الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرمته من غير فرق بَين كَونه أهليا يَعْنِي: مستأنسا أَو وحشيا غير مستأنس، وَلَيْسَ مُرَاده أَن كلما أجمع على تَحْرِيمه من الوحشي يَقْتَضِي حلّه من الأهلي كالضيون فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ فَلَا يَقْتَضِي حل السنور الأهلي، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَن أكل الهر، وثمنه. وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب.
29 -
(بَابُ: {أكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّباعِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم كل أكل ذِي نَاب من سِبَاع الْبَهَائِم وَالْمرَاد بالناب مَا يعدو بِهِ على الْحَيَوَان ويتقوى بِهِ، وَلم يبين حكمه اكْتِفَاء بِمَا بَينه فِي الحَدِيث.
5530 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبَرَنا مَالِكٌ عَنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ أبِي إدْرِيسَ الخَوْلانِيِّ عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ أكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّباعِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو إِدْرِيس هُوَ عَائِذ الله الْخَولَانِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّيْد عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّيْد عَن القضى عَن مَالك بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّيْد عَن أَحْمد بن الْحسن التِّرْمِذِيّ وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الصَّباح.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فَذهب الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَن النَّهْي فِيهِ للتَّحْرِيم، وَلَا يُؤْكَل ذُو الناب من السبَاع وَلَا ذُو المخلب من الطير، وَاسْتثنى الشَّافِعِي مِنْهُ الضبع والثعلب خَاصَّة لِأَن نابهما ضَعِيف. قلت: هَذَا التَّعْلِيل فِي مُقَابلَة النَّص فَهُوَ فَاسد. وَقَالَ ابْن الْقصار: حمل النَّهْي فِي هَذَا الحَدِيث على الْكَرَاهَة عِنْد مَالك، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن السبَاع لَيست بمحرمة كالخنزير لاخْتِلَاف الصَّحَابَة فِيهَا، وَقد رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَنه أجَاز أكل الضبع. وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيث جَابر. وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَهُوَ ذُو نَاب فَدلَّ بِهَذَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَرَادَ بِتَحْرِيم كل ذِي نَاب من السبَاع الْكَرَاهَة وَالْحَاصِل فِي هَذَا الْبَاب أَن عَطاء بن أبي رَبَاح ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق أباحوا أكل الضبع وَهُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: لَا يُؤْكَل الضبع وحجتهم فِيهِ الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ بِعُمُومِهِ يتَنَاوَل كل ذِي نَاب والضبع ذُو نَاب. وَحَدِيث جَابر لَيْسَ بِمَشْهُور، وَهُوَ مُحَلل وَالْمحرم يقْضِي على الْمُبِيح احْتِيَاطًا وَقيل: حَدِيث جَابر مَنْسُوخ، وَوَجهه أَن طلب المخلص عَن التَّعَارُض فِي الْأَحَادِيث بِوُجُوه مِنْهَا طلب المخلص بِدلَالَة التَّارِيخ والتعارض ظَاهر بَين الْحَدِيثين، وَدلَالَة التَّارِيخ فِيهِ أَن النَّص الْمحرم ثَابت من حَيْثُ الظَّاهِر فَيكون مُتَأَخِّرًا عَن الْمُبِيح، فالأخذ بِهِ يكون أولى، وَلَا يَجْعَل الْمُبِيح مُتَأَخِّرًا لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ إِثْبَات النّسخ مرَّتَيْنِ فَلَا يجوز. وَقيل: حَدِيث جَابر انْفَرد بِهِ عبد الرَّحْمَن بن أبي عمار وَلَيْسَ بِمَشْهُور بِنَقْل الْعلم وَلَا هُوَ حجَّة إِذا انْفَرد فَكيف إِذا خَالفه من هُوَ أثبت مِنْهُ.
{تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالمَاجِشُنُ عَنِ الزُّهْرِيِّ}
أَي: تَابع مَالِكًا يُونُس بن يزِيد وَمعمر بن رَاشد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة ويوسف بن يَعْقُوب الْمَاجشون فِي روايتهم عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَقد ذكرنَا مُتَابعَة هَؤُلَاءِ فِي الْبَاب الَّذِي قبله غير ابْن عُيَيْنَة فمتابعة ابْن عُيَيْنَة أخرجهَا البُخَارِيّ فِي أخر الطِّبّ فِي بَاب البان الاتن فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي. قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع، ويروى من السَّبع وَالله أعلم.
30 -
(بَابُ: {جُلُودِ المَيْتَةِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم جُلُود الْميتَة قبل أَن تدبغ.
5531 -
حدَّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا أبِي عَنْ صَالِحٍ قَالَ: حدَّثني
ابنُ شِهابٍ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله أخْبَرَهُ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أخْبَرَهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِشاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: هَلَاّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإهابِها؟ قَالُوا: إنَّها مَيِّتَةٌ. قَالَ: إنَّما حُرِّمَ أكْلُها.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ. وَهُوَ أَيْضا يبين حكم التَّرْجَمَة.
وَزُهَيْر مصغر زهر. بالزاي وَالرَّاء ابْن حَرْب ضد الصُّلْح وَيَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن مُضِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبيد الله بِضَم الْعين بن عبد الله بِفَتْح الْعين ابْن عتبَة بن مَسْعُود أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة.
والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة فِي: بَاب الصَّدَقَة على موَالِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير، وَمضى فِي الْبيُوع أَيْضا.
قَوْله: (ميتَة) التَّخْفِيف والتثقيل فِيهِ سَوَاء على قَول أَكثر أهل اللُّغَة، وَقيل بِالتَّخْفِيفِ لما مَاتَ، وبالتشديد لما لم يمت بعد، وَعند حذاق أهل الْبَصْرَة والكوفيين هما وَاحِد. قَوْله:(بإهابها) الإهاب بِكَسْر الْهمزَة وَتَخْفِيف الْهَاء اسْم لجلد لم يدبغ. وَقيل: هُوَ اسْم لجلد دبغ، وَيجمع على أهب، بِفتْحَتَيْنِ وَيجوز بِضَمَّتَيْنِ أَيْضا على الأَصْل، وَالْأول على غير الْقيَاس. قَوْله:(حرم) بِالتَّشْدِيدِ على صِيغَة الْمَجْهُول، ويروى بِالتَّخْفِيفِ بِفَتْح الْحَاء وَضم الرَّاء.
وَبِهَذَا الحَدِيث احْتج جُمْهُور الْفُقَهَاء وأئمة الْفَتْوَى على جَوَاز الِانْتِفَاع بجلد الْميتَة بعد الدّباغ، وَذكر ابْن الْقصار أَنه آخر قَول مَالك، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَرُوِيَ عَن ابْن شهَاب أَنه أَبَاحَ الِانْتِفَاع بهَا قبل الدّباغ مَعَ كَونهَا نَجِسَة وَأما أَحْمد فَذهب إِلَى تَحْرِيم الْجلد وَتَحْرِيم الِانْتِفَاع بِهِ قبل الدّباغ وَبعده وَاحْتج بِحَدِيث عبد الله بن عكيم قَالَ: أَتَانَا كتاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قبل مَوته: أَن لَا تنتفعوا من الْميتَة بإهاب وَلَا عصب، أخرجه الشَّافِعِي وَأحمد وَالْأَرْبَعَة وَصَححهُ ابْن حبَان وَحسنه التِّرْمِذِيّ، وَفِي رِوَايَة للشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي دَاوُد قبل مَوته بِشَهْر، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: كَانَ أَحْمد يذهب إِلَيْهِ، وَيَقُول هَذَا آخر الْأَمر ثمَّ تَركه لما اضْطر بوافي إِسْنَاده، وَكَذَا قَالَ الْجلَال نَحوه، ورد ابْن حبَان على من ادّعى فِيهِ الِاضْطِرَاب. وَقَالَ: سمع ابْن عكيم الْكتاب يقْرَأ وسَمعه من مَشَايِخ جُهَيْنَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَا اضْطِرَاب، وَأعله بَعضهم بالانقطاع وَهُوَ مَرْدُود، وَبَعْضهمْ بِكَوْنِهِ كتابا وَلَيْسَ بعلة قادحة وَبَعْضهمْ بِأَن ابْن أبي ليلى راوية عَن ابْن عكيم لم يسمعهُ مِنْهُ. لما وَقع عِنْد أبي دَاوُد عَنهُ أَنه انْطلق وأناس مَعَه إِلَى عبد الله بن عكيم قَالَ: فَدَخَلُوا وَقَعَدت على الْبَاب، فَخَرجُوا إِلَيّ فَأَخْبرُونِي، فَهَذَا يَقْتَضِي أَن فِي السَّنَد من لم يسم وَلَكِن صَحَّ بتصريح عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى بِسَمَاعِهِ من ابْن عكيم فَلَا أثر لهَذِهِ الْعلَّة أَيْضا. وَالْجَوَاب الصَّحِيح عَنهُ أَن حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور من الصِّحَاح، وَإنَّهُ سَماع، وَحَدِيث ابْن عكيم كِتَابَة فَلَا يُقَاوم ذَلِك لما فِي الْكِتَابَة من شُبْهَة الِانْقِطَاع. قلت: وَذكر فِيهِ أَيْضا من الْعِلَل الِاخْتِلَاف فِي صُحْبَة ابْن عكيم، فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره: لَا صُحْبَة لَهُ فَهُوَ مُرْسل. فَإِن قلت: روى الطَّبَرِيّ فِي (تَهْذِيب الْآثَار) من حَدِيث جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لَا تنتفعوا من الميتتة بِشَيْء وروى أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن ينْتَفع من الْميتَة بإهاب وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ أَنه عليه الصلاة والسلام نهى عَن جُلُود السبَاع أَن تفترش. قلت: فِي رُوَاة حَدِيث جَابر زَمعَة وَهُوَ مِمَّن لَا يعْتَمد على نَقله وَفِي عَامَّة إِسْنَاد حَدِيث ابْن عمر مَجَاهِيل لَا يعْرفُونَ. وَأما النَّهْي عَن جُلُود السبَاع فقد قيل: إِنَّهَا كَانَت تسْتَعْمل قبل الدّباغ.
5532 -
حدَّثنا خَطَّابُ بنُ عُثْمانَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنْ ثَابِتِ بنِ عَجْلانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما يَقُولُ: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بَعَنْزٍ مَيِّتَةٍ. فَقَالَ: مَا عَلَى أهْلِها لَوْ انُتَفَعُوا بِإهابِها.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وخطاب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة الفوزي، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْوَاو وبالزاي: نِسْبَة إِلَى فوز قَرْيَة من قرى حمص، وَمُحَمّد بن حمير، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء، وَقَالَ الغساني: وَفِي بعض النّسخ حمير بِضَم الْحَاء وَفتح الْمِيم وَهُوَ تَصْحِيف وَقَالَ بَعضهم: وَأَخْطَأ من قَالَ بِالتَّصْغِيرِ، أَخذه