الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5583 -
حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا مُعْتَمِرٌ عنْ أبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أنَساً قَالَ: كُنْتُ قَائِما عَلى الحَيِّ أسْقِيهِمْ عُمُومَتي وَأَنا أصْغَرُهُمُ الفَضِيخَ، فَقيلَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فقالُوا: إكْفِئْها، فَكفَأْنا. قُلْتُ لأنَسٍ: مَا شَرَابُهُمْ؟ قَالَ: رُطَبٌ وبُسْرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْر بنُ أنَسٍ: وكانَتْ خَمْرُهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ أنَسٌ.
وحدّثني بَعْضُ أصْحابي أنَّهُ سَمِعَ أنَساً يَقُولُ: كانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئذٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَبسر) . ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن طرخان الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة أَيْضا عَن يحيى بن أَيُّوب وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْوَلِيمَة عَن سُوَيْد بن نصر. قَوْله: (كنت قَائِما على الْحَيّ أسقيهم عمومتي) الْحَيّ: وَاحِد أَحيَاء الْعَرَب. قَوْله: (عمومتي) جمع عَم، قَالَ الْكرْمَانِي: عمومتي بدل عَن الضَّمِير، أَو مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص، وَفِي رِوَايَة مُسلم. إِنِّي لقائم على الْحَيّ على عمومتي أسقيهم من فضيخ لَهُم وَأَنا أَصْغَرهم سنا، وَهَذَا أحسن من ذَاك. وَفِيه: أَن الصَّغِير يخْدم الْكَبِير. قَوْله: إكفئها) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْكَاف وَكسر الْفَاء وَسُكُون الْهمزَة بِمَعْنى: إقلبها يَعْنِي: أرقها. قَوْله: (فكفأنا) لجَماعَة الْمُتَكَلّم من الْمَاضِي أَي: قلبناها قَوْله: (قلت لأنس) الْقَائِل هُوَ سُلَيْمَان والدمعتمر الرَّاوِي. قَوْله: (وَقَالَ أَبُو بكر) هُوَ ابْن أنس بن مَالك فِي حُضُور أَبِيه، فَكَانَت خمرهم أَي: الفضيخ كَانَت خمرهم، وَوجه التَّأْنِيث مَعَ أَن الْمَذْكُور الشَّرَاب بِاعْتِبَار أَنه خمر. قَوْله: فَلم يذكر أنس) وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَلم يُنكر أنس ذَلِك، وَكَأن أنسا لم يُحَدِّثهُمْ بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَهِي قَوْله:(وَكَانَت خمرهم) إِمَّا نِسْيَانا وَإِمَّا اختصاراً، فَذكره بِهِ ابْنه أَبُو بكر فأقره عَلَيْهَا أنس.
قَوْله: (وحَدثني بعض أَصْحَابِي) الْقَائِل بِهَذَا أَيْضا سُلَيْمَان الْمَذْكُور، ويروي: بعض أَصْحَابنَا وَهُوَ مَوْصُول بالسند الأول الْمَذْكُور، قيل: هَذَا الْمُبْهم يحْتَمل أَن يكون بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ، فَإِن رِوَايَته فِي آخر الْبَاب تومىء إِلَى ذَلِك، وَيحْتَمل أَن يكون قَتَادَة، وَسَيَأْتِي بعد أَبْوَاب من طَرِيقه عَن أنس بِلَفْظ: وَأَنا نعدها يَوْمئِذٍ الْخمر.
5584 -
حدّثنا مُحمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ حَدثنَا يُوسُفُ أبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعيدَ بنَ عُبَيْدِ الله: قَالَ حدَّثني بكر بنُ عبد الله أنَّ أنسَ بن مالِكٍ حدَّثَهُمْ: أنَّ الخَمْرَ حُرِّمَتْ والخَمْرُ يَوْمَئِذٍ البُسرُ والتَّمْرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والمقدَّمي بِفَتْح الدَّال الْمُشَدّدَة مر عَن قريب، ويوسف هُوَ ابْن يزِيد وكنيته أَبُو معشر وَهُوَ مَشْهُور بكنيته أَكثر من اسْمه، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: الْقطَّان، وَكَانَ مَشْهُورا أَيْضا بالبراء بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء وبالمد، وَكَانَ يبري السِّهَام وَهُوَ بَصرِي وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَآخر فِي الطِّبّ سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَسَعِيد ابْن عبيد الله بن جُبَير بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة ابْن حَيَّة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمَا لَهُ أَيْضا فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث، وَآخر تقدم فِي الْجِزْيَة، وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده.
قَوْله: (حرمت) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّحْرِيم. قَوْله: (وَالْخمر) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَفِي (التَّوْضِيح) : هَذَا الحَدِيث أَيْضا حجَّة على الْعِرَاقِيّين، إِنَّمَا الْخمر من الْعِنَب وَحده لِأَن الصَّحَابَة الْقدْوَة فِي علم اللِّسَان وَلَا يجوز عَلَيْهِم أَن يفهموا أَن الْخمر إِنَّمَا هِيَ من الْعِنَب خَاصَّة، قلت: قد تكَرر هَذَا الْكَلَام فِي هَذِه الْأَبْوَاب بِلَا فَائِدَة، وَالَّذِي قَالَه نقص فِي حَقهم لنسبته إيَّاهُم إِلَى عدم الْمعرفَة بفنون الْكَلَام وهم الْقدْوَة فِي فنون الْكَلَام، وَإِنَّمَا قَالُوا الْغَيْر الْمُتَّخذ من الْعِنَب خمرًا للتشبيه بالمتخذ مِنْهُ فِي مُخَالطَة الْعقل، وَقد حققنا هَذَا الْموضع فِيمَا مضى عَن قريب.
4 -
(بابٌ الخَمْرُ منَ العَسَلِ وهْوَ البِتعُ)
الْكَلَام فِيهِ مثل الْكَلَام فِي: بَاب الْخمر من الْعِنَب فِي الْوُجُوه الَّتِي ذَكرنَاهَا. قَوْله (وَهُوَ البتع) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالعين الْمُهْملَة، قَالَ الْقَزاز: وَهُوَ يتَّخذ من عسل النَّحْل صلب يكره شربه لدُخُوله فِي جملَة
مَا يكره من الْأَشْرِبَة لفعله وصلابته وَفِي كتاب (الواعي) صلابته كصلابة الْخمر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: البتع خمر يَمَانِية وَأهل الْيمن يفتحون تاءه، وَقَالَ ابْن محيريز: سَمِعت أَبَا مُوسَى يخْطب على مِنْبَر الْبَصْرَة: أَلا إِن خمر أهل الْمَدِينَة الْبُسْر وَالتَّمْر، وخمر أهل فَارس الْعِنَب، وخمر أهل الْيمن البتع، وخمر الْحَبَش السكركة وَهُوَ الْأرز.
وَقَالَ مَعْنٌ: سألْتُ مالِكَ بنَ أنَسٍ عنِ الفُقَّاعِ؟ فَقَالَ: إِذا لَمْ يُسْكِرْ فَلَا بأسَ، وَقَالَ ابنُ الدَّرَاوَردْيِّ سألْنا عَنْهُ فَقَالُوا: لَا يُسْكِرُ لَا بَأْس بهِ.
معن بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالنون ابْن عِيسَى الْقَزاز بِالْقَافِ وَتَشْديد الزَّاي الأولى، قَالَ ابْن سعد: مَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : هَذَا التَّعْلِيق أَخذه البُخَارِيّ عَن معن مذا كرة فِيمَا قَالَه بعض الْعلمَاء. قلت: كَيفَ يتَصَوَّر أَخذ البُخَارِيّ عَن معن ومولده فِي شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة، وَكَانَ عمره يَوْم مَاتَ معن أَربع سِنِين؟ وَكَأَنَّهُ غره مَا حَكَاهُ ابْن الصّلاح فِي تعاليق البُخَارِيّ عَن شُيُوخه مُطلقًا، لَا فِي خُصُوص هَذَا الْأَثر، وَأَرَادَ بِبَعْض الْعلمَاء ابْن الصّلاح، وَأبْعد صَاحب (التَّوْضِيح) حَيْثُ قَالَ: أَخذ البُخَارِيّ هَذَا التَّعْلِيق عَن معن مذا كرة، وَهُوَ قلد صَاحب (التَّلْوِيح) وَزَاد فِي الْبعد مَسَافَة، قَوْله:(عَن الفقاع) بِضَم الْفَاء وَتَشْديد الْقَاف وبالعين الْمُهْملَة، قَالَ الْكرْمَانِي: المشروب الْمَشْهُور. قلت: الفقاع لَا يشرب بل يمص من كوزه، وَقَالَ بَعضهم: الفقاع مَعْرُوف قد يصنع من الْعَسَل، وَأكْثر مَا يصنع من الزَّبِيب. قلت: لم يقل أحد إِن الفقاع يصنع من الْعَسَل، بل أهل الشَّام يصنعونه من الدبس، وَفِي عَامَّة الْبِلَاد مَا يصنع إلَاّ من الزَّبِيب المدقوق، وَحكم شربه مَا قَالَه مَالك: إِن لم يسكر لَا بَأْس بِهِ، والفقاع لَا يسكر، نعم إِذا بَات فِي إنائه الَّذِي يصنعونه فِيهِ لَيْلَة فِي الصَّيف أَو لَيْلَتَيْنِ فِي الشتَاء يشْتَد جدا، وَمَعَ هَذَا لَا يسكر، وَقد سُئِلَ بعض مَشَايِخنَا: مَا قَول السَّادة الْعلمَاء فِي فقاع يتَّخذ من زبيب بِحَيْثُ أَنه إِذا قلع سداد كوزه لَا يبْقى فِيهِ شَيْء من شدته يخرج وينتثر؟ فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ، وَأما إِذا صَار بِحَال بِحَيْثُ إِنَّه يسكر من شدته فَيحرم حينئذٍ قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا. قَوْله:(وَقَالَ ابْن الدَّرَاورْدِي) هُوَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، وَهَذَا من رِوَايَة معن بن عِيسَى عَنهُ أَيْضا. وَالظَّاهِر أَن ابْن الدَّرَاورْدِي سَأَلَ عَن فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة فِي زَمَانه، وَهُوَ قد شَارك مَالِكًا فِي لِقَاء أَكثر مشايخه الْمَدَنِيين.
5585 -
حدّثناعبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مالِكٌ عَن ابنِ شهَابٍ عنْ أبي سَلَمَةَ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ: سئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عَن البِتْعِ فَقَالَ: كُلُّ شَرَابٍ أسْكَرَ فهْوَ حرَامٌ. (انْظُر الحَدِيث: 242 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقد مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب لَا يجوز الْوضُوء بالنبيذ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام، وَلم يعرف اسْم السَّائِل صَرِيحًا. قيل: يحْتَمل أَن يكون السَّائِل أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَعثه إِلَى الْيمن فَسَأَلَهُ عليه السلام عَن أشربة تصنع بهَا، فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: البتع والمزر، فَقَالَ: كل مُسكر حرَام.
5586 -
حدّثناأبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أخبرَنِي أبُو سَلَمَةَ بنُ عبْد الرَّحْمانِ أنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ البِتْعِ، وهْوَ نَبِيذُ العَسَلِ، وكانَ أهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ شَرَابٍ أسْكَر فهْوَ حرامٌ. (انْظُر الحَدِيث: 242 وطرفه) .
وعَنِ الزُّهْريِّ قَالَ: حدّثني أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّباءِ وَلَا فِي المُزَفَّتِ.
وكانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ معَهما الحَنْتَمَ والنَّقِيرَ.