مُسلم يَقع الطَّاعُون فِي أَي مَكَان هُوَ فِيهِ فيمكث فِي بَلَده، وَفِي رِوَايَة أَحْمد فِي بَيته. قَوْله:(فِي بَلَده) مِمَّا تنَازع الفعلان فِيهِ، أَعنِي: قَوْله: يَقع، وَقَوله: فيمكث، قَوْله:(صَابِرًا) حَال مُفْرد أَي: غير منزعج وَلَا قلق بل مُسلما الْأَمر الله رَاضِيا بِقَضَائِهِ. قَوْله: (يعلم) حَال جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل. قَوْله: (إلَاّ كَانَ لَهُ مثل أجر الشَّهِيد) فَإِن قلت: مَا معنى المثلية هُنَا مَعَ أَنه جَاءَ: من مَاتَ بالطاعون كَانَ شَهِيدا؟ قلت: معنى المثلية أَن من أتصف بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَة وَوَقع بِهِ الطَّاعُون ثمَّ لم يمت مِنْهُ أَنه يحصل لَهُ مثل أجر الشَّهِيد، وَإِذا مَاتَ بالطاعون يحصل لَهُ أجر الشَّهِيد. قَوْله:(من مَاتَ بالطاعون كَانَ شَهِيدا) يَعْنِي: حكما لَا حَقِيقَة.
تابَعَهُ النَّضْرُ عنْ داوُدَ.
أَي: تَابع حبانَ بن هِلَال النضرُ بن شُمَيْل فِي رِوَايَته عَن دَاوُد.
32 -
(بابُ الرُّقَى بالقُرْآنِ والمعَوِّذَاتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الرقى، بِضَم الرَّاء وبالقاف مَقْصُور، جمع رقية بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْقَاف، وَيُقَال: رقى بِالْفَتْح يرقي بِالْكَسْرِ
من بَاب رمى يَرْمِي، ورقيت فلَانا بِكَسْر الْقَاف أرقيه، واسترقى طلب الرّقية وَالْكل بِلَا همز، وَمعنى الرّقية: التعويذ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الرّقية والرقى والاسترقاء: العوذة الَّتِي يرقى بهَا صَاحب الآفة كالحمى والصرع وَغير ذَلِك من الْآفَات. قَوْله: (بِالْقُرْآنِ) أَي: بِقِرَاءَة شَيْء من الْقُرْآن. قَوْله: (والمعوذات) من عطف الْخَاص على الْعَام. قَالَ الْكرْمَانِي: وَكَانَ حَقه أَن يَقُول: والمعوذتين لِأَنَّهُمَا سورتان فَجمع إِمَّا لإِرَادَة هَاتين السورتين وَمَا يشبههما من الْقُرْآن، أَو بِاعْتِبَار أَن أقل الْجمع اثْنَان، وَيُقَال: المُرَاد بالمعوذات: سُورَة الفلق وَالنَّاس وَسورَة الْإِخْلَاص 7 لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يرقي بِسُورَة الْإِخْلَاص والمعوذتين، وَهُوَ من بَاب التغليب.
5735 -
حدّثني إبْرَاهيمُ بنُ مُوسَى أخبرنَا هِشامٌ عنْ مَعْمَرٍ عَن الزُّهْريِّ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، كانَ يَنْفُثُ عَلى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي ماتَ فيهِ بالمُعَوِّذاتِ، فَلَمّا ثَقُلَ كُنْتُ أنْفِثُ عنهُ بِهِنَّ، وأمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتها.
فَسَألْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: كَانَ يَنْفِثُ على يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِما وجْهَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بالمعوذات) وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الرَّازِيّ يعرف بالصغير، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد.
والْحَدِيث أخرجه فِي الْأَدَب أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن عبد بن حميد.
قَوْله: (كَانَ ينفث) بِضَم الْفَاء وَكسرهَا والنفث شبه النفخ وَهُوَ أقل من التفل والتفل لَا بُد فِيهِ شَيْء من الرِّيق. قَوْله: (فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ) أشارت بِهِ عَائِشَة رضي الله عنها إِلَى أَن ذَلِك وَقع فِي آخر حَيَاته: وَأَن ذَلِك لم ينْسَخ. قَوْله: (كنت أنفث عَنهُ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عَلَيْهِ. قَوْله: (وامسح بيد نَفسه) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وامسح بِيَدِهِ نَفسه، وَنَفسه مَنْصُوب على المفعولية، أَي: أَمسَح بجسده بِيَدِهِ. قَوْله: (لبركتها) أَي: للتبرك بِتِلْكَ الرُّطُوبَة أَو الْهَوَاء وَالنَّفس الْمُبَاشر لتِلْك الرّقية وَالذكر، وَقد يكون على وَجه التفاؤل بِزَوَال الْأَلَم عَن الْمَرِيض وانفصاله عَنهُ، كَمَا ينْفَصل ذَلِك النفث عَن الراقي.
قَوْله: (فَسَأَلت الزُّهْرِيّ) السَّائِل هُوَ معمر وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
وَفِيه: التَّبَرُّك بِالرجلِ الصَّالح وَسَائِر أَعْضَائِهِ خُصُوصا الْيَد الْيُمْنَى.
ثمَّ الْكَلَام هُنَا على أَنْوَاع.
الأول: قَالَ ابْن الْأَثِير: وَقد جَاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث جَوَاز الرقى، وَفِي بَعْضهَا النَّهْي عَنْهَا، فَمن الْجَوَاز قَوْله صلى الله عليه وسلم استرقوا لَهَا فَإِن بهَا النظرة، أَي: اطْلُبُوا لَهَا من يرقيها، وَمن النَّهْي قَوْله: لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ، وَالْأَحَادِيث فِي الْقسمَيْنِ كَثِيرَة، وَوجه الْجمع بَينهمَا أَن الرقى يكره مِنْهَا مَا كَانَ بِغَيْر اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَبِغير أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته وَكَلَامه فِي كتبه الْمنزلَة، وَأَن يعْتَقد أَن الرّقية نافعة لَا محَالة، فيتكل عَلَيْهَا، وَإِيَّاهَا أَرَادَ بقوله صلى الله عليه وسلم: مَا توكل من استرقى، وَلَا يكره مِنْهَا مَا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك، كالتعوذ بِالْقُرْآنِ وَأَسْمَاء الله تَعَالَى والرقى المروية. وَفِي (موطأ مَالك) رضي الله عنه: أَن أَبَا بكر الصّديق رضي الله عنه دخل على عَائِشَة وَهِي تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّة ترقيها، فَقَالَ أَبُو بكر: إرقيها بِكِتَاب الله، يَعْنِي بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل، وَلما ذكره ابْن حبَان ذكره مَرْفُوعا: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل
…
الحَدِيث.
الثَّانِي: هَل يجوز رقية الْكَافِر للْمُسلمِ؟ فَروِيَ عَن مَالك جَوَاز رقية الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ للْمُسلمِ إِذا رقى بِكِتَاب الله، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه قَالَ: أكره رقي أهل الْكتاب وَلَا أحبه لأَنا لَا نعلم هَل يرقون بِكِتَاب الله أَو بالمكروه الَّذِي يضاهي السحر، وروى ابْن وهب أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن الْمَرْأَة ترقي بالحديدة وَالْملح، وَعَن الَّذِي يكْتب الْكتاب يعلقه عَلَيْهِ، ويعقد فِي الْخَيط الَّذِي يرْبط بِهِ الْكتاب سبع عقد، وَالَّذِي يكْتب خَاتم سُلَيْمَان فِي الْكتاب، فكرهه كُله مَالك، وَقَالَ: لم يكن ذَلِك من أَمر النَّاس.
الثَّالِث: فِيهِ إِبَاحَة النفث فِي الرقى وَالرَّدّ على من أنكر ذَلِك من الإسلاميين، وَقد روى الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا رقيت بآي الْقُرْآن فَلَا تنفث. وَقَالَ الْأسود: أكره النفث، وَكَانَ لَا يرى بالنفخ بَأْسا، وَكَرِهَهُ أَيْضا عِكْرِمَة وَالْحكم وَحَمَّاد، قَالَ أَبُو عمر: أَظن حجَّة من كرهه ظَاهر قَوْله عز وجل: {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد} (الفلق: 4) ، وَذَلِكَ نفث سحر وَالسحر محرم، وَمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أولى، وَفِيه الْخَيْر وَالْبركَة.
الرَّابِع: فِيهِ