الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
244 -
(باب في الإمام يستجن)
[2757]
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
(بِهِ) أَيْ بِالْإِمَامِ (فِي الْعُهُودِ) وَالْمِيثَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْأَمَانِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَابُ يُسْتَجَنُّ بِالْإِمَامِ فِي الْعُهُودِ
قَالَ الرَّاغِبُ أَصِلُ الْجَنِّ السَّتْرُ عَنِ الْحَاسَّةِ انْتَهَى
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ جُنَّ الشَّيْءُ يَجِنُّهُ جَنًّا سَتَرَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ سُتِرَ عَنْكَ فَقَدْ جُنَّ عَنْكَ وَأَجَنَّهُ سَتَرَهُ وَبِهِ سُمِّيَ الْجِنُّ لِاسْتِتَارِهِمْ وَاخْتِفَائِهِمْ عَنِ الأبصار ومنه سمي الجنين لا ستتاره فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَاسْتَجَنَّ فُلَانٌ إِذَا اسْتَتَرَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَتِرُ بِهِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ الْعِصْمَةِ وَالْوِقَايَةِ لِلرَّعِيَّةِ فَالْإِمَامُ كَالْمِجَنِّ وَالتُّرْسِ فَإِنَّ مَنِ اسْتَتَرَ بِالتُّرْسِ فَقَدْ وَقَى نَفْسَهُ مِنْ أَذِيَّةِ الْعَدُوِّ فَكَذَا الْإِمَامُ يُسْتَتَرُ بِهِ فِي الْعُهُودِ وَالْمِيثَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْأَمَانِ فَالْإِمَامُ إِذَا عَقَدَ الْعَهْدَ وَصَالَحَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى مُدَّةٍ فَالْمُسْلِمُونَ يَسِيرُونَ وَيَمُرُّونَ فِي بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ مُخَالِفُوهُمْ بِأَذِيَّةٍ وَلَا فَسَادٍ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ لِأَجْلِ هَذَا الصُّلْحِ وَكَذَا يَسِيرُونَ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَالسَّتْرُ وَالْمَنْعُ عَنِ الْأَذَى والفساد لا يحصل إلا بعهد وأمان الإمام وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي الشَّرْحِ
(إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ كَالسَّاتِرِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ انْتَهَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ الْعَهْدَ وَالْهُدْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا لَهُمْ وَهَادَنَهُمْ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجِيزُوا أَمَانَهُ لَهُمْ
وَمَعْنَى الْجُنَّةِ الْعِصْمَةُ وَالْوِقَايَةُ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ لِأُمَّةٍ بِأَسْرِهَا مِنَ الْكُفَّارِ أَمَانًا انْتَهَى (يُقَاتَلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِهِ) أَيْ بِرَأْيِهِ وَأَمْرِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي
[2758]
(أُلْقِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُوقِعَ (لَا أَخِيسُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ أَيْ لَا أَنْقُضُ الْعَهْدَ مِنْ خَاسَ الشَّيْءَ فِي الْوِعَاءِ إِذَا فَسَدَ (وَلَا أَحْبِسُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ (الْبُرُدَ) بِضَمَّتَيْنِ وَقِيلَ بِسُكُونِ الرَّاءِ جَمْعٌ بَرِيدٍ وَهُوَ الرَّسُولُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الرِّسَالَةَ تَقْتَضِي جَوَابًا وَالْجَوَابُ لَا يَصِلُ إِلَى الْمُرْسِلِ إِلَّا مَعَ الرَّسُولِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عَقَدَ لَهُ الْعَقْدَ مُدَّةَ مَجِيئِهِ وَرُجُوعِهِ
قَالَ وَفِي قَوْلِهِ لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ أَنَّ الْعَهْدَ يُرَاعَى مَعَ الْكَافِرِ كَمَا يُرَاعَى مَعَ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَقَدَ لَكَ عَقْدَ أَمَانٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُؤَمِّنَهُ وَلَا تَغْتَالَهُ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ انْتَهَى (فَإِنْ كَانَ) أَيْ ثَبَتَ (فِي نَفْسِكِ) أَيْ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ (الَّذِي فِي نَفْسِكِ الْآنَ) يَعْنِي الْإِسْلَامَ (فَارْجِعْ) أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَيْنَا (قَالَ بُكَيْرٌ) هو بن الْأَشَجِّ (وَأَخْبَرَنِي) أَيِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (قِبْطِيًّا) أَيْ عَبْدًا قِبْطِيًّا (وَالْيَوْمَ لَا يَصْلُحُ) أَيْ لَا يَصْلُحُ نِسْبَتُهُ إِلَى الرِّقِّ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم
كَذَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الشيخ بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُنْتَقَى مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَرَّةِ الَّتِي شَرَطَ لَهُمْ فِيهَا أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا انْتَهَى
وَقَالَ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ هَدْيُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَحْبِسَ الرَّسُولَ عِنْدَهُ إِذَا اخْتَارَ دِينَهُ وَيَمْنَعُهُ اللَّحَاقُ بِقَوْمِهِ بَلْ يَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ هَذَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي شَرَطَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا يَصْلُحُ هَذَا
وَفِي قَوْلِهِ لَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ إِشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالرُّسُلِ مُطْلَقًا
وَأَمَّا رَدُّهُ لِمَنْ جَاءَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا الرُّسُلُ فَلَهُمْ حُكْمٌ آخَرُ أَلَا تَرَاهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِرَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ وَقَدْ قَالَا لَهُ فِي وَجْهِهِ مَا قَالَاهُ انْتَهَى
كَذَا فِي الشَّرْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَأَمَّا الْيَوْمَ لَا يَصْلُحُ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَبُو رَافِعٍ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ وَيُقَالُ أَسْلَمُ وَيُقَالُ ثَابِتٌ وَيُقَالُ هُرْمُزُ