الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَائِدَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا أمَرَ بِأكْلِهِنَّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (على مائدته) لِأَنَّهَا تطلق على السفرة، وَقد ذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْمَائِدَة الَّتِي نزلت على عِيسَى، عليه السلام، كَانَت سفرة من جلد أَحْمَر، وَذكر أَكثر الْمُفَسّرين أَن الْمَائِدَة الْمَذْكُورَة فِي قصَّة عِيسَى، عليه السلام، هِيَ الخوان، وَكَذَلِكَ قَالَ الْجَوْهَرِي: الْمَائِدَة خوان عَلَيْهِ طَعَام، وَإِن لم يُفَسر الْمَائِدَة هُنَا بالسفرة يُعَكر عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ قَتَادَة عَن أنس، وَلَا أكل على خوان، وَقد مر الحَدِيث عَن قريب فَافْهَم. فَإِن هَذَا قد فتح لي من الْفَيْض الإلاهي.
وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل الملقب بعارم بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالرَّاء، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف نون إسمه الوضاح ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن إِيَاس الْيَشْكُرِي.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْهِبَة فِي: بَاب قبُول الْهَدِيَّة، لِأَنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن جَعْفَر بن إِيَاس إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (أم حفيد)، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة: بنت الْحَارِث بن حزن بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي وبالنون وَاسْمهَا هزيلة مصغر هزلة وَلها أَخَوَات: أم خَالِد بن الْوَلِيد وَاسْمهَا لبَابَة بِضَم اللَّام الصُّغْرَى، وَأم ابْن عَبَّاس وَهِي اللبابة الْكُبْرَى، ومَيْمُونَة زوج النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أم الْمُؤمنِينَ كُلهنَّ بَنَات الْحَارِث ابْن حزن الْهِلَالِي. قَوْله:(وأضُبا) ، بِفَتْح الْهمزَة وَضم الضَّاد وَتَشْديد الْبَاء جمع ضَب مثل فلس وأفلس، وَفِي (الْعين) : الضَّب يكنى أَبَا حلْس وَهِي دويبة تشبه الورل تَأْكُله الْأَعْرَاب. وَتقول الْعَرَب: هُوَ قَاضِي الطير والبهائم. قَوْله: (كالمتقذر) أَي: كالكاره من القذارة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ خلاف النَّظَافَة، يُقَال: قذرت الشَّيْء بِالْكَسْرِ أقذره بِالْفَتْح، وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ أَنه رُوِيَ: كالمتقزز من القز بزاءين معجمتين وَهُوَ الْكَرَاهَة لكل محتقر.
9 -
(بَابُ: {السَّوِيقِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر السويق وَهُوَ مَعْرُوف.
5390 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا حَمّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ بُشَيْرٍ بنِ يَسارٍ عَنْ سُوَيْدٍ بنِ النُّعْمَانِ أنَّهُ أخبرهُ أنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ عَلَى رَوْحَة مِنْ خَيْبَرَ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَدَعا بِطعامٍ فَلَمْ يَجِدْهُ إلَاّ سَوِيقا فَلاكَ مِنْهُ فَلُكْنا مَعَهُ ثمَّ دَعَا بِمَاء فَمَضْمض ثمَّ صلَّي وصَلّينا مَعَهُ وَلَمْ يَتَوَضأ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَبشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ابْن يسَار ضد الْيَمين.
والْحَدِيث قد مر قبل الْبَاب الَّذِي قبله، وَمر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (فلاك مِنْهُ)، ويروى: فلاكه، من اللوك وَهُوَ إدارة الشَّيْء فِي الْفَم. قَوْله:(وَلم يتَوَضَّأ)، ذكره لبَيَان أَنه لم يَجْعَل أكل السويق ناقضا للْوُضُوء دفعا لمَذْهَب من يَقُول: يجب الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار.
10 -
(بَابٌ: {مَا كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَأكُلُ شَيْئا إذَا حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ فَيَعْلَمَ مَا هُوَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يَأْكُل شَيْئا إِذا حضر بَين يَدَيْهِ حَتَّى يُسمى لَهُ على صِيغَة الْمَجْهُول. أَي: يذكر لَهُ اسْم ذَلِك الشَّيْء. قَوْله: (فَيعلم)، بِالنّصب هُوَ عطف على الْمَنْصُوب قبله بِتَقْدِير: أَن، وَقَالَ ابْن بطال كَانَ سُؤَاله لِأَن الْعَرَب كَانَت لَا تعاف شَيْئا من المآكل لقلتهَا عِنْدهم، فَلذَلِك كَانَ يسْأَل قبل الْأكل مِنْهُ.
5391 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أبُو الحَسَنِ أخبرَنا عَبْدُ الله أخْبرنَا يُونُسُ عَنِ الزّهْرِيِّ قَالَ: أخْبَرَنِي أبُو أمَامَةَ بنُ سَهْلٍ بنِ حُنَيْفٍ الأنْصَارِي أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أخبرهُ أنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ: لهُ سَيْفُ الله أخبرهُ أنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَلَى مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ
ابنِ عبَّاسٍ فَوَجَدَ عِنْدَها ضبّا مَحْنُوذا قَدِمَتْ بِهِ أخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتْ الضَّبَّ لِرَسُولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قَلّما يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطعامِ حَتَّى يُحِدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ: فأهْوَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَدَهُ إلَى الضَّبِّ فَقَالَتِ امْرَأةٌ مِنْ النِّسْوَةِ الحُضُورِ: أخْبِرْنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَا قَدَّمتُنَّ لَهُ؟ هُوَ الضَبُّ يَا رَسُولَ الله {فَرَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ. فَقَالَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ: أحَرَامٌ الضَبُّ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: لَا} وَلاكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأرْضِ قَوْمِي فَأجِدْنِي أعَافُهُ قَالَ خَالِدٌ: فَاحْتَزَزْتُهُ فَأكَلْتُهُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ إلَيَّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة. فِي قَوْله: (وَكَانَ قلّما يقدم يَده لطعام حَتَّى يحدث بِهِ وَيُسمى لَهُ) وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي مُسْند خَالِد بن الْوَلِيد فِي الْأَطْعِمَة هُنَا وَفِي الذَّبَائِح عَن القعني. وَأخرجه مُسلم فِي مُسْند ابْن عَبَّاس فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه مثل البُخَارِيّ فِي مُسْند خَالِد فَأَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن القعني، وَالنَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن أبي دَاوُد والحراني وَغَيره، وَفِي الْوَلِيمَة عَن هَارُون بن عبد الله، وَابْن مَاجَه فِي الصَّيْد عَن مُحَمَّد بن مصفى.
قَوْله: (وَهِي خَالَته)، أَي: مَيْمُونَة خَالَة خَالِد بن الْوَلِيد خَالَة ابْن عَبَّاس أَيْضا وَقد ذكرنَا عَن قريب فِي: بَاب الْخبز المرقق أَن مَيْمُونَة ولبابة الصُّغْرَى أم خَالِد ابْن الْوَلِيد، ولبابة الْكُبْرَى أم ابْن عَبَّاس وَأم حفيدة أَخَوَات، وَهن بَنَات الْحَارِث بن حزن، وَذكر هُنَا حفيدة وَهِي أم حفيدة، وَهُوَ الْمَحْفُوظ عِنْد أهل النّسَب، وَاسْمهَا: هزيلة وَقد ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (محنوذا)، أَي: مشويا. قَالَ الله عز وجل: {فجَاء بعجل حنيذ} (هود: 69) أَي: مشوي، يُقَال: حنذت الشَّاة أحنذها حنذا أَي: شويتها وَجعلت فَوْقهَا حِجَارَة محماة لتنضجها فَهِيَ حنيذ. قَوْله: (وَكَانَ فَلَمَّا يقدم) ، من التَّقْدِيم، وَقل، فعل مَاض، وَمَا يقدم فَاعله وَمَا مَصْدَرِيَّة، أَي: قبل تَقْدِيم يَده لطعام حَتَّى يُحدِّث على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: حَتَّى يخبر بِهِ مَا هُوَ ويُسمى مَجْهُول أَيْضا. قَوْله: (لَهُ)، أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (فَأَهوى)، أَي: مد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده إِلَى الضَّب. قَوْله: (فَقَالَت امْرَأَة من النسْوَة الْحُضُور) وَوَقع فِي رِوَايَة لمُسلم: فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يَأْكُل قَالَت لَهُ مَيْمُونَة: إِنَّه لحم ضَب فَكف يَده، وَوصف النسْوَة بالحضور الَّذِي هُوَ جمع حَاضر مَعَ أَن الْمُطَابقَة شَرط بَين الصّفة والموصوف فِي التَّذْكِير والتأنيث وَغَيرهمَا. لِأَنَّهُ لوحظ فيهمَا صُورَة الْجمع أَو يُقَال: إِن الْحُضُور مصدر. قَوْله: (أحرام الضَّب) ؟ نَحْو: أقائم زيد؟ فَيجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ. قَوْله: (فأجدني)، أَي: فأجد نَفسِي. قَوْله: (أعافه) أَي: أكرهه من عاف الرجل الطَّعَام وَالشرَاب يعافه عيافا. أَي: كرهه فَهُوَ عائف. قَوْله: (وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. فَقَالُوا: يجوز أكل الضَّب، وَهُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة أَيْضا، وَقَالَ ابْن حزم: وَصحت إِبَاحَته عَن عمر بن الْخطاب وَغَيره.
وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) وَيكرهُ أكل الضَّب لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نهى عَائِشَة، رضي الله عنها، حِين سَأَلته عَن أكله، وَلَكِن الطَّحَاوِيّ فِي (شرح مَعَاني الْآثَار) رجح إِبَاحَة أكل الضَّب. وَقَالَ: لَا بَأْس بِأَكْل الضَّب، وَهُوَ القَوْل عندنَا. وَقَالَ: وَقد كره قوم أكل الضَّب مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد. قلت: أَرَادَ بالقوم الْحَارِث بن مَالك وَيزِيد بن أبي زِيَاد ووكيعا فَإِنَّهُم قَالُوا: أكل الضَّب مَكْرُوه، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَجَابِر بن عبد الله، ثمَّ الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا أَن الْكَرَاهَة كَرَاهَة تَنْزِيه لَا كَرَاهَة تَحْرِيم لتظاهر الْأَحَادِيث الصِّحَاح، بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحرَام، وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: أَحَادِيث دلّت على الْإِبَاحَة وَأَحَادِيث دلّت على الْحُرْمَة. والتاريخ مَجْهُول فَيجْعَل الْمحرم مُؤَخرا عَن الْمُبِيح فَيكون نَاسِخا لَهُ تعليلاً للنسخ، وَمن جملَة الْأَحَادِيث الدَّالَّة على الْحُرْمَة حَدِيث عَائِشَة الَّذِي ذكره صَاحب (الْهِدَايَة) . وَلَكِن فِيهِ مقَال: وَلما ذكر صَاحب (تَخْرِيج أَحَادِيث الْهِدَايَة) حَدِيث عَائِشَة قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. قلت: رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَنه صلى الله عليه وسلم أهدي لَهُ ضَب فَلم يَأْكُلهُ. فَسَأَلته عَن أكله فنهاني، فجَاء سَائل فَأَرَادَتْ عَائِشَة أَن تعطيه فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: تعطينه مَا لَا تأكليه؟ فالنهي يدل على