الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّخَعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ
قُلْتُ وَهَذَا أَحْوَطُ الْأَمْرَيْنِ
وَالْإِقَامَةُ إِذَا اخْتَلَطَ حُكْمُهَا بِحُكْمِ السَّفَرِ غُلِّبَ حُكْمُ الْمُقَامِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَالْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ وَهُوَ صَائِمٌ فَيُفْطِرُ مِنْ يَوْمِهِ
6 -
(بَاب قَدْرِ مَسِيرَةِ مَا يُفْطَرُ فِيهِ)
(أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ) الْكَلْبِيَّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ نَزَلَ الْمِزَّةَ
كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ) لَهُ يُقَالُ لَهَا مِزَّةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ هِيَ قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ فِي سَفْحِ الْجَبَلِ مِنْ أَعْلَى دِمَشْقَ
كَذَا فِي الْمَرَاصِدِ (مِنْ دِمَشْقَ) أَيْ قَرْيَةٌ كَائِنَةٌ مِنْ أَعْمَالِ دِمَشْقَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ قَرْيَتِهِ (إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عَقَبَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ بِإِضَافَةِ قَرْيَةٍ إِلَى عَقَبَةَ (مِنَ الْفُسْطَاطِ) وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قَالَ الْمُجَوِّزُونَ لِلْفِطْرِ فِي مُطْلَق السَّفَر هَبْ أَنَّ حَدِيث دِحْيَة لَمْ يَثْبُت
فَقَدْ أَطْلَقَهُ اللَّه تَعَالَى وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَدٍّ كَمَا أَطْلَقَهُ فِي آيَة التَّيَمُّم فَلَا يَجُوز حَدُّهُ إِلَّا بِنَصٍّ مِنْ الشَّارِع أَوْ إِجْمَاعٍ مِنْ الْأُمَّة وَكِلَاهُمَا مِمَّا لَا سَبِيل إِلَيْهِ
كَيْف وَقَدْ قَصَرَ أَهْل مَكَّة مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَة وَمُزْدَلِفَة وَلَا تَأْثِير لِلنُّسُكِ فِي الْقَصْر بِحَالٍ فَإِنَّ الشَّارِع إِنَّمَا عَلَّلَ الْقَصْر بِالسَّفَرِ فَهُوَ الْوَصْف الْمُؤَثِّر فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمَّى مَسِيرَة الْبَرِيد سَفَرًا فِي قَوْله لَا يَحِلّ لِامْرَأَةِ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر أَنْ تُسَافِر بَرِيدًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} وَهَذَا يَدْخُل فِيهِ كُلّ سَفَر طَوِيل أَوْ قَصِير
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْب فَأَعْطُوا الْإِبِل حَقّهَا مِنْ الْأَرْض
وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْب فَبَادِرُوا بِهَا نَقْبهَا وَهَذَا يَعُمّ كُلّ سَفَر وَلَمْ يَفْهَم مِنْهُ أَحَد اِخْتِصَاصه بِالْيَوْمَيْنِ فَمَا زَادَ
وَنَهَى أَنْ يُسَافَر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْض الْعَدُوّ وَنَهَى أَنْ يُسَافِر الرَّجُل وَحْده وَأَخْبَرَ أَنَّ دَعْوَة الْمُسَافِر مُسْتَجَابَة وَكَانَ يَتَعَوَّذ مِنْ وَعْثَاء السَّفَر وَكَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَع بَيْن نِسَائِهِ
وَمَعْلُوم أَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْفَار لَا يَخْتَصّ بِالطَّوِيلِ
وَلَا أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ دُون الْيَوْمَيْنِ لَمْ يُقْرِع بَيْن نِسَائِهِ
وَلَمْ يَقْضِ لِلْمُقِيمَاتِ
فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ تَخْصِيص اِسْم السَّفَر بِالطَّوِيلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَصْر وَالْفِطْر دُون غيرهما
الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَقَبَةَ قَرْيَةٌ مِنَ الْفُسْطَاطِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْفُسْطَاطَ يُقَالُ لِمِصْرَ وَالْبَصْرَةِ فَعَلَى هَذَا الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ قَرْيَةِ عَقَبَةَ وَبَيْنَ الْفُسْطَاطِ هِيَ مِقْدَارُ الْمَسَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ مِزَّةَ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ إِلَيْهِ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ
وَالْمَسَافَةُ بَيْنَ عَقَبَةَ وَبَيْنَ الْفُسْطَاطِ هِيَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّاوِي
لَكِنْ لَفْظُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ وَيُونُسَ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ مَنْصُورٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ قَرْيَتِهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ قَرْيَةِ عَقَبَةَ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ لَا فِي مُسْنَدِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ خَرَجَ مِنْ قَرْيَتِهِ مِزَّةَ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ قَرْيَةِ عَقَبَةَ فَتَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ مِزَّةَ وَبَيْنَ عَقَبَةَ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي الشَّرْحِ (ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ السَّفَرَ الَّذِي يَتَرَخَّصُ فِيهِ لِلْإِفْطَارِ إِلَّا فِي سَفَرٍ يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ لَيْلَتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا وَلَيْسَ الْحَدِيثُ بِالْقَوِيِّ وَفِيهِ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ ثُمَّ إِنَّ دِحْيَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ فِي قَصْرِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا قَالَ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّهُمْ إِنَّمَا رَغِبُوا عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ فِي الْإِفْطَارِ أَصْلًا
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دِحْيَةُ إِنَّمَا صَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى ظَاهِرِ اسْمِ السَّفَرِ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُ واحد من الصحابة وكان بن عمر وبن عباس رضي الله عنهما لَا يَرَيَانِ الْقَصْرَ وَالْإِفْطَارَ فِي أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَهُمَا أَفْقَهُ مِنْ دِحْيَةَ وَأَعْلَمُ بالسنن
انتهى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالُوا وَأَيْنَ مَعَنَا فِي الشَّرِيعَة تَقْسِيم الشَّارِع السَّفَر إِلَى طَوِيل وَقَصِير وَاخْتِصَاص أَحَدهمَا بِأَحْكَامٍ لَا يُشَارِكهُ فِيهَا الْآخَر
وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِطْلَاق السَّفَر لَا يَدُلّ عَلَى اِخْتِصَاصه بِالطَّوِيلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِقْدَاره
وَتَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْحَاجَة مُمْتَنِع فَسُكُوته عَنْ تَحْدِيده مِنْ أَظْهَر الْأَدِلَّة عَلَى أَنَّهُ غَيْر مَحْدُود شَرْعًا
قَالُوا وَاَلَّذِينَ حَدَّدُوهُ مَعَ كَثْرَة اِخْتِلَافهمْ وَانْتِشَار أَقْوَالهمْ لَيْسَ مَعَهُمْ نَصٌّ بِذَلِكَ وَلَيْسَ حَدٌّ بِأَوْلَى مِنْ حَدّ وَلَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة فَلَا وَجْه لِلتَّحْدِيدِ
وَبِاَللَّهِ التوفيق