الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأهل الحديث يفتحونها
قال القارىء قُلْتُ قَوْلُ الْمُحَدِّثِينَ أَقْوَى مِنَ اللُّغَوِيِّينَ وَأَحْرَى كَمَا لَا يَخْفَى (مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَرْكُوبٌ كُلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ إِبِلٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفَعُولٌ يَدْخُلُهُ الْهَاءُ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ دَابَّةٌ (تَأْوِي) أَيْ تَأْوِيهِ فَإِنَّ آوَى لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ عَلَى لَفْظٍ واحد
وفي الحديث يجوز الوجهان والمعنى تؤوي صَاحِبَهَا أَوْ تَأْوِي بِصَاحِبِهَا (إِلَى شِبْعٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَا أَشْبَعَكَ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمَصْدَرُ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُنَا أَظْهَرُ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ أَكْثَرُ يَعْنِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ تَأْوِيهِ إِلَى حَالِ شِبَعٍ وَرَفَاهِيَةٍ أَوْ إِلَى مَقَامِ يَقْدِرُ عَلَى الشِّبَعِ فِيهِ وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي سَفَرِهِ وَعْثَاءٌ وَمَشَقَّةٌ وَعَنَاءٌ (فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ) أَيْ رَمَضَانُ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْأَمْرُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَثِّ عَلَى الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ لِلنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى جَوَازِ الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا
وَقَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي مَنْ كَانَ رَاكِبًا وَسَفَرُهُ قَصِيرٌ بِحَيْثُ يَبْلُغُ إِلَى الْمَنْزِلِ فِي يَوْمِهِ فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ
وَقَالَ دَاوُدُ يَجُوزُ الْإِفْطَارُ فِي السفر أي قدر كان
قاله علي القارىء
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ الْأَزْدِيُّ الْعَوْذِيُّ الْمِصْرِيُّ
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ
وَقَالَ يَحْيَى مِنْ كِبَارِ الضُّعَفَاءِ
قَالَ الْبُخَارِيُّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ذَاهِبٌ وَلَمْ يَعُدَّ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ شَيْئًا
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَذَكَرَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
5 -
(بَاب مَتَى يُفْطِرُ الْمُسَافِرُ إِذَا خَرَجَ)
(عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ) الْبَصْرِيُّ الْقَوَارِيرِيُّ (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) أَبُو عبد الرحمن
الْمِصْرِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى) الْمَعَافِرِيُّ الْبُرُلُّسِيُّ (الْمَعْنَى) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَاحِدٌ (حَدَّثَنِي) أَيْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ (زَادَ جَعْفَرٌ) أَيْ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى (وَاللَّيْثُ) بِالرَّفْعِ أَيْ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَاللَّيْثُ (قَالَ) أَيْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ (حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَاسِطَةَ سَعِيدِ بْنَ أَبِي أَيُّوبَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَفِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ وَاسِطَةُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ حَدِيثًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ وَيُونُسَ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَذَكَرَهُ (عَنْ عُبَيْدٍ) بِغَيْرِ ذِكْرِ نَسَبٍ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (قَالَ جَعْفَرُ) بن مسافر في روايته (بن جَبْرٍ) أَيْ عُبَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَلَفْظُ جَبْرٍ هَكَذَا وَقَعَ بِفَتْحِ الْجِيمِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب قَالَ أَتَيْت أَنَس بْن مَالِك فِي رَمَضَان وَهُوَ يُرِيد سَفَرًا
وَقَدْ رُحِّلَتْ لَهُ رَاحِلَته وَلَبِسَ ثِيَاب السَّفَر
فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ
فَقُلْت لَهُ سُنَّة فَقَالَ سُنَّة
ثُمَّ رَكِبَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيث حَسَن
وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ جَوَّزَ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْر فِي يَوْمٍ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ
وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَام أَحْمَد وَقَوْل عَمْرو بْن شُرَحْبِيل وَالشَّعْبِيّ وَإِسْحَاق
وحكاه عن أنس وهو قول داود وبن الْمُنْذِر
وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة لَا يُفْطِر
وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيّ وَالْأَوْزاَعِيّ وَمَكْحُول
وَفِي الْمَسْأَلَة قَوْل شَاذٌّ جِدًّا لَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الشَّهْر وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْر
وَلَا يُفْطِر حَتَّى يَدْخُل عَلَيْهِ رَمَضَان مُسَافِرًا
وَهَذَا قَوْل عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ وَأَبِي مِجْلِز وَسُوِيد بْن غَفَلَة
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْفَتْح فِي رَمَضَان
فَصَامَ وَأَفْطَرَ
مُكَبَّرًا فِي نُسَخِ الْكِتَابِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا فِي الْمِيزَانِ وَالتَّقْرِيبِ فَبِضَمِّ الْجِيمِ مُصَغَّرًا
قَالَ الْحَافِظُ هُوَ الْقِبْطِيُّ مَوْلَى أَبِي بَصْرَةَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ بن خُزَيْمَةَ لَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى (فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَوْ كَسْرِهَا فَسُكُونُ السِّينِ الْمَدِينَةُ الَّتِي فِيهَا مَجْمَعُ النَّاسِ وَيُقَالُ لِمِصْرَ وَالْبَصْرَةِ الْفُسْطَاطُ قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَفِي النَّيْلِ هُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ الَّتِي بَنَاهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ انْتَهَى
وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةُ سَفِينَةٍ أَيْ خَرَجَتِ السَّفِينَةُ مِنَ الْفُسْطَاطِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ مِنَ الْفُسْطَاطِ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي سَفِينَةٍ
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ السَّفِينَةَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ (فَرُفِعَ) بِالرَّاءِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ رَفَعَ أَبُو بَصْرَةَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى السَّفِينَةِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فَدُفِعَ بِالدَّالِ وَهُوَ الْوَاضِحُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَلَمَّا دَفَعْنَا مِنْ مَرْسَانَا أَمَرَ بِسُفْرَتِهِ فَقُرِّبَتْ (غَدَاؤُهُ) أَيْ طَعَامُ أَوَّلِ النَّهَارِ (قَالَ) أَبُو بَصْرَةَ (اقْتَرِبْ) أَيْ لِأَجْلِ الطَّعَامِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ ثُمَّ دَعَانِي إِلَى الْغَدَاءِ (أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مَا تَغِيبَ عَنَّا مَنَازِلُنَا بَعْدُ (أَتَرْغَبُ عن سنة رسول الله) وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ أَوْ قَدْ رُحِّلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ فَقُلْتُ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ سُنَّةٌ
ثُمَّ رَكِبَ انْتَهَى
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ يَنْصَرِفُ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَرَّحَ هَذَانِ الصَّحَابِيَّانِ بِأَنَّ الْإِفْطَارَ لِلْمُسَافِرِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ مِنَ السُّنَّةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى لِلْمُقِيمِ ذِي الصِّيَامِ إِذَا سَافَرَ مِنْ يَوْمِهِ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ يُفْطِرُ إِنْ شَاءَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ يَوْمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ
وقال إسحاق بن رَاهْوَيْهِ إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرَّحْلِ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَحَكَاهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشَبَّهُوهُ بِمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ فِي يَوْمِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ قَالُوا فَكَذَلِكَ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ سَبَبٌ لِلرُّخْصَةِ حَدَثَ بَعْدَ مَا مَضَى شَيْءٌ مِنَ النَّهَارِ
قُلْتُ وَالسَّفَرُ لَا يُشْبِهُ الْمَرَضَ لِأَنَّ السَّفَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الَّذِي يُنْشِئُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَالْمَرَضُ شَيْءٌ يَحْدُثُ عَلَيْهِ لَا بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ يُعْذَرُ فِيهِ وَلَا يُعْذَرُ فِي السَّفَرِ الَّذِي فِعْلُ نَفْسِهِ
وَلَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَمَرِضَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَلَوْ سَافَرَ وَهُوَ صَائِمٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ
وقال أبو حنيفة وأصحابي لا يفطر إذ سَافَرَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ