الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 -
(بابُ شُرْبِ اللَّبَنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان شرب اللَّبن. وضع هَذِه التَّرْجَمَة للرَّدّ على قَول من قَالَ: إِن الْكثير من شرب اللَّبن يسكر، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء. قَالَ الْمُهلب: شرب اللَّبن حَلَال بِكِتَاب الله تَعَالَى، وَلَيْسَ قَول من قَالَ: إِن الْكثير مِنْهُ يسكر، بِشَيْء. وَقَالَ ابْن بطال: إِنَّمَا كَانَ السكر مِنْهُ لصناعة تدخله.
وقَوْلِ الله تَعَالَى: {من بَين فرث وَدم لَبَنًا خَالِصا سائغاً للشاربين} (النَّحْل: 66) .
وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: شرب اللَّبن، وَوَقع فِي مُعظم النّسخ يخرج {من بَين فرث وَدم} هَذَا الْمِقْدَار، وَزَاد فِي رِوَايَة أبي ذَر لَبَنًا خَالِصا، وَفِي رِوَايَة غير موقع تَمام الْآيَة وَقَوله يخرج، لَيْسَ فِي الْقُرْآن، وَالَّذِي فِي الْقُرْآن {نسقيكم مِمَّا فِي بطونه من بَين فرث وَدم} وَلَفظ: يخرج، فِي آيَة أُخرى من السُّورَة {يخرج من بطونها شراب مُخْتَلف ألوانه} وَالظَّاهِر أَن زِيَادَة لفظ: يخرج، هُنَا لَيست من البُخَارِيّ، بل هِيَ مِمَّن دونه، وَبِدُون لفظ. يخرج، جرى الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن بطال وَغَيرهمَا، وَهَذِه الْآيَة صَرِيحَة فِي إحلال شرب ألبان الْأَنْعَام بِجَمِيعِ أَنْوَاعهَا لوُقُوع الامتنان بِهِ، والفرث مَا يجمع فِي الكرش، وَقَالَ الْقَزاز: هُوَ مَا ألقِي من الكرش، يُقَال: فرثت الشَّيْء إِذا أخرجته من وعائه، وَبعد خُرُوجه يُقَال لَهُ السرجين وزبل. وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس: أَن الدَّابَّة إِذا أكلت الْعلف واستقل فِي كرشها فَكَانَ أَسْفَله فرثاً وأوسطه لَبَنًا وَأَعلاهُ دَمًا، والكبد مسلطة عَلَيْهِ فتقسم الدَّم وتجريه فِي الْعُرُوق وتجري اللَّبن فِي الضَّرع وَيبقى الفرث فِي الكرش وَحده. قَوْله:(خَالِصا) أَي: من حمرَة الدَّم وقذارة الفرث. قَوْله: (سائغاً) أَي: لذيذاً هَنِيئًا لَا يغص بِهِ شَارِب.
5603 -
حدّثناعَبْدانَ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا يُونُسُ عَن الزُّهْرِيِّ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أُُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحٍ لَبَنٍ وقَدَحِ خَمْرٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما أُتِي لَيْلَة الْإِسْرَاء بِلَبن وخمر اخْتَار اللَّبن، وَهُوَ من أعظم نعم الله على عبيده. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي أَنه صلى الله عليه وسلم خير ليلتئذٍ بَين اللَّبن وَالْخمر مَعَ أَن اللَّبن حَلَال وَالْخمر حرَام؟ قلت: لِأَن الْخمر كَانَت من الْجنَّة وخمر الْجنَّة لَيست بِحرَام. وَقيل: لِأَن الْخمر حينئذٍ لم تكن حرمت.
وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي وَقد تكَرر ذكره، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.
والْحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} قَوْله (لَيْلَة) قَالَ الْكرْمَانِي بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمه، وَقَالَ بَعضهم: حكى فِيهِ تَنْوِين لَيْلَة، وَالَّذِي أعرفهُ فِي الرِّوَايَة الْإِضَافَة. قلت: إِذا جَازَ الْوَجْهَانِ فإسناد هَذَا الْقَائِل مَعْرفَته إِلَى الْإِضَافَة تعمق فِي الْمُفَاخَرَة الْبَارِدَة.
5604 -
حدّثناالحُمَيْدِيُّ سَمِعَ سُفْيانَ أخبرنَا سالِمٌ أبُو النَّضْرِ أنَّهُ سَمِعَ عُمَيْراً مَوْلَى أمِّ الفَضْلِ يُحَدِّثُ عنْ أمِّ الفَضْلِ قالَتْ: شَكَّ النَّاسُ فِي صِيامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فأرْسَلْتُ إلَيْهِ بإناءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ، فَكانَ سُفْيانُ رُبما قالَ: شَكَّ النَّاسُ فِي صِيامِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إليْهِ أُُمُّ الفَضْلِ، فإِذا وُقِّفَ عَلَيْهِ، قَالَ: هُوَ عنْ أُُمِّ الفَضْلِ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِيهِ لبن فَشرب) والْحميدِي عبد الله بن الزبير نِسْبَة إِلَى أحد أجداده حميد، وَقد تكَرر ذكره، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَعُمَيْر مصغر عمر وَمولى أم الْفضل زَوْجَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب. وَقد مر الحَدِيث فِي الْحَج وَالصَّوْم.
قَوْله: (فَإِذا وقف عَلَيْهِ) بِضَم الْوَاو وَكسر الْقَاف الْمُشَدّدَة وبالفاء، مَعْنَاهُ: أَن سُفْيَان رُبمَا كَانَ أرسل الحَدِيث فَلم يقل فِي الْإِسْنَاد: عَن أم الْفضل، فَإِذا سُئِلَ عَنهُ، هَل هُوَ مَوْصُول أَو مُرْسل؟ قَالَ: هُوَ عَن أم
الْفضل، وَهُوَ فِي قُوَّة هُوَ مَوْصُول. وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: فَإِذا أوقف، بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْقَاف من الإيقاف وَالْأول يجوز أَن يكون من التَّوْقِيف، وَيجوز أَن يكون من الْوَقْف.
5605 -
حدّثناقُتَيْبَةُ حَدثنَا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي صالِحٍ وَأبي سُفْيان عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ: جاءَ أبُو حُمَيْدٍ بقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ منَ النَّقِيعِ، فَقَالَ لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ألَاّ خَمَّرْتَهُ ولوْ أنْ تَعْرُضَ عليْهِ عُوداً؟ . (انْظُر الحَدِيث: 5605 طرفه فِي: 5606) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بقدح من لبن) وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح ذكْوَان، وَأَبُو سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع الْقرشِي.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة أَيْضا عَن أبي شيبَة عَن جرير، وَأَبُو حميد مصغر حمد عبد الرَّحْمَن، وَقيل: الْمُنْذر بن سعد السَّاعِدِيّ.
قَوْله: (من النقيع) بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف وبالعين الْمُهْملَة وَهُوَ مَوضِع بوادي العقيق وَهُوَ الَّذِي حماه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لرعي الْغنم، وَقيل: إِنَّه غير الْحمى، وَقد تقدم فِي الْجُمُعَة: نَقِيع الْخُصُومَات، وَهُوَ يدل على التَّعَدُّد، وَكَانَ وَاديا يجْتَمع فِيهِ المَاء، وَالْمَاء الناقع هُوَ الْمُجْتَمع، وَقيل: كَانَت تعْمل فِيهِ الْآنِية. وَقَالَ ابْن التِّين: رَوَاهُ أَبُو الْحسن يَعْنِي: الْقَابِسِيّ بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَكَذَا نَقله عِيَاض عَن أبي بَحر سُفْيَان بن الْعَاصِ وَهُوَ تَصْحِيف، فَإِن البقيع مَقْبرَة الْمَدِينَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْأَكْثَر على النُّون وَهُوَ من نَاحيَة العقيق على عشْرين فرسخاً من الْمَدِينَة. قَوْله: (ألَاّ) بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام بِمَعْنى: هلا. قَوْله: خمرته بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم أَي هلا عطيته وَمِنْه خمار الْمَرْأَة لِأَنَّهُ يَسْتُرهَا قَوْله: (وَلَو أَن تعرض) بِضَم الرَّاء، قَالَه الْأَصْمَعِي، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَأَجَازَ أَبُو عبيد كسر الرَّاء وَهُوَ مَأْخُوذ من الْعرض، أَي: تجْعَل الْعود عَلَيْهِ بِالْعرضِ، وَالْمعْنَى: إِن لم تغطه فَلَا أقل من عود تعرض بِهِ عَلَيْهِ، أَي: تمده عرضا لَا طولا.
وَمن فَوَائده: صيانته من الشَّيْطَان فَإِنَّهُ لَا يكْشف الغطاء، وَمن الوباء الَّذِي ينزل من السَّمَاء فِي لَيْلَة من السّنة، وَمن النَّجَاسَة والمقذورات، وَمن الهامة والحشرات وَنَحْوهَا.
5606 -
حدّثناعُمَرُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صالِحٍ يَذْكُرُ أُُرَاهُ عنْ جابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: جاءَ أبُو حُمَيْدٍ رجُلٌ مِنَ الأنْصارِ مِنَ النَّقِيعِ بإناءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ألَاّ خَمَّرْتَهُ ولوْ أنْ تَعْرُضَ عليْهِ عُوداً
وحدّثني أبُو سُفْيانَ عنْ جابِرٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهاذَا. (انْظُر الحَدِيث: 5605) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث السَّابِق أخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان.
قَوْله: (أرَاهُ) أَي: أَظُنهُ.
قَوْله: (وحَدثني) كَلَام الْأَعْمَش أَي: حَدثنِي أَبُو سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر، وَعَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، وَالْمَحْفُوظ: عَن جَابر.
5607 -
حدّثني مَحْمُودٌ أخبرنَا النَّضْرُ أخبرنَا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَراءَ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَكَّةَ وأبُو بَكْرٍ مَعَهُ: قَالَ أبُو بَكْرٍ: مَرَرْنا بِراعٍ وقَدْ عَطِشَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَن فِي قَدَحٍ فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ، وأتانا سُراقَةُ بنُ جُعْشُمٍ عَلى فَرَس فَدَعا عَلَيهِ، فَطَلَبَ إلَيْه سُراقَةُ أنْ لَا يَدْعُوَ عَليهِ وأنْ يَرْجِعَ، فَفَعَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فحلبت كثبة من لبن فِي قدح فَشرب) .
ومحمود هُوَ ابْن غيلَان، وَالنضْر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة هُوَ ابْن شُمَيْل، وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ عَمْرو السبيعِي، والبراء هُوَ ابْن عَازِب.
وَمضى الحَدِيث فِي: بَاب هِجْرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (وَأَبُو بكر مَعَه) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي قَوْله:(وَقد عَطش) قَوْله: (فحلبت) أسْند هُنَا الْحَلب إِلَى نَفسه مجَازًا، وَتقدم هُنَاكَ: فَأمرت الرَّاعِي فَحلبَ. قَوْله: (كثبة) بِضَم الْكَاف وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، قَالَ ابْن فَارس: هِيَ الْقطعَة من اللَّبن أَو التَّمْر، وَقَالَ الْخَلِيل: كل قَلِيل جمعته فَهُوَ كثبة، وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ من اللَّبن ملْء الْقدح، وَقيل: قدر حلبة تَامَّة. قَوْله: (حَتَّى رضيت) أَي: حَتَّى علمت أَنه شرب حَاجته وكفايته، فَإِن قيل: كَيفَ شرب هَذَا اللَّبن من مَال الْغَيْر؟ (أُجِيب) بأجوبة (مِنْهَا) أَن صَاحبه كَانَ حَرْبِيّا لَا أَمَان لَهُ، أَو كَانَ صديق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَو صديق أبي بكر رضي الله عنه يحب شربهما، أَو كَانَ فِي عرفهم التسامح بِمثلِهِ، أَو كَانَ صَاحب الْغنم أجَاز لِلرَّاعِي مثل ذَلِك أَو كَانَا مضطرين. قَوْله:(سراقَة) بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وبالقاف ابْن مَالك بن جعْشم بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم الشين الْمُعْجَمَة الْكِنَانِي بالنونين المدلجي، أسلم آخرا وَحسن إِسْلَامه. قَوْله:(فَدَعَا عَلَيْهِ) أَي: فَأَرَادَ أَن يَدْعُو عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سراقَة: لَا تدع عَليّ وَأَنا أرجع، فَترك النَّبِي صلى الله عليه وسلم الدُّعَاء عَلَيْهِ، وَقد مر فِي المناقب مطولا.
5608 -
حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عنْ عَبْد الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّفْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحةً، والشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، تَغْدُو بِإناء وتَرُوحُ بآخَرَ. (انْظُر الحَدِيث: 2629) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث على مَا لَا يخفى، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْعَارِية فِي: بَاب فضل المنحة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن أبي الزِّنَاد، وَعَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (اللقحة) بِكَسْر اللَّام وَيجوز فتحهَا وَسُكُون الْقَاف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، قَالَ الْكرْمَانِي: هِيَ الحلوب من النَّاقة، وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الَّتِي قرب عهدها بِالْولادَةِ. قلت: الأول أولى وَأظْهر. قَوْله: (الصفي) بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء، أَصله صفي بياءين على وزن فعيل بِمَعْنى مفعول، وَمَعْنَاهُ: المختارة، وَقيل: غزيرة اللَّبن، وفعيل إِذا كَانَ بِمَعْنى مفعول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث. قَوْله:(منحة) بِكَسْر الْمِيم وَهِي الْعَطِيَّة، نصب على التَّمْيِيز نَحْو: نعم الزَّاد زَاد أَبِيك زاداً، وَهِي نَاقَة تعطيها غَيْرك ليحتلبها ثمَّ يردهَا عَلَيْك. قَوْله:(تَغْدُو) من الغدو وَهُوَ أول النَّهَار، (وَتَروح) من الرواح وَهُوَ آخر النَّهَار، وَهَذِه كِنَايَة عَن كَثْرَة اللَّبن.
5609 -
حدّثناأبُو عاصِمٍ عنِ الأوْزاعِيِّ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُبَيْد الله بنِ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبناً فَمَضْمَضَ، وَقَالَ: إنَّ لَهُ دَسَماً. (انْظُر الحَدِيث: 211) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل الضَّحَّاك بن مخلد، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب هَل يمضمض من اللَّبن؟ وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
5610 -
وَقَالَ إبْراهِيمُ بنُ طَهْمانَ: عنْ شُعْبَةَ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: رُفِعَتْ إليَّ السِّدْرَةُ فإِذا أرْبَعَةُ أنْهارٍ: نَهْرانِ ظاهِرانِ ونَهْرانِ باطِنانِ، فأمَّا الظَّاهِرانِ: فالنِّيلُ والفُراتُ، وأمَّا الباطِنانِ: فَنَهْرانِ فِي الجنَّةِ فأُتِيتُ بِثَلاثَةِ أقْداحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وقَدَحٌ فيهِ عَسَلٌ،
وقَدَحٌ فيهِ خَمْرٌ، فأخَذْت الَّذِي فيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ فَقِيلَ لي: أصَبْتَ الفِطْرَةَ أنْتَ وأُُمَّتُكَ.
إِبْرَاهِيم بن طهْمَان بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء الْهَرَوِيّ أَبُو سعيد، سكن نيسابور ثمَّ سكن مَكَّة، مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَة، وتعليقه رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ: أخبرنَا أَبُو حَاتِم مكي بن عَبْدَانِ وَأَبُو عمرَان مُوسَى الْعَبَّاس قَالَا أخبرنَا أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن عقيل أخبرنَا حَفْص بن عبد الله أَنبأَنَا ابْن طهْمَان بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو نعيم أَيْضا: حَدثنَا أَبُو بكر الْآجُرِيّ أخبرنَا عبد الله بن عَبَّاس الطَّيَالِسِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن عقيل أخبرنَا حَفْص بن عبد الله بن طهْمَان.
قَوْله: (رفعت) فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِضَم الرَّاء وَكسر الْفَاء وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (إِلَيّ) بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (السِّدْرَة) مَرْفُوع بقوله: (رفعت) وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: دفعت، بِالدَّال مَوضِع الرَّاء على صِيغَة الْمَجْهُول للمتكلم. وَقَوله: إِلَى، حرف جر، والسدرة مجرور بِهِ، وَهِي سِدْرَة الْمُنْتَهى سميت بهَا لِأَن علم الْمَلَائِكَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا. قَوْله (فَإِذا) كلمة مفاجأة. قَوْله (النّيل) هُوَ نهر مصر، وَقَالَ الْكرْمَانِي:(والفرات) نهر بَغْدَاد. قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل الْفُرَات نهر الْكُوفَة، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَأَصله من أَطْرَاف إرمينية يَأْتِي ويمر بِأَرْض ملطية على مسيرَة ميلين مِنْهَا، ثمَّ على سميساط وقلعة الرّوم والبيرة وجسر منبج وبالس وقلعة حَصِير والرقة والرحبة وقرقيسيتا وعانة والحديثة وهيت والأنبار، ثمَّ يمر بالطفوف ثمَّ بالحلة ثمَّ بِالْكُوفَةِ وَيَنْتَهِي إِلَى البطائح وَيصب فِي الْبَحْر الشَّرْقِي، وَأما نهر بَغْدَاد فَهُوَ دجلة يخرج من أصل جبل بِقرب آمد ثمَّ يَمْتَد إِلَى ميا فارقين ثمَّ إِلَى حصن كيفا ثمَّ إِلَى جَزِيرَة ابْن عمر ثمَّ إِلَى الْموصل وَينصب فِيهِ الزابان ومنهما يعظم إِلَى بَغْدَاد ثمَّ إِلَى وَاسِط ثمَّ إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ ينصب فِي بَحر فَارس. قَوْله:(فنهران فِي الْجنَّة) قيل: هما السلسبيل والكوثر، وهما النهران الباطنان، وَقَالَ ابْن بطال: فِي حَدِيث أنس: إِذا بدلت الأَرْض ظهرا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله: (فَأتيت) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بِثَلَاثَة أقداح) وَقد مر عَن قريب أَنه قدحان فلاتنا فِي بَينهمَا لِأَن مَفْهُوم الْعدَد لَا اعْتِبَار لَهُ مَعَ احْتِمَال أَن القدحين كَانَا قبل رَفعه إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى، وَالثَّلَاثَة بعده. قَوْله:(قدح فِيهِ لبن) يجوز فِي: قدح، الرّفْع والجر، أما الرّفْع فعلى أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أَحدهَا قدح فِيهِ لبن، وَأما الْجَرّ فعلى أَنه بَيَان لقَوْله (بِثَلَاثَة أقداح) هُوَ وَمَا عطف عَلَيْهِ من قدحين، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي (قدح فِيهِ عسل، وقدح فِيهِ خمر) قَوْله: (أصبت الْفطْرَة) أَي: عَلامَة الْإِسْلَام والاستقامة. قَوْله: (أَنْت) تَأْكِيد للضمير الَّذِي فِي: (أصبت) قَوْله: (وَأمتك) أَي: ولتصب أمتك، وَإِعْرَابه كإعراب قَوْله تَعَالَى:{اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} تَقْدِيره: وليسكن زَوجك.
قَالَ هِشامٌ وسَعِيدٌ وهمَّامٌ عنْ قَتادَةَ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عنْ مالِكِ بنِ صَعْصَعَةَ عنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الأنْهارِ نَحْوَهُ، ولَمْ يَذْكُرُوا ثَلاثَةَ أقْداحٍ.
أَي: قَالَ هِشَام الدستوَائي، وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم ابْن يحيى يَعْنِي: كلهم رووا الحَدِيث الْمَذْكُور عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك، وَزَادُوا فِي الْإِسْنَاد: مَالك بن صعصعة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ أَبُو عمر: مَالك بن صعصعة الْأنْصَارِيّ الْمَازِني من بني مَازِن بن النجار، روى عَنهُ أنس بن مَالك حَدِيث الْإِسْرَاء، وَتَعْلِيق هِشَام وَسَعِيد وَهَمَّام قد وَصله البُخَارِيّ فِي كتاب بَدْء الْخلق فِي: بَاب ذكر الْمَلَائِكَة، مطولا أخرجه عَن هدبة بن خَالِد عَن همام عَن قَتَادَة وَعَن خَليفَة عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد وَهِشَام كِلَاهُمَا عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك عَن مَالك بن صعصعة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(فِي الْأَنْهَار نَحوه) أَرَادَ أَنهم توافقوا فِي الْمَتْن على ذكر الْأَنْهَار نحوالمذكور فِي الحَدِيث السَّابِق. قَوْله: (وَلم يذكرُوا الأقداح) أَي: لم يذكر هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة الأقداح فِي روايتهم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَلم يذكر ثَلَاثَة أقداح، بإفراد: لم يذكر، فَظَاهر هَذَا أَنه لم يَقع ذكر الأقداح أصلا فِي رِوَايَة هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة. فَإِن قلت: قد ذكرت ثَلَاثَة أقداح فِي رِوَايَة همام، ثمَّ أتيت بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل قلت: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِالنَّفْيِ ذكر لفظ الأقداح بخصوصها، وَيحْتَمل أَن تكون رِوَايَة الْكشميهني هِيَ الصَّحِيحَة أَعنِي لم يذكر بِالْإِفْرَادِ، وَيكون فَاعل: لم يذكر، هِشَام الدستوَائي، فَإِنَّهُ تقدم فِي بَدْء الْخلق من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد