الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَصح من الْحَائِض، وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ، وَلَكِن اخْتلفُوا فِي علته على حسب اخْتلَافهمْ فِي اشْتِرَاط الطَّهَارَة للطَّواف. فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ شَرط، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيست بِشَرْط، وَبِه قَالَ دَاوُد فَمن شَرط الطَّهَارَة قَالَ: الْعلَّة فِي بطلَان طواف الْحَائِض عدم الطَّهَارَة، وَمن لم يشترطها قَالَ: الْعلَّة فِيهِ كَونهَا مَمْنُوعَة من اللّّبْث فِي الْمَسْجِد.
قَوْله: (ضحى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَزوَاجه) وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن نِسَائِهِ. قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا مَحْمُول على أَنه صلى الله عليه وسلم، استأذنهن فِي ذَلِك، فَإِن تضحية الْإِنْسَان عَن غَيره لَا تجوز إِلَّا بِإِذْنِهِ.
4 -
(بَابُ: {مَا يُشْتَهي مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَشْتَهِي كلمة مَا يجوز أَن تكون مَوْصُولَة وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة وَذَلِكَ لِأَن الْعَادة بَين النَّاس الالتذاذ بِأَكْل اللَّحْم. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {فَذكرُوا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} (الحجرات: 28) وَمن اشْتهى اللَّحْم يَوْم النَّحْر لَا حرج عَلَيْهِ وَلَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ مَا قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين لَقِي جَابر بن عبد الله وَمَعَهُ حمال لحم بدرهم. فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قر منا إِلَى اللَّحْم. فَقَالَ لَهُ: أَيْن تذْهب هَذِه الْآيَة. {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} (الْأَحْقَاف: 20) لِأَن يَوْم النَّحْر مَخْصُوص بِأَكْل اللَّحْم، وَأما فِي غير زمن النَّحْر فَأَكله مُبَاح إلَاّ أَن السّلف كَانُوا لَا يواظبون على أكله دَائِما لِأَن اللَّحْم ضراوة كضراوة الْخمر.
5549 -
حدَّثنا صَدَقَةُ أخْبَرَنَا ابنُ عُلَيَّةَ عَنْ أيُّوبُ عَنِ ابنِ سِيرِينَ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يَوْمَ النَّحْرِ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةَ فَلْيُعِدْ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إنَّ هاذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَذَكَرَ جِيرَانَهُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلا أدْرِي أبَلَغت الرُّخْصَةُ مَنْ سَواهُ أمْ لَا. ثُمَّ انْكَفَأَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، إلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَقَامَ النَّاسُ إلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوها. أوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوها.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل، وَابْن علية هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن علية اسْم أمه، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَابْن سِيرِين مُحَمَّد.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعِيدَيْنِ فِي: بَاب الْأكل يَوْم النَّحْر.
قَوْله: (يَوْم النَّحْر) أَي: قَالَ فِي يَوْم النَّحْر. قَوْله: (فَقَامَ رجل) هُوَ أَبُو بردة بن نيار كَمَا فِي حَدِيث الْبَراء، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَوْله:(وَذكر جِيرَانه) أَي: ذكر احْتِيَاج جِيرَانه وفقرهم كَأَنَّهُ يُرِيد بِهِ عذره فِي تَقْدِيم الذّبْح على الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وَإِنِّي عجلت فِيهِ نسيكتي لَا طعم أَهلِي وجيراني وَأهل دَاري. قَوْله:(وَعِنْدِي جَذَعَة) هِيَ جَذَعَة الْمعز. قَوْله: (خير من شاتَيْ لَحْم)، أَي: أطيب لَحْمًا وأنفع لسمنها ونفاستها قَوْله: (فِي ذَلِك) أَي: فِي التَّضْحِيَة بِتِلْكَ الْجَذعَة من الْمعز قَوْله: (فَلَا أَدْرِي) كَلَام أنس إِنَّمَا قَالَ: لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ لم يبلغهُ مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (لن تجزي عَن أحد بعْدك) . قَوْله: (من سواهُ)، مَنْصُوب بقوله:(أبلغت) قَوْله: (ثمَّ انكفأ) بِالْهَمْز أَي: مَال وانعطف من كفأت الْإِنَاء إِذا أملته، وَالْمرَاد أَنه رَجَعَ من مَكَان الْخطْبَة إِلَى مَكَان الذّبْح. قَوْله:(غنيمَة) تَصْغِير غنم قَوْله: (فتوزعوها) أَي: فتفرقوها والتوزيع التَّفْرِقَة قَوْله: (أَو قَالَ فتجزعوها) شكّ من الرَّاوِي بِالْجِيم وَالزَّاي من الْجزع وَهُوَ الْقطع أَي: اقتسموها حصصا وَلَيْسَ المُرَاد أَنهم اقتسموها بعد الذّبْح فَأخذ كل وَاحِد قِطْعَة من اللَّحْم، وَإِنَّمَا المُرَاد أَخذ حِصَّة من الْغنم، والقطعة تطلق على الْحصَّة من كل شَيْء.
5 -
(بابُ: {مَنْ قَالَ: الأضْحَى يَوْمَ النَّحْرِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من قَالَ: إِن الْأَضْحَى يَوْم النَّحْر، يَعْنِي: يَوْم وَاحِد وَهُوَ يَوْم النَّحْر، وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين، وَحَكَاهُ ابْن حزم عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَنه كَانَ لَا يرى النَّحْر إلَاّ يَوْم النَّحْر. وَهُوَ قَول ابْن أبي سُلَيْمَان.
وَفِي هَذَا الْبَاب أَقْوَال: أَحدهَا: يَوْم النَّحْر ويومان بعده، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَأحمد، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَعلي وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَأنس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ذكره ابْن الْقصار، وَذكره ابْن وهب عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،
الثَّانِي: أَرْبَعَة أَيَّام، يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة بعده، وَهُوَ قَول عَطاء وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وروى ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا: أَيَّام النَّحْر الْأَيَّام المعلومات يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده.
الثَّالِث: يَوْم النَّحْر وَسِتَّة أَيَّام بعده وَهُوَ قَول قَتَادَة. الرَّابِع: عشرَة أَيَّام حَكَاهُ ابْن التِّين. الْخَامِس: إِلَى آخر يَوْم من ذِي الْحجَّة يرْوى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَقَالَ ابْن التِّين: ويروى عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا وَنَقله ابْن حزم عَن سُلَيْمَان بن يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَا: الْأَضْحَى إِلَى هِلَال الْمحرم. السَّادِس: يَوْم وَاحِد فِي الْأَمْصَار وَفِي منى ثَلَاثَة أَيَّام. وَهُوَ قَول سعيد بن جُبَير وَجَابِر بن زيد. السَّابِع: يَوْم وَاحِد فَقَط وَعَلِيهِ ترْجم البُخَارِيّ كَمَا ذكرنَا، وَأَخذه من إضافه الْيَوْم إِلَى النَّحْر فِي حَدِيث الْبَاب، وَهُوَ قَوْله عليه السلام:(أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟ قُلْنَا بلَى) وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس فَلَا يبْقى نحر إلَاّ فِي ذَلِك الْيَوْم. وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن المُرَاد النَّحْر الْكَامِل، وَاللَّام تسْتَعْمل كثيرا للكمال كَقَوْلِه: الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب، وَفِيه تَأمل.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: التَّمَسُّك بِإِضَافَة النَّحْر إِلَى الْيَوْم الأول ضَعِيف مَعَ قَوْله تَعَالَى: {لِيذكرُوا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} (الْحَج: 28) وَقَالَ ابْن بطال: وَلَيْسَ اسْتِدْلَال من اسْتدلَّ من قَوْله صلى الله عليه وسلم: (أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟) أَنه لَا يكون نحر وَلَا ذبح فِي غَيره بِشَيْء لِأَن النَّحْر فِي أَيَّام منى قد فعله الْخلف وَالسَّلَف. وَجرى عَلَيْهِ الْعَمَل فِي جَمِيع الْأَمْصَار فَلَا حجَّة مَعَ من خَالفه وَاسْتدلَّ من قَالَ: الْأَضْحَى يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بِمَا رُوِيَ فِي صَحِيح ابْن حبَان من حَدِيث جُبَير بن مطعم: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(كل فجاج منى منحر وَفِي كل أَيَّام التَّشْرِيق ذبح) . قلت: هَذَا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن جُبَير بن مطعم، وَقَالَ الْبَزَّار فِي مُسْنده لم يلق ابْن أبي حُسَيْن جُبَير بن مطعم فَيكون مُنْقَطِعًا. فَإِن قلت: أخرجه أَحْمد أَيْضا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن جُبَير عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: سُلَيْمَان بن مُوسَى لم يدْرك جُبَير بن مطعم. فَيكون مُنْقَطِعًا. فَإِن قلت: أخرج ابْن عدي فِي (الْكَامِل) عَن مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رضي الله عنه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا ذبح. قلت: مُعَاوِيَة بن يحيى ضعفه النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي (كتاب الْعِلَل) قَالَ أبي هَذَا حَدِيث مَوْضُوع بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَإِن قلت: أخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث طَلْحَة بن عَمْرو عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: الْأَضْحَى ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحْر. قلت: خرج الطَّحَاوِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ: الْأَضْحَى يَوْمَانِ بعد يَوْم النَّحْر، ولأصحابنا الْحَنَفِيَّة مَا رَوَاهُ الْكَرْخِي فِي (مُخْتَصره) حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْجُنَيْد قَالَ: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة قَالَ: حَدثنَا هشيم قَالَ: أخبرنَا ابْن أبي ليلى عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن زر بن حُبَيْش وَعبادَة بن عبد الله الْأَسدي عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُول أَيَّام النَّحْر ثَلَاثَة أَيَّام أولهنَّ أفضلهن، وَعَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَا: النَّحْر ثَلَاثَة أَيَّام أَولهَا أفضلهَا.
5550 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلامٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَابِ حدَّثنا أيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابنِ أبِي بَكْرَةَ عَنْ أبِي بَكْرَةَ، رضي الله عنه عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ الله السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرا مِنْها أرْبَعَةَ حُرُمٌ: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ. ذُو القَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ. أيُّ شَهْرٍ هاذا؟ قُلْنا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: أيُّ بَلَدٍ هاذا؟ قُلْنَا: الله وَرَسُولَهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: ألَيْسَ البَلْدَةَ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَأيُّ يَوْمٍ هاذا؟ قُلْنا. الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ: ألَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا بَلَى قَالَ: فَإنَّ دِماءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأحْسِبُهُ قَالَ: وأعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَّامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمُكُمْ هاذا فِي بَلَدِكُمْ هاذا فِي شَهْرِكُمْ هاذا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أعْمَالِكُمْ